سامر الخراشي لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تحرز تقدماً في الاستثمارات الخضراء

مدير مكتب الأمم المتحدة للسياحة الإقليمي: المنطقة تسجّل أكبر زيادة في أعداد الوافدين بنسبة 36 %

أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

سامر الخراشي لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تحرز تقدماً في الاستثمارات الخضراء

أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)

أكد مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط، سامر الخراشي، أن التزام المملكة باستضافة المكتب الإقليمي يؤكد توجهها بدفع المنظومة في الشرق الأوسط ودعم التنمية المستدامة في القطاع، ليصبح رافداً أساسياً في تنمية السياحة في المنطقة.

مدير المكتب الإقليمي كشف أيضاً عن تطورات السياحة في الشرق الأوسط، بتسجيل أكبر زيادة نسبية في أعداد الوافدين الدوليين تتجاوز مستوياتها السابقة للجائحة بنسبة 36 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي، مع تسجيل زيادة 4 في المائة مقارنةً بالفصل الأول من 2023.

وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، إن المشروعات السعودية العملاقة تُعدّ محورية في «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتأسيس المملكة بصفتها وجهة سياحية عالمية، مؤكداً أنها تتماشى بشكل وثيق مع «برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030» الذي يركز على الممارسات المستدامة، والنمو الاقتصادي، والحفاظ على التراث الثقافي.

مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط سامر الخراشي

ووفق الخراشي، أحرزت السعودية تقدماً ملموساً في تطوير السياحة المستدامة، كما ورد في تقرير الأمم المتحدة للسياحة وأهداف التنمية المستدامة؛ إذ قدّمت الرياض إسهامات كبيرة في خدمة الإنسانية وحماية الكوكب من خلال تبني مبادرات متنوعة في مجال السياحة المستدامة. إليكم الحوار..

 

ما أبرز المهام التي قام بها مكتب منظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط منذ تدشين مقره الإقليمي في الرياض وحتى الآن؟

منذ افتتاح المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في مايو (أيار) 2021، الذي يُعدّ أول مكتب إقليمي للمنظمة، أصبح المكتب رافداً أساسياً في تنمية السياحة في منطقة الشرق الأوسط، مع تركيز استراتيجي على تحقيق مهامه المتمثلة في بناء القدرات وتعزيز القدرة التنافسية.

كما كثّف المكتب جهوده في الإقليم لدمج السياحة ضمن السياسات العامة، وإعادة بناء الثقة بالقطاع، واستعادة الوعي بالوجهات الريفية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتيسير نمو السياحة بما يدعم التنمية الإقليمية.

من الناحية التقنية، ركّز المكتب على تقديم فرص متقدمة لبناء القدرات، وتطوير المهارات، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الإقليمية، والإسهام في استدامة السياحة، وتسعى هذه الجهود الشاملة إلى تعزيز قطاع السياحة في الشرق الأوسط وضمان نمو مستدام.

كما يواصل المكتب تسهيل التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والمسؤولين الحكوميين وجميع الأطراف المعنية لدعم القطاع السياحي وتطويره في المنطقة.

بلغة الأرقام كيف تنظرون إلى حجم التطورات السياحية في منطقة الشرق الأوسط؟

شهدت منطقة الشرق الأوسط تقدماً كبيراً في تطوير السياحة. وفقاً لمؤشر السياحة التابع للمنظمة، إذ سجلت المنطقة أكبر زيادة نسبية في أعداد الوافدين الدوليين، تجاوزت مستوياتها السابقة للجائحة بنسبة 36 في المائة في الربع الأول من 2024، مع تسجيل زيادة قدرها 4 في المائة، على أساس سنوي.

ويأتي هذا النمو بعد أداء بارز في 2023، حينما كانت منطقة الشرق الأوسط أولى المناطق العالمية التي استعادت عافيتها، وعادت إلى أعدادها السابقة للجائحة، محققةً زيادة بنسبة 22 في المائة.

القطاع السياحي ودوره الرئيسي في توليد فرص العمل لدى بلدان المنطقة والعالم.

