واشنطن ترعى كسر «قواعد الاشتباك»مع إيران... لفرض ميزان قوى جديد

انسحاب بايدن حلّه من الموازنة بين دعم إسرائيل وحماية الفلسطينيين

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ حماس (أ ف ب/ غيتي)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ حماس (أ ف ب/ غيتي)
TT

واشنطن ترعى كسر «قواعد الاشتباك»مع إيران... لفرض ميزان قوى جديد

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ حماس (أ ف ب/ غيتي)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ حماس (أ ف ب/ غيتي)

على الرغم من أن بعض التحليلات لا تزال تعتقد أن المنطقة قد تكون مقبلة على حرب موسعة، مدفوعة «بفائض القوة» الذي يشعر به بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، فإن ما جرى في الأيام الماضية أظهر أن ميزاناً جديداً للقوى إقليمياً في طور التشكل، بعدما كسرت إسرائيل «قواعد الاشتباك» التي كانت قائمة مع إيران وميليشياتها. فالحرب التي شنّتها على قطاع غزة، إثر «الزلزال» الذي أحدثه في المجتمع الإسرائيلي هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، لم تكن لتستمر من دون «غطاء» أميركي. وكشفت الأيام الأخيرة أن أهدافها بعيدة المدى تتجاوز مسألة الرد على «حماس» إلى فرض قواعد جديدة على «طوق النار» الذي تفرضه إيران عليها. إذ إن حشد الأساطيل الأميركية الذي تكرّر 3 مرات خلال الأشهر العشرة الماضية كان رسالة ردع مزدوجة، ليس لإعادة بناء الردع الإسرائيلي فقط، بل إعادة تكريس «معادلة جديدة – قديمة» مع إيران، تقوم على أضلاع عدة، منها منع امتلاكها السلاح النووي، ووقف تهديداتها وتدخلاتها، والانضواء كدولة طبيعية في محصلة إقليمية غير معادية للسياسات الأميركية.

انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي قد يكون عجّل ما يسمى أميركياً بفترة «البطة العرجاء». إلا أنه عملياً قد يكون الآن - في الأشهر المتبقية من عهده - أكثر تحلّلاً من الالتزامات التي كان مضطراً لمراعاتها لو بقي في السباق. فهو ما عاد مضطراً لتقديم خطاب «يوازن» بين انحيازه لإسرائيل وشجب «المأساة الإنسانية» التي يتعرض لها الفلسطينيون.

وهكذا، دفعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بوضع أصول عسكرية إضافية، بحرية وجوية، بالقرب من إسرائيل للمساعدة في الدفاع ضد ما يعتقد أنه «هجوم وشيك» من قبل إيران رداً على قتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في طهران، واغتيال فؤاد شكر القائد الكبير في «حزب الله» في ضواحي بيروت، الأسبوع الماضي. وبدلاً من تقديم مخارج ملائمة تحفظ لإيران «ماء الوجه» على الأقل، يقود وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان، أنتوني بلينكن ولويد أوستن، جهوداً دبلوماسية وعسكرية لممارسة ضغوط مباشرة وغير مباشرة على إيران، والطلب من بعض العواصم الإقليمية والدولية، بما فيها روسيا، حضّها وحلفاءها على كبح أي ردّ.

تحليلات لبعض الصحف الأميركية رأت أن الاجتماع «الاستثنائي» الذي عقده وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في المملكة العربية السعودية، يوم الأربعاء، بطلب من إيران، لمناقشة «جرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة ضد الشعب الفلسطيني واعتدائه على سيادة إيران»، بما في ذلك مقتل هنية، قد يهدف إلى تأمين مخرج يجعل من تراجع طهران عن توجيه ضربة كبيرة، تلبيةً لمناشدات الدول المجتمعة، بعدم توسيع الصراع وجرّ المنطقة إلى حرب لا يريدها أحد، بعد تحميل إسرائيل المسؤولية.

كذلك عدّت التحليلات زيارة سيرغي شويغو، أمين مجلس الأمن الروسي ووزير الدفاع السابق، المفاجئة لطهران، جزءاً من الجهود الدبلوماسية لمنع التصعيد، الذي قيل إنه نصح قادتها بذلك لأسباب قد تختلف عن تصوّرات واشنطن، لكنها تتقاطع معها في هذه اللحظة الحرجة.

حراجة موقف «محور المقاومة»وبينما يرى البعض أن عمليات الاغتيال والمخاوف من أعمال العنف الانتقامية التي يمكن أن تطلقها، يمكن أن تدفع بعض الدول إلى الابتعاد عن إسرائيل والتقرب من إيران، في سعيها إلى تهدئة التوترات التي تهدد أمنها، يرى آخرون أن تراجع الخطاب التعبوي الإيراني، وتدرجه من الرد بكل «قوة» إلى الرد بحسب ما «يسمح» به القانون الدولي، وكذلك تراجع حسن نصر الله، زعيم «حزب الله» اللبناني عن «حافة الحرب الشاملة»، أدلّة على حراجة موقف «محور المقاومة»، وخشيته من التكلفة العالية التي قد يدفعها.

