«قسد» تقدم بادرة حسن نية بانتظار تنفيذ دمشق وساطة الروس

فك الحصار عن المربع الأمني في الحسكة وبقاؤه في القامشلي

القامشلي داخل المربع الأمني في المدينة (أرشيفية - الشرق الأوسط)
القامشلي داخل المربع الأمني في المدينة (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

«قسد» تقدم بادرة حسن نية بانتظار تنفيذ دمشق وساطة الروس

القامشلي داخل المربع الأمني في المدينة (أرشيفية - الشرق الأوسط)
القامشلي داخل المربع الأمني في المدينة (أرشيفية - الشرق الأوسط)

في بادرة وُصفت بـ«حسن النية» لتهدئة التصعيد، رفعت «قوات سوريا الديمقراطية» الحصار عن المربع الأمني التابع لدمشق وسط مدينة الحسكة، وذلك في انتظار تنفيذ دمشق بنود الاتفاق الذي جرى التوصل إليه، يوم الثلاثاء، بوساطة روسية، لتهدئة التصعيد الذي انفجر قبل نحو أسبوع. في حين قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الاتفاق يواجه برفض أحد بنوده من قبل دمشق، وهو يقضي بسحب «الفرقة الرابعة» التابعة للقوات الحكومية من ريف دير الزور.

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن طهران ودمشق سعتا إلى إضعاف «قسد» شرق دير الزور من خلال استغلال هجمات قوات العشائر العربية وتوسيع جغرافية سيطرتها هناك. ورأت أن «طهران هدفت من ذلك إلى إبعاد (قسد) عن مناطق نفوذها وخطوط إمدادها في رسالة للأميركيين، فيما رأت دمشق في ذلك تعزيزاً لأوراق التفاوض مع تركيا، إلا إن حدة التصعيد والشراسة التي أظهرتها (قسد) المدعومة من واشنطن، دفعت الجانب الروسي إلى التدخل لوقف التصعيد، لا سيما أنه لم يؤدِّ إلى النتائج التي تطمح إليها دمشق (سريعاً)».

أهالي بلدة الدحلة في دير الزور يشيعون جثامين 13 مدنياً بينهم نساء وأطفال قضوا بقصف من فصائل إيرانية

وعدّت المصادر ما جرى «اختبار قوة» من شأنه إذا استمر أن «يزيد الأمور تعقيداً، ويضعف دمشق، وقد ينعكس سلباً على المساعي الروسية السياسية في سوريا».

موقع «فرات بوست» نقل عن مصادر مقربة من «قسد» رفْعها الحصار عن المربع الأمني في الحسكة في «بادرة حسن نية لخفض التصعـيد، في انتظار تطبيق دمشق باقي التفاهمات في دير الزور».

وأشار الموقع إلى استمرار الحصار على المربع الأمني التابع لدمشق في مدينة القامشلي، وإغلاق جميع الطرق المؤدية إليه.

في العاصمة السورية، قالت صحيفة «الوطن» المحلية؛ المقربة من الحكومة، إن الحياة الطبيعية عادت إلى وسط مدينة الحسكة، عصر الثلاثاء، بعد حصار فرضته «قسد» و«شلل شبه تام للحياة منعت فيه كامل مقومات الحياة للأهالي القاطنين في تلك الأحياء، لا سيما حرمان المواطنين من مياه الشرب وطحين الأفران والمواد الغذائية والدواء فترة دامت نحو 7 أيام». وفق الصحيفة.

من جانبه، كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مواجهة «اتفاق فك الحصار عن المربعين الأمنيين في القامشلي والحسكة» الذي تقوده روسيا، رفض «الفرقة الرابعة» (الحكومية) أحد البنود يتعلق بانسحابها من مناطق ضفاف نهر الفرات وتسليم مواقعها إلى «الحرس الجمهوري». ويعوق هذا الرفض فك الحصار بشكل كامل.

جنود ومركبات عسكرية أميركية في قاعدة بالحسكة شمال شرقي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأفاد «المرصد» بتقديم الجانب الروسي وعوداً بوقف هجمات قوات العشائر والميليشيات التابعة لإيران، وإبعاد «الفرقة الرابعة»، عن ريف دير الزور، ونشر مجموعات من «الحرس الجمهوري»، وذلك خلال اجتماع جرى (الثلاثاء) في مطار القامشلي بريف الحسكة، بين وفد روسي ضم عدداً من الضباط والجنود، على رأسهم القائد الروسي «كيسلف»، وممثلين عن «قوات سوريا الديمقراطية».

تضمن الاتفاق أيضاً عقد صفقة لتبادل الأسرى، يجري بموجبها الإفراج عن 8 عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» وقعوا أسرى بيد الميليشيات التابعة لإيران العام الماضي، مقابل إفراج «قوات سوريا الديمقراطية» عن 20 من ضباط وعناصر قوات النظام؛ بينهم عميد، اعتقلهم في الحسكة والقامشلي. وقد وافقت «قسد» على فك الحصار في انتظار تنفيذ الشروط المتفق عليها، وجرى تبادل الأسرى؛ وفق «المرصد».

