إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

تولّى الحكم عبر «انقلاب عسكري» ومدَّد سلطته الانتقالية 5 سنوات

 تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة
تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة
TT

إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

 تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة
تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة

رغم تعهّد النقيب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بألا يبقى في السلطة، فإنه مدّد فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، راهناً إجراء الانتخابات التي كان من المقرّر عقدها في يوليو (تموز) الماضي، بـ«سماح الظروف الأمنية». تراوري كان قد تولّى السلطة عبر انقلاب عسكري في سبتمبر (أيلول) 2022، متعهداً بـ«إنقاذ البلاد»، غير أنه لا يزال يخوض وجيشه «حرباً شرسة» ضد الجماعات «الإرهابية» المتطرّفة، التي تشن هجمات شِبه يومية على مناطق عدة من البلاد. وهذا، وسط مخاوف من أن «يرسّخ تراوري حكماً عسكرياً في بوركينا فاسو - التي كانت تُعرَف سابقاً باسم جمهورية أعالي الفولتا - يعزّز حالة اللااستقرار السياسي والأمني»، التي تشهدها بلاده الحبيسة والواقعة في الغرب الأفريقي، منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.

وُلد إبراهيم تراوري يوم 14 مارس (آذار) عام 1988، لعائلة مسلمة من شعب الديولا «الجولا»، تقطن بلدة بوندوكوي، الواقعة في محافظة موهوم، شمال غربي العاصمة واغادوغو. ولقد نشأ في بيئة ريفية متواضعة، حيث أنهى تعليمه الابتدائي ثم الإعدادي في بلدته الريفية الصغيرة بمدرسة بوندوكوي الابتدائية العامة، قبل أن ينتقل إلى بوبو ديولاسو، ثاني كبرى مدن بوركينا فاسو؛ لإكمال تعليمه الثانوي في مدرسة ليسيه ميكست داكارت.

في عام 2006 التحق تراوري بجامعة جوزيف كي زيربو «جامعة واغادوغو سابقاً»، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا عام 2010.

بيد أن طموح ذلك الشاب كان أبعد من الجيولوجيا، إذ التحق، في العام نفسه، بأكاديمية جورج نامونو العسكرية، حيث تخرَّج بعد سنتين برتبة ملازم ثان.

في الواقع، لا تذكر سيرة تراوري الذاتية، المنشورة على موقع الرئاسة البوركينية، كثيراً عن تلك الفترة، إلا أن تقارير محلية وغربية عدة نقلت عن مقرَّبين منه، خلال مرحلة الدراسة العسكرية، وصفهم إياه بأنه كان تلميذاً «خجولاً ومتحفظاً وذكياً في آن».

التدرّج العسكري

انضمّ تراوري إلى الجيش، وبدأ رحلة صعود وتدرُّج سريعة داخل صفوفه، إذ خدم، فور تخرجه في المنطقة العسكرية الأولى بمحافظة كايا، لمدة سنتين حتى عام 2014، ثم رقّي إلى رتبة ملازم أول.

سنوات خدمة تراوري العسكرية الأولى تركّزت في المناطق المتضررة من «الإرهاب». وفي عام 2019 شارك في عملية أطلق عليها مسمى «سحب النار» ضد الجماعات المسلَّحة في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من البلاد. وعلى الأثر، رقّي إلى رتبة نقيب عام 2020، لكن نشاطه العسكري لم يقتصر على العمليات الداخلية، بل شارك في عمليات دولية، ضمن إطار قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، كما التحق بدورات تدريبية عسكرية عدة، مِن بينها تدريب متخصص في الدفاع الجوي بالمغرب. ومع أن الرجل لا يحمل أوسمة عسكرية، فإنه وفْق الإعلام المحلي، معروف في أوساطه بأنه «قوي وشجاع».

داميبا... من الشراكة إلى الانقلاب

في يناير (كانون الثاني) 2022، شارك إبراهيم تراوري في انقلاب عسكري قاده العقيد بول هنري سانداوغو داميبا، وأطاح بنظام الرئيس المدني المنتخَب روك كابوري.