وفي حين كرّر بلينكن التحذير من أنه «لا ينبغي لأحد تصعيد هذا الصراع»، وأشار إلى «انخراطه في دبلوماسية مكثفة مع الحلفاء والشركاء، وتوصيل هذه الرسالة مباشرة إلى إيران وإسرائيل»، أكد أوستن أن واشنطن ستقف إلى جانب إسرائيل في مواجهة أي هجوم.

في المقابل، في إشارة إلى استثمار واشنطن المستمر في الأمن الإسرائيلي، أجرى يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، مع أوستن يوم الثلاثاء مكالمة هي الخامسة بينهما منذ الهجوم الصاروخي الذي وقع في 28 يوليو (تموز) على بلدة مجدل شمس المحتلة في الجولان. وأيضاً توجه الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى الأميركية (سينتكوم) إلى إسرائيل يوم الاثنين، لإجراء مباحثات مع القادة العسكريين، أشاد بها غالانت، كونها «ترجمة مباشرة للدعم الأميركي لإسرائيل إلى عمل».

في هذا الوقت، تحدثت تقارير عن وجود احتكاك متزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب «المفاجأة» و«الغضب» من اغتيال هنية، الذي عُدّ انتكاسة لسعي إدارة بايدن لتأمين وقف إطلاق النار في غزة، «لكونها تعتقد أنها تحقق تقدماً فيه»، وفق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي. غير أن تعيين يحيى السنوار، خلفاً لهنية، قد يكون أعطى إسرائيل مبرّراً لمواصلة التمسك بأهدافها في غزة، ولبايدن المسوّغات لتحميل «حماس» المسؤولية عن فشل جهوده، بعدما وصفت إدارته السنوار بالإرهابي، وطالبته بالعمل على تطبيق الاتفاق.

نتنياهو يحتاج نصراً معنوياً

ثم، مع أن حرب غزة ربما انتهت بالمعنى العسكري، فإن حاجة نتنياهو إلى «نصر معنوي» عبر القضاء على السنوار - الذي يحمّله مسؤولية هجوم أكتوبر - قد يترجمه في الأيام والأسابيع المقبلة بارتكاب مزيد من المجازر، وتدمير ما تبقى من عمران في غزة، بما يكرس مفاعيل «النكبة» الثانية بحق الشعب الفلسطيني.

وفي حين لا يستبعد محللون أن يكون تعيين السنوار رداً إيرانياً على محاولات إنهاء إمساكها بـ«الورقة الفلسطينية» كجزء من «ردّها» المعنوي على «الإهانة» التي تعرّضت لها، يرى آخرون أن محاولاتها إطالة الصراع لأطول مدة ممكنة يهدف أيضاً إلى توظيفه في أي تطورات سياسية قد تحصل على المشهد الانتخابي في أميركا.

وبعكس ما يراه البعض بأن نتنياهو هو المشكلة الآن في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فربما يكون هو الورقة الرابحة بالنسبة لواشنطن، لا إيران، في احتواء الحريق الإقليمي. ومع أن نتنياهو قد غيّر شروطه للتوصل إلى اتفاق محتمل، بعد أن طرح بايدن خطته للتوصل إلى اتفاق، وهو الذي قيل إنه اختلف مع كبار مسؤوليه الأمنيين بسبب إصراره على مواصلة الحرب والضغط على «حماس»، بدلاً من قبول وقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الرهائن، فقد بدا الآن بعد مقتل شكر وهنية، أنه قادر على قلب المشهد، ورفع سقف الضغوط والمواجهة، مهما كان شكل الرد الإيراني.

انتقادات لاذعة

على صعيد موازٍ، كانت بعض الانتقادات الأميركية لسلوك نتنياهو لافتة، منها أنه «وضع الولايات المتحدة في موقف مستحيل»، وفق فرانك لوينشتاين، الذي شغل منصب المبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عهد الرئيس باراك أوباما. إذ قال لوينشتاين: «إنه يثير رداً قد يجرنا إلى حرب، لكن لا أحد يشكك في ذلك علناً... لأننا بالطبع سنقف مع إسرائيل ضد إيران».

مع ذلك، أظهرت الاغتيالات والهجمات والضربات التي شنّتها إسرائيل على مدى الشهور الماضية، وقبلها لسنوات، داخل إيران وخارجها، مستهدفة قادة منها ومن ميليشياتها، أنها لم تؤدِ إلى حرب إقليمية، وهذا رغم عدم إبلاغ الولايات المتحدة عنها، وغضبها. وبينما أكد مسؤول إسرائيلي أن المكالمة الهاتفية التي أجريت بين بايدن ونتنياهو الأسبوع الماضي، بعد قتل هنية كانت «متوترة»، لا تتوافر دلائل، كما لم تصرح إدارة بايدن، بأنها جاهزة لممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل لمحاولة احتواء أفعالها، مثل إعادة النظر ببعض المساعدات العسكرية أو الحد منها. وبذلك، حرّر بايدن نائبته كمالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، من تحمل أوزار سياساته أمام بعض ناخبي الحزب الغاضبين من دعمه لإسرائيل.