ومنذ انفجار التوتر في دير الزور، بذل الجانب الروسي مساعي للتهدئة، إلا إن المفاوضات التي أُجريت بدايةً في 9 أغسطس (آب) الحالي في القامشلي، فشلت، ليعاود الجانب الروسي المحاولة بعد 3 أيام. وخاض وفد روسي ضم ضابطاً و6 جنود تابعين لـ«مركز القوات الروسية» العاملة في القامشلي، مفاوضات، الاثنين الماضي، في الحسكة مع محافظ الحسكة وقادة عسكريين من القوات الحكومية، قبل عقد مفاوضات في مطار القامشلي، الثلاثاء، والتوصل إلى اتفاق مبدئي.

مقاتلو العشائر في بلدة غرانيج بريف دير الزور الغربي (نشطاء إعلاميون)

في شأن متصل، ساد هدوء حذر ريف دير الزور الشرقي، بعد أسبوع من الهجمات وتبادل القصف بين «قوات العشائر» التي تساندها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران، ضد «قسد»، وأسفرت الهجمات والقصف عن سقوط ضحايا وجرحى من المدنيين، كما تسببت في موجة نزوح في كثير من البلدات الواقعة على ضفتي نهر الفرات الشرقية والغربية شرق دير الزور، لا سيما من بلدات الصبحة وأبريهة وذيبان والطيانة وأبو حمام في الضفة الشرقية، وبلدات البوليل ومو حسن وصبيخان في الضفة الغربية للنهر.

واستقدمت جميع الأطراف شرق سوريا، في حينها، تعزيزات عسكرية وسط حالة استنفار أمني للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة على الحواجز، والتدقيق في هويات المدنيين، على طريق دير الزور ـ الميادين. كما تعرضت قاعدة التحالف الدولي في حقل «كونيكو للغاز» في ريف دير الزور للقصف من قبل ميليشيات تتبع إيران متمركزة على الضفة الغربية من الفرات، وفق «المرصد السوري»، الذي أفاد برد القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة «كونيكو» على مصادر النيران وموقع تمركز المسلحين المحليين في ريف دير الزور، وسط تحليق طائرتين حربيتين في أجواء المنطقة.


مقالات ذات صلة

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

ماكرون يطرح مقاربة بلاده لحروب ومسائل الشرق الأوسط ويرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع السلطات السورية في دمشق ويؤكد أن فرنسا لن تتخلى عن الأكراد.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مدير الاستجابة السريعة في مركز الملك سلمان للإغاثة: «جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة»

فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)
فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)
TT

مدير الاستجابة السريعة في مركز الملك سلمان للإغاثة: «جسر المساعدات إلى سوريا مستمر حتى تحقيق النتائج المرجوة»

فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)
فهد العصيمي مدير الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع فريق الهلال الأحمر السوري (المركز)

قال فهد العصيمي، مدير إدارة الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وقائد فريق المركز في دمشق، إن الجسرين البري والجوي المقدمين من المملكة السعودية للشعب السوري سيستمران حتى تحقيق النتائج المرجوة، وإن المملكة قدمت 730 طناً استجابة سريعة منها للأشقاء السوريين، حتى الآن. كما بحث فريق الإغاثة مع وزير الصحة السوري، ماهر الشرع، الاحتياجات العاجلة للمستشفيات وتقديم الرعاية الصحية، مع إمكانية زيارة فريق طبي سعودي متخصص.

وقال فهد العصيمي في تصريحات لجريدة «الشرق الأوسط»، إن مركز الملك سلمان للإغاثة وبعد عودة سوريا لمحيطها العربي، وبتوجيهات من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، «سيّر الجسرين الجوي والبري بشكل متوازٍ منذ أول يناير (كانون الثاني) الجاري، وغداً (الخميس) تصل الطائرة الثامنة ليكون الإجمالي 189 طناً. كما وصلت 60 شاحنة براً ضمت 541 طناً دخلت عبر الحدود الأردنية السورية من معبر نصيب، ويتم توزيعها على المناطق الأكثر احتياجاً».

جانب من المساعدات السعودية التي تتدفق نحو دمشق عبر مطار دمشق الدولي (واس)

وأعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذراع التنموية والإنسانية للسعودية، إطلاق جسرين جوي وبري إغاثيين إلى سوريا في الأول من يناير الحالي. وبحسب العصيمي، ضمت المساعدات أجهزة طبية وشحنات دوائية وحقائب إيوائية للمناطق الأكثر احتياجاً. وتابع حديثه، قائلاً: «تتضمن المساعدات بشكل رئيسي مادة الطحين والسلال الغذائية والأرز وسلال منظفات، ومواد إيوائية للسكن، بينها أدوات طبخ وأغطية وفرشات، وكل ما يحتاج إليه النازح للعودة لمنزله».

