دراسة جديدة تحذّر من ارتفاع الإصابة بسرطان الأمعاء تحت سن 50 عاماً

استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعديد من أنواع السرطان (أرشيفية - رويترز)
استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعديد من أنواع السرطان (أرشيفية - رويترز)
TT
20

دراسة جديدة تحذّر من ارتفاع الإصابة بسرطان الأمعاء تحت سن 50 عاماً

استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعديد من أنواع السرطان (أرشيفية - رويترز)
استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعديد من أنواع السرطان (أرشيفية - رويترز)

يعتقد أحد أطباء الأورام في ولاية كارولاينا الشمالية أن الارتفاع المذهل في حالات الإصابة بالسرطان بين الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 50 عاماً يرجع إلى الاعتماد المفرط على الوجبات السريعة بين الأجيال الأصغر سناً.

يقول اختصاصي الأورام في جامعة «ديوك»، الدكتور نيكولاس ديفيتو، إن جميع مرضاه الأصغر سناً لديهم مثل هذا النظام الغذائي، وهو يغيّر «ميكروبيوم الأمعاء»، مما يجعلنا عرضة للإصابة بالسرطان. ويضيف: «بينما تتراجع معدلات بعض أنواع السرطان، فإن عديداً من سرطانات الجهاز الهضمي آخذ في الارتفاع بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً».

ويتابع: «الأمر الأكثر إثارة للقلق، خصوصاً في سرطان القناة الصفراوية وسرطان المعدة، يزداد المعدل مع كل جيل أصغر سناً. ظهرت الأطعمة شديدة المعالجة، بما في ذلك الوجبات الجاهزة والوجبات الخفيفة المعبّأة والمشروبات الغازية والحبوب ومجموعة من العناصر الأخرى، بوصفها سبباً محتملاً لسرطانات الجهاز الهضمي».

وجد عدد من الدراسات أن استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs)؛ مثل: الوجبات السريعة، ورقائق البطاطس المنكّهة، والمشروبات المحلاة بالسكر، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي وسرطان البنكرياس. وترتبط الأطعمة فائقة المعالجة بأكثر من 30 حالة صحية، بما في ذلك السمنة، التي تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالسرطان بشكل كبير. كما وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة «ميلانو» أن السمنة تُسهم في ارتفاع معدلات الوفيات بسرطان الأمعاء في المملكة المتحدة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و49 عاماً.

العلاقة بين صحة الأمعاء والسرطان

على الرغم من أن السرطان يُقبَل عموماً بوصفه مرضاً ناجماً عن خصائص وراثية وعوامل بيئية، فقد أظهرت الدراسات الأخيرة أن ميكروبيوم الأمعاء ومستقلباته قد تشكّل ما يقرب من 20 في المائة من حالات السرطان. ويلعب نظامنا الغذائي دوراً كبيراً في هذا، خصوصاً إذا اعتمدنا على الأطعمة فائقة المعالجة؛ مثل: رقائق البطاطس، والوجبات الخفيفة، والأطعمة السريعة التي لا قيمة غذائية منها.

تتضمّن إحدى النظريات التي تشرح دور الأمعاء في خطر الإصابة بالسرطان الارتباط بجهاز المناعة لدينا.

وتقول اختصاصية الأورام الدكتورة فرانكي جاكسون سبنس: «تعيش نسبة كبيرة من خلايا المناعة لدينا في الأمعاء؛ نحو 70 في المائة. لذا، إذا لم يكن الميكروبيوم في أفضل حالاته، ولم تجرِ تغذيته بجميع أنواع المواد الكيميائية الجيدة المختلفة من النباتات، فمن المحتمل أن جهاز المناعة لدينا لا يعمل في أفضل حالاته، وهو عامل خطر للإصابة بالسرطان».

يمكن أن تؤدي صحة الأمعاء السيئة أيضاً إلى زيادة الالتهاب واختلال التوازن في ميكروبات الأمعاء، والمعروفة باسم «خلل التوازن الجرثومي».

وتضيف جاكسون سبنس: «إذا لم يكن لديك ميكروبيوم معوي صحي، فإن بطانة الأمعاء لا تعمل بصورة مثالية، وبالتالي قد تكون أكثر عرضة للتهيّج من مسببات الأمراض الخارجية؛ الالتهاب هو مجرد جهاز المناعة لديك».

لكن خطر الإصابة بالسرطان مرتبط أيضاً بأسلوب الحياة. إذا نظرت إلى شخص يتناول نظاماً غذائياً يحتوي على نسبة عالية من «UPFs» - يستهلك الشخص العادي في المملكة المتحدة أكثر من 50 في المائة من نظامه الغذائي منها - فإنه عادة ما ينخرط في سلوكيات أقل صحية أخرى.