أضف إلى ما سبق، أن إيران ومحورها يمران راهناً في لحظة ضعف وارتباك سياسي وعسكري واستخباري غير مسبوقة بوجود حكومة جديدة تسعى لتقديم «أوراق اعتماد» جديدة مع الغرب. ثم إن إدارة بايدن لطالما اعتقدت أن طهران، التي تمر بمرحلة انتقالية سياسية وتكافح مع اقتصاد متعثر، تريد تجنب صراع واسع النطاق، ما قد يجعل من تغيير التوازن الإقليمي أمراً ممكناً.

تحدثت تقارير عن وجود احتكاك متزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب «المفاجأة» و«الغضب» من اغتيال هنية

تغيير قواعد اللعبة

في هذه الأثناء، يقول دينيس روس، المبعوث الأميركي الخاص السابق لعملية السلام، إنه طالما لم تؤدِ جولات التوتر السابقة بين إسرائيل وإيران إلى تصاعد الصراع وبقيت محتواة، فإن مغادرة بايدن منصبه تحرره للتركيز على إبرام صفقة تطبيع إسرائيلية إقليمية، يرجح أن تكون مشروطة بإنهاء الصراع والحرب في غزة، ومن شأنها أن تغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.

روس قال في مقالة في مجلة «فورين أفيرز» إن نتنياهو يحتاج إلى الأميركيين لأخذ زمام المبادرة، ويعلم أنه من دون التدخل الأميركي لن يتمكن من التوصل إلى اتفاق. فالهزيمة العسكرية لـ«حماس» لن تكون ذات أهمية كبيرة إذا ما تمكنت من إعادة تشكيل نفسها. كذلك يدرك نتنياهو أنه إذا كان يريد بديلاً لحكم «حماس» في غزة، فسيحتاج إلى الدول العربية الرئيسية، للعمل مع الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى لإنشاء إدارة مؤقتة في غزة تتولى مسؤولية الحكم والأمن اليومي. ومع تفضيل الديمقراطيين والجمهوريين بشكل عام فكرة تحقيق اختراق كهذا، من غير المرجح أن يعارضها ترمب أو هاريس في حال فوز أي منهما في السباق الرئاسي. تحدثت تقارير عن وجود احتكاك متزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب «المفاجأة» و«الغضب» من اغتيال هنية

أحد لقاءات نتنياهو وبلينكن المتكررة (ا ف ب)

تخوّف في واشنطن من «7 أكتوبر» ثانٍ

> يرى مراقبون أن «الارتباك» الذي تعيشه إيران وأذرعها، خصوصاً «حزب الله»، شجّع على مواصلة سياسة التهويل والضغوط، بأن البدائل عن عدم تراجعهم عن التصعيد، قد تكون إقدام إسرائيل على تنفيذ هجوم استباقي.حول هذا يقول ماثيو ليفيت، كبير الباحثين بالشأن الإيراني في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» -القريب من تل أبيب- إن سلوك «حزب الله» يثير القلق أكثر من سلوك إيران، في ظل امتلاكه عدداً كبيراً من الصواريخ والمسافة القصيرة نسبياً، إذ يمكن أن يؤدي الهجوم من لبنان إلى إصابة أهداف عسكرية واستراتيجية في شمال البلاد وفي المركز.وفي ظل تخوف الإسرائيليين من شن «حزب الله» هجوماً شبيهاً بهجوم «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يتصاعد خطر أن تبادر إسرائيل بشن هجوم برّي استباقي لإزالة هذا الاحتمال. ومع أن غالبية المسؤولين الإسرائيليين يدركون أن الحرب مع «حزب الله» اليوم لن تكون مثل أي حرب خاضتها إسرائيل على الإطلاق -ولذا يفضلون تأجيل المواجهة- لكن إذا لم يتمكن المدنيون الإسرائيليون من العودة إلى منازلهم قريباً، قد تأتي الحرب في وقت أقرب كثيراً مما يرغبون.من جهة ثانية، تركيز الجهود الدبلوماسية الأميركية على إقناع الحزب بسحب جميع قواته إلى مسافة 10 كيلومترات على الأقل من الحدود، تطبيقاً للقرار الدولي رقم 1701، الذي صدر بعد حرب 2006، يمكن أن يجعل الهجوم المفاجئ على غرار 7 أكتوبر أقل احتمالاً بكثير. وهذا ما تسعى إلى تحقيقه واشنطن، وقد نقله عديد من الوسطاء الغربيين والعرب إلى لبنان، خصوصاً أن إسرائيل أنجزت تدمير وإفراغ هذا الشريط الحدودي من سكانه.على الرغم من ذلك، يقول ليفيت إن العوامل التي منعت «حزب الله» من فتح جبهة ثانية كاملة لا تزال قائمة. وبرأيه «يعاني لبنان أزمة اقتصادية وسياسية مدمِّرة، ولا يريد معظم مواطنيه أن يجر (حزب الله) البلاد إلى ما قد تكون حرباً مدمِّرة للغاية. وفي حين أن إيران سعيدة بالقتال حتى آخر وكيل عربي، فإن قادتها لا يريدون أن تمتد الحرب إلى حدودهم».ومع ميل بعض التحليلات عن الاغتيالات التي وقعت الأسبوع الماضي، إلى تسليط الضوء على قدرات إسرائيل على شن هجمات عسكرية وتكنولوجية متطورة في «عمق أراضي العدو»، يرى مراقبون أنها لم تنجح في تبديد الإحراج الذي حدث في 7 أكتوبر. وربما ما تقوم به إسرائيل من دفع لحدود تصرفاتها الإقليمية، لا ينبع من شعورها بالقوة بل لأنها تشعر بالضعف. إذ تلك العمليات، في الأساس لا تضيف إلا القليل من الحسابات الاستراتيجية طويلة الأمد. والآن، مع استعداد إسرائيل لتحمل أخطار أكبر واستيعاب التكاليف الأعلى، فإنها تسعى للاستفادة من المزايا التكتيكية، في محاولة محمومة لاستعادة الردع، وادعاء أن الجيش الإسرائيلي عاد مجدداً «جيشاً لا يُقهَر!».


