نتنياهو رفض وقف تدفق الأموال لـ«حماس»... فانهارت وحدة «تسلسال»

مسؤول سابق في «الموساد» يروي قصة صعود وسقوط «زمور الخطر»

خيام للنازحين بجوار أبنية متضررة في مدينة حمد بخان يونس يوم الخميس (إ.ب.أ)
خيام للنازحين بجوار أبنية متضررة في مدينة حمد بخان يونس يوم الخميس (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو رفض وقف تدفق الأموال لـ«حماس»... فانهارت وحدة «تسلسال»

خيام للنازحين بجوار أبنية متضررة في مدينة حمد بخان يونس يوم الخميس (إ.ب.أ)
خيام للنازحين بجوار أبنية متضررة في مدينة حمد بخان يونس يوم الخميس (إ.ب.أ)

كشف أحد قادة جهاز «الموساد» السابقين أن الوحدة «تسلسال» (وتعني بالعربية «منبّه الخطر» أو «زمور الخطر»)، انهارت سنة 2017، بعد 20 سنة من «العمل الناجح»، ملقياً بالمسؤولية في ذلك على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، نتيجة رفضه طلبها وقف تمويل حركة «حماس»، وكذلك على الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما الذي طلب وقف نشاطها ضد إيران و«حزب الله».

والمتكلم هو أودي ليفي، آخر رئيس لدائرة «تسلسال». وقد أدلى بشهادة أمام «اللجنة الشعبية للتحقيق في كارثة 7 أكتوبر (تشرين الأول)» في تل أبيب، فقال إن قرار نتنياهو الموافقة على إدخال الأموال القطرية لـ«حماس» في غزة كان غريباً وغير معقول، مضيفاً أنه كان معروفاً لـ«الموساد» أن هناك خديعة كبرى في هذا التمويل. وأوضح قائلاً: «أنا لا أتحدث عن 30 مليون دولار التي كانت تدفع في كل شهر نقداً، مع أنها تعدّ مبالغ كبيرة ولم تكن توزع على المواطنين المعوزين كما كانت (حماس) تدعي وتُظهر بالصور على التلفزيون، إنما أتحدث عن مليارات الدولارات التي وصلت إلى (حماس) عبر قنوات مختلفة. فهناك أموال وصلت وما زالت تصل حتى الآن من جمعيات خيرية، وتمول جمعيات (حماس) في الضفة الغربية ومنها إلى غزة، الآن في وقت الحرب أيضاً. وهناك 100 مليون دولار في السنة تزودها بها إيران. وهناك شركات تابعة لـ(حماس) تعمل في الخارج، في تركيا والجزائر وبعض دول الخليج، وبعض مشاغلها مرتبط بحفر الأنفاق، مثل بناء عمارات فيها عدة طوابق تحت الأرض لمواقف السيارات».

المعروف أنه عقب تلكؤ نتنياهو في إقامة لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر وتهربه منها، خوفاً من أن تتهمه بالإخفاق، بحسب ما يقول خصومه، أقامت منظمات جماهيرية وبينها عائلات المحتجزين لدى «حماس» وعائلات أشخاص قُتلوا في الحرب، محكمة شعبية برئاسة القاضي جدعون غينات، الذي شغل في الماضي منصب نائب رئيس المحكمة المركزية في تل أبيب. واستقال غينات في أغسطس (آب) الماضي، بعد شهر من إقامة المحكمة، لتحل محله القاضية فاردا الشيخ. وتعقد المحكمة منذ 30 يوليو (تموز) جلسات يومية تستمع فيها إلى شهود، وتوثق الشهادات بالصوت والصورة «حتى لا تمحى المعلومات من الذاكرة عندما تقوم لجنة تحقيق رسمية». وتضم في عضويتها مفتش الشرطة السابق، شلومو أهرونشكي، والجنرال إيال بن رؤوبين والبروفسور آسا كشير والعميد يهوديت غريسرو.

ودائرة «تسلسال» هي دائرة جديدة أقيمت سنة 1996، في عهد حكومة نتنياهو الأولى، بمبادرة من مئير دغان، الذي كان يومها مستشار الأمن القومي في الحكومة. وقد وضع لها أنظمة العمل والأهداف، غادي آيزنكوت، عندما كان سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة. ولكنها أصبحت جسماً قوياً ومؤثراً عندما تولى دغان رئاسة «الموساد» في سنة 2002. وعملت طيلة 20 سنة، أي حتى سنة 2017.

ويقول آدي ليفي إن الدائرة عملت بنشاط ونجاح، موضحاً: «أقنعنا الجيش بأن يهدم حوانيت الصرافة التي استخدمتها (حماس) لتلقي الأموال في الضفة الغربية. ثم أقنعنا رئيس الحكومة (إيهود) أولمرت، بتدمير بنوك لبنانية، خلال حرب 2006، كانت تستخدم لتمويل (حزب الله). وأقنعنا العشرات من دول الغرب بسن قوانين واتخاذ إجراءات عقابية على (حماس) وكل من يتعامل معها في المجال الاقتصادي. لكننا تلقينا ضربة ساحقة في سنة 2012 عندما بدأ تدفق الأموال من قطر إلى (حماس) بشكل علني ورسمي. العمارات السكنية والفنادق التي تم بناؤها في قطاع غزة، شملت أنفاقاً تحت غطاء مواقف سيارات تحت الأرض. ونحن لم نعرف. أموال إغاثة هائلة وصلت إلى القطاع، وجدت طريقها إلى جيوب تنظيم (حماس). حتى خلال الحرب الأخيرة استولت (حماس) على غالبية الأموال في بنوك غزة، تقدر قيمتها بمليار شيكل نقداً، قسم منها عثر عليه في الأنفاق».

شقق متضررة في مدينة حمد بخان يونس جنوب قطاع غزة 19 سبتمبر الحالي (إ.ب.أ)

ويروي ليفي كيف بدأ الانهيار لهذه الدائرة فيقول: «ذات مرة زرت وزير المالية الأميركي في بيته، وكان ودوداً للغاية. لكن، عندما بدأت أشرح له أهمية محاربة (حماس) اقتصادياً، غضب وصاح في وجهي: (عندما تقرر حكومتك وقف الأموال المتدفقة إلى «حماس» تفضل وأخبرني. لكن أن تسمحوا لـ«حماس» بالحصول على هذه الأموال ثم تطلبوا مني محاربتها، فهذه مسخرة)». ويضيف ليفي: «هذا الجواب بدأنا نسمعه في كل مكان نذهب إليه. فصار الفشل يلاحقنا. توجهت إلى رئيس الموساد تمير باردو، فقال إنه تكلم مع نتنياهو لكنه سمع ولم يعلق. فتوجهت أنا شخصياً إلى نتنياهو، فلم يبد استعداداً حتى لسماع ما أقول. وتوجهنا لمسؤولين سياسيين محيطين به فأثاروا الموضوع، وفي سنة 2018 أفصح عن رأيه وقال إن هذه الأموال هي التي تمنع إقامة دولة فلسطينية. فهي تعمّق الانقسام الفلسطيني وتضعف السلطة الفلسطينية».

لكن الضربة القاصمة لدائرة «تسلسال» جاءت من أميركا، بحسب ليفي الذي قال: «توجهوا من البيت الأبيض إلى نتنياهو وطلبوا منه وقف نشاطها (الدائرة) ضد إيران وأذرعها، حتى لا يمس الاتفاق النووي. فقرر يوسي كوهن، رئيس (الموساد)، إغلاق الدائرة وإخضاع نشاطها لوزارة الأمن، بقيادة الوزير (أفيغدور) ليبرمان. فتفككت وترك معظم قادتها الخدمة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل عطّلت رادارات المراقبة البحرية خلال خطف مسؤول في «حزب الله»

المشرق العربي جنود لبنانيون يتفقدون الشاطئ في موقع إنزال مزعوم لـ«قوة كوماندوز بحرية» إسرائيلية اختطفت البحار عماد أمهز في بلدة البترون الساحلية الشمالية في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

إسرائيل عطّلت رادارات المراقبة البحرية خلال خطف مسؤول في «حزب الله»

