ملحة عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: أقسو على المرأة لتنفض غبار الاستكانة

«سيدة المسرح السعودي» عدَّت تكريمها في «القاهرة التجريبي» تقديراً لمنجزها الثقافي

د ملحة عبد الله  (حسابها على فيسبوك)
د ملحة عبد الله (حسابها على فيسبوك)
TT

ملحة عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: أقسو على المرأة لتنفض غبار الاستكانة

د ملحة عبد الله  (حسابها على فيسبوك)
د ملحة عبد الله (حسابها على فيسبوك)

لم يتم إطلاق لقب «سيدة المسرح السعودي» على د. ملحة عبد الله من فراغ، فهي أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه في المسرح، كما أن عدد مؤلفاتها تجاوز عتبة الـ60 مسرحية من مختلف الاتجاهات والمدارس الفنية، فضلاً عن إصداراتها العديدة في الدراسات النقدية والفكرية.

تعود علاقتها بالمسرح إلى حقبة الستينات حين كانت طفلة يصطحبها والدها الذي كان يعمل بوزارة المعارف، التربية والتعليم حالياً، إلى العروض المسرحية التي يؤديها الطلبة في مدارس مدينة أبها، قبل أن تسافر إلى مصر وتلتحق في الثمانينات بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تتلمذت على يد الجيل الذهبي لأساتذة الأدب والدراما، مثل لويس عوض وسعد أردش وسناء شافع ورشاد رشدي وفوزي فهمي.

غلاف الأعمال المسرحية الكاملة (حسابها على فيسبوك)

ولم يكن غريباً أن تكون الاسم النسائي الوحيد بين كوكبة من صناع المسرح العربي والأجانب المكرَّمين ضمن فعاليات الدورة الجديدة من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والتي تستمر في الفترة من 1 إلى 11 سبتمبر (أيلول) المقبل.

من أبرز أعمالها «الطاحونة»، «صهيل»، «الجسر»، «السور»، «ضبط وإحضار»، «البعد الخامس في التلقي والمسرح»، «مسرح المرأة بين الأساس القبلي والتحديث»، «الجزيرة العربية: الهوية - المكان – الإنسان»، «اللذة والكدر: مقالات في المسرح والدراما».

وعن تكريمها الأخير، تقول ملحة عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إنه «شيء رائع له وهج شديد ومذاق خاص بالنسبة لي؛ لأنه اعتراف محلي وعربي وعالمي بقيمة منجزي».

وعما إذا كانت تنحاز في عالمها المسرحي إلى التجريب أكثر أم إلى المسرح التقليدي بمفاهيمه المعتادة، أوضحت أنها «تكتب إبداعاً إنسانياً عابراً للمدارس والتصنيفات الضيقة وإن كان هذا لا يمنع أنها كتبت 61 نصاً مسرحياً تتضمن أبرز الأشكال والقوالب الفنية المتعارف عليها من أجل أن يجد فيها القارئ والمشاهد متعته أياً كان اتجاهه».

وأشارت إلى أن «النص الذي تكتبه هو من يختار شكله الفني النهائي ويظل التجريب ضالتها المنشودة، لا سيما أن لها العديد من الأعمال التي تنتمي إلى مدرسة الواقعية السحرية».

وعن بداياتها الحقيقية مع المسرح، لفتت إلى أنها «بدأت الكتابة كاحتراف بعد تخرجها في المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بالقاهرة عام 1992، وذلك بنصين هما (أم الفاس) و(المسخ)، مشيرة إلى أن «(أم الفاس) فازت بجائزة (أبها الثقافية) في السعودية برئاسة الأمير خالد الفيصل، وفي الوقت نفسه كانت مسرحية (المسخ) تُعرض في القاهرة، وحققت نجاحاً منقطع النظير».

وحول التحدي الذي واجهته بوصفها أول سعودية تقتحم ساحة المسرح في حقبة زمنية سابقة حين كان فناً يحتكره الرجال، أكدت أن «المسرح فن جماعي، وكانت المشكلة أنه خلا من الإسهام النسائي قبل عقود، وهو ما كان حافزاً لها كي تخوض التحدي، وتعبِّر عن قضايا وطنها والإنسانية من خلال نصوصها المسرحية التي توالت تباعاً وهي مقيمة في القاهرة».