مقالات ذات صلة

لبنان: ردّ «حزب الله» مقيّد بالهدف... ومنع الانزلاق إلى حرب واسعة

حصاد الأسبوع استهداف فؤاد شكر في جنوب بيروت (آ ف ب)

لبنان: ردّ «حزب الله» مقيّد بالهدف... ومنع الانزلاق إلى حرب واسعة

«اضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً»... بهذه العبارة خاطب الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الإسرائيليين، متوعداً إياهم بالانتقام لدماء القائد العسكري الأول

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع كانت فترة ولاية حسينة في رئاسة حزب «رابطة عوامي» بمثابة بداية كفاح دام عقداً شهد إخضاعها لفترات طويلة من الإقامة الجبرية

الشيخة حسينة واجد «وارثة» زعامة بنغلاديش تودّع السلطة بعد حكم استمر 15 سنة متصلة

انزلقت بنغلاديش، إحدى أكبر دول العالم الإسلامي والقارة الآسيوية، من حيث عدد السكان، خلال الأسبوع الماضي إلى حالة من الفوضى. وفي تحوّل دراماتيكي استقالت رئيسة

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع من التظاهرات الاحتجاجية التي غيرت المعادلة السياسية في بنغلاديش (غيتي)

محطات في العد التنازلي لحكم الشيخة حسينة

> في أوائل يونيو (حزيران) الفائت، بعدما أعادت المحكمة العليا في بنغلاديش نظام حصص الوظائف، الذي كان يفضّل أحفاد مقاتلي حرب التحرير عام 1971، تجمع نحو 500 طالب

«الشرق الأوسط» ( نيودلهي)
حصاد الأسبوع تشييع إسماعيل هنية في طهران قبل مراسم دفنه في قطر (الشرق الأوسط)

عضلات نتنياهو انتفخت... والنتيجة مخيفة

في البيت الأبيض أرشيفات سوداء مليئة بالقصص عن تبجّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على القادة الأميركيين، وأشهرها ما قاله عنه الرئيس الأسبق باراك أوباما قبل نحو عشر سنوات؛ إذ تساءل: «مَن هنا يمثل الدولة العظمى؟». إلا أن جون بايدن، وإن شاطر أوباما في مقت نتنياهو، يتصرف بطريقة مختلفة. إنه يساير. يدلل. وحتى عندما يمارس عليه الضغوط تكون تلك ضغوطاً ناعمة. ويجد نفسه عالقاً في مطبات ومكائد وورطات حربية ووُحُول... فلا يضطر فقط إلى استقباله في البيت الأبيض بعد طول تمنع، ولا يقبل «ببلع ضفدع» وصوله إلى واشنطن تلبية لدعوة من الكونغرس - رغم معارضة الحزب الديمقراطي - بل يصبح شريكاً له، عن رضا أو عن إرغام، في أعمال كثيرة يدفع فيها البشر ثمناً باهظاً وتهدد بحرب لا يريدها أحد. واليوم، الخطر كبير فعلاً... خطر أن تكون الحرب واسعة جداً، ولا يكون بمقدور «الأخ الأكبر» في واشنطن منعها أو تطويقها. مقرّبون من نتنياهو، يقولون إنه «وضع بايدن والإدارة الأميركية كلها تحت إبطه» وطوّعها لصالح سياسة اليمين الإسرائيلي. ويضيفون: «مَن حاول في واشنطن رسم خريطة طريق للإطاحة بالحكومة الإسرائيلية وتنشئة بيني غانتس ليكون رئيس حكومة يطيح نتنياهو، وجد نفسه يسير وراءه. ولكن هذا في خدمة الولايات المتحدة وليس ضدها. فنتنياهو يقود بنجاح أهم معركة ضد الإرهاب في تاريخ الشرق الأوسط». ويؤكد المعجبون بنتنياهو أن هذا هو شعوره هو أيضاً. فهو يعتقد بأن الله حبا الشعب اليهودي وأيضاً الولايات المتحدة بقائد تاريخي سيحدث انعطافاً حاداً في المنطقة لخدمة «العالم الحر» والمعتدلين في الشرق الأوسط. وهو لا يقول هذا الكلام للسيدة سارة أو للمرآة في بيته، بل أيضاً يجاهر به أمام كثير ممّن يلتقيهم هذه الأيام، في واشنطن وفي إسرائيل.

