تحالف كردي يقاطع «الائتلاف» المعارض بسبب انتهاكات في عفرين

مطالبات بإخراج جميع الفصائل المسلحة من المناطق المدنية شمال سوريا

مدخل مدينة عفرين السورية (أرشيفية - أ.ف.ب)
مدخل مدينة عفرين السورية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

تحالف كردي يقاطع «الائتلاف» المعارض بسبب انتهاكات في عفرين

مدخل مدينة عفرين السورية (أرشيفية - أ.ف.ب)
مدخل مدينة عفرين السورية (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن ممثلو «المجلس الوطني الكردي» مقاطعة اجتماعات الائتلاف «السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية»؛ احتجاجاً على انتهاكات فصائل مسلحة تتبع حكومة الائتلاف المؤقتة، في مدينة كردية تتبع محافظة حلب شمالي سوريا.

وقال المتحدث الرسمي لـ«المجلس الوطني»، فيصل يوسف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ممثليهم علقوا حضورهم في اجتماعات الائتلاف رداً على الانتهاكات الجسيمة في مدينة عفرين الكردية».

وأوضح فيصل يوسف أن فصائل مسلحة تابعة لحكومة الائتلاف المؤقتة تفرض ضرائب وإتاوات باهظة على المدنيين من سكان المنطقة الواقعة في ريف حلب الشمالي، وقال: «تصل الإتاوات إلى 5 آلاف دولار لاستعادة المنازل أو الأراضي، كما تفرض 1500 دولار على حفر الآبار الارتوازية، و2000 دولار على معاصر الزيتون، و8 دولارات عن كل شجرة زيتون عند جنيها»، وهي مبالغ كبيرة مقارنة مع تدهور الوضع المعيشي لسكان المنطقة الذين يعانون الأمرين جراء استمرار الحرب الدائرة في بلدهم.

فيصل يوسف المتحدث الرسمي للمجلس الوطني الكردي المعارض (الشرق الأوسط)

و«المجلس الكردي» هو الكيان السياسي الوحيد المنضوي في صفوف المعارضة السورية، ولديه ممثلون في «هيئة التفاوض المعارضة» والائتلاف السوري، وشارك ممثلوه في محادثات جنيف الخاصة بحل الأزمة السورية، كما لديه أعضاء ضمن اللجنة المصغرة للجنة الدستورية الأممية المتعطلة منذ سنوات، غير أن هذا المجلس رفض المشاركة في «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، التي أعلنها «حزب الاتحاد الديمقراطي» وأحزاب حليفة بداية عام 2014، التي تدير 7 مدن رئيسية تتبع 4 محافظات سورية تقع شمال شرقي البلاد.

وشدد المعارض الكردي، على أن تلك الفصائل المسلحة عمدت إلى الاستيلاء على أراضي السكان الأصليين والممتلكات. وقال: «هذه الانتهاكات تمنع عودة الأهالي إلى مناطقهم وتزيد من معاناتهم، فقد تعرضت المنطقة لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي ترتقي لجرائم ضد الإنسانية، ترتكبها بعض الفصائل المسلحة في عداد الجيش الوطني»، ما تسبب بتفاقم الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي لعفرين وريفها، وتابع يوسف: «في مسعى منها لتغيير الطابع الديمغرافي لهذه المنطقة الكردية»، على حد تعبيره.

وتخضع منطقة عفرين الكردية للنفوذ التركي في إطار ما بات يعرف بعملية «غصن الزيتون» تديرها فصائل مسلحة من أبرزها «السلطان سليمان شاه» المعروف بـ«العمشات»، و«فرقة الحمزات» وهذه الفصائل تنضوي في صفوف «الجيش الوطني» الذراع العسكرية للائتلاف المعارض.

وهاجمت مجموعة مسلحة تتبع «العمشات» التي يقودها محمد الجاسم المعروف بأبو عمشة في 17 من الشهر الحالي؛ على وقفة احتجاجية نظمتها نساء من قرية كاخرا (ياخور) بريف عفرين، ونشر رواد منصات التواصل الاجتماعي ومواقع السوشيال ميديا صوراً ومقاطع فيديو تظهر أثار الضرب المبرح والتعذيب اللذين تعرضن لهما هؤلاء النسوة على يد الجماعات المسلحة، وفرضت حصاراً مطبقاً على القرية وقطعوا عنها خدمة الإنترنت ومنعوا تجوال المدنيين، واعتدوا على نساء شاركنّ في وقفات مماثلة أمام مقرات هذا الفصيل وحليفها «فرقة الحمزات».