وبحث فريق مركز الملك سلمان للإغاثة السعودي مع وزير الصحة في حكومة تسيير الأعمال السورية، ماهر الشرع، سبل تعزيز العمل الإنساني، وكذلك الطبي، في سوريا وتحديد الأولويات لدعم القطاع الصحي وتحقيق العدالة الصحية لجميع السوريين، وأوضح فهد العصيمي الذي ترأس الوفد السعودي: «نعمل على مسار آخر بالتوازي مع مسار المساعدات، وهو الحملات الطبية التطوعية، وجزء كبير من عمل المركز يتم عبر إرسال أطباء اختصاصيين سعوديين، لتقديم المساعدات الطبية العلاجية والجراحية للمشافي في سوريا، وفقاً للتقارير وتقييم حالة هذه المستشفيات».

فهد العصيمي أثناء توزيع مساعدات في معبر نصيب الحدودي (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)

وخصص المركز زيارات ميدانية للمستشفيات والمراكز الصحية في العاصمة دمشق وريفها، للوقوف على الاحتياجات الأساسية والعمل على تأمينها. وأشار العصيمي إلى «أن المركز يعمل على تقديم الدعم الصحي وتقديم المساعدات الطبية للمستشفيات، مثل الأدوية والتجهيزات الطبية والاستشارات العلاجية، لإعادة تأهيلها وتعزيز قدراتها وطاقتها الاستيعابية».

تأتي هذه الجهود تأكيداً للدور الذي تضطلع به المملكة السعودية في مد يد العون للأشقاء السوريين؛ إذ إنه ومنذ اندلاع الأزمة عام 2011 كانت المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة من أولى الجهات التي وقفت إلى جانب الشعب السوري في محنته، عبر تقديم المنح والمساعدات الإغاثية والإنسانية للنازحين في الداخل، وإلى اللاجئين في دول الجوار جراء الصراع الذي استمر 13 عاماً، وكذلك قدمت المساعدات إلى المتضررين جراء الزلزال المدمر الذي طالت أضراره بعض المحافظات الواقعة في شمال غربي سوريا فبراير (شباط) 2023.

جانب من المساعدات السعودية التي تتدفق نحو دمشق عبر مطار دمشق الدولي (واس)

وأوضح العصيمي أنهم يعملون بالتنسيق مع منظمة «الهلال الأحمر السوري» ومنظمات وجهات محلية في المرحلة الأولى، «للتأكد من الاحتياجات الإنسانية العاجلة الآنية. وبعد الانتهاء من هذه المرحلة سنعمل على تقديم الدعم للمنظمات والجهات الإنسانية والشركاء».

وشدّد المسؤول السعودي على أن عدداً من القطاعات، لا سيما الطبية والصحية في سوريا، بحاجة لمساعدات عاجلة، «لأن أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري يتطلعون للحظة عودتهم لبلدهم، حيث إن غالبيتهم من اللاجئين في دول الجوار، وسيعودون عندما يجدون رعاية طبية مناسبة وضمانة صحية لهم ولأولادهم».

فهد العصيمي في معبر نصيب الحدودي بين أطفال سوريين (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)

ونوه العصيمي بأن مساعدات الجسرين الجوي والبري وُزعت في قسم من المحافظات السورية، بينها: «محافظة درعا وفي العاصمة دمشق وريفها مثل مدينة دوما، كما أرسلنا الجسر الجوي إلى محافظتي اللاذقية وحمص، وسنقوم بتغطية جميع المحافظات السورية في قادم الأيام»، وأخبر العصيمي بما عايشه الوفد السعودي أثناء وجوده في معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسوريا، وقال: «كنا نشاهد أفواج السوريين وهم يدخلون نحو بلدهم، منهم من ركع لحظة وصوله للأراضي السورية، ومنهم من كان يبكي ودموعه سبقت فرحته، ومنهم من كان يركض لاهثاً لدخول بلده... حقيقة كانت لحظات إنسانية معبرة للغاية».

وعبر مدير إدارة الإغاثة العاجلة في مركز الملك سلمان قائلاً إن رسالتهم للشعب السوري «أن المملكة السعودية قيادة وشعباً تقف إلى جانب الأشقاء السوريين في هذه المرحلة، وأن الوضع سيكون أفضل وسيذهب نحو الاستقرار والإنجاز».

ونوه العصيمي بأن أول ما يلفت الأنظار عند دخول الأراضي السورية: «عندما تقابل السوريين تشاهد الفرحة في عيونهم وابتسامة عريضة مرسومة على وجوههم، هذه فرحة مردها أنهم عادوا لبلدهم بعد 13 عاماً، وطي مأساة الشتات والنزوح القسري، والفرحة الكبرى مشاهدتنا كيف نقف إلى جانبهم ومعهم وبينهم في هذه الظروف التي يمر بها بلدهم العزيز على قلبنا».