على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

وزيرة خارجية السنغال في موسكو وتلتقي لافروف

وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)
وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)
TT

على خطى الجيران... هل تتقرب السنغال من روسيا؟

وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)
وزير الخارجية الروسي رفقة وزيرة خارجية السنغال في موسكو (صحافة سنغالية)

زارت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال، الخميس، العاصمة الروسية موسكو؛ حيث عقدت جلسة عمل مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك أكدا خلاله رغبة البلدين في تعزيز التعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات الأمن والدفاع، والطاقة والتكنولوجيا، والتعليم والزراعة.

وزيرة خارجية السنغال خلال جلسة عمل مع لافروف أمس (صحافة سنغالية)

وتأتي هذه الزيارة في وقت تواصل روسيا التغلغل في منطقة غرب أفريقيا، ومضايقة النفوذ التقليدي لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، التي فقدت خلال السنوات الأخيرة حضورها لصالح الروس في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فهل تسلكُ السنغال الطريق نفسه؟

حسب ما أُعلن بشكل رسمي، فإن المباحثات التي عقدت في موسكو ما بين ياسين فال وسيرغي لافروف، خصصت لما أطلق عليه «مراجعة شاملة للتعاون الثنائي»، بالإضافة إلى مناقشة تعزيز «الشراكة» في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم والزراعة، وذلك في إطار ما أطلق عليه البلدان «بناء علاقات استراتيجية».

التعاون الأمني

هذه العلاقات الاستراتيجية لا يمكنُ أن تقوم دون أن تأخذ في الحسبان الوضع الأمني المضطرب في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وهو ما تطرّق له الوزيران بالفعل، حين ناقشا «التعاون لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية في منطقة الساحل».

وفي هذا السياق قال وزير الخارجية الروسي إن بلاده «مستعدة لدعم الدول الأفريقية في تعزيز قدراتها الدفاعية ومكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن روسيا «تسعى لأن تكون شريكاً موثوقاً في جهود الاستقرار الإقليمي»، وفق تعبيره.

من جانبها قالت وزيرة الخارجية السنغالية إن بلادها تدعم اعتماد الحلول السلمية لتجاوز الصراعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي، وقالت إنها ناقشت مع نظيرها الروسي «تقليص الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل، وضرورة القضاء عليها بشكل عاجل»، وأضافت: «هناك العديد من النزاعات التي تؤثر على العالم، والسنغال تشجع على البحث عن حلول سلمية تفاوضية للأزمات المختلفة، سواء كانت الأزمة الروسية - الأوكرانية، أو تلك التي تقع في قلب قارتنا، كما هو الحال في السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية».

وأكدت الوزيرة السنغالية أن «العلاقات بين العالمين الأفريقي والروسي لها جذور عميقة تعود إلى فترة الاستعمار ونضالنا ضد نظام الفصل العنصري».

الحياد السنغالي

ورغم أن الحكومة السنغالية أبدت رغبتها الصريحة في الاستفادة من روسيا، خصوصاً في مجالات الاستكشاف المعدني والطاقة والزراعة، بالإضافة إلى البحث العلمي وتدريب العاملين في قطاع الهيدروكربونات والصيد، فإنها في الوقت ذاته شددت على موقفها المحايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت ياسين فال إن موقف السنغال «يلتزم الحياد» بين الطرفين الروسي والأوكراني، وذلك تماشياً مع «أهمية الحوار بوصفه وسيلة لتسوية النزاعات»، وشددت في السياق ذاته على أن «موقف السنغال يتماشى مع سياسة الاتحاد الأفريقي الذي يدعو إلى الحلول السلمية عبر المفاوضات»، على حد تعبيرها.

وعلق لافروف على تصريح الوزيرة السنغالية بالقول إن موسكو «تشيد بموقف السنغال المتوازن والموضوعي تجاه الصراع»، واصفاً هذا الموقف بأنه «يعكس شراكة مبنية على الاحترام المتبادل».