أشار مصدر قضائي إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم خلال تنفيذ عملية خطفه للمواطن اللبناني عماد أمهز من مدينة البترون، أجهزة قادرة على تعطيل رادارات المراقبة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جانب من عرض عسكري لـ«الحرس الثوري» في طهران (أرشيفية - رويترز)

الاغتيالات تعيد الحديث عن اختراق الموساد لـ«الحرس الثوري»

أعادت الاغتيالات الإسرائيلية لقياديين من «الحرس الثوري» و«حزب الله» وحركة «حماس» الحديث عن اختراق الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) لـ«الحرس».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

سوريا كانت «كعب أخيل»... كيف اخترقت إسرائيل «حزب الله»؟

كشف مسؤولون سابقون وحاليون في الاستخبارات الإسرائيلية أن انخراط «حزب الله» في الحرب الأهلية السورية، كان بمثابة «كعب أخيل» الذي سمح بطفرة في اختراق الحزب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجال الشرطة وأمن بالقرب من موقع سقوط صاروخ مباشر على منزل، في أعقاب قصف صاروخي من حزب الله، في كيبوتس ساعر، شمال إسرائيل (رويترز)

البيت الأبيض: هجوم «حزب الله» الصاروخي على المخابرات الإسرائيلية «مقلق للغاية»

تشعر الولايات المتحدة بقلق شديد إزاء التقارير التي تحدثت عن هجوم صاروخي شنته جماعة «حزب الله» على جهاز المخابرات الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية رئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد بارنياع خلال قمة بمدينة هرتسليا الساحلية الوسطى إسرائيل في 10 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

من ميونيخ 72 إلى هجوم 7 أكتوبر: تقلبات الموساد بين النجاحات والإخفاقات

سجل الموساد نتائج جعلته يُعرف بالتجسس الجريء والعمليات السرية الحاسمة. ومع ذلك فإن تاريخه لم يكن خالياً من الإخفاقات التي أثرت على سمعته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية، يقع أحدها في شارع مكتظ.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين، بعد ظهر الجمعة، على مبنيين يقعان على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية في منطقة الشياح المعروفة باسم «طريق صيدا القديمة»، التي تفصل الشياح عن عين الرمانة، وهي خطوط التماس القديمة، خلال الحرب اللبنانية. كما قصف، مساء، مبنى يقع خلف خط بولفار كميل شمعون، الذي يفصل الضاحية الجنوبية عن المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يقع فيها المبنى المستهدف.

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

ويضمّ المبنى، في طوابقه الأربعة الأولى، مؤسسات تجارية عدة ونادياً رياضياً ومختبراً، بينما الطوابق السبعة الأخرى سكنية. واستهدف الصاروخ القسم السكني من المبنى، ما أدى إلى انهياره، بينما صمدت الطوابق الأولى. وجاء استهداف المبنيين بعد إنذار إسرائيلي لسكانهما ومحيطهما بالإخلاء، قالت الوكالة الوطنية إنه أسفر عن «حركة نزوح ملحوظة» من منطقة عين الرمانة المتاخمة للشياح، والتي تقطنها غالبية مسيحية. وجاءت الضربات بعد غارات مماثلة استهدفت، صباح الجمعة، ثلاثة أبنية في منطقتي الحدث وحارة حريك، بعد إنذار إسرائيلي.

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، سحب دخان وغبار تتصاعد على أثر الغارات الثلاث على المنطقة. وأفادت الوكالة بأن غارتين شنّهما «الطيران الحربي المُعادي» استهدفتا منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية». وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

امرأة وأطفال ينزحون من موقع قريب لمبنى دمرته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وجاءت غارات الجمعة، غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وشرقه. وشنت إسرائيل ضربات على مناطق عدة في جنوب لبنان، بعد أوامر إخلاء للسكان شملت مبنى في مدينة صور الساحلية، وبلدتين في محيطها. وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان، منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية إلى داخل بلدة دير ميماس، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية، مشيرة إلى أن «طائرة استطلاع معادية» حلقت فوق البلدة، وهي «تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم». وأعلن «حزب الله»، الجمعة، استهدافه، مرتين، جنوداً إسرائيليين عند أطراف كفركلا، «بقذائف المدفعية».