تقول الدكتورة جاكسون سبنس: «من المرجح أن تكون مصاباً بالسمنة، وهو ما نعرفه أيضاً أنه عامل خطر للإصابة بالسرطان».

وترتبط عوامل أخرى متعلقة بأسلوب الحياة؛ مثل: التدخين، وشرب الكحول، وعدم ممارسة الرياضة بشكل كافٍ، وعيش حياة مرهقة، وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم؛ بارتفاع خطر الإصابة بالسرطان.


مقالات ذات صلة

دراسة: فحوصات التصوير المقطعي مرتبطة بـ5% من حالات السرطان

صحتك فحوصات التصوير المقطعي قد تكون مسؤولة عن 5 % من جميع تشخيصات السرطان كل عام (أرشيفية - رويترز)

دراسة: فحوصات التصوير المقطعي مرتبطة بـ5% من حالات السرطان

تُستخدم فحوصات التصوير المقطعي على نطاق واسع للحصول على صور داخلية للجسم وتشخيص الحالات الطبية الخطيرة ولكنها قد تشكل خطراً خفياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فحوصات التصوير المقطعي المحوسب تُستخدم لتشخيص مجموعة من الحالات بما في ذلك كسور العظام والأورام (رويترز)

دراسة تحذِّر: التصوير المقطعي المحوسب يزيد خطر الإصابة بالسرطان

أظهرت دراسة حديثة أن فحوصات التصوير المقطعي المحوسب -المعروفة أيضاً باسم «CT» أو «Cat»- قد تكون مسؤولة عن حالة سرطان واحدة من كل 20 حالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم أطباء يفحصون حالة سرطان الرئة (أرشيفية- جامعة فلوريدا)

علاقة غير متوقعة بين سرطان الرئة والنظام الغذائي

اكتشف باحثون صلة مثيرة للاهتمام بين مرض سرطان الرئة ونوعية أنظمتنا الغذائية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرياضة اللاعب إبراهيم شيكا يتلقى العلاج في أحد المستشفيات (إنستغرام)

وفاة إبراهيم شيكا لاعب الزمالك السابق بعد صراع مع السرطان

توفي لاعب الزمالك السابق إبراهيم شيكا، اليوم السبت بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك خلايا سرطانية (رويترز)

اختبار منزلي لسرطان البروستاتا يتفوق على طرق الفحص الحالية

طوَّرت مجموعة من الباحثين اختباراً منزلياً للكشف عن سرطان البروستاتا قد يتفوق على طرق الفحص الحالية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟
TT
20

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟

يُسوَّق البلميط المنشاري علاجاً طبيعياً لتضخم البروستاتا، وهو مكمل غذائي رائج يُستخرَج من ثمار أشجار نخيل البلميط المنشاري «saw palmetto»، التي تنمو في جنوب شرقي الولايات المتحدة، كما كتب تشارلي شميدت (*).

ويشير أحد التقديرات إلى أن أكثر من ثلث البالغين في الولايات المتحدة الذين يتناولون المكملات الغذائية يستخدمون البلميط المنشاري تحديداً.

فوائد مزعومة

توجد بعض الأدلة على أن البلميط المنشاري يتمتع بخصائص مضادة للالتهابات، ويعود استخدامه في الطب الشعبي إلى أكثر من قرن. لكن خبراء هارفارد يقولون إنه ينبغي على الرجال النظر إلى فوائده المزعومة لصحة البروستاتا بعين الريبة.

تقول الدكتورة هايدي رايالا، الأستاذة المساعدة في جراحة المسالك البولية في كلية الطب بجامعة هارفارد ومركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي: «من غير المرجح أن يُسبب البلميط المنشاري ضرراً، ولكنه على الأرجح لن يُقدم أي فوائد كبيرة أيضاً».

تضخم البروستاتا الحميد والبلميط المنشاري

من الشائع أن يُصاب الرجال بتضخم البروستاتا، أو ما يُعرف بتضخم البروستاتا الحميد benign prostatic hyperplasia (BPH)، مع التقدم في السن. ويُعوق تضخم البروستاتا الحميد تدفق البول عبر مجرى البول، ما يُسبب أعراضاً انسدادية قد تتفاقم مع مرور الوقت.

ومع ذلك، لا تزال آلية تأثير نبات البلميط المنشاري على البروستاتا لتحسين الأعراض غير واضحة تماماً. وتشير بعض الأدلة إلى أنه يُحاكي تأثيرات بعض الأدوية المُستخدَمة لعلاج تضخم البروستاتا الحميد، بما في ذلك مثبطات اختزال «5-ألفا»؛ مثل فيناسترايد finasteride (بروسكار Proscar)، التي تُقلص غدة البروستاتا.

