الاستراتيجية الإقليمية لطهران على المحك بعد مقتل نصر الله

رجل دين إيراني يحمل ملصقاً كُتب عليه بالفارسية «تخطى الخط الأحمر» خلال تجمع في طهران (أ.ف.ب)
رجل دين إيراني يحمل ملصقاً كُتب عليه بالفارسية «تخطى الخط الأحمر» خلال تجمع في طهران (أ.ف.ب)
TT

الاستراتيجية الإقليمية لطهران على المحك بعد مقتل نصر الله

رجل دين إيراني يحمل ملصقاً كُتب عليه بالفارسية «تخطى الخط الأحمر» خلال تجمع في طهران (أ.ف.ب)
رجل دين إيراني يحمل ملصقاً كُتب عليه بالفارسية «تخطى الخط الأحمر» خلال تجمع في طهران (أ.ف.ب)

مع اشتداد الضربات الإسرائيلية على معاقل «حزب الله» اللبناني، خصوصاً مقتل حسن نصر الله، أبرز حلفاء طهران في «محور المقاومة»، ومقتل القيادي في «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان، اتسعت علامات الاستفهام بشأن الاستراتيجية التي ستتبعها طهران في المرحلة المقبلة.

ويشكل مقتل نصر الله أقوى ضربة للاستراتيجية الإقليمية الإيرانية، بعد مقتل العقل المدبر لعملياتها الخارجية، وصاحب أعلى رتبة عسكرية في إيران، اللواء قاسم سليماني، بضربة جوية أميركية، أمر بها الرئيس السابق والمرشح الحالي للانتخابات الرئاسية، دونالد ترمب، مطلع 2020.

ولا تزال طهران تعاني من الإرباك الذي سببه مقتل سليماني، سواء على صعيد استراتيجيتها الإقليمية، أو السياسة الداخلية، رغم أنها حاولت تقديم صورة جديدة، خلال عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، خصوصاً بعد «طوفان الأقصى»، بوجود سياسة إقليمية متماسكة، سواء على صعيد دعم أنشطة «محور المقاومة»، أو تحسين العلاقات مع دول الجوار، في إطار استراتيجية «التطلع نحو الشرق».

عمال يركبون لافتة دعائية ضخمة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (أ.ب)

تهدئة مع الغرب

ومع انتخاب الرئيس المدعوم من الإصلاحيين، مسعود بزشكيان، في أعقاب وفاة رئيسي وعبداللهيان في تحطم طائرة مروحية، مايو (أيار) الماضي، ظهرت مؤشرات على رغبة طهران إلى التهدئة مع الغرب، خصوصاً القوى الأوروبية.

وتأكدت هذه المؤشرات مع بناء بزشكيان هيكل سياسته الخارجية على أساس الفريق الذي نجح في إبرام اتفاق نووي مع القوى العالمية في 2015، وجرى بموجبه تجميد عقوبات أقرها مجلس الأمن.

لكن بزشكيان يواجه تحديات كبيرة للمضي قدماً في خطته لرفع العقوبات، أو خفض التوتر مع القوى الأوروبية، كإجراء استباقي تحسباً لفوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، واحتمال إحيائه استراتيجية الضغوط القصوى، إذا رفضت طهران شروطه لإبرام اتفاق نووي جديد، قد يشمل تعديل سلوكها الإقليمي، ويقيد برنامجها للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

ويأمل فريق الرئيس الإيراني الجديد أن يكون تحسين العلاقات مع الأوروبيين مؤثراً في التأثير على قرار ترمب، خصوصاً إذا ما قررت الولايات المتحدة تفعيل آلية لإعادة العقوبات الأممية المنصوص عليها في الاتفاق النووي. ومن غير الواضح، إذا ما كانت ستتمكن طهران من تكرار تجربة التعاون بين الأوروبيين وحكومة حسن روحاني.

وسيكون ملف الاتفاق النووي أولوية العلاقات بين إيران والغرب، مع تولي الحكومة الأميركية الجديدة، بغض النظر عن الفائز في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتخصب إيران حالياً اليورانيوم نسبة 60 و20 في المائة، ويكفي مخزونها بالمجموع ما يصل لعشر قنابل، إذا قررت رفع التخصيب إلى 90 في المائة.

وكان أكبر التحديات أمام الحكومة الجديدة قد بدأ مع اغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية، في 30 يوليو (تموز) الماضي، بعد ساعات فقط من حضوره مراسم اليمين الدستورية للرئيس الجديد.

وألقى اغتيال هنية وتفاقم التوتر بظلاله على ولادة حكومة بزشكيان، وذلك وسط مخاوف من أن يقدم «الحرس الثوري» على شن ضربة مماثلة لهجوم منتصف أبريل (نيسان). وتحدث كبار المسؤولين الإيرانيين والقادة العسكريين حينها عن «واجب الرد» ومناقشة الخطط و«رد مفاجئ».

ماذا قال بزشكيان في نيويورك؟

وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قدمت الإدارة الجديدة، على رأسها بزشكيان، تفاصيل لافتة عما جرى خلف الكواليس من اغتيال هنية في أول يوم يتولى منصبه.

وقال بزشكيان في لقاء مع صحافيين: «حاولنا عدم الرد. لقد ظلوا يقولون لنا إن اتفاقاً لوقف إطلاق النار في متناول اليد، ربما في غضون أسبوع أو أسبوعين، لكن هذا الأسبوع لم يأت قط وبدلاً من ذلك واصلت إسرائيل توسيع هجماتها».

واتهم إسرائيل بالسعي لجر الشرق الأوسط إلى الحرب باستفزاز بلاده. وتمسك بالرد على اغتيال هنية، قائلاً: «سنرد في الوقت والمكان المناسبين، وبالطريقة المناسبة».

وقال: «لا نرغب في أن نكون سبباً لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط لأن عواقبه ستكون لا رجعة فيها». وأضاف: «نريد أن نعيش في سلام ولا نريد الحرب». ونقلت وسائل إعلام أميركية قوله إن بلاده «مستعدّة لخفض التوترات مع إسرائيل، ما دامت ترى التزاماً مماثلاً من الجانب الآخر».

بزشكيان يلقي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

وبعد نفي الرئاسة الإيرانية لتصريحات بزشكيان، انتشر تسجيل صوتي من تصريحاته، يقول فيه إن «إيران مستعدّة لوضع أسلحتها جانباً إذا وضعت إسرائيل أسلحتها جانباً»، وأضاف: «الإرهابي هو إرهابي، لا فرق إن كان عربياً أو أعجمياً، فارسياً أو إسرائيلياً أو أميركياً، إذا ارتكبوا اغتيالاً فهم إرهابيون».

وفي اللقاء نفسه، قال بزشكيان رداً على سؤال عما إذا كانت إيران ستدخل الصراع بين إسرائيل و«حزب الله»: «سندافع عن أي مجموعة تدافع عن حقوقها وعن نفسها». ولم يجب في شكل مباشر على سؤال يتصل بمعرفة ما إذا كانت طهران سترد بصورة مباشرة على إسرائيل. وفي وقت لاحق، ذهب بزشكيان إلى أبعد من ذلك، عندما قلل من قدرة «حزب الله» على مواجهة إسرائيل. وقال: «لا يمكن أن يواجه (حزب الله) بمفرده دولة تدافع عنها وتدعمها وتزودها بالإمدادات دول غربية ودول أوروبية والولايات المتحدة».

خيبة أمل

وبينما أثار الترقب بشأن الرد على اغتيال هنية خيبة أمل بين أنصار طهران، وبرر مسؤولون إيرانيون بـ«خدع الحرب»، و«تأخر الرد بأشد العقاب»، وتحدثوا عن صيانة رد «دقيق ومحسوب مع مراعاة جميع الجوانب».

وأشار الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الأسبوع الماضي، في نيويورك، إلى ضغوط تعرضت لها طهران، بشأن احتمال تأثير ردها على جهود دولية للتوصل إلى هدنة في حرب غزة. وتعرض بزشكيان لانتقادات داخلية، بسبب تأكيده على رغبة طهران خفض التوتر الإقليمي، بما في ذلك مع إسرائيل.

وتخشى الحكومة الجديدة من أن تنعكس أي مواجهة جدية بين إيران وإسرائيل إيجاباً على حظوظ ترمب في الانتخابات الرئاسية. وكذلك محاولة تبريد التوتر مع الأوروبيين والاقتراب منهم.

وعلى ضوء هذه المخاوف، حذر مسؤولون في حكومة بزشكيان من الوقوع في «فخ» رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لجر إيران إلى حرب.

وبعد مقتل نصر الله، مع القيادي في «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان، عادت تلك التحذيرات بقوة إلى الواجهة.