تُعدّ السياحة قطاعاً رئيسياً في سوق العمل العالمية، إذ توفّر فرصة عمل لواحد من كل 10 أشخاص على مستوى العالم، ما يبرز دورها الأساسي في الاقتصاد العالمي.

وبصفتها منظمة دولية بعضوية 160 دولة، تلتزم منظمة الأمم المتحدة للسياحة بشدة على دفع التنمية المستدامة في هذا القطاع. إذ تشمل أولوياتها الاستراتيجية توفير فرص عمل عالية الجودة، واكتشاف المواهب وتنميتها، ودفع التقدم التكنولوجي والابتكاري، وتسريع الجهود في مجال العمل المناخي والاستدامة.

جهود المكتب الإقليمي لمساعدة دول المنطقة على تفعيل السياحة المستدامة وضخ مزيد من الاستثمارات الخضراء للحفاظ على البيئة.

لتحقيق التقدم الفعّال في السياحة المستدامة ودعم الاستثمارات الخضراء في جميع أنحاء المنطقة، تشمل استراتيجيتنا مجموعة من المبادرات الرئيسية، إذ تركز المنظمة على ثلاثة مجالات استثمارية رئيسية تهم الإنسان وكوكب الأرض والازدهار من خلال: تطوير رأس المال البشري عبر التعليم وتنمية المهارات، ودعم الاستدامة البيئية من خلال الاستثمار في البنية التحتية الخضراء ودعم التحول الأخضر، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال لتحقيق النمو الاقتصادي. كما نحرص على تناسق تلك الجهود وتكاملها مع مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر».

وبالتوازي مع ذلك، ولدعم تلك الجهود، طوّرت المنظمة منصة أهداف التنمية المستدامة للسياحة، التي تتيح لأصحاب المصلحة الوصول إلى معلومات حول السياحة المستدامة من خبراء ومهنيين ومسافرين حول العالم، إذ تمكّن هذه المنصة المستخدمين من اتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق الأهداف المطلوبة.

في هذا السياق، شكّل «اليوم العالمي للسياحة 2023» مثالاً بارزاً على التزامنا؛ إذ تم تسليط الضوء على أهمية الاستثمارات الخضراء في السياحة، والربط بين أصحاب المصلحة بفرص التنمية المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، شاركت ورشات العمل الإقليمية لدينا في التنمية الريفية، بما في ذلك إسهاماتنا في مقهى الأمم المتحدة للشباب، في إشراك الشباب السعودي من جهات مختلفة مثل: «مؤسسة موهبة»، و«جمعية الشباب السعودي»، و«برنامج تطوير القدرات البشرية».

تطورات الاستثمارات الخضراء في القطاع السياحي بمنطقة الشرق الأوسط والسعودية على وجه الخصوص.

تطوّر الأمم المتحدة للسياحة المبادئ التوجيهية لأعمال الاستثمار مع التركيز على دعم الاستثمارات في السياحة المستدامة. فعلى سبيل المثال، توفر توجيهات الاستثمار في الأردن أفضل الممارسات والتوصيات الاستراتيجية لجذب الاستثمارات المستدامة، وتشمل أيضاً تحليلاً لآفاق الاستثمار وديناميات الاستثمارات الخضراء.

وقد شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن زيادة بنسبة 83 في المائة في عام 2022، لتصل إلى 1.1 مليار دولار.

وأحرزت السعودية تقدماً ملموساً في تطوير السياحة المستدامة، كما ورد في تقرير الأمم المتحدة للسياحة وأهداف التنمية المستدامة؛ إذ قدّمت الرياض إسهاماً كبيراً في خدمة الإنسانية وحماية الكوكب من خلال تبني مبادرات متنوعة في مجال السياحة المستدامة. فعلى سبيل المثال، وتحت هدف التنمية المستدامة 15 (الحياة على الأرض)، توجد جهود مستمرة لإعادة تشجير المناطق الصحراوية في وسط السعودية؛ لمواجهة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

هذه المبادرة تبرز التزام الرياض بالحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي، مع تعزيز ممارسات السياحة الصديقة للبيئة. وتعكس هذه الجهود التزام المملكة بتطوير السياحة المستدامة، وتتماشى مع الأهداف الأوسع لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في دعم الاستثمارات الخضراء والممارسات المستدامة في المنطقة.