وفي مارس من العام نفسه، عيّن تراوري قائداً لفيلق «فوج المدفعية»، المتركز في كايا بالمنطقة الشمالية الوسطى، وهو موصوف بأنه «فيلق قوي جداً ومحترف»، لكن الأمور لم تستقرَّ طويلاً، إذ بعد نحو تسعة أشهر، قاد تراوري انقلاباً عسكرياً ضد داميبا في سبتمبر (أيلول).

وعقب نجاح الانقلاب، ألقى خطاباً قال فيه إن «هدفه إنقاذ البلاد من الأوضاع الأمنية المتدهورة»، بعد «فشل» القيادة السابقة في حماية البلاد من الإرهاب. وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، أدى تراوري اليمين الدستورية رئيساً للبلاد، ليصبح، وفق مراقبين، «أصغر» رئيس دولة في العالم. ويومذاك، قال تراوري، مخاطباً مسؤولي حكومة بوركينا فاسو: «أعلم أنني أصغر سناً من معظمكم هنا. نحن ما كنا نريد ما حدث، لكن لم يكن أمامنا خيار».

حازم وجادّ

كثيرون شبّهوا تراوري بزعيم بوركينا فاسو الثوري الراحل توماس سانكارا، ونقلت الـ«بي بي سي» عن وسائل إعلام بوركينية محلية قولها إن «تراوري تولّى زعامة البلاد بعد انقلاب عسكري، وهو نقيب بالجيش يبلغ من العمر 34 سنة، تماماً مثل سانكارا».

وبالفعل، يستخدم الإعلاميون المحليون أوصافاً عدة لتراوري؛ بينها «الحَزم»، و«الجِدية»، والقدرة على تحفيز الجنود، وأحياناً الجرأة والعنف. ويروون عنه - موقع «أفريكا ريبورت» - أنه عندما كان قائداً لوحدة عسكرية، قال لجنوده: «الجهاديون لا يرتدون سترات واقية من الرصاص، لذا نحن لا نحتاج إليها أيضاً».

والواقع أنه منذ تولَّى تراوري السلطة، ركّز على تعزيز قدرات الجيش عبر تدريبه وتجهيزه بأحدث المُعدّات، والتعاون إقليمياً ودولياً بهدف مكافحة «الإرهاب»، ثم إنه وضع «خطة وطنية للتحول الاقتصادي» تُشدد على تنويع مصادر الدخل، ودعم قطاعات مثل الزراعة والطاقة. واجتماعياً، أطلق تراوري برامج لدعم تمكين المرأة، وزيادة مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية.

الحرب على الإرهاب

تأتي رئاسة تراوري في فترة تُواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية، بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة. لذا لا تخلو خطابات تراوري من تأكيد «أهمية تعزيز القدرات العسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية». ومن جهة ثانية، تُعدّ بوركينا فاسو «نموذجاً مصغّراً» للأزمات العميقة الجذور المتعلقة بالحكم وتوطيد أركان الدولة، التي تتكرر في جميع أنحاء غرب أفريقيا ومنطقة الساحل. وهذه أزمات استبعد «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي»، في تقرير له نُشر عام 2022، امتلاك تراوري الأدوات الكافية لحلها.

إعادة هيكلة الجيش... والتعبئة العامة

للتذكير، فور وصول تراوري إلى الحكم أعلن أن هدفه الوحيد هو الانتصار على «الإرهاب». وفي هذا السياق أعاد هيكلة الجيش، وأعلن «تعبئة عامة» يوم 19 أبريل (نيسان) 2023، مدَّدها أخيراً لمدة سنة أخرى. و«التعبئة العامة» تشبه «حالة الطوارئ»، وتنص على «استدعاء الشباب من سن الـ18 سنة فما فوق، والذين يتمتعون باللياقة البدنية، إلى التجنيد، وفقاً للاحتياجات التي تُعبر عنها السلطات المختصة».

لكن، بينما يقود تراوري حرباً على الإرهاب، ثمة ملامح أزمة تتفاقم بصمت، ذلك أن فترة حكم تراوري القصيرة نسبياً لتاريخه تُواجه انتقادات بسبب «تعزيز قبضة الجيش على السلطة»، وتأجيل الانتخابات التي تستهدف إعادة الحكم المدني. ففي مايو (أيار) الماضي، مُدّدت فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، وزعم تراوري أن «التمديد ضروري لإعادة بناء الدولة على أسس قوية، وضمان الاستقرار قبل العودة إلى الحكم المدني». وأضاف أن «الانتخابات ستُجرى عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك».

الواقع أن ملامح الأزمة ظهرت عبر بيانات متكررة أعلنت فيها الحكومة عن محاولات انقلاب تدّعي أنها «مموَّلة ومدعومة من الخارج». و«كشفت» أولى تلك المحاولات بعد سنة من تولّي تراوري الحكم يوم 27 سبتمبر 2023. ومع أن المحاولات «كلها باءت بالفشل»، فإنها أثارت مخاوف بشأن استقرار الحكم.

بل أثّرت هذه المحاولات على تراوري إلى درجةٍ دفعت البعض للقول إنه «بات مهووساً بالمؤامرات المحتملة ضده، ومقتنعاً بضرورة مراقبة الجميع». وبالفعل، اتخذ الرجل إجراءات أمنية «صارمة» لحماية حكمه وأركانه، وكفَّ عن الخروج ليلاً، وقلَّص دائرة خُلصائه لتنحصر في إخوته وبعض المقرَّبين.

«حليف روسيا»

تقارير غربية عدة تُصنّف تراوري، اليوم، «حليفاً لروسيا»، وبخاصة أنه طالب القوات الفرنسية، في مارس 2023، بالانسحاب من البلاد، ما دفع البعض للقول إنه يسعى لقطع علاقاته مع باريس، مقابل تعزيزها مع موسكو، في سياق الصراع بين الدولتين على النفوذ بأفريقيا.

لكن تراوري أكد، في تصريحات صحافية، أنه «لا قطع للعلاقات الدبلوماسية، ولا حقد تجاه دولة معينة». ونفى وجود ميليشيا «فاغنر» الروسية في بلاده، قائلاً: «نسمع مراراً أن (فاغنر) باتت في واغادوغو... هذه الشائعة خُلقت لكي ينأى الجميع بأنفسهم عنا». وجاء النفي رغم تأكيده «تعزيز العلاقات مع روسيا»، وقوله، عام 2022، إن «بلاده ترتبط بعقد عسكري مع روسيا، وتستخدم عتادها بكثرة».

أيضاً «فاغنر» نفسها أكدت وجودها، في تصريحات تزامنت مع إعلانها، يوم 30 أغسطس (آب) الماضي، رحيل جزء من قواتها في بوركينا فاسو، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن قائد «لواء الدببة» الروسي، فيكتور يرمولاييف، في مقابلة عبر تطبيق «تلغرام»، أن «نحو مائة من أصل نحو 300 مرتزق روسي غادروا بوركينا فاسو». في المقابل، ووفق «أ.ف.ب»، أكد يرمولاييف «بقاء بعض القوات»، قبل أن يوضح: «لدينا قواعد وممتلكات ومُعدات وذخيرة. لن نعيد كل شيء إلى روسيا».

وما يستحقّ هنا أنه كان لإحباط محاولة الانقلاب على تراوري، في سبتمبر 2023، «دور في تسارع التقارب بين واغادوغو وموسكو»، إذ «أرسلت روسيا بعدها، عشرات من الأفراد العسكريين والمرتزقة إلى بوركينا فاسو، بعضهم توجَّه مباشرة إلى مقر الرئاسة»، وفق موقع «أفريكا ريبورت» الذي أشار إلى «نشر نحو 200 شخص، ضمن إطار الشراكة الروسية الجديدة مع أفريقيا». ونقل الموقع عن مصدر عسكري بوركيني قوله إن «القوات الروسية شكّلت نوعاً من الفقاعة الأمنية ذات الدوائر المتداخلة حول تراوري لحمايته».ختاماً، يرى مراقبون تراوري نموذجاً متناقضاً ومعقّداً، بين قائد عسكري شاب بادر لتولّي زمام أمور بلاده بهدف «إنقاذها» و«إصلاحها»، ورئيس يسعى لترسيخ نظام حكم عسكري فردي، مؤجِّلاً أي خيارات لحكم مدني ديمقراطي. وتثير مسيرته العسكرية القصيرة جدلاً وتساؤلات بشأن قدرته على تحقيق الاستقرار في بوركينا فاسو، وما إذا كان سيقود البلاد نحو المدنية أم نحو حكم عسكري طويل الأمد.


مقالات ذات صلة

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».