الجزائر: حسم الجدل حول «عفو» محتمل عن وجهاء نظام بوتفليقة

تبون استبعد إفراجاً عن متهمين بالفساد إذا فاز في استحقاق السبت المقبل

عبد المجيد تبون في آخر مهرجان انتخابي (حملة المترشح)
عبد المجيد تبون في آخر مهرجان انتخابي (حملة المترشح)
TT

الجزائر: حسم الجدل حول «عفو» محتمل عن وجهاء نظام بوتفليقة

عبد المجيد تبون في آخر مهرجان انتخابي (حملة المترشح)
عبد المجيد تبون في آخر مهرجان انتخابي (حملة المترشح)

حسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون جدلاً يثيره قطاع واسع من الإعلام، ويجري تداوله منذ مدة غير قصيرة في الإعلام الاجتماعي بخصوص «عفو محتمل» عن وجهاء من النظام السابق مسجونين بتهم الفساد منذ خمس سنوات.

ففي حال فوزه بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة، المقررة السبت المقبل، أكد تبون أنه يستبعد نهائياً اتخاذ أي إجراء يخص ثلاثة رؤساء حكومات، وعشرات الوزراء، وبعض كبار ضباط الجيش سابقاً، وكذا العديد من رجال الأعمال، الذين دانهم القضاء بأحكام ثقيلة، وفق وقائع تتصف بـ«اختلاس مال عام»، تعود إلى فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019).

رجال أعمال في السجن بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأجاب تبون في آخر تجمع له، أمس الثلاثاء بالعاصمة، بمناسبة ختام حملة الانتخابات على تساؤل يطرح بشكل غير مباشر في المجتمع: هل ستفرج السلطات أو تخفف من العقوبات التي طالت أبرز المسؤولين في البلاد في المرحلة التي سبقت وصول تبون إلى الحكم؟ خاصة بعد أن مرت خمس سنوات على سجنهم، «وطوت البلاد صفحة الفساد الذي كاد أن يوصلها إلى الانهيار المالي»، بتعبير تبون نفسه خلال أحد مهرجاناته الدعائية.

رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى (الشرق الأوسط)

وعلى هذا الأساس يفترض أن تصاحب هذه «الانفراجة» إطلاق «مصالحة»، شبيهة في معناها السياسي بـ«المصالحة»، التي أحدثها بوتفليقة بقانون عام 2006، والتي عرض بموجبها على المسلحين الإسلاميين عفواً مقابل التخلي عن الإرهاب.

وقال تبون في القاعة «البيضاوية» بأعالي العاصمة، حيث جمعت مديرية حملته عدداً كبيراً من أنصاره: «لن يكون هناك عفو عن الذين نهبوا المال العام». وحمل بشدَة على الوزير الأول سابقاً، أحمد أويحيى، الذي يقضي عقوبة السجن 12 سنة، مردداً كلاماً منسوباً له فيه استخفاف بالمواطنين، وتقليل من شأنهم.

الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (الشرق الأوسط)

وكان أويحيى قد نفى أن يكون صدر عنه ذلك، في تصريح لقناة تلفزيونية قبل اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، الذي أجبر بوتفليقة على التخلي عن ترشحه لولاية خامسة في انتخابات كانت ستجرى في أبريل (نيسان) من العام ذاته.

وأكد تبون أن عهده كرئيس «لا يمكن أن تتخذ فيه إجراءات تجوع الشعب»، وأحال متابعي خطابه إلى تصريحات لأويحيى، من دون ذكره بالاسم، أشار فيها عام 2018 إلى أن الحكومة «لا يمكنها أن تدفع رواتب الموظفين»، وكان يقصد أن عائدات بيع المحروقات تراجعت بشكل كبير، وأن احتياطي العملة الصعبة تضاءل كما يذوب الجليد تحت شمس حارقة، ما يعني أن البلاد كانت على شفا الإفلاس.

رئيس الحكومة سابقاً عبد المالك سلال (الشرق الأوسط)

ووفق تبون، فإن الحالة التي تحدث عنها أويحيى في تلك الفترة «عكست تغول الفساد الذي استشرى في مفاصل الدولة»، علماً بأن تبون يعتبر نفسه «أحد ضحايا العصابة»، التي تضم وجهاء النظام سابقاً.

ففي يونيو (حزيران) 2017 عينه الرئيس بوتفليقة وزيراً أول، لكن بعد أقل من ثلاثة أشهر تم عزله بشكل مفاجئ. وأوعزت الصحافة إقالته لرجال الأعمال المتنفذين في الحكم يومها، على أساس خطاب لتبون في البرلمان، قال فيه إنه يعتزم «فصل المال عن السياسة»، بمعنى أنه هدد النفوذ الذي كان لهم في أجهزة الحكم، بدعم لافت من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه.

وعندما ترشح تبون لانتخابات نهاية 2019، قدم نفسه للناخبين على أنه «ضحية محاولاته التصدي لفساد العصابة»، وأن «العصابة سجنت ابنه بسبب مواقفه من أعمالها».

السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل معتقل بتهم فساد (الشرق الأوسط)

يشار إلى أن القضاء دان بتهم «الفساد»، أيضاً، رئيسي الحكومة سابقاً عبد المالك سلال، ونور الدين بدوي، وأكثر من 30 بين وزير ورجل أعمال، وشقيق الرئيس بوتفليقة، ورئيسين لجهاز الأمن الداخلي سابقاً، وضباطاً سامين في الجيش. كما أطلقت المحاكم أوامر دولية بالقبض على وزراء وضباط يقيمون في بلدان غربية، بعد الحكم عليهم غيابياً بالسجن، بناء على وقائع «غسل أموال، ووضع عائداتها في حسابات بنكية في الخارج».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الجزائري التطورات في فلسطين

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الجزائري التطورات في فلسطين

بحث الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الجزائري أحمد عطاف، الثلاثاء، تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)

«مشادات» بين الجزائر ومالي في أجهزة الأمم المتحدة

وقعت ملاسنة بين ممثلي البلدين في جلسة نقاش بمناسبة الذكرى الـ75 لاتفاقيات جنيف حول النزاعات المسلحة، نظمت بجنيف نهاية الشهر المنقضي...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من أحد مداخل مدينة تلمسان (مواقع التواصل)

الجزائر تعلن تفكيك «شبكة تجسس» تضم مواطنين ومغاربة

قطعت الجزائر علاقاتها مع الرباط في أغسطس (آب) 202، منددة بسلسلة «أفعال عدائية» من جانب جارتها التي اعتبرت أن هذا القرار «غير مبرر»، ورفضت الاتهامات الجزائرية...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

تجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

سفير تركيا في القاهرة: زيارة السيسي لأنقرة ستُترجم لاتفاقيات تشمل جميع القطاعات

السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك
السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك
TT

سفير تركيا في القاهرة: زيارة السيسي لأنقرة ستُترجم لاتفاقيات تشمل جميع القطاعات

السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك
السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك

كشف السفير التركي في القاهرة، صالح موطلو شن، عن ملفات التعاون بين القاهرة وأنقرة، سواء في الإطار الثنائي، أو على الصعيد الإقليمي، لا سيما في ليبيا والبحر المتوسط وغزة، مشدداً على «الحوار سبيلاً لإيجاد الحلول».

وأكد السفير التركي في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، بمناسبة أول زيارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، أن بلاده «تؤيّد تماماً» موقف مصر من معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، الرافض بقاء إسرائيل في جانبه الفلسطيني، لافتاً إلى أن زيارة السيسي ستُترجم لاتفاقيات تشمل جميع القطاعات.

زيارة التقارب

وتتوّج زيارة السيسي إلى تركيا مسار تقارب بين البلدين، شمل محطات ومستويات عدة منذ 2021، وأنهى نحو عِقد من التباينات في ملفات كثيرة.

ولن يتوقف الأمر على قمة السيسي وإردوغان؛ إذ يتوقع موطلو شن أن «تتطور العلاقات أكثر بما يعود بالنفع على البلدين في الفترة المقبلة»، مؤكداً أن تلك «التطورات هي ثمرة للحوار المكثف بين سلطات الدولتين في السنوات الماضية، وكان مهندس ومنفذ مسيرة التقارب، توافقاً مع إرادة القيادة السياسية، هو وزير الخارجية هاكان فيدان».

وعن أهمية زيارة السيسي لأنقرة، قال موطلو شن إنها «تشهد عَقد أول اجتماع للمجلس الاستراتيجي الرفيع المستوى على مستوى الرؤساء، وهناك اتفاقيات في مختلف القطاعات تم التوقيع عليها من قِبل رؤساء المؤسسات المعنية والوزراء في هذا الاجتماع».

الرئيس المصري وقرينته يصطحبان الرئيس التركي وقرينته في زيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة فبراير الماضي (الرئاسة المصرية)

وبخصوص الثمار الإقليمية لهذه العلاقات، يرى السفير التركي في القاهرة أن «تركيا ومصر، باعتبارهما دولتين كبيرتين، ستقدمان مساهمات جادة في الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، من خلال التنسيق والحوار الأكثر فاعلية».

أما بشأن التفاهمات في بعض الملفات بالمنطقة، فيرى السفير التركي أنه «من الطبيعي أن يكون هناك حوار وتواصل أوثق بين تركيا ومصر بشأن القضايا الإقليمية، وسواء في ليبيا أو السودان أو اليمن، فإن أهدافنا مشتركة، وهي أن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار هناك». ولهذا الغرض «نعمل على تعزيز اتصالاتنا وحوارنا، ونعتقد أنها ستؤدي إلى نتائج إيجابية» تعود بالنفع على شعوب المنطقة ودولها كافة؛ و«لذلك؛ أنا متأكد من أننا سنقدم مساهمات جادة للأمن والسلام والاستقرار الإقليميين، من خلال التشاور والتنسيق الوثيق بين الدولتين بشأن القضايا الإقليمية، وآمل أن يتم الحصول على النتائج في المناطق الجغرافية، ومناطق الأزمات التي ذكرتها».

حرب غزة

بخصوص حرب غزة، يؤكد السفير التركي، أن «إقرار وقف إطلاق النار، والبدء في إيصال القدر الكافي من المساعدات الإنسانية إلى غزة في أقرب وقت ممكن، يشكل أولوية أساسية في السياسة الخارجية التركية».

مصافحة بين الرئيس السيسي ونظيره التركي بين التوقيع على اتفاقيات ثنائية بين البلدين (أ.ب)

وقال موطلو شن بهذا الخصوص: «لقد قدمت تركيا، بالتعاون مع مصر، مؤخراً قدراً كبيراً من المساعدات الإنسانية، وقد حققنا ذلك بفضل مصر والدعم الذي قدمته لنا القاهرة وتعاونها معنا، لكن لسوء الحظ، توقفت هذه المساعدات منذ إغلاق معبر رفح الحدودي. وبطبيعة الحال، فمشكلة معبر رفح الحدودي هي بسبب الاحتلال الإسرائيلي. ونحن نؤيد تماماً موقف مصر في هذه القضية، أي موقفها الثابت بتسليم المعبر للفلسطينيين، ومن خلال ضمان ذلك في أقرب وقت ممكن، سنواصل تقديم مساعداتنا الإنسانية».

تعاون اقتصادي

في مجال الطاقة، كانت تركيا خلال العامين الماضيين، أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال في مصر، بحسب السفير التركي، الذي قال بهذا الخصوص: «مصر تمتلك منشأة كبيرة جداً لتسييل الغاز الطبيعي، ونحن على استعداد تام لشراء الغاز الطبيعي المسال. ونأمل أن تستمر علاقة الطاقة وتجارة الغاز الطبيعي المسال، ما دام أن هناك قدرة إنتاجية وتصديرية كافية في مصر».

وأكد موطلو شن في هذا السياق أن مفتاح التنمية والازدهار هو التعاون الاقتصادي، لافتاً إلى أن هدف أنقرة هو «زيادة تجارتنا مع القاهرة إلى 15 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة»، متوقعاً رقماً قياسياً في حجم التجارة في 2024، ومؤكداً أن «تركيا هي أكبر سوق للصادرات المصرية، وهدفنا هو الحفاظ على هذا».

ومن أبرز الملفات الاقتصادية محل التعاون الواعد بين البلدين، قطاع السياحة الذي يعدّ «أحد المجالات المهمة بين البلدين»، وفق السفير التركي في القاهرة، الذي أوضح أن «هناك زيادة كبيرة في عدد السياح إلى مصر، خاصة شرم الشيخ التي تحظى بشعبية كبيرة في تركيا، ونحن نشجع المواطنين الأتراك على زيارة مصر، بما في ذلك مدينة العلمين الجديدة».

ويقدر السفير التركي أنه يمكن «خلال 5 إلى 10 سنوات، الوصول إلى 500 ألف سائح قادم إلى مصر»، وأكد بهذا الخصوص أنه: «لا توجد عقبات في هذا».

الرئيس المصري ونظيره التركي خلال اللقاء الصحافي الذي عُقد في أنقرة على هامش زيارة السيسي لتركيا الأربعاء (إ.ب.أ)

وفي مجال الصحة، تستهدف تركيا، بحسب موطلو شن، «إنشاء مستشفى خاص في الفترة المقبلة، هو مستشفى الصداقة التركية -المصرية»، لافتاً إلى أنه «قد تكون لدينا مشاريع مماثلة في مجال التعليم أيضاً. وكلما أصبحت العلاقات بين مصر وتركيا أقرب، سيمكّن ذلك البلدين من أن يصبحا أقوى معاً، ويستخدما مواردهما بشكل أكثر فاعلية، كما أنها تساهم في تحقيق الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة».