«الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

رئيس وفده إلى محادثات جنيف تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن خياراتهم إذا فشل التفاوض

العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)
العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)
TT

«الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)
العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)

ما انفض سامر مفاوضات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان، بدون إحراز تقدم حول «وقف العدائيات»، حتى عادت الهواجس من كل حدب وصوب على السودانيين خوفاً من الأسوأ؛ حيث كانوا يأملون نهاية للحرب، التي دمرت بلادهم وشردتهم في بقاع الأرض، وبات شبح المجاعة يهدد أكثر من نصف السكان.

رئيس وفد «قوات الدعم السريع» إلى مفاوضات جنيف بسويسرا العميد عمر حمدان، لم يُخفِ المخاوف من الخطوة، مشيراً في حوار مع «الشرق الأوسط»، إلى أن قواته كانت تأمل في إنجاز اتفاق وقف العدائيات بآلية مراقبة فعالة، لكن غياب وفد الجيش فوّت هذه الفرصة... مطالباً المجتمع الدولي بالضغط عليهم لإرسال وفد إلى التفاوض، محذراً من أنه في حال فشل التفاوض فإن الخيار العسكري سيكون مطروحاً على الأرض. غير أنه أكد تمسُّكه بمبدأ السودان الواحد، قائلاً إن قواته لن تسمح بالتقسيم ولن تكرر سيناريو جنوب السودان، الذي انفصل بعد حرب دامت 38 عاماً على فترتين مكوناً دولة مستقلة، وفقد السوان إثرها ثلث مساحته وخُمس سكانه و70 في المائة من ثرواته البترولية والطبيعية. ولم يستبعد أيضاً تشكيل حكومة موازية، إذا تعقدت الأمور، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر متروك لتقدير القيادة.

وقال حمدان، الذي قاد أيضاً رئاسة وفد «الدعم السريع» لمفاوضات «جدة1» و«جدة»: «إن الجيش السوداني مختطف وقراره عند أمير الحركة الإسلامية»، التي قال إنها اختارت خط الحرب إلى النهاية». وحول الاتهامات بالانتهاكات التي يرتكبها عناصر من الدعم السريع، قال إنها «تصرفات وتفلتات فردية»... وإن قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) سيُصدر توجيهات «استثنائية وصارمة» لوقف مثل هذه الانتهاكات ضد المدنيين.

محادثات جنيف

يقول حمدان عمر، رئيس وفد «قوات الدعم السريع» إلى مفاوضات جنيف، إن المفاوضات لم تلبِّ كل الطموحات، لكنها في الوقت نفسه كانت خطوة كبيرة للأمام، من خلالها أصبح المجتمع الدولي أكثر اتحاداً وجدية في إنهاء الحرب في السودان. وأكد حمدان: «أنجزنا خلال المفاوضات عملاً كبيراً بشأن إيصال المساعدات الإنسانية، عبر معبر أدري الحدودي مع تشاد، الذي يخضع لسيطرة (الدعم السريع) منذ بداية الحرب»، لكن حكومة بورتسودان كما يسميها «حرمت المنظمات الدولية من الدخول عبره بإصدارها قرارات الإغلاق على الورق فقط، كما تم فتح منفذ الدبة في شمال البلاد، وهي خطوة إيجابية كبيرة على الصعيد الإنساني».

«وسطاء جنيف» قالوا إن غياب الجيش السوداني أعاق محاولات وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)

وأضاف حمدان: «في المقابل لم تحقق المحادثات هدفها الرئيسي وهو وقف العدائيات، وهي القضية الرئيسية التي كان ينتظرها الشعب السوداني، بسبب تمترس ورفض قادة الجيش المختطفين من قبل الإسلاميين الذين لم يمكنونا من إنجاز الاتفاق بآلية مراقبة فعالة». وأوضح حمدان: «أجرينا في جنيف مناقشات مفيدة مع الوسطاء والمنظمات الأممية في شأن إيصال المساعدات وحماية المدنيين، على الأقل في مناطق سيطرتنا من خلال قوة حماية المدنيين (تم تشكيلها أخيراً) وسيصدر قائد (قوات الدعم السريع) الفريق محمد حمدان دقلو توجيهات استثنائية صارمة بعدم التعرض للمدنيين».

