أمطار «غير مسبوقة» تداهم شمال السودان

آلاف الأسر في العراء... ودمار كبير للمنازل والمرافق العامة

سودانيون يمشون الثلاثاء بمحافظة مروي الشمالية وسط مياه الأمطار المتراكمة (أ.ف.ب)
سودانيون يمشون الثلاثاء بمحافظة مروي الشمالية وسط مياه الأمطار المتراكمة (أ.ف.ب)
TT

أمطار «غير مسبوقة» تداهم شمال السودان

سودانيون يمشون الثلاثاء بمحافظة مروي الشمالية وسط مياه الأمطار المتراكمة (أ.ف.ب)
سودانيون يمشون الثلاثاء بمحافظة مروي الشمالية وسط مياه الأمطار المتراكمة (أ.ف.ب)

اجتاحت سيول مدمّرة، الثلاثاء، عشرات المدن والبلدات في شمال السودان، بعد هطول أمطار «غير مسبوقة» هي الأعلى التي تسجَّل في الولاية الشمالية، ولا يُعرف بعدُ حجم الدمار الذي لحق بتلك المناطق وطال أعداداً كبيرة من المنازل، والمَرافق التعليمية والصحية، وأتلف مساحات كبيرة من المزارع.

وتأتي فيضانات الشمال بعد أمطار غزيرة شرق البلاد، تسبّبت في انهيار سد أربعات في ولاية البحر الأحمر شمال غرب السودان، وأسفرت، حسب تقديرات متحفّظة للأمم المتحدة، عن مقتل 30 شخصاً على الأقل.

وفي وقت يعاني السودان من حرب مستمرة لأكثر من 16 شهراً، أدى هطول الأمطار الغزيرة إلى سيول وفيضانات تمدّدت من شرق البلاد إلى شمالها، وخلّفت عشرات القتلى ومئات العالقين والمفقودين وسط بحيرات من المياه.

منازل متضرّرة بمدينة تنجاسي في محافظة مروي السودانية شمال الخرطوم (أ.ف.ب)

وقال مواطنون بمناطق متفرقة من الولاية الشمالية لـ«الشرق الأوسط» إن أمطاراً غزيرة جداً هطلت ليل الاثنين في كامل الولاية، واستمرت إلى صباح الثلاثاء.

ووفقاً للإفادات فقد تسبّبت الأمطار في سيول بالأودية، وتدفقت المياه الجارفة بغزارة لتغمر عشرات المدن الكبيرة والقرى، وتسببت في دمار كبير للمنازل، ودفعت بالآف السكان من النساء والأطفال وكبار السن إلى العراء.

ووصف الشهود الوضع بأنه «كارثة حقيقية»؛ لما خلّفه من خسائر وأضرار كبيرة تتعذّر معها عمليات الحصر في الوقت الحالي، في ظل صعوبة الوصول إلى الكثير من المناطق المتضررة.

وداهمت السيول الجارفة كبريات مدن الولاية الشمالية، وهي دنقلا ومروى وكريمة ونوري وجزيرة صاي، والكثير من البلدات الريفية البعيدة عن المناطق الحضرية المحاصَرة بالمياه من كل الاتجاهات.

وتحدثت مصادر عن صعوبة حصر الضحايا، حتى مساء الثلاثاء، لكن حسب معلومات موثقة من مناطق متفرقة، فإن ما لا يقل عن 7 أشخاص بينهم 3 أطفال ماتوا، بينما يُتوقّع ارتفاع الأعداد بسبب تضرر الكثير من المستشفيات والمرافق الطبية.

وأطلق الأهالي في عدد من تلك المناطق التي تضررت بشدة، نداءات استغاثة عاجلة لتوفير المواد الإغاثية من الخيام والمشمعات والمواد الغذائية ومياه الشرب لمئات الأسر في العراء.

وجرفت السيول الطرقات الرئيسية التي تربط بين مدن الولاية، ما أعاق جهود العون الذاتي في الوصول إلى الكثير من المناطق.

ورأى عدد من خبراء الأرصاد الجوية أن سقوط أمطار بمعدلات كبيرة تؤدي إلى تدفق السيول في مناطق واسعة من شمال البلاد من الأحداث النادرة، يشير إلى توقعات سابقة بحدوث تغيّر مناخي كبير في كل أنحاء البلاد في السنوات المقبلة.

وتوقع الخبراء في ظل وجود الفاصل المداري شمالاً، استمرار تساقط الأمطار بغزارة، وسيلان مياه الأودية والخيران، ما قد يُغرق مساحات كبيرة من مدن وبلدات الولاية الشمالية.

موجة الأمطار تسبّبت في تدمير كبير بالبنية التحتية في الولاية الشمالية بالسودان (أ.ف.ب)

بدوره توقعت وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، الثلاثاء، هطول أمطار غزيرة مصحوبة برياح قوية وزوابع رعدية في 13 ولاية بالبلاد.

ودعت المواطنين في تلك المناطق إلى اتحاذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن مجاري الأودية والخيران، وتجنّب المنازل الأيلة للسقوط.

وأفادت غرفة طوارئ الخريف التابعة لوزارة الصحة الاتحادية، الاثنين، بأن 132 شخصاً على الأقل توفوا في الفيضانات والسيول التي اجتاحت عدة ولايات في البلاد.

وكشفت الغرفة في التقرير التراكمي عن تأثر 10 ولايات بالفيضانات، بينما ارتفع عدد الأسر المتضررة إلى 31 ألفاً، فضلاً عن دمار كلي وجزئي لأكثر من 25 ألف منزل في المحليات المتضررة.

دمار واسع طال مدينة تنجاسي في محافظة مروي السودانية شمال الخرطوم (أ.ف.ب)

وأدى انهيار سد أربعات الذي يبعد حوالي 40 كيلومتراً عن مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة (شرق البلاد)، الأحد الماضي، والسيول التي غمرت مدينة طوكر، إلى مصرع 30 شخصاً، على الأقل، ولا يزال العشرات من المواطنين في عداد المفقودين.

وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان (أوتشا) في نشرة حديثة ليل الاثنين – الثلاثاء، إن «ما يقرب من 50 ألف شخص يعيشون في الجانب الغربي للسد تأثروا بشدة، ولا نزال نعمل على تقييم الضرر».

وأضاف أن «الأضرار التي لحقت شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية أدت إلى صعوبة جمع معلومات أكثر دقة عن الوضع».


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».