نظير مجلي (القدس)
حصاد الأسبوع بول كاغامي... مُنقذ رواندا وقائد مسيرة تنميتها الاقتصادية

بول كاغامي... مُنقذ رواندا وقائد مسيرة تنميتها الاقتصادية

شعبية كاسحة أظهرتها صناديق الاقتراع في رواندا للرئيس بول كاغامي، «حامل جينات الحكم» وقائد التنمية في البلاد، الذي أنقذ شعبه من براثن الحرب الأهلية وجعل رواندا في مقدمة دول القارة الأفريقية، فكافأه الناخبون بإبقائه في منصبه لمدة قد تزيد على ربع قرن. ورغم تحديات داخلية ومعارضة بات صوتها واضحاً، ظفر كاغامي في يوليو (تموز) الماضي، بولاية رئاسية رابعة بعد حصوله على 99.18 في المائة من الأصوات، مقارنة بمنافسيه: مرشح حزب «الخضر» فرانك هابينيزا (0.5 في المائة) والمرشح المُستقل فيليب مباييمانا (0.32 في المائة). ومعلوم أن مسيرة كاغامي ترتبط في أذهان قادة غربيين وأفارقة بأنها مسيرة شخص بات «نموذجاً للتنمية» و«مخلصاً حقيقياً لشعبه من آفتي الإبادة والتمييز»، بل جعل من بلده «سنغافورة أفريقيا».

محمد الريس (القاهرة)

لبنان: ردّ «حزب الله» مقيّد بالهدف... ومنع الانزلاق إلى حرب واسعة

استهداف فؤاد شكر في جنوب بيروت (آ ف ب)
استهداف فؤاد شكر في جنوب بيروت (آ ف ب)
TT

لبنان: ردّ «حزب الله» مقيّد بالهدف... ومنع الانزلاق إلى حرب واسعة

استهداف فؤاد شكر في جنوب بيروت (آ ف ب)
استهداف فؤاد شكر في جنوب بيروت (آ ف ب)

«اضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً»... بهذه العبارة خاطب الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الإسرائيليين، متوعداً إياهم بالانتقام لدماء القائد العسكري الأول فؤاد شكر في خطاب تشييع الأخير، الذي اغتالته إسرائيل، مع غروب يوم الثلاثاء الماضي بغارة استهدفته داخل منزله في منطقة حارة حريك بضواحي بيروت الجنوبية. لكنّ خطاب تأبين شكر في ذكرى مرور أسبوع على مقتله انطوى على عدّة مفارقات، أبرزها إعلان نصر الله أن حزبه و«محور المقاومة» غير مستعجلين للردّ بانتظار اختيار الهدف بدقّة حتى لا يؤدي إلى حربٍ واسعة، وأن تجنب الردّ حتى الآن هو ردّ بذاته يجعل الإسرائيليين «يقفون على قدم ونصف» تحسّباً لما سيأتي. في لبنان أيضاً يحبس الناس أنفاسهم بانتظار ردّ الحزب والأثمان التي ستدفعها إسرائيل جراءه. إلا أن ما يقلقهم أكثر هو كيف ستتعامل تلّ أبيب مع نتائج عملية الحزب المرتقبة بين ساعة وأخرى، خصوصاً إذا أدت إلى ضرب هدفٍ استراتيجي أو قتل مدنيين إسرائيليين، وهو ما ينذر بجرّ جبهة لبنان إلى حربٍ واسعة يصعب تحمل تبعاتها ونتائجها.

يعترف خبراء في لبنان أن في جعبة «حزب الله» بنك أهداف واسعاً في الداخل الإسرائيلي، والصور التي التقطتها طائرات «الهُدهد» 3 مرات، تنبئ باختيار أكثر من هدف. إلّا أن مراقبين يعدّون أن «خيارات الحزب محدودة، وإن كان يملك كثيراً من الصور والمعطيات».