ولم يستبعد العميد حمدان عقد جولة مفاوضات أخرى، مشيراً إلى أن الوسطاء والشركاء تحدثوا بوضوح وأكدوا أنهم سيواصلون جهودهم مع الأطراف لعقد جولات أخرى، «ومن جانبنا فإن التفاوض مسألة مبدئية كما ذكر ذلك قائد الدعم السريع مراراً وتكراراً منذ بداية الحرب، ومتى ما دُعينا إلى تفاوض ينهي معاناة شعبنا فسنكون أول المستجيبين، وهي قضية استراتيجية بالنسبة لنا وليست تكتيكية».

أسباب غياب وفد الجيش

وحول أسباب غياب وفد الجيش واستبداله بوفد حكومي، قال حمدان: «هذه مبررات واهية ومضحكة... كل المفاوضات السابقة في (جدة 1) و(جدة 2) ومفاوضات المنامة والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) وجنيف الأولى، كانت تتم بين وفدين من (الدعم السريع) والقوات المسلحة، وحتى اتفاق إعلان مبادئ جدة الذي يرفعونه كفزاعة، موقع بين الطرفين؛ لذا فإن شرطهم بالمشاركة بوفد يمثل الحكومة لم يكن منطقياً».

البرهان لم يرسل وفده إلى جنيف... وعد المفاوضات «تبييض جانب الدعم السريع» وفي الصورة مع قواته قاعدة جبيت العسكرية (أرشيفية - رويترز)

وأضاف: «إجراءات وقف العدائيات وإيجاد آلية للمراقبة والتحقق على ما اتفق عليه، وتنفيذ إعلان جدة ومقررات المنامة، يستدعي وجود وفد القوات المسلحة على طاولة المفاوضات؛ لمعرفة من الذي يحتل منازل المواطنين، ومن يقصف المدنيين بالطيران دون التمييز بين الأعيان المدنية والعسكرية». وتابع قائلاً: «المبررات التي ذكروها غير منطقية ولا موضوعية، والمبرر الوحيد من وجهة نظرنا هو أن الحركة الإسلامية التي اختطفت القوات المسلحة تمنعهم من الحضور... نحن نعلم يقيناً أن الحركة الإسلامية اختارت خط الحرب إلى النهاية، والقوات المسلحة مختطفة وليس لها قرار».

وحول حديث قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأنهم لن يحضروا إلى جنيف، وسيحاربون لـ100 عام، قال: «الحركة الإسلامية هي صاحبة اليد العليا على الجيش، لكن المجتمع الدولي لديه آليات ضغط، وإذا مارس الضغوط اللازمة يمكن أن يجبر الحركة الإسلامية وجيشها وكل توابعها على اختيار طريق السلام. الآن هناك مجاعة في السودان، ولا يمكن للعالم أن يشاهد هذه المأساة الإنسانية الأسوأ ويتفرج عليها، لذلك لا بد من ضغوط دولية قوية لإجبارهم على السير في طريق وقف الحرب».

الضغوط الدولية لم تفلح

ولكن ضغوط المجتمع الدولي لم تفلح في عهد الرئيس المعزول عمر البشير؛ لإجباره على تغيير مواقفه، فهل تنجح حالياً؟ في هذا الإطار يقول حمدان: «صحيح أن حكومة الإنقاذ كان لها تجربة في تحدي المجتمع الدولي، لكن الوضع في ذلك الوقت كان مختلفاً، كانت تحكم بحزب واحد يتحكم بكل مفاصل الدولة، وكان يجد دعماً دولياً؛ لذلك استمر في العناد، لكن (مجموعة بورتسودان) يوجدون في أقل من 30 في المائة من أرض السودان، ونحن سيطرنا على التصنيع الحربي والكثير من المفاصل؛ لذلك هم في أوهن حالاتهم، وليست لديهم القدرة للعناد والصمود، وأعتقد أنهم سيجبرون على التفاوض».

اتهامات في مواجهة «الدعم السريع»

وحول الاتهامات بوجود «قوات الدعم السريع» في منازل المدنيين، ومطالبة الجيش لهم بخروجهم منها كشرط للعودة إلى المفاوضات، يقول مفاوض «الدعم السريع»: «حرب 15 أبريل (نيسان) دارت في المدن والقرى السودانية، ولم تكن حرباً في الفضاء، وبالتالي فإن الخسائر عادة تكون كبيرة، خصوصاً أن معسكرات الجيش توجد في داخل الأحياء. الحرب أجبرت الملايين على الخروج من منازلهم فراراً من ويلاتها، فهل يُعقل أن تكون قواتنا موجودة في كل تلك المنازل؟ هم في الحقيقة يعنون أنهم يريدوننا أن نخرج من المناطق والمواقع التي سيطرنا عليها، ومن شروطهم أن تخرج (قوات الدعم السريع) من ولاية الجزيرة (وسط البلاد)، ولا يمكن أن نخرج من مناطق سيطرنا عليها بقوة السلاح من دون أن نصل إلى اتفاق نهائي. وحديثهم عن الخروج من منازل المدنيين هو فقط لـ(دغدغة مشاعر المواطنين السودانيين)».

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

وأضاف: «إعلان جدة يتحدث عن جانبين، هما المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، ولم تكن به آليات للتنفيذ، ونص على التمييز بين الأعيان المدنية والمواقع العسكرية، والقوات المسلحة تقوم بقصف المستشفيات والكباري ومصفاة الجيلي، وتدمر كل البنية التحتية في السودان. ومن وجهة نظرنا، يجب أن نجلس للتفاوض للاتفاق على وقف العدائيات عبر آلية مراقبة فعّالة لمعرفة من الذي يحتل منازل المواطنين ويخل بالاتفاقيات ولا عهد له».

الحسم العسكري وارد

وبشأن السيناريوهات المحتملة إذا فشلت المفاوضات، قال عمر حمدان: «أمامنا خياران إذا فشلت جهود المفاوضات والحوار: الأول أن يمارس المجتمع الدولي الضغط لإجبار القوات المسلحة على الحضور إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب، أو أننا سنواصل تحرير ما تبقى من أرض البلاد، ونخلّص السودانيين من تجار الدين والحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وأذيالهم».

وأكد حمدان أن «الدعم السريع يستطيع حسم المعركة عسكرياً، وهو السيناريو الأغلى تكلفة وغير محبذ لنا. نحن نشعر بالجحيم الذي يعيشه السودانيون، لكن إذا أصر البرهان ومجموعته على مواصلة القتال، فسنخلص السودانيين منهم عسكرياً، وهناك تجارب شبيهة للحسم العسكري إقليمياً كما تم في رواندا، وهو وارد جداً».

إعلان حكومة موازية وارد

وحول الخيارات التصعيدية التي أشار إليها قائد «الدعم السريع»، يقول حمدان: «هي كثيرة ومفتوحة، وقائد (الدعم السريع) لم يحدد خياراً بعينه».

وحول ما إذا كان من بين الخيارات إعلان حكومة موازية في السودان أو دارفور، قال: «الدعم السريع مع وحدة السودان، ولن يسمح بالتقسيم، ولدينا حكومات وإدارات مدنية في المناطق التي نسيطر عليها، وأخيراً وافق القائد على تشكيل إدارات مدنية في الولايات؛ لأن هناك حاجة ماسة لتقديم الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتنا. أما تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان فهي مسألة أخرى متروكة لتقديرات القيادة.

عمر حمدان (الثاني من اليمين) مع أعضاء وفده إلى محادثات جنيف (موقع الدعم السريع)

لكن كل الخيارات مفتوحة وواردة، نحن لن نسمح بتقسيم السودان إطلاقاً، بل نرى أن السودان يجب أن يظل موحداً، ولن نسمح بالتجربة القاسية لنظام البشير بفصل الجنوب وهو جزء عزيز من أرض السودان، والآن أصبح دولة جديدة». وتابع قائلاً: «في إعلان جدة واتفاق المنامة أكدنا بوضوح على أن يظل السودان واحداً موحداً، ولدينا سرطان اسمه الحركة الإسلامية يجب القضاء عليه».

اتهامات بالفشل في إدارة مناطقها

ورداً على اتهامات بفشل «قوات الدعم السريع» في تقديم الخدمات لمناطق سيطرتها، يقول حمدان: «هناك معاناة سببها أن مجموعة بورتسودان قطعت خدمات الإنترنت والمياه في كل مناطقنا بالخرطوم وأم درمان والجزيرة، وأقفلوا الحسابات النقدية للمواطنين، وحرموا السودانيين من الحصول على الأوراق الثبوتية. الآن شكلوا لجاناً لنزع الأوراق الثبويتة من السودانيين. في المقابل، نبذل مجهودات كبيرة عبر الإدارات المدنية لكي تقوم بدروها، وسنقدم كل ما نستطيع لهم، وسنعمل على إشراك المجتمع الدولي في تقديم المساعدات الإنسانية في مناطقنا».

انتهاكات «الدعم»

ورداً على سؤال حول الاتهامات بقصف المدنيين في كرري والفاشر وأم درمان، يقول العميد حمدان: «نحن لا نستهدف إطلاقاً المناطق المدنية، بل نستهدف المواقع العسكرية. لكن هناك وحدات عسكرية في وسط الأحياء السكنية مثلما في كرري ووادي سيدنا، وكذلك سلاح الذخيرة في حي الشجرة، وسلاح الأسلحة في الكدرو. أما بالنسبة للفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور فإن عناصر (الارتزاق المسلح)، بقيادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم، موجودون داخل المستشفيات ونشروا القناصين في المساجد، وسبق أن قدمنا مبادرة بإخلاء الفاشر من القوات المسلحة وتركها للحركات المسلحة المحايدة، لكن للأسف الجيش رفض هذه المبادرة».

مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور أكثر مدن دارفور تأثراً بالحرب على مدى السنوات الماضية وحالياً (أ.ف.ب)

وأضاف حمدان: «قمنا بتشكيل قوة حماية المدنيين لمساعدة الإدارات المدنية في مناطق سيطرتنا على إنفاذ القانون، بجانب قوات الشرطة العسكرية والاستخبارات والشرطة ووكلاء النيابة والمستشارين القانونيين، وهذه القوة تتلقى جرعات إضافية في التدريب على احترام القانون الدولي الإنساني والتعامل مع الجمهور، رغم حاجتنا الماسة لهذه القوات في القتال. الآن بدأت قوة حماية المدنيين في الخرطوم والجزيرة وستتمدد للمناطق الأخرى، وتتكون كل مجموعة من 27 عربة قتالية».

نعم للحكم المدني ولا لعودة الإطاري

وحول المخاوف التي يبديها كثير من المراقبين من أن تقوم «قوات الدعم السريع» في حال سيطرتها على كل مناطق السودان بإقامة حكومة عسكرية، والتخلي عن الشعارات التي يطلقها بعودة الحكم المدني الديمقراطي، يذكِّر حمدان بأن «قوات الدعم السريع» انحازت لخيارات الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي، «وهذا كان موقفنا قبل اندلاع الحرب، ووقفنا مع الاتفاق الإطاري الذي قبله البرهان، ثم غدر بنا وتراجع عن الاتفاق». والحرب قامت لأننا قمنا بالدفاع عن الحكم المدني ووقعنا الاتفاق الإطاري.

ويضيف: «نحن أكثر إصراراً على تسليم السلطة للمدنيين، وكانت هذه المسالة واضحة في اتفاق المنامة. نحن لسنا طلاب سلطة، ومع التحول المدني الديمقراطي في البلاد، ولا بد من إنهاء الحرب وكسر الدورة الشريرة للانقلابات العسكرية التي تنقلب على الأنظمة المدينة الديمقراطية».

وحول ما إذا في الإمكان العودة إلى وثيقة الاتفاق الإطاري مرة أخرى، قال: «بعد مرور 16 شهراً على الحرب، يصعب العودة للاتفاق الإطاري؛ لأنه يتحدث حول قضايا محددة، منها الإصلاح الأمني العسكري، والآن لا بد من النظر بعمق أكبر للأمور؛ إذ لا يمكن إصلاح مؤسسة مختطفة، قرار قائدها من أمير الحركة الإسلامية، وقادتها تحقق معهم سناء حمد (قيادية في الحركة الإسلامية)، ولا يمكن أن نعود لإصلاح مثل هذه المؤسسة، وهذا يعني إعادة الحرب في السودان».

نتفق مع «تقدم»

وحول الاتهامات التي تطول تنسيقية «تقدم» التي يقودها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، يقول حمدان: «(تقدم) تدعو بوضوح إلى وقف الحرب العبثية منذ بداية اندلاعها، ونحن نتفق معها في ذلك، كما تتحدث أيضاً عن ضرورة التحول المدني الديمقراطي ونحن مع ذلك. أما الحديث عن اتهامات لهم بأنهم عملاء، فهذه فرية يستخدمها نظام الإنقاذ ضد كل من يعارضه، ويصفه بالعميل وغير الوطني وأنه قادم من تشاد أو النيجر، وهي الاتهامات ذاتها التي كان يدمغ به الدكتور جون قرنق، ويشكك في أصوله السودانية قبل الاتفاق معه. في المقابل، هم يرتمون في أحضان إيران، والآن بصدد بيع أرض السودان وساحل البحر الأحمر لإيران».

«فلول» في «الدعم»

وحول الاتهامات بوجود ما يُطلق عليهم «فلول» النظام السابق بين عناصر «الدعم السريع»، يرد حمدان بالقول: «نعم، قد يكون هناك أشخاص كانوا جزءاً من نظام الإنقاذ وأدركوا خطأهم وتخلوا عنه. مثلاً (المؤتمر الشعبي) الآن هو مع التحول الديمقراطي. لا يمكن أن نأخذهم بهذه الجريرة مدى الدهر».

ورداً على سؤال عن أسباب تخليه عن الجيش السوداني وانضمامه إلى «الدعم السريع»، يقول حمدان: «أنا التحقت بـ(قوات الدعم السريع) قبل 8 سنوات، وتم انتدابي لها من قبل الجيش نفسه، أما موقفي في خوض الحرب مع (الدعم السريع) فهو لأنني أرى أن الجيش استُخدم بطريقة سيئة، فهو ثاني جيش يخوض حروباً ضد شعبه، بعد جيش ميانمار الذي لديه تجربة 60 عاماً في هذا المجال. الجيش استُخدم بشكل سيئ جداً كعصا غليظة لتركيع السودانيين، وهناك نخب سيئة جداً استغلت الجيش في فرض إرادتها في قتل الشعب السوداني؛ لذلك أنا مع خروج المؤسسة العسكرية من السياسة إلى الأبد، وأن ترجع القوات المسلحة إلى واجبها الأساسي في حماية الوطن والمواطن وليس حماية الأنظمة الحاكمة».


مقالات ذات صلة

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

شمال افريقيا نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» في 26 أكتوبر (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

قال شهود لـ«رويترز» إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها، تحتجز ناجين من الحصار، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع أعضاء بلجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني في برلين الأربعاء (الخارجية المصرية)

مصر تدعو لـ«ممرات آمنة» من أجل نفاذ المساعدات إلى السودانيين

دعت مصر إلى «ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لخلق (ممرات آمنة) لنفاذ المساعدات الإنسانية لدعم الشعب السوداني ولمساندة مؤسساته الوطنية» 

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (يسار) خلال اجتماع مجلس الوزراء وإلى يساره الرئيس دونالد ترمب في غرفة مجلس الوزراء في البيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 2 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

روبيو: ترمب يتولى شخصياً ملف الحرب في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، إن الرئيس دونالد ترمب يتولى ملف الحرب في السودان شخصياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.