تحرك أممي لاحتواء «معركة الاستحواذ» على «المركزي» الليبي

حمّاد تعهد بحماية «أموال الشعب»... والمنفي وخوري يبحثان عن حل

المنفي مستقبلاً خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس العاصمة (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي مستقبلاً خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس العاصمة (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

تحرك أممي لاحتواء «معركة الاستحواذ» على «المركزي» الليبي

المنفي مستقبلاً خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس العاصمة (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي مستقبلاً خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس العاصمة (المجلس الرئاسي الليبي)

تنتظر قضية الصراع و«الاستحواذ» على رئاسة «المصرف المركزي» الليبي «حسماً قريباً» بين سلطتَي شرق البلاد وغربها، وسط تحرك أممي لاحتواء الأزمة، وتعهّد الحكومة المكلفة من مجلس النواب بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام إهدار أموال الشعب».

وبينما يزداد التحفز الأمني بالعاصمة، قالت المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني خوري، إنه في إطار ما سمتها «جهودي الحثيثة لمعالجة أزمة (مصرف ليبيا المركزي)»، ناقشت مع رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، «أهمية حل جميع القضايا من خلال الحوار والتوافق». كما ناقشا أيضاً «الحاجة الملحة إلى حوكمة مسؤولة وشفافة لـ(المصرف المركزي)»، مؤكدة «أهمية التوزيع العادل للموارد بين جميع الليبيين».

وكانت حكومة شرق ليبيا، برئاسة أسامة حمّاد، قد قالت، مساء الأربعاء، إنها حصلت على حكم قضائي من «محكمة جالو الابتدائية» بإيقاف تنفيذ قرارين لـ«المجلس الرئاسي»، بخصوص عزل محافظ «المصرف المركزي»، وعدّهما «هما والعدم سواء».

وتحولت رئاسة «المركزي» إلى معركة للاستحواذ على المصرف، الذي ينتظر منه دعم «الموازنة الموحدة» التي سبق أن تقدمت بها حكومة حمّاد ووافق عليها البرلمان مؤخراً.

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي (المكتب الإعلامي للحكومة)

وأوضحت الحكومة أنه بناء على طلب حمّاد، فقد جرى وقف القرارين الصادرين عن «المجلس الرئاسي» لـ«انعدامها»، وعدّت ذلك دليلاً على «نزاهة القضاء الليبي الذي يقف بالمرصاد، ووفقاً للقانون، لأي محاولات تستهدف النيل من الشرعية والمشروعية، واغتصاب السلطة».

والقراران اللذان سبق أن اتخذهما «الرئاسي» نصا على تكليف محمد الشكري قائماً بأعمال محافظ «مصرف ليبيا المركزي»، وتشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف.

ونسبت وسائل إعلام محلية إلى المفتي المعزول، الصادق الغرياني، تحريضه على «إزاحة الصديق الكبير من منصبه»، عادّاً ذلك «واجباً وطنياً»، كما حّث «كتائب الثوار» على عدم التأخر في دعم هذه الخطوة.

المشري وهو يسلم رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» إلى تكالة في انتخابات أغسطس 2023 (أرشيفية - المكتب الإعلامي للمجلس)

وتعهّد حمّاد بأن حكومته «لن تقف مكتوفة الأيدي» أمام ما سماها «المحاولات والممارسات غير القانونية للسيطرة على مركز المال ومقدرات الشعب، ومحاولات الاستحواذ على عوائد وإيرادات الدولة، وتبذيرها بشكل غير مسبوق»، دون الكشف عن القائمين بهذه المحاولات.

وتحدث حمّاد أمام الاجتماع الأول لمراقبي ومديري الخدمات المالية على مستوى البلاد، بمقر مجلس الوزراء في بنغازي، مساء الأربعاء، عن «استعداد حكومته لاتخاذ الإجراءات والقرارات والخيارات كافة، دون أي استثناء؛ لمنع إهدار أموال الشعب؛ ولمنع وصولها إلى جهة خارجة عن الشرعية»، عادّاً أن هناك «من يحاول السيطرة على (المصرف المركزي) لتحقيق مآرب شخصية غير مشروعة، بالمخالفة للتشريعات والقرارات الصادرة بهذا الخصوص، والقفز على الجهود التي بُذلت لتوحيد المؤسسات المالية والموازنة العامة»، مؤكداً أن هذه المحاولات، التي وصفها بــ«المشبوهة»، من شأنها «زيادة حالة التشظي والانقسام، والتأثير سلباً على الاقتصاد الليبي، وتعريض المركز المالي للدولة للخطر» في مواجهة الأسواق العالمية.

ولم يأت حمّاد على ذكر «المجلس الرئاسي الليبي»، بقيادة محمد المنفي، الذي دخل في صدام مع سلطات شرق ليبيا بعد تمسكه بعزل الكبير، بينما تتمسك هي به وبدعمها له، وهو ما زاد من معدل التوتر في البلاد، ووضعها على حافة اشتباكات مرتقبة.

مؤيدون لمحافظ «المصرف المركزي» الصديق الكبير نصبوا خيمة قبالة المصرف دعماً له (إكس)

كما تحدث حمّاد أيضاً عما سماها «تحركات مشبوهة» قال إنها «تسببت في أزمات خانقة ومرهقة» للمواطنين، ونتج عنها نقص أو شح السيولة النقدية، ونقص حاد في المحروقات، أدى إلى تدهور أوضاع الشبكة الكهربائية وازدياد ساعات انقطاعها.

وأمام التحفز الأمني في العاصمة طرابلس، رأى مصدر عسكري، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أن التوازن بين القوات والعناصر المؤيدة والمعارضة للكبير «قد يمنع وقوع أي صدامات بين الطرفين المتنازعين»، مشيراً إلى أن «تدارك (المجلس الرئاسي) الأمر وسعيه إلى إيجاد حل بالحوار، ربما يحمي العاصمة من حرب». فيما رصد شهود عيان اعتصام بعض المواطنين المؤيدين للكبير أمام مقر المصرف بالعاصمة طرابلس، تحسباً لأي هجوم محتمل عليه من أنصار «المجلس الرئاسي».

وبموازاة أزمة «المصرف المركزي»، لا يزال الجدل متصاعداً حول التنازع على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في طرابلس، بين رئيسه المنتهية ولايته محمد تكالة، وخالد المشري الذي أعلن نفسه رئيساً له.

المشري مرحباً في «المجلس الأعلى» بممثلين عن تجمعات وتنسيقيات سياسية (المكتب الإعلامي لمجلس الدولة)

ودفع تكالة بــ«بطلان» جلسة انتخاب رئاسة «المجلس»، التي جرت في 6 أغسطس (آب) الحالي، وشهدت خلافاً حول النتيجة، وأرجع ذلك إلى حضور النائب عبد السلام غويلة جلسة التصويت «على الرغم من أن محكمة استئناف جنوب طرابلس قضت ببطلان عضويته، منذ توليه منصب وزير الرياضة في الحكومة الموازية».

ودعا تكالة «مؤسسات الدولة كافة والسفارات والبعثات الدبلوماسية إلى احترام القضاء، والتعامل معه بصفته جهة رسمية»، لافتاً إلى أن «مكتب رئاسة المجلس سيتواصل مع الأعضاء المخالفين قبل المتفقين، لإحداث توافق حول اختيار مكتب رئاسة لإدارة (المجلس) في المرحلة المقبلة».

وشهدت جلسة انتخاب رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» حالة من الجدل، بعد جولة الإعادة بين تكالة والمشري، إثر حصول تكالة على 68 صوتاً، مقابل 69 صوتاً للمشري، ثم دار نقاش حول قانونية تصويت أحد الأعضاء بعد كتابة اسم تكالة في غير المكان المخصص له في ورقة التصويت.

تكالة يدفع بـ«بطلان» جلسة انتخاب رئاسة «المجلس»... (إ.ب.أ)

وكانت اللجنة القانونية في «المجلس» قد أعلنت فوز المشري، ورأت أن ورقة الاقتراع المختلف عليها «ملغاة» ولا يعتدّ بها في احتساب عدد أصوات الناخبين، البالغ 139 صوتاً. وبناءً على ذلك، بيّنت اللجنة أن «توزيع الأصوات يكون على النحو التالي: ورقتان غير محتسبتَين في العدّ؛ هما: ورقة بيضاء، وورقة ملغاة».

والمشري، الذي اعتمد نفسه رئيساً لـ«المجلس»، بدأ منذ إعلان النتيجة يكرس وجوده، حيث استقبل داعمين ومؤيدين له. وأعلن المكتب الإعلامي لـ«المجلس»، مساء الأربعاء، أنه التقى بمقر «المجلس» في العاصمة ممثلين عن تجمعات وتنسيقيات سياسية، وهو اللقاء الذي عدّه الفريق الثاني المؤيد لتكالة «محاولة للاستقواء».


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لسيف القذافي تداولها أنصاره على صفحاتهم الشخصية

تصريحات منسوبة لسيف القذافي تعيده للساحة السياسية الليبية

يُبقي أنصار سيف الإسلام القذافي عليه حاضراً في المشهد السياسي الراهن بتصريحات غير موثقة للتأكيد على قربه من الحياة العامة رغم أنه لم يظهر في مكان عام منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حكومة موازية لـ«الدعم السريع» في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
TT

حكومة موازية لـ«الدعم السريع» في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيلَ إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد 19 شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم، بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات.

وفيما كُلّف عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن برئاسة هذه الإدارة الموازية للحكومة المدعومة من الجيش، تمت تسمية مجلس تأسيس مدني (مجلس تشريعي ولائي) من 90 شخصاً، برئاسة نايل بابكر نايل المك ناصر، بهدف «تقديم الخدمات وبسط الأمن» وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المواطنين.

وظلّت الخرطوم بلا حكومة أو إدارة مدنية منذ انتقال العاصمة فعلياً إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، بينما يحكم «والي الخرطوم» المُكلف من قِبَل قائد الجيش من مدينة أم درمان ومحلية كرري. من جهة ثانية، أعلن الجيش السوداني، الجمعة، إبطال هجمات بالمسيّرات استهدفت مطار مروي في شمال البلاد، في أكبر هجوم يستهدف البلدة التي اندلعت فيها شرارة الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.