بوستر تكريم د. ملحة عبد الله (حسابها على فيسبوك)

وأضافت: «كنت أقود قاطرة المسرح السعودي من مصر بكل رؤاه وقضاياه، حتى أنني بكيت حين شاهدت قوة الإسهام النسائي على المسرح في افتتاح المسرح الوطني بالرياض، وكتبت الصحافة: (لاتزال دموع الدكتورة ملحة في قاعة المسرح)، وذلك بفضل الله وبجهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ثم تُوجت مسيرتي بتكليفه لي بوصفي أول عضو بمجلس إدارة المسرح والفنون الأدائية في المملكة».

وحول قصتها مع لقب «سيدة المسرح السعودي»، أشارت إلى أن الأمر بدأ أواخر التسعينات حين كتب الكاتب والناقد المسرحي السعودي عبد العزيز عسيري مقالاً شهيراً في صحيفة «البلاد» حمل عنوان (عفوا أبا ماجد... إنها سيدة المسرح السعودي) رداً على مقال يلوم فيه صاحبه الحركة المسرحية على عدم إبراز دوري بشكل فعّال، موضحة أنه جرى تكريمها في القاهرة لاحقاً في حفل كبير أطلق فيها الناقد والأكاديمي الراحل د. سمير سرحان، الرئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، عليها لقب (عميدة المسرح السعودي)».

وحول أبرز الهموم التي تشكل قاسماً مشتركاً في أعمالها، أوضحت أن «الهوية العربية بشكل عام تشغل مساحة مهمة من القضايا التي تطرحها في أعمالها، كذلك قضية المرأة لكن من منظور خاص وغير تقليدي؛ فهي لا تنحاز لحواء انحيازاً أعمى، ولكن من منطلق الحرص على سلامة الأسرة والمجتمع».

«سيدة المسرح السعودي» لها مؤلفات مسرحية عديدة (حسابها على فيسبوك)

وأضافت: «أقسو على المرأة في نصوصي، حتى تنفض عنها غبار الاستكانة، لأني ما زلت أراها ضعيفة مستكينة تفرط في حقوقها لا سيما حقوقها المالية والاقتصادية، كما تدين أعمالي بعض الأعراف والعادات الاجتماعية التي لا علاقة لها بقوانين الدولة والتي تجعل الرجل يسعى للسيطرة على مقدرات المرأة، فعلى سبيل المثال إن لم تعطه راتبها فلا يسمح لها بالعمل، ويعد ذلك جزءاً لا يتجزأ من حقوقه، وحتى ميراثها قد يسعى للاستيلاء عليه على الرغم من أن الدين الإسلامي جعل للمرأة ذمة مالية منفصلة».


مقالات ذات صلة

مسرحية «حادث أمني صعب»... نقدٌ ذاتي ساخر وضحك متواصل

يوميات الشرق الثلاثي المسرحي في صالة «بيروت هال» (إنستغرام)

مسرحية «حادث أمني صعب»... نقدٌ ذاتي ساخر وضحك متواصل

يحكي قاووق عن المصائب التي عاشها اللبنانيون، من الدمار الهائل والانفجارات، إضافة إلى أحداث أخرى بدأتها المقاومة بحرب مساندة لتنتهي بسقوط نظام الأسد في سوريا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لقطة من مسرحية «نوستالجيا 80 - 90» (البيت الفني للمسرح)

عروض مسرحية قديمة في «بداية السنة الجديدة» بمصر

مع بداية العام الجديد، تشهد المسارح المصرية 6 عروض قديمة (عرضت في مواسم سابقة)، بعضها على مسارح الدولة (القطاع العام)، وهي «نوستالجيا 80/90»، و«الأرتيست».

داليا ماهر (القاهرة )
الوتر السادس أبناء منصور الرحباني يطلقون فعاليات مئوية والدهم (الشرق الأوسط)

أبناء منصور الرحباني يُطلقون مئويته ووزارة التربية تتعاون لترسيخ إرثه في المدارس

بحضور حشدٍ من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية، أطلق أبناء منصور الرحباني برنامج مئويته من بيروت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الفنان كريم عبد العزيز يقدم شخصية أبو المعاطي الباشا (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

تمديد عرض مسرحية «الباشا» بعد نجاحها في موسم الرياض

حظي العرض المسرحي «الباشا»، من بطولة الفنان المصري كريم عبد العزيز، بتفاعل «لافت»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر «الترند» على منصة «إكس»، الجمعة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تميزت الفرقة بعروضها المبهرة (دار الأوبرا المصرية)

الأوبرا المصرية تعرض «نيران الأناضول»

تستقبل دار الأوبرا المصرية العرض التركي «نيران الأناضول» الذي يستلهم ملامح التراث التركي في تابلوهات راقصة لأحد أشهر فرق الرقص الفلكلوري في تركيا.