وكان بيان المرشد الإيراني علي خامنئي قد توعد إسرائيل برد مؤلم من «جبهة المقاومة». ويقصد المسؤولون الإيرانيون من الجبهة، جماعات مسلحة، يقودها في الأغلب «فيلق القدس»، الذراع الخارجية في «الحرس الثوري».

وقال خامنئي إن «جماعات محور المقاومة، بما في ذلك (حزب الله)، سيحددون مصير المنطقة».

ودأبت طهران بعد «طوفان الأقصى» على النأي بنفسها عن التدخل في قرارات الجماعات المسلحة الموالية لها، رغم أنها تعهدت بمواصلة العمل ودعم تلك الجماعات.

وفي الواقع، مثلت الاستراتيجية التي وضعها سليماني في تعزيز الجماعات المسلحة وتنشيط دورها الميداني الخيار الأول لطهران في المعادلات الإقليمية والدولية. وكان سليماني قبل أشهر من مقتله تعهد بشن حرب غير متكافئة ضد القوات الأميركية في المنطقة، ومواجهة العقوبات الأميركية.

وقال سليماني حينها إن قواته في «فيلق القدس» ستواجه الولايات المتحدة دون أن يتطلب ذلك دخول إيران في الحرب.

اجتاحت لافتات دعائية تحمل صورة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله شوارع وميادين العاصمة طهران (أ.ف.ب)

السيناريوهات

لا يزال «الحرس الثوري» الذي يدير كيانات اقتصادية وثقافية ويحظى بنفوذ سياسي كبير في البلاد يعول على استراتيجية الحرب عبر الجماعات المسلحة الحليفة دون الدخول في حرب مباشرة.

وعليه، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً لـ«الحرس الثوري» لا يزال متمثلاً بتفعيل جبهات متعددة، ومواجهة إسرائيل في حرب بالوكالة، وتصعيد وتيرة المواجهة.

وكشفت تصريحات القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، الأسبوع الماضي، عن مخاوف في طهران من امتداد الحرب الإسرائيلية لتطول جماعات مسلحة موالية لطهران في سوريا والعراق واليمن، تمهيداً لضرب طهران.

أما السيناريو الثاني، فهو أن يطلق «الحرس الثوري» مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، في ضربة لحفظ ماء الوجه.

وكان الحديث يدور أصلاً عن تكرار الضربة للانتقام من مقتل هنية، بعدما تمسكت طهران برد لا يدخلها في حرب مباشرة.

والآن مع مقتل نصر الله والقيادي في «الحرس الثوري»، عباس نيلفروشان، قال محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني في الشؤون الاستراتيجية، إن «القرار سيؤخذ من قِبَل أعلى المستويات»، في إشارة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يصادق المرشد الإيراني علي خامنئي على قراراته.

ويعد نيلفروشان ثاني أكبر قيادي في «الحرس الثوري» يُقتل هذا العام، بعد مقتل الجنرال محمد رضا زاهدي في قصف طال القنصلية الإيرانية في دمشق.

وبدأت سلسلة الخسائر الكبيرة لـ«الحرس الثوري» بعد «طوفان الأقصى» في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، بمقتل رضي موسوي مسؤول إمدادات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، قُتل حجت الله أميدوار، مسؤول استخبارات «الحرس الثوري» في سوريا، في غارة جوية على مبنى بحي المزة غرب دمشق، حيث تقع مقرات أمنية وعسكرية وأخرى لقيادات فلسطينية وسفارات ومنظمات أممية.

وسيلقي عدم الرد من الجهاز العسكري بظلال الشك بين أنصاره حول قدرته على التصرف في الأوقات المتأزمة.

أما السيناريو الثالث أن يوجه «الحرس الثوري» ضربةً صاروخيةً واسعة النطاق للمنشآت والبنية التحتية الإسرائيلية، وهو مستبعد جداً لحسابات الانتخابات الأميركية، وكذلك احتمال تعرض إيران لرد أميركي، بما يهدد سلامة المنشآت النووية الإيرانية، فضلاً عن الرفض الشعبي الواسع لفكرة إدخال إيران في حرب مدمرة.

والسيناريو الرابع، هو أن تدخل طهران في مواجهة محدودة مع إسرائيل، دون المساس بحسابات الانتخابات الأميركية، وذلك في مسعى لتبرير حاجتها إلى سلاح استراتيجي رادع، أوسع نطاقاً من الصواريخ الباليسيتة، وهو ما يعني اتخاذها قراراً حاسماً بتغيير مسار برنامجها النووي، والانتقال لمستويات إنتاج الأسلحة.


مقالات ذات صلة

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».


إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.