قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

للمرة الأولى تستعمل الطائرات المسيّرة في الصراع الداخلي

طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)
طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)
TT

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)
طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

أكّد خبير الشؤون الأمنية والعسكرية الجزائري، أكرم خريّف، أن مستشفى تين زاواتين؛ المدينة الصحراوية الجزائرية الحدودية مع مالي، استقبل الأحد، عدداً من الجرحى، من ضحايا قصف بالمسيَّرات نفّذه الجيش المالي، مستهدِفاً معاقل المعارضة المسلّحة، وأدى إلى مقتل 21 شخصاً.

ونشر خريّف على حسابه بالإعلام الاجتماعي، صورة تظهر فيها عناصر من الجيش الجزائري مع الطوارق بصدد نقل مصابين بسيارة رباعية الدفع وسط الصحراء، ولم تؤكد الحكومة الجزائرية أو تنفي خبر الهجوم على مواقع الطوارق في تين زاواتين، فيما يبدو أنها عملية غير مسبوقة، وتدل على تصاعد التوتر بين الأطراف المتصارعة، منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو، العقيد عاصيمي غويتا، إلغاء «اتفاق السلام» مطلع العام، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

آثار قصف معاقل الطوارق عند الحدود الجزائرية (خبير عسكري)

ونشر الخبير الأمني نفسه صورة أخرى لقصف جوي بمنطقة حدودية، يظهر فيها عضو من «حرس الحدود» الجزائري، وكتب أن الصورة «تعكس فشلاً كاملاً في تسيير الأزمات بالحدود»، متهماً وسائل الإعلام بـ«اختلاق أزمات مع ليبيا، بينما تغضّ الطرف عن القنابل التي تسقط على بُعد أمتار من مدننا... إنه لأمر مخجل»، مشيراً، ضمناً إلى أخبار راجت في الأيام الأخيرة، عن «حشود عسكرية تابعة للقائد العسكري الليبي خليفة حفتر بالقرب من الحدود الجزائرية»، وأبرز خريّف أن قصف تين زاواتين «طال مدنيّين، من بينهم أطفال».

من جهته، قال متحدث باسم تحالف يضم جماعات مؤيدة للانفصال يقودها الطوارق في مالي: «إن غارات جوية بطائرات مسيّرة قتلت يوم الأحد 21 مدنياً، بينهم 11 طفلاً، في قرية شمال البلاد بالقرب من الحدود مع الجزائر»، وللمرة الأولى يُعرف أن القوات المالية تملك مسيّرات، بينما يقول مختصّون إنها روسية الصنع.

مسلّحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

وفي حال تأكيد هذه الأنباء سيكون الهجوم على قرية تين زاواتين هو الأعنف والأشد فتكاً بالمدنيين بواسطة طائرات مسيّرة، منذ انهيار اتفاق السلام بين المجلس العسكري الحاكم والجماعات المسلّحة المؤيدة لاستقلال شمال مالي.

وأعلن عن الهجوم تحالف «الإطار الاستراتيجي للدفاع عن شعب أزواد»، وهو من الجماعات التي يقودها الطوارق، وتقاتل من أجل استقلال شمال مالي منذ عام 1992. وقال التحالف في بيان إن الغارات استهدفت صيدلية، وتبع ذلك غارات أخرى استهدفت مواطنين تجمّعوا لمشاهدة الأضرار الأولية.

وجاء في البيان، الذي صدر بتوقيع المتحدث باسم التحالف محمد المولود رمضان، أن «الحصيلة المؤقتة لقتلى وجرحى هذه الضربات الإجرامية بلغت 21 قتيلاً مدنياً، بينهم 11 طفلاً ومدير الصيدلية، بالإضافة لعشرات الجرحى، وأضرار مادية هائلة».

وأكّد الجيش المالي في بيان بثّه التلفزيون الرسمي، وقوع هذه الضربات، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، وأضاف أن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة «شنّت غارات جوية في قرية تين زاواتين، صباح يوم 25 أغسطس (آب) 2024، واستهدفت هذه الضربات الدقيقة إرهابيين»، في إشارة إلى انفصاليّين طوارق.

ويأتي الهجوم بعد أسابيع من خسائر تكبّدها الجيش المالي ومجموعات «فاغنر» الخاصة الروسية التي تدعمه، في هجوم للانفصاليين الطوارق، ومقاتلين من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وفق ما ذكرته وسائل إعلام.

حركة مسلّحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

ولاحت بوادر التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما أحكم الجيش المالي سيطرته على مدينة كيدال، وهي أهم معاقل المعارضة قرب الحدود مع الجزائر، إثر هجوم سريع نفّذه بإسناد قوي من ميليشيا «فاغنر»، وساعتها تأكّد الجزائريون أن حلفاً قوياً قام بين باماكو والمجموعة التي تتبع موسكو، وأن نفوذهم بالمنطقة بات مهدّداً.

وكانت الجزائر عبّرت عن «أسفها» لقرار السلطة العسكرية الانتقالية في مالي، بقيادة غويتا، إلغاء «اتفاق السلام» الداخلي، وشمل القرار وقف الوساطة الجزائرية في النزاع، التي دامت منذ 2015، وهو تاريخ التوقيع على الاتفاق بالجزائر. وقالت الخارجية الجزائرية، يومها، إن قرار الحكومة المالية «ستكون له آثار سلبية على الأرض»، مشيرةً إلى أنه «يصبّ في مصلحة الجماعات الإسلامية المنتشرة بالبلاد»، التي غالباً ما تصعّد هجماتها عندما يشتد النزاع بين المعارضة المتخندقة في الشمال الحدودي مع الجزائر والجيش النظامي.