ويرى العميد منير شحادة، منسّق الحكومة اللبنانية السابق مع «الأمم المتحدة»، أن خطاب نصر الله ما قبل الأخير «حسم بشكل قاطع الانتقال من جبهة المساندة إلى المعركة الكبرى. وهذا يعني أن كل محور المقاومة، بما فيها إيران، انخرط في هذه المعركة». ويؤكد شحادة لـ«الشرق الأوسط» أن «الردّ على اغتيال فؤاد شكر حتمي، لكن هذا الردّ ليس فورياً، بل رهن اختيار الهدف والفرصة المتاحة له». ويضيف: «بتقديري سيكون الردّ بحجم جريمة اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر، وربما يؤدي إلى اغتيال شخصية عسكرية إسرائيلية كبيرة».

التوقيت المناسب

وحقاً، اتسم خطاب نصر الله الثاني الذي ألقاه يوم الثلاثاء بمناسبة تأبين شكر، بالهدوء والروية وتحاشي استعجال «الردّ القادم في توقيته المناسب»، مخاطباً جمهوره المتعطّش للانتقام، بـ«التروّي»، مستخدماً تعبير «يا واش يا واش»، معتبراً أن «عدم الردّ حتى الآن هو جزء من الردّ» طالما أنه يقلق الإسرائيليين.

وهنا، يوضح الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الدكتور حسن جوني لـ«الشرق الأوسط»، أن نصر الله «ملتزم بحتميّة الردّ على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، تاركاً التوقيت للميدان وللفرصة التي توفر له هدفاً بحجم الخسارة التي تلقاها». ويتابع: «ردّ (حزب الله) ليس مشروطاً باغتيال شخصية إسرائيلية توازي أهمية فؤاد شكر، بل ربما يكون هدفاً عسكرياً موجعاً، يستخدم فيه صواريخ فاعلة ومؤثرة، لكن إذا تمكن من اصطياد شخصية عسكرية كبيرة يكون ذلك أفضل بالنسبة له».

وحسب جوني، الذي كان يشغل منصب قائد كلية الأركان في الجيش اللبناني: «لا يمكنني أن أتنبّأ بطبيعة الردّ، بل أستنتج انطلاقاً من الظروف الإقليمية والدولية المؤثرة في هذه الحرب واستراتيجية تدخل (حزب الله)، وعنوانها الدعم والمساندة، بأن هذا الردّ محكوم بحدّين: الأول ردّ غير تقليدي وغير نمطي، أي أنه لا يشبه الردود التي أتت انتقاماً لاغتيال قادة ميدانيين، ويأتي في مكان لا يتوقعه الجيش الاسرائيلي، كأن تكون هناك عملية خاصة، برية أو بحرية أو جوية، تفاجئه في أسلوبها ومكانها. والثاني وهو السقف الأعلى للردّ، يتحدد بألّا يتجاوز الخطوط الحمراء الكبرى التي تعطي إسرائيل مبرّراً، سواء في الداخل الإسرائيلي أو في الخارج، لشنّ حرب واسعة على لبنان... فالعملية المرتقبة تحتاج إلى تقييم دقيق حتى تأتي ضمن هذين الحدّين»، وفق جوني.

مصطفى بدر الدين

قصف الضاحية

طبعاً، لا مجال للمقارنة بين التفوق الجوي والتكنولوجي لدى إسرائيل وبين قدرات «حزب الله». وإن كان الأخير طوّر قدراته القتالية منذ عام 2006 حتى اليوم، فليس سهلاً أن ينتقي الهدف، وثمة أسئلة عن البدائل التي سيلجأ إليها في حال لم يحقق مراده بقتل شخصية إسرائيلية كبيرة. هنا يعدّ العميد شحادة أنه «في حال تأخر اختيار الشخصية الإسرائيلية، سيختار الحزب هدفاً عسكرياً استراتيجياً، أعمق من كل الأهداف التي ضربها منذ 8 أكتوبر الماضي». ويوضح: «طالما أن إسرائيل خرقت قواعد الاشتباك وتجرّأت على قصف الضاحية الجنوبية، قد لا يتردد الحزب بضرب هدف استراتيجي في حيفا أو تلّ أبيب، مع حرصه على ألّا تتسبب الضربة بقتل مدنيين إسرائيليين»، ثم إنّ «ردّ (حزب الله) ليس فورياً ولا خلال ساعات أو أيام قليلة، فهو يتوخّى نجاح الردّ وانتقاء الهدف وضربه بدقّة».

معركة «المحور»

راهناً، ثمّة حرص كبير لدى «حزب الله» على ألا يُجرّ إلى حرب لا يريدها، وهذا ما عناه نصر الله عندما أكد أن معركة «محور المقاومة» تهدف إلى «عدم تمكين إسرائيل من الانتصار في هذه المعركة»، ما يعني تخليه عن شعار «إزالة الكيان الصهيوني من الوجود». وحول هذا، رأى العميد جوني أنه «رغم كل هذا التصعيد في العمليات العسكرية، وتحديداً في عمليات الاغتيال، ورغم ارتفاع وتيرة الخطاب السياسي والتهديدات، فإن الأسباب التي منعت اندلاع الحرب الشاملة، وخاصة بين إسرائيل و(حزب الله)، لا تزال قائمة. وهي أولاً اعتبارات الردع والردع المقابل، وثانياً الإنهاك الذي أصاب الجيش الإسرائيلي بعد أشهر طويلة من القتال في غزة، وثالثاً الموقف الدولي والإقليمي، وتحديداً الولايات المتحدة، التي لم تسمح لإسرائيل حتى الآن بتوسعة عملياتها وإدخال المنطقة في حرب كبرى لا لزوم لها ولا مصلحة».

لا عذر لإسرائيل

من جانب آخر، أتى قصف الضاحية الجنوبية واغتيال فؤاد شكر من خارج كلّ التوقعات، إذ تفيد المعلومات بأن لبنان تلقى ضمانات أميركية بأن بيروت والضاحية الجنوبية مستثنيان من أي عمل عسكري إسرائيلي. وهذه العملية كانت محور الاتصال العاصف بين بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ«الخداع» والتفرد بقرار اغتيال شكر في بيروت وإسماعيل هنية في قلب طهران. وبرأي العميد شحادة، إن نتنياهو «يسعى إلى جرّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران»، وإنه «لا عذر لإسرائيل لتنفيذ عملية خطيرة ودقيقة في قلب طهران، واغتيال القائد السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية، إلّا دفع المنطقة إلى الحرب». وبعد تساؤل شحادة: «ما هو مبرّر إسرائيل لاغتيال قائد سياسي تتفاوض معه من أجل تبادل الأسرى ووقف العمليات العسكرية؟»، فإنه يشير إلى «أن ردّ (حزب الله) قد يستدرج ردّاً إسرائيلياً، وعندها نصبح أمام حربٍ مفتوحة، وقد تكون حرباً إقليمية تتخطّى جبهة لبنان، وسيكون كلّ محور المقاومة شريكاً فيها».

اغتيال شكر يتصدّرخسائر «حزب الله» للعلم منذ 8 أكتوبر الماضي، خسر «حزب الله» عدداً من قادته العسكريين والميدانيين، لكن اغتيال شكر شكّل أكبر ضربة منذ اغتيال عماد مغنية في دمشق عام 2008. وعليه، يعدّ الدكتور خلدون الشريف، السياسي اللبناني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن خطابي نصر الله الأخيرين «اتسما بالعقلانية، رغم حجم الخسارة التي مني بها باغتيال القائد العسكري فؤاد شكر في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، عندما أعلن أن الردّ محسوم، لكننا نقاتل بغضب وبعقل، وبغضب وحكمة». وتابع الشريف أن الخطاب الثاني لنصر الله «استفاض في شرح الموقف من الجهتين، حيث قال إنه لو أرادت إسرائيل حرباً شاملة مع لبنان لشنّتها منذ حين، وليؤكد بدوره أن الحزب ليس طالب حرب بدوره، لكنه حسم موضوع الرد ولمّح بشكل واضح إلى أن الحزب حين استهدفت إسرائيل مدنيين ردّ على أهداف عسكرية».

أبعد مسافة

هذا، وبينما يبدي «حزب الله» حرصه على تجنيب المدنيين الإسرائيليين والمنشآت المدنية عملياته، بدا لافتاً امتلاكه أسماء وأماكن المعامل والمصانع الموجودة في الشمال الإسرائيلي. فقد ذكرها نصر الله في خطابه الأخير، وهذا ما رسم علامات استفهام عن إمكانية تحويلها إلى أهداف مشروعة في حال اندلاع الحرب. إلّا أن الشريف أعرب عن اعتقاده بأن «الرد سيكون على أهداف عسكرية قد تكون أبعد مسافة مما طالته صواريخ الحزب أو مسيراته سابقاً». وأردف: «لا شك أن هناك وساطات كثيرة تجري بين الحزب وإسرائيل وبين إيران وإسرائيل أيضاً... ومن الواضح أن السبيل الوحيدة لإلغاء الرد على اغتيال كل من هنية وشكر تختصر بوقف إطلاق نار في غزة، ما يسقط الردود. لكن الملفت في الخطاب قول نصر الله إن أحداً لا يطلب من إيران وسوريا أن يقاتلا قتالاً طويلاً، وهو ما دفع عدداً كبيراً من الفرقاء في لبنان ليسألوا سؤالاً بديهياً: هل مطلوب أن يدفع لبنان وحده، دون الآخرين، ثمناً من رزقه وأرواحه، على الرغم من إيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية وإجرام حكام إسرائيل؟!».