أحد عناصر الفصائل الموالية لتركيا في إحدى النقاط العسكرية في عفرين (أرشيفية - «إكس»)

وبحسب مصادر محلية ونشطاء معارضون، اندلعت حركة الاحتجاجات بعد إعلان هذه الفصائل عن حزمة جديدة من الضرائب ضد مزارعي الزيتون، وارتفاع حالات الاعتقالات التي طالت عديداً من السكان الذين عارضوا الضريبة الجديدة. وهذه الفصائل مدرجة على قوائم العقوبات لوزارة الخزانة الأميركية فرضتها واشنطن في أغسطس (آب) 2023، وعلى قادتها «لتورطهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في منطقة عفرين، الواقعة في أقصى الريف الشمالي الغربي لسوريا».

وشدد فيصل يوسف على أن المجلس الكردي طلب من ممثليه في الائتلاف عدم المشاركة في اجتماعات الائتلاف، لوجود ممثل عسكري من فصيل «العمشات». وأضاف: «نعد حضوره بمثابة غض النظر عن الممارسات الظالمة لهذا الفصيل بحق الأهالي، نطالب جميع الجهات التي تدعمه بما في ذلك تركيا، وقف تلك الانتهاكات»، مشيراً إلى أنهم سيعملون على إثارة هذه القضايا أمام المجتمع الدولي، والمجالس الحقوقية؛ «لخلق نوع من الرقابة والمساءلة على أفعال هذه الفصائل»، بحسب المتحدث الرسمي للمجلس.

وطالب يوسف بتشكيل لجان مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المستمرة ومحاسبة المسؤولين عنها ومرتكبي تلك الانتهاكات، «لوقف جميع الانتهاكات التي يتعرض لها الكرد في المناطق المذكورة وضمان حماية المدنيين».


مقالات ذات صلة

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص مقهى الروضة (الشرق الأوسط)

خاص مقهى الروضة الدمشقي يتخلّص من القبضة الأمنية ويستعيد رواده

بينما انهمك أصحاب المحال التجارية في دمشق بطمس العلم السوري القديم، استعاد مقهى الروضة التاريخي زبائنه بعد تخلّصه من القبضة الأمنية التي كانت تُحصي أنفاسه.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في…

يوسف دياب
المشرق العربي سوريون يحتفلون بالإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق (رويترز)

المنظمة الدولية للهجرة تطالب بـ«إعادة تقييم» العقوبات على سوريا

شددت المنظمة الدولية للهجرة (الجمعة) على أن إعمار سوريا وإنماءها يتطلبان «إعادة تقييم» العقوبات الدولية المفروضة عليها وتعزيز دور النساء.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الوفد الدبلوماسي الأميركي، وفيه مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، مغادراً فندقاً في دمشق (إ.ب.أ)

«لقاء إيجابي» غير مسبوق بين وفد أميركي والشرع في دمشق

عقد وفد أميركي رفيع «لقاءً إيجابياً» مع قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع خلال زيارة لدمشق هي الأولى من نوعها لدبلوماسيين أميركيين منذ نحو عقد.

علي بردى (واشنطن)

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
TT

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)

خارج المخيمات باشر القائد العام للحكم الجديد في سوريا، أحمد الشرع، رسم معالم حكومته الأولى بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ومنح الشرع منصب وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة لحليف وثيق له من مؤسسي «هيئة تحرير الشام» هو أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع لحليف آخر هو مرهف أبو قصرة (أبو الحسن 600)، فيما ضم أول امرأة لحكومته هي عائشة الدبس التي خُصص لها مكتب جديد يُعنى بشؤون المرأة.

وجاءت هذه التعيينات في وقت باشرت فيه حكومات أجنبية اتصالاتها مع الحكم الجديد في دمشق وغداة إعلان الولايات المتحدة أنَّها رفعت المكافأة التي كانت تضعها على رأس الشرع بتهمة التورط في الإرهاب، البالغة 10 ملايين دولار.

وعقد الشرع اجتماعاً موسعاً أمس مع قادة فصائل عسكرية «نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»، بحسب ما أعلنت القيادة العامة التي يقودها زعيم «هيئة تحرير الشام».

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان «الجيش الوطني» المتحالف مع تركيا أنَّ مقاتليه يتأهبون لمهاجمة «الوحدات» الكردية شرق الفرات، في خطوة يُتوقع أن تثير غضباً أميركياً. وفي هذا الإطار، برز تلويح مشرعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بفرض عقوبات على تركيا إذا هاجمت الأكراد السوريين.