«الحرس الثوري» يعزز فرضية «الاختراق المحلي» في اغتيال هنية

إيران تقول إن «العقاب شديد» لكنه في «الزمان والمكان المناسبين»

رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)
رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)
TT

«الحرس الثوري» يعزز فرضية «الاختراق المحلي» في اغتيال هنية

رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)
رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)

بعد روايتين مثيرتين من «نيويورك تايمز» الأميركية، و«تليغراف» البريطانية، حاول «الحرس الثوري» الإيراني احتكار رواية اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وقال أخيراً، إن «صاروخاً قصير المدى» ضرب مقر إقامته بطهران، ما قد يعزز من احتمالات وجود اختراق محلي.

وكانت الصحيفة الأميركية زعمت أن قنبلة مزروعة منذ شهرين في مقر هنية بطهران وراء اغتياله، بينما أفضى تحقيق للصحيفة البريطانية إلى أن «الموساد (وكالة الاستخبارات الإسرائيلية) وظف عملاء إيرانيين لزرع قنابل في ثلاث غرف منفصلة في مبنى كان يقيم فيه زعيم حركة (حماس)».

رواية «الحرس الثوري»

وصباح السبت، أصدر «الحرس الثوري» بياناً وزعه باللغة الفارسية وبعربية ركيكة، جاء فيه أن «رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) اغتيل بمقذوف صاروخي قصير المدى».

وفصّل البيان كيفية الاغتيال «عبر إطلاق مقذوف قصير المدى برأس حربي زنة نحو 7 كيلوغرامات، مصحوباً بانفجار قوي، من خارج منطقة سكن الضيوف».

وكان موقع «سباه نيوز»، الناطق الرسمي باسم «الحرس الثوري» الإيراني، تحدث عن إطلاق «صاروخ من خارج الحدود الإيرانية» استهدف مقر إقامة هنية وتسبب باغتياله.

وأمس الجمعة، تحفزت إيران دفاعاً عن روايتها لوقائع الاغتيال. وكان الإصرار واضحاً على أن الأمر تم بمقذوف سقط من الجو، وليس عبوة مزروعة قبل أشهر في محل إقامة الضيف الفلسطيني بطهران.

وقياساً لوزن الرأس الحربي المذكور في بيان «الحرس الثوري»، فإن مصدر إطلاقه، على الأرجح من مكان قريب، داخل إيران.

ورأى «الحرس الثوري» أن اغتيال هنية «إجراء صممه النظام الصهيوني بدعم من الحكومة الأميركية»، وتوعد بالرد قائلاً: «سيتلقى النظام الصهيوني المغامر والإرهابي الرد على هذه الجريمة، وهو العقاب الشديد في الزمان والمكان والكيفية المناسبة».

والحال أن الرواية الجديدة لـ«الحرس» تشير بوضوح إلى تحمّل طهران المسؤولية، لكنها تفتح باب التكهنات بشأن وجود اختراق محلي كبير، وهو ما يعزز فرضية وجود عملاء محليين تم تجنيدهم لتنفيذ العملية.

يمنيون يلوحون بالأعلام ويرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر وإسماعيل هنية خلال تجمع حاشد في صنعاء (أ.ف.ب)

كيف اغتيل هنية؟

وبالتزامن مع بيان «الحرس»، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب أحمد بخشايش أردستاني، إن هناك «سيناريوهين محتملين» بشأن اغتيال هنية.

وأوضح أردستاني، في تصريح صحافي، أن أحد السيناريوهات المحتملة هو أن «الإسرائيليين استخدموا طائرة صغيرة دون طيار من محطة توتشال الثانية للتزلج، واستهدفوا الموقع المطلوب»، والسيناريو الثاني هو أن «عناصر مخترقة داخل إيران تمركزت في نفس المنطقة حول توتشال الثانية للتزلج، واستهدفت مكان إقامته بسلاح يشبه الصاروخ».

وتقع المحطة فوق جبل يطل على معسكر «الإمام علي» التابع لـ«فيلق القدس».

ودار الضيافة تقع ضمن منطقة أمنية محصنة يشرف عليها «فيلق القدس»، تُعرف باسم معسكر «الإمام علي» لتدريب عناصر «الحرس الثوري»، ومسلحين آخرين من فصائل الوكلاء.

اعتقالات في إيران

وبعد الاغتيال، اعتقلت إيران أكثر من عشرين شخصاً، من بينهم ضباط استخبارات كبار ومسؤولون عسكريون وموظفون في دار ضيافة يديرها «الحرس الثوري» في طهران، رداً على الخرق الأمني «الضخم والمهين» الذي أدى إلى اغتيال هنية، بحسب ما كشف