تعرّضت مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان (وسط غربي السودان) الأربعاء، إلى قصف مدفعي مكثّف، أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لما أفاد به شهود عيان من المنطقة.
شهود من المدينة قالوا إن «قوات الدعم السريع» أطقلت عشرات من قذائف «الكاتيوشا» بشكل عشوائي صوب الأحياء السكنية.
ونقلت منصات إعلامية مستقلة عن مصادر طبية قولها إن 5 أشخاص على الأقل قُتلوا، وأُصيب نحو 30 آخرين، غالبيتهم من طلاب المدارس.
ووفق المصادر، استهدفت القذائف التي أُطلقت من مواقع تتمركز فيها «الدعم السريع» في محيط الأبيض، السوق الرئيسي، ووزارة البنية التحتية، ومدرسة خاصة للطالبات.
وعقب القصف المدفعي انقطعت شبكات الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت في المدينة، عدا الإنترنت عبر أجهزة «ستار لينك»، التي تعمل بالأقمار الصناعية.
وأفادت مصادر أخرى بأن الفرقة العسكرية التابعة للجيش السوداني ردّت بقصف مدفعي مضادّ، في اتجاه المناطق التي كانت تطلق منها «قوات الدعم السريع».
ويأتي هذا التصعيد بعد أسابيع من الهدوء النسبي، وتراجع المعارك العسكرية بين طرفي الحرب في السودان بمدينة الأبيض.
وذكرت المنصات الإعلامية المحلية أن المصابين تم نقلهم على الفور إلى المستشفى العام المركزي بالمدينة، وأن بعض الحالات خطرة تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية عاجلة.
وقال مقيم في الأبيض لــ«الشرق الأوسط» إن الهدوء عاد إلى المدينة، بعد ساعات طويلة من القلق والرعب الذي سيطر على السكان جرّاء القصف العشوائي.
ولم يصدر أي تصريح رسمي من الجيش السوداني بشأن القصف المدفعي الذي استهدف الأبيض.
وقالت مصادر طبية إنها تُجري اتصالات هاتفية بكوادرها الطبية في المستشفى بالمدينة؛ للتحقق من حصر أعداد الضحايا بشكل دقيق.
غارات في الفاشر
من جهة ثانية، أفادت مصادر بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب السودان)، بأن الطيران الحربي للجيش السوداني شنّ في الصباح الباكر يوم الأربعاء غارات جوية مكثّفة على مناطق «قوات الدعم السريع» شمال المدينة.
وعاد الهدوء الحذِر نسبياً إلى الفاشر بعد معارك ضارية دارت خلال الأيام الماضية بين الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى.
وقالت إن الأوضاع في الفاشر هادئة تماماً، ولا توجد أي اشتباكات بين الأطراف المتحاربة.
بدورها حذّرت منظمة «أطباء بلا حدود» من أن يزيد تأثير تصاعد القتال في الفاشر مرة أخرى على حياة المدنيين.
وقالت المصادر: وقعت هجمات متعدّدة على المدينة خلال الأسبوع الماضي، وقُتل منذ يوم السبت الماضي ما لا يقل عن 15 شخصاً، وأُصيب أكثر من 130 شخصاً، كما وقع هجوم آخر على آخِر مستشفى عام متبقٍّ في المدينة يعمل على علاج جرحى العمليات العسكرية. وتوقّعت أن تزداد حدة القتال خلال الأيام المقبلة.
وقال مدير عمليات الطوارئ في «أطباء بلا حدود»، ميشال أوليفييه لاشاريتيه: «منذ أكثر من 3 أشهر والناس في الفاشر تحت القصف المستمر». وأضاف: أثّر القصف من كلا الجانبين على المدينة، ما أدّى إلى سقوط أكثر من 2500 جريح وصلوا إلى المستشفيات التي تدعمها «أطباء بلا حدود»، وأكثر من 370 من هؤلاء المرضى توفوا متأثّرين بجراحهم.
وأشار إلى أن عدد ضحايا النزاع غير معروف، والهجوم الذي وقع الأحد الماضي على المستشفى السعودي يوضح بشكل لا لبس فيه أن الأطراف المتحاربة لا تبذل أي جهود لحماية المرافق الصحية أو المدنيين داخلها.
ودقّت «أطباء بلا حدود» ناقوس الخطر بشأن أزمة سوء التغذية الكارثية منذ أكثر من 6 أشهر، وأعلنت الآن لجنة مراجعة المجاعة حالة المجاعة في المخيم.
وحثّت المنظمة الأطراف المتحاربة على السماح بمرور الإمدادات الإنسانية من دون عرقلة، وحماية المدنيين والمنشآت الصحية.