عيوب الدراسات

في الولايات المتحدة، لا يُعتمد أي مُكمل عشبي علاجاً لتضخم البروستاتا الحميد. تُحذِّر «الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية» من أن الدراسات التي تدعم استخدام نبات البلميط المنشاري لعلاج تضخم البروستاتا الحميد تنطوي على كثير من العيوب، بما في ذلك قصر مدة العلاج، وعدم وجود ضوابط على الأدوية الوهمية. وتأتي غالبية الأدلة الداعمة من دراسات صغيرة تُمولها شركات تبيع المُكملات الغذائية.

ماذا تُظهر التجارب السريرية العشوائية؟

لا تُظهر أفضل الأبحاث المُجراة أي فوائد لنبات البلميط المنشاري في علاج تضخم البروستاتا الحميد. خلال إحدى الدراسات، عولج 225 رجلاً يعانون من تضخم البروستاتا الحميد من المتوسط ​​إلى الشديد، إما بدواء وهمي أو بجرعة 160 مليغراماً (ملغم) من البلميط المنشاري، مرتين يومياً لمدة عام. لم يكتشف الباحثون أي فرق في النتائج، لكنهم أقروا أيضاً بأن الجرعات التي تم اختبارها في الدراسة ربما كانت منخفضةً جداً بحيث لا تُحدث تأثيرات قابلة للقياس.

لذلك، خلال دراسة لاحقة أكبر، اختبر الباحثون جرعات أعلى من البلميط المنشاري تصل إلى 320 ملغم، تُعطى 3 مرات يومياً. تم توزيع نحو 370 رجلاً، تبلغ أعمارهم 45 عاماً فأكثر، بشكل عشوائي على مجموعات العلاج أو الدواء الوهمي. وبعد عام ونصف العام، أفاد الرجال في كلتا المجموعتين بأنهم لم يشعروا بتحسُّن، أو شعروا بتحسُّن طفيف.

ومن اللافت للنظر أن 40 في المائة من الرجال الذين عولجوا بالدواء الوهمي قالوا إن الأعراض قد تحسَّنت، ما يشير إلى أن الفعل البسيط لتناول حبة دواء (ولو وهمية) قد تكون له علاقة بالفوائد المتوقعة للمكمل.

تحذيرات من التداخلات الصحية

قاد الدراسة الدكتور مايكل باري، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد. يحثّ الرجال على استشارة أطبائهم قبل تجربة البلميط المنشاري، وذلك أساساً لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لانسداد المسالك البولية، التي قد تشمل سرطان المثانة أو البروستاتا. وقد يتداخل البلميط المنشاري مع قدرة الدم على التخثر، ما يجعله محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للرجال الذين يتناولون مميّعات الدم.

نتائج وتعليقات حديثة

تأتي أحدث الأدلة على البلميط المنشاري وتضخم البروستاتا الحميد من «مراجعة كوكرين» لـ27 دراسة مضبوطة بالدواء الوهمي، شارك فيها 4656 شخصاً. وأظهرت النتائج المنشورة عام 2024 عدم وجود أي تحسُّن في أعراض المسالك البولية أو جودة الحياة من تناول البلميط المنشاري (وحده أو مع مكملات عشبية أخرى) لفترات تصل إلى 17 شهراً.

لا توجد أدلة كافية لفاعلية المكملات

وقالت الدكتورة رايالا: «لو كانت مكونات هذه المنتجات العشبية فعالة في علاج أعراض المسالك البولية، لكانت شركات الأدوية قد حصلت بالفعل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية عليها بوصفها أدويةً تتعين على شركات التأمين تغطيتها». وأضافت: «لا بأس بتناولها، ولكن توخَّ الحذر من إنفاق كثير من أموالك الخاصة على هذه البدائل».

وقال الدكتور مارك غارنيك، أستاذ الطب في جورمان براذرز بكلية الطب بجامعة هارفارد ومركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي، ورئيس تحرير «دليل كلية الطب» بجامعة هارفارد لأمراض البروستاتا: «من السهل فهم سبب جاذبية تناول الكثيرين مكملات غذائية طبيعية لعلاج مشكلات المسالك البولية في منتصف العمر». وأضاف: «مع ذلك، لا توجد أدلة كافية على فعالية البلميط المنشاري، وينبغي عدم استخدامه لعلاج تضخم البروستاتا الحميد وغيره من أعراض المسالك البولية الشائعة دون تقييم كامل للسبب المحتمل».

* مدونات «هارفارد» - خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

3/1

البالغين في الولايات المتحدة الذين يتناولون المكملات الغذائية يستخدمون البلميط المنشاري تحديداً