مقالات ذات صلة

الجزائر: إلحاق أصول جرائم فساد بأملاك الدولة

شمال افريقيا الرئيس المترشح لولاية ثانية تعهّد باستعادة الأموال المهربة للخارج (حملة المترشح)

الجزائر: إلحاق أصول جرائم فساد بأملاك الدولة

عبد المجيد تبون: رجال الأعمال الذين صادرت الدولة ممتلكاتهم أخذوا قروضاً كبيرة من المصارف الحكومية ولم يسددوها.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بتحسين أداء الاقتصاد وخلق شغل للشباب (أ.ب)

الجزائريون يواجهون مرشحي الرئاسة بمطلب «تحسين القدرة الشرائية وتوفير الشغل»

جه المرشحون الثلاثة لانتخابات الرئاسة الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، أسئلة كثيرة خلال احتكاكهم بشكل شخصي، أو عن طريق ممثليهم، بالناخبين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير الشؤون الدينية يقدم توجيهات لأئمة بالعاصمة (الوزارة)

الحكومة الجزائرية تسخّر المساجد لإنجاح «مشاركة قوية» في الانتخابات

طلبت الحكومة الجزائرية من أئمة المساجد الانخراط في جهد تبذله لتحقيق نسب تصويت عالية في انتخابات الرئاسة، المقررة في السابع من سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي صورة خارجية لمحطة الجية الحرارية لتوليد الطاقة في لبنان 17 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

الجزائر ترسل أول شحنة فيول إلى لبنان لتشغيل معامل الكهرباء

أبحرت الناقلة الجزائرية «عين أكر»، الخميس، إلى لبنان محملة بشحنة أولى تبلغ 30 ألف طن من مادة الفيول بهدف إعادة تشغيل محطات الطاقة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري خلال خطابه حول الجيش وغزة بقسنطينة (حملة المترشح)

موالون للرئيس تبون يستنكرون «محاولة تشويه صورة الجزائر»

جرى تجاهل الجزء الثاني من التصريح الذي يؤكد فيه أن جيش بلاده «سيبني (في حال تمكن من الدخول إلى غزة) 3 مستشفيات خلال 20 يوماً، وسنرسل مئات الأطباء».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تطالب إسرائيل بوقف «التصريحات الاستفزازية»

مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)
مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)
TT

مصر تطالب إسرائيل بوقف «التصريحات الاستفزازية»

مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)
مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)

صعَّدت مصر من لهجتها ضد إسرائيل، مطالبة إياها بـ«وقف التصريحات الاستفزازية التي تهدف إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة»، وذلك في بيان أدانت فيه القاهرة، تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بشأن التخطيط لإقامة كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى.

وحمَّلت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية والهجرة، الاثنين، إسرائيل «المسؤولية القانونية عن الالتزام بالوضع القائم في المسجد الأقصى، وعدم المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية»، مطالبة بـ«امتثالها لالتزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال، ووقف التصريحات الاستفزازية التي تهدف إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة».

وأكدت مصر أن تلك التصريحات، التي وصفتها بـ«غير المسؤولة في حق المقدسات الإسلامية والمسيحية بالأراضي الفلسطينية»، تزيد الوضع في الأراضي الفلسطينية «تعقيداً واحتقاناً، وتعيق الجهود المبذولة للتوصل إلى التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة».

كما أنها - وفق البيان - تشكّل «خطراً كبيراً على مستقبل التسوية النهائية للقضية الفلسطينية القائم على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

سيارات تابعة للأمم المتحدة على محور فيلادلفيا المعروف أيضاً باسم محور صلاح الدين على الحدود بين غزة ومصر (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتأتي الإدانة المصرية، بموازاة رفض مصر طلباً إسرائيلياً بالتواجد العسكري في محور فيلادلفيا على حدود قطاع غزة مع مصر.

وشدد مصدر مصري رفيع المستوى، لقناة «القاهرة الإخبارية»، الاثنين، على «تأكيد مصر لجميع الأطراف المعنية بعدم قبولها أي وجود إسرائيلي بمعبر رفح أو محور فيلادلفيا»، اللذين احتلتهما إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، مؤكداً أن «مصر تدير الوساطة بين طرفي الصراع في غزة، («حماس» وإسرائيل) بما يتوافق مع أمنها القومي ويحفظ حقوق الشعب الفلسطيني».

بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى يوم 13 أغسطس (أ.ب)

وقبل أسبوعين أدانت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، اقتحام وزيرين إسرائيليين وأعضاء في «الكنيست» الإسرائيلي، ومئات المستوطنين والمتطرفين، باحات المسجد الأقصى الشريف، ورفع العَلم الإسرائيلي داخله، تزامناً مع منع المصلين الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى.

وعدَّت مصر تلك التصرفات التي وصفتها بـ«غير المسؤولة والمستفزة»، تمثل «خرقاً للقانون الدولي والوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس الشريف»، وأن «استمرار تكرارها ووتيرتها يعكس سياسة ممنهجة يتم تنفيذها على الأرض؛ ما يستدعي العمل على وقف مظاهرها بصورة فورية، والالتزام بالحفاظ على الوضع القانوني القائم».