لا مجال للمقارنة بين التفوق الجوي والتكنولوجي لدى إسرائيل وبين قدرات «حزب الله»

كلام دبلوماسي

في المقابل، التزام «حزب الله» بـ«قواعد الاشتباك المستمرة» منذ فتح «جبهة المساندة» قبل 10 أشهر، لا يعني أن عملياته لن تطول أهدافاً ومنشآت عسكرية في العمق الإسرائيلي، لكن لا شيء يضمن استمرار المغامرات الإسرائيلية رغم الضغوط الأميركية والغربية التي تمارس عليها. وهنا يلفت الدكتور الشريف إلى أنه «ليس ثمة ما يؤكد أن واشنطن وعدت بعدم استهداف بيروت والضاحية، ولو أن الكلام الدبلوماسي الرفيع في العاصمة كان في هذا الاتجاه كل الوقت». ويضيف في الوقت نفسه أنه «ليست هناك ضمانات ألّا يرد الحزب على أهداف قد تدفع الإسرائيلي إلى الردّ بدوره، وزيادة حدود الصراع وحدود النار، غير أنه من الواضح إلى اليوم أن الكل يقاتل تحت السقوف، لكن تلك السقوف ترتفع تدريجياً إلى مستويات عالية».

موازين القوى

ثم توقف الشريف عند إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» أن هذه المعركة لن تكون معركة زوال إسرائيل. وعزا هذا الموقف اللافت إلى أن «موازين القوى الداعمة لإسرائيل بعد عملية (طوفان الأقصى) لغير مصلحة المقاومة، خاصة في فلسطين المحتلة، بسبب الظروف التي أحاطت بالعملية من جهة، وبسبب ضعف إمكانات حركة (حماس) العسكرية، رغم قدراتها الهائلة على الصمود، ولأن هذه المعركة تحديداً لم يقررها نصر الله، بل جاء منذ 8 أكتوبر ليقول إنه جبهة إسناد لا أكثر».

ولا يستغرب الشريف اعتراف نصر الله «المنطقي والبديهي بتحقيق إسرائيل أهدافاً ثمينة في اغتيال من اغتالتهم منذ البدايات، مع أن المعارك تعرف بنتائجها النهائية، التي لا تزال غير واضحة». ثم يختم: «من المؤكد أن إسرائيل لا تستطيع إنهاء (حزب الله) وضرب نفوذه، لكنها تستطيع التسبب بآلام شديدة، وهو بدوره يستطيع إيلامها»، معتبراً أن «سردية الحزب في الاستراتيجية قد لا تكون تغيّرت، لكنه يدرك في التكتيك أن زوال إسرائيل ليس في متناول اليد في هذه المرحلة أو في مرحلة أبعد».

عماد مغنية

ثلاثة من القيادات المركزية في «حزب الله» يُنسب اغتيالها لإسرائيل

ينسب «حزب الله» اغتيال ثلاث شخصيات عسكرية مركزية في جهازه إلى إسرائيل. وبدأ المسلسل في عام 2008 باغتيال عماد مغنية، الذي وصفه نصر الله بـ«قائد الانتصارين»، (2000 و2006)، وكان قد اغتيل بسيارة مفخخة بدمشق في فبراير (شباط) 2008. ومغنية، من مواليد 1962، ويُعد من مؤسسي «حزب الله» في 1982، وقاد الوحدة العسكرية بالحزب منذ منتصف التسعينات، كما قاد معارك الحزب ضد إسرائيل في 2006.بعد مغنية، تعرّض مصطفى بدر الدين للاغتيال في مايو (أيار) 2016، إذ قتله صاروخ استهدفه في مركز للحزب بريف دمشق في سوريا، وتضاربت هوية الجهة التي اغتالته بين مجموعات سورية معارضة أو إسرائيل. وبدر الدين من مواليد 1961، ويعد من الكوادر المؤسِّسة للحزب في 1982، وقاد وحدة الحزب العسكرية لفترات متقطعة بين 1992 - 1996 و2008 - 2016، كما قاد معارك الحزب في سوريا منذ 2012، وعدَّته إسرائيل «وزير أمن حزب الله».وبعد بدر الدين، اغتالت إسرائيل أخيراً فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في يوليو (تموز) 2024، وشكر من مواليد 1961، ومن مؤسسي «حزب الله» في 1982، وقاد الوحدة العسكرية المركزية بالحزب في فترات متقطعة بين 1985 - 1992، و2016 – 2024، وترأس برنامج تطوير سلاح الحزب بالصواريخ الدقيقة والمسيّرات. ويقول الحزب إنه وضع البرامج التدريبية والعسكرية وتولى صياغة الخطط العسكرية. أيضاً قاد شكر معارك الحزب في جنوب لبنان ضد إسرائيل منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، واغتيل بغارة جوية إسرائيلية في ضواحي بيروت الجنوبية يوم 30 يوليو 2024.