التقرب الروسي

لم تكن زيارة وزيرة الخارجية السنغالية إلى موسكو هي أول خطوة للتقارب بين البلدين، بل إن روسيا كثيراً ما أظهرت اهتماماً متزايداً بتعزيز علاقاتها مع السنغال، وهو ما تمثل في زيارة نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إلى داكار الشهر الماضي، وهي الزيارة التي افتتح خلالها غرفة التجارة والاستثمار أفريقيا - روسيا في داكار، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وقطعت موسكو هذه الخطوة في اتجاه السنغال، حين أعلن الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، فور تنصيبه شهر أبريل (نيسان) الماضي، رغبته في تنويع شركاء بلاده الدوليين، بشرط الحفاظ على سيادة البلاد.

ويشير الخبراء إلى أن نجاح موسكو في التقارب مع داكار سيشكل خطوة كبيرة نحو تحقيق أهدافها في غرب القارة الأفريقية؛ حيث تعد السنغال واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي والغربي التقليدية والعريقة، كما أنها دولة تتمتع بمستوى معقول من الاستقرار السياسي والتقدم الديمقراطي، وتعد شريكاً ذا مزايا تنافسية مهمة لروسيا.

كما أن السنغال خلال السنوات الأخيرة حققت اكتشافات مهمة في مجال الطاقة، وخصوصاً النفط والغاز الطبيعي، ويتوقع لها أن تكون لاعباً مهماً في سوق الطاقة خلال الفترة المقبلة؛ إذ تمتلك حقلاً هائلاً للغاز الطبيعي على الحدود مع موريتانيا، ويشترك البلدان في تسييره، مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية. وهذا يضيف بعداً مهماً للتقارب بين موسكو وداكار؛ حيث يعد مجال الطاقة أحد ساحات الصراع المهمة بين روسيا والغرب.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
TT

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)

أدت النزاعات وأعمال العنف والكوارث الطبيعية في أفريقيا إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة منازلهم، ووصل عدد النازحين داخلياً إلى 35 مليوناً بنهاية العام الماضي، وفق «مركز رصد النزوح الداخلي».

وقالت مديرة المركز، ألكسندرا بيلاك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن النازحين داخلياً الأفارقة يمثلون وحدهم نحو نصف عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في كل أنحاء العالم للعثور على ملاذ في مكان آخر ببلادهم.

وأضافت: «لقد شهدنا ارتفاع عدد النازحين داخلياً في القارة الأفريقية 3 مرات خلال الـ15 عاماً الماضية»، مضيفة أن «معظم حالات النزوح الداخلي هذه ناجمة عن النزاعات وأعمال العنف والكوارث الطبيعية».

ويظهر تقرير صادر عن «مركز رصد النزوح الداخلي» أن «المستويات المتصاعدة من الصراعات والعنف مسؤولة عن النزوح الداخلي لنحو 32.5 مليون شخص في أفريقيا. وقد نزح 80 في المائة منهم في 5 بلدان هي: جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا ونيجيريا والصومال والسودان».

وأشار المركز إلى أن «اتفاقية الاتحاد الأفريقي لحماية ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (اتفاق كمبالا)» أداة مهمة لمعالجة المشكلة.

ووضع هذا الاتفاق، الذي اعتُمد في عام 2009 ودخل حيز التنفيذ خلال ديسمبر (كانون الأول) 2012، معياراً دولياً بوصفه الاتفاق الإقليمي الأول والوحيد الملزم قانوناً بشأن النزوح الداخلي.

ومذاك، صادقت 24 دولة أفريقية على الاتفاق، ووضع كثير منها أطراً قانونية وقدمت استثمارات كبيرة لمعالجة المشكلة. لكن الحكومات تجد صعوبة في التعامل معها.

وعدّت بيلاك أن «مفتاح المشكلة» يكمن في «فعل المزيد بشأن بناء السلام والدبلوماسية وتحويل الصراعات».