وجود المكتب الإقليمي في السعودية كيف سيُسهم في رسم الخطوط العريضة لنمو القطاع السياحي وازدهاره في الشرق الأوسط وتقدم المنظومة في المدة المقبلة.

المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في السعودية يقدم دوراً محورياً في تعزيز نمو قطاع السياحة ونجاحه في منطقة الشرق الأوسط، فتركيزنا الاستراتيجي قائم على أهمية تقوية العلاقات مع كل من القطاعين العام والخاص، لتهيئة بيئة سياحية ديناميكية ومتقدمة، بدعم مما يزيد على 13 عضواً منتسباً من المملكة يمثّلون قطاعات الضيافة، والمؤسسات التعليمية، ووكالات السفر. تُعدّ جهودنا المشتركة أساسية في تعزيز بناء القدرات وتطوير السياحة عبر المنطقة.

علاوة على ذلك، تسلّط مشاركة المكتب في الفعاليات والمبادرات الرئيسية على دوره في تقوية التعليم في المجال السياحي والتحول الرقمي وريادة الأعمال، من خلال دعم المواهب الشابة والشركات الناشئة المبتكرة عبر تنظيم فعاليات مثل برنامج الإرشاد لتكنولوجيا السياحة في العلا (غرب المملكة).

ويُسهم المكتب في تكوين جيل جديد من قادة السياحة القادرين على دفع القطاع إلى الأمام. كما ستُعزّز هذه الاستراتيجية من تنافسية المنطقة، في حين تضمن أن يؤدي النمو في السياحة إلى تقدم اقتصادي واجتماعي أوسع، مما يدفع في النهاية إلى الازدهار طويل الأمد لمنطقة الشرق الأوسط.

أهمية وجود المكتب الإقليمي في الشرق الأوسط وكيف يُسهم في النهوض بقطاع السياحة لدى بلدان المنطقة؟

مبادرة السعودية لاستضافة المكتب الإقليمي تصب في هدف تنويع الاقتصاد ووضع الشرق الأوسط وجهة سياحية عالمية رائدة. إن هذا الالتزام باستضافة المكتب الإقليمي للمنظمة يبرز حرص المملكة الاستراتيجي على دفع الابتكار في مجال السياحة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ودعم التنمية المستدامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، قدّم المكتب بالرياض إسهامات كبيرة في تقدم قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط، بصفته مركزاً محورياً يدعم الدول الـ13 الأعضاء بالإقليم (السعودية، والإمارات، وقطر، والكويت، والبحرين، وعُمان، ولبنان، والأردن، والعراق، وسوريا، ومصر، وليبيا، واليمن)، ويقوم بدور حيوي في دفع النمو السياحي الكبير في جميع أنحاء المنطقة.

كما يعزّز الشراكات بين هذه الدول، وعدد 45 عضواً منتسباً من الإقليم. ومن خلال دوره مركزاً للتعليم السياحي وتنمية المهارات، والترويج للسياحة محفزاً للتنمية الريفية، يُسهم المكتب بصورة كبيرة في تقدم السياحة في المنطقة، وضمان تلبيتها للمعايير الإقليمية والعالمية.

كيف تنظر منظمة الأمم المتحدة للسياحة إلى آخر تطورات القطاع في السعودية واحتياجات البلاد في المدة المقبلة للوصول إلى مستهدفاتها السياحية؟

ترى المنظمة أن تطورات السياحة في السعودية واعدة للغاية، خصوصاً مع هدفها المتمثل بجذب 150 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. وللوصول إلى هذا الهدف من الضروري تعزيز قدرات القطاع من خلال برامج التعليم والتدريب المستهدفة.

وفي هذا السياق، يؤدي الاتفاق الأخير بين منظمة الأمم المتحدة للسياحة والسعودية دوراً محورياً من خلال تصميم دورات تدريبية عالمية عبر الأكاديمية الإلكترونية للمنظمة في مجالات رئيسية، مثل: ريادة الأعمال، والابتكار، والاستدامة.

ويشمل هذا الاتفاق أيضاً إنشاء «مصنع للوظائف» و«مرصد لسوق العمل السياحي»، اللذين يهدفان إلى بناء القدرات وتقييم مهارات القوى العاملة. واستكمالاً لهذه الجهود، ستقيّم برامج شهادة الجودة «TedQual» ما يصل إلى 50 مبادرة للتعليم السياحي، في حين تهدف برامج الابتكار والتحول الرقمي إلى تمكين الشباب والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في قطاع السياحة.

 

جدير بالذكر كذلك أن المنظمة اعترفت بتسع قرى سياحية من مسابقة «Best Tourism Villages» في الشرق الأوسط، حيث منحت اثنتين من هذه التصنيفات المرموقة إلى وجهات في المملكة، وهما «رجال ألمع» و«العلا»، وذلك بوصفهما قريتين سياحيتين نموذجيتين، ما يبرز التزام البلاد بالحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي الغني مع تعزيز ممارسات السياحة الصديقة للبيئة.

 

كيف تُسهم المشروعات السعودية السياحية العملاقة بعد اكتمالها في تغيير مفهوم السياحة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم؟

تشكل المشروعات السياحية العملاقة في المملكة تحولاً كبيراً في مشهد السياحة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع. فتقدمها لاستضافة «كأس العالم 2034»، إلى جانب نجاحها في تأمين استضافة معرض «إكسبو 2030» في الرياض، يؤكد التزامها بتعزيز مكانتها العالمية في قطاع السياحة.

هذه الجهود تتكامل مع مشروعات طموحة؛ مثل: «نيوم»، و«البحر الأحمر»، و«القدية»، و«العلا»، و«ذا لاين»، و«حديقة الملك سلمان» التي تقدّم مجموعة متنوعة من المعالم من المدن المستقبلية ومراكز الترفيه والاستجمام إلى المواقع التراثية الثقافية، ما يعزّز من مكانة المنطقة بصفتها وجهة ديناميكية، ويعيد تشكيل الاتجاهات العالمية في السياحة.

هذه المشروعات تُعدّ محورية في «رؤية 2030» التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتأسيس المملكة وجهة سياحية عالمية رائدة، وهي تتماشى بصورة وثيقة مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، الذي يركز على الممارسات المستدامة، والنمو الاقتصادي، والحفاظ على التراث الثقافي، وذلك من خلال الإسهامات المباشرة في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مثل «الهدف 9» (الصناعة والابتكار والبنية التحتية)، و«الهدف 11» (المدن والمجتمعات المستدامة)؛ تعكس هذه المبادرات الرؤية الاستراتيجية في تعزيز الابتكار، ودعم التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة المنطقة على الصعيد الدولي.


مقالات ذات صلة

العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

خاص مشاريع عقارية في الرياض (واس)

العقار السعودي ينتقل من الانتعاش «الظرفي» إلى النضج التشغيلي

شهد القطاع العقاري المُدرج في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً استثنائياً وغير مسبوق في الربع الثالث من عام 2025.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية (الرياض)

البنك الدولي: 4.3 % نمواً متوقعاً لاقتصاد السعودية في 2026 معززاً بالأنشطة غير النفطية

أكَّد البنك الدولي أن زخم الاقتصاد السعودي مستمر بقوة في عامي 2026-2027، مدفوعاً بشكل رئيسي بالأنشطة غير النفطية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان ووزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى) play-circle 02:29

«ملتقى الميزانية»: الإنفاق الحكومي السعودي «يتحرر» من «الدورة الاقتصادية»

شكّل «ملتقى الميزانية السعودية 2026» منصة حكومية استراتيجية لتحليل مستهدفات الميزانية التي أقرّها مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزيرا «النقل» و«الإسكان» في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى)

«ملتقى الميزانية»: مبادرات تطوير البنية التحتية تدعم «النقل» و«الإسكان» وتوسع فرص الاستثمار

أكد وزيرا «النقل» و«الإسكان» أن القطاعين شهدا نهضة كبيرة، مع استثمارات ضخمة توسع الوظائف وتوفر وحدات سكنية للأسر المستفيدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الإبراهيم يتحدث وإلى جانبه وزير المالية في ملتقى «ميزانية السعودية 2026»... (الشرق الأوسط)

السعودية: لدى «هيوماين» فرصة لقيادة الاقتصاد الوطني مثل «أرامكو»

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة تستعد لدخول مرحلة جديدة سيكون فيها الذكاء الاصطناعي المحرك الأكبر للنمو غير النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تعيد رسم اقتصاد المياه العالمي عبر «مؤتمر الابتكار»

مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
TT

السعودية تعيد رسم اقتصاد المياه العالمي عبر «مؤتمر الابتكار»

مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)

يعكس «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025» الذي تستضيفه مدينة جدة الأسبوع المقبل، قدرة السعودية على قيادة تحول عالمي يعيد تعريف اقتصاد المياه، ويرسخ نموذجاً يدمج بين الابتكار والاستثمار والسياسات الفاعلة، ليُعيد تشكيل مستقبل أحد أهم قطاعات الاقتصاد العالمي.

يأتي المؤتمر في لحظة يصفها الاقتصاديون بأنها نقطة ارتكاز في تطور «اقتصاد المياه» خلال العقد المقبل، وتتسارع فيها التحولات المرتبطة بتلك الصناعة عالمياً، وتعيد تشكيل ميزان الابتكار والاستثمار في واحد من أكثر القطاعات الاستراتيجية تأثيراً على الأمن الغذائي والطاقة والنمو الاقتصادي.

وتحوّل الحدث الدولي الذي يقام خلال الفترة بين 8 و10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى منصة اقتصادية تُطلق شراكات، وتقدّم حلولاً جاهزة للتطبيق، وتستكشف أسواقاً جديدة، حيث تُمثل السعودية مركز إنتاج للابتكار المائي.

ويجمع المؤتمر نحو 11 ألف مشارك من 137 دولة، إلى جانب عدد من كبرى شركات المياه والطاقة والتقنيات النظيفة، ما يجعله أحد أهم التجمعات الدولية التي ترسم خريطة الاقتصاد المائي الجديد، ويعكس مكانة السعودية ودورها المتنامي في صياغة مستقبل هذا القطاع عالمياً.

المياه... قطاع اقتصادي مرتبط بالأسواق العالمية

يتناول المؤتمر المياه بوصفها قطاعاً اقتصادياً يرتبط مباشرة بالأسواق الدولية، مثل الطاقة والتقنية والتمويل، ويتمحور حول أربع ركائز رئيسية تشغل المستثمرين عالمياً، تتمثل في: «الاقتصاد الدائري للمياه» الذي يُعتبر سوقاً صاعدة تجذب شركات الكيميائيات النظيفة والطاقة المتجددة، ثم «الرقمنة والذكاء الاصطناعي» حيث التوسع في إدارة الشبكات الذكية وتحليل الطلب، فـ«تكامل المياه والطاقة» عبر ابتكار متسارع في تقنيات التحلية منخفضة الانبعاثات، وأخيراً «الاستثمار والتمويل» بدخول أكبر للصناديق والبنوك التنموية مع توسع مشاريع إعادة الاستخدام.

يجمع الحدث 11 ألف مشارك من 137 دولة وشركات كبرى بمجالات المياه والطاقة والتقنيات النظيفة (واس)

وتعكس تلك التحولات واقعاً جديداً، إذ لم تعد المياه بمثابة خدمة أساسية فحسب، بل فرصة استثمارية طويلة الأجل، ويُعدّ الابتكار اليوم محوراً اقتصادياً تعتمد عليه الحكومات والشركات الكبرى لمواجهة تحديات شُحَّها وارتفاع تكاليف الإنتاج وتزايد الطلب الصناعي.

«جائزة الابتكار» تُعزِّز اقتصاد المياه

تحوَّلت «الجائزة العالمية للابتكار في المياه»، المتزامنة مع المؤتمر، إلى منصة تُقرأ من خلالها مبكراً ملامح التقنيات التي ستقود اقتصاد المياه في السنوات المقبلة؛ إذ باتت الأرقام التي تُسجِّلها الجائزة كل عام تعكس حجم التحول العالمي نحو الابتكار، بوجود 2570 ابتكاراً مقدّماً من 300 جامعة ومعهد تمثل 119 دولة، مما يكشف عن سباق دولي واسع لإنتاج حلول جديدة، ويعكس أهمية الجائزة التي أضحت مرصداً عالمياً لاتجاهات التقنية، ويحدد ملامح المستقبل في أحد أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة الإنسان والتنمية.

«مياهثون» تجمع المبتكرين والمستثمرين

وتعدّ فعالية «مياهثون» المصاحبة للمؤتمر منصة تنافسية تسهم في توليد شركات ناشئة ونماذج تطبيقية، ويتفق المختصون على أن قوة هذا المشروع تكمن في جمع المواهب والمنظمين والمستثمرين على مساحة واحدة، وهو عنصر تفتقر إليه منظومات الابتكار المائي عالمياً.

بناء حلول الاستدامة عبر الابتكار

يكشف المؤتمر عن أن الابتكار أصبح منهجاً لبناء حلول تمتد آثارها إلى مجالات واسعة باتت اليوم في قلب التحول المائي؛ فمجالات الطلب الزراعي وإعادة الاستخدام والسياحة والاقتصاد والمجتمع تمثل محاور رئيسية في نقاشات المياه، يستهدفها الابتكار لخفض الهدر، وتعزيز الكفاءة، ورفع قيمة العائد التنموي.

ويضطلع المؤتمر بدور محوري في توسيع آفاق الابتكار عبر استعراض وتبنّي التقنيات الحديثة التي تُعزِّز الكفاءة التشغيلية، وتُرسِّخ مفهوم الاستدامة البيئية، لا سيما في القطاعات المرتبطة بالطاقة والعمليات الصناعية.

وتتجلى قدرة الابتكار على دعم الأمن الغذائي، ورفع كفاءة الطاقة، وزيادة مرونة المدن، وتمكين الاقتصادات من مواجهة ندرة المياه وتزايد الطلب، ما يؤكد أن مستقبل المياه يُعاد تشكيله اليوم عبر حلول أوسع من التقنية وحدها، وأكثر التصاقاً بحاجات التنمية الشاملة.

مكاسب دولية تعزّز مكانة السعودية

ينعقد المؤتمر فيما تحقق المملكة حضوراً متقدماً في أبرز المؤشرات الدولية المرتبطة بالمياه، إذ جاء اعتراف الأمم المتحدة بالنموذج السعودي في تحقيق الهدف السادس ليؤكد نجاعة السياسات الوطنية في إدارة الموارد وتعزيز الاستدامة، فيما شكّل توقيع ميثاق المياه العالمي في الرياض نقطة تحول عمّقت الشراكات الدولية، ورسّخت دور البلاد في قيادة الحوار العالمي حول أمن المياه.

وعزَّز إطلاق «المنظمة العالمية للمياه» صدارة السعودية للدول القادرة على صياغة الأطر الجديدة لهذا القطاع الحيوي، كما باتت المملكة أحد أهم الفاعلين في تشكيل مستقبل السياسات المائية عالمياً، بما تملكه من مبادرات رائدة وحضور مؤسسي مؤثر ورؤية واضحة لأمن المياه.

مركز إنتاج للابتكار المائي العالمي

تحوّل المؤتمر إلى منصة اقتصادية تُطلق شراكات، وتقدّم حلولاً جاهزة للتطبيق، وتستكشف أسواقاً جديدة، حيث تُمثل السعودية مركز إنتاج للابتكار المائي، إذ تقود تحولاً عالمياً يعيد تعريف اقتصاد المياه، ويرسخ نموذجاً يدمج بين الابتكار والاستثمار والسياسات الفاعلة، ليُعيد تشكيل مستقبل أحد أهم قطاعات الاقتصاد العالمي.


النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.