محمد الكفراوي (القاهرة)

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
TT

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)

يعد الكثيرون أن التعاطف هو «حجر الزاوية» في العلاج الفعال للصحة العقلية. ويتفق عدد من الخبراء على أن التعاطف يخلق مشاعر الثقة، ويقلل من المشاعر السلبية، ويعزز احترام الذات، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

لكن، هل يمكن للأجهزة الرقمية أن تُظهر التعاطف؟

تتمتع تطبيقات الصحة العقلية الرقمية بلحظة اختراق حقيقية. ويُظهر الذكاء الاصطناعي أملاً كبيراً في محاكاة المحادثة البشرية. لكن هل يمكن للتعاطف الرقمي أن يتنافس مع التعاطف الإنساني؟

كجزء من مشروع مستمر، أُجري اختبار لقياس تأثير الاستجابات التي يولدها الكمبيوتر عن طريق تطبيق مُصمم حديثاً على الأفراد الذين يبحثون عن الراحة من الأفكار والمشاعر السلبية.

ووفق «سيكولوجي توداي»، فقد سعى الاختبار إلى القياس بـ«طريقة هادفة» حول ما إذا كان الناس يستفيدون بما يسمى «التعاطف الرقمي».

التعاطف الرقمي يفوق التوقعات

وباستطلاع آراء 290 من مختبري الإصدار التجريبي، الذين استخدموا التطبيق في شتاء 2023-2024، الذين طُلب منهم تقييم مستوى الدفء والتفهم الذي شعروا به مع الأصدقاء والأحباء على مقياس من 0 (ليس على الإطلاق) إلى 100 (ممتاز)، وبعد ذلك، طُلب منهم التنبؤ بمدى الدفء والتفهم الذي سيتلقونه من التطبيق، لم يُبلغ معظم مختبري الإصدار التجريبي عن الكثير من الدفء من الأصدقاء كما من التطبيق. ولعل هذا يعكس الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن التكنولوجيا هي بطبيعتها «غير شخصية» و«أقل من» الإنسان.

لكن عندما استخدم المشاركون التطبيق بعد تطويره للرد، كما لو كان في محادثة حقيقية «وجهاً لوجه»، عبّر التطبيق عن التفهم، وقدّم الدفء، واقترح العديد من الطرق الجديدة لتحدي الأفكار التي أثارت مشاعر المستخدمين السلبية.

وبمجرد أن بدأ المستخدمون في التفاعل مع التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي، تغيرت تصوراتهم عن «التعاطف الرقمي» بشكل كبير. وفي نهاية الاختبار التجريبي الذي دام أربعة أسابيع، قيّموا مقدار الدفء الرقمي بما يقرب من ضعفي المستوى البشري و«أعلى بكثير مما توقعوه».

قيّم المشاركون التعاطف الرقمي بمستوى أعلى من الدفء والتفاهم

وتشير هذه النتائج بقوة إلى أن التطبيق قد يكون في الواقع أفضل من البشر في التعاطف. وأشار الاختبار أيضاً إلى أنه قد لا يكون هناك حقاً أي شيء فريد أو خاص بشأن التعاطف الإنساني.

لقد تحسن مستخدمو التطبيق بشكل كبير وسريع، وأبلغوا عن انخفاض بنسبة 50-60 في المائة في جميع المشاعر السلبية بعد ثلاثة أيام من استخدام التطبيق، واستمر هذا التحسن طوال مدة الاختبار التجريبي وفي فترة المتابعة لمدة خمسة أسابيع.

أبلغ المستخدمون عن تحسن كبير في المشاعر السلبية بعد استخدام التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي

وأكد الاختبار أن الأجهزة الرقمية «يمكنها القيام بعمل رائع في التعاطف». بالإضافة إلى ذلك، أكد أن «التغيرات السريعة والدراماتيكية في مجموعة واسعة من المشاعر السلبية» أمر ممكن لدى معظم المستخدمين.

ومع التقدم في الذكاء الاصطناعي وتقنيات العلاج الجديدة، يمكن الآن التطلع إلى تطبيقات قابلة للتطوير وأكثر قوة في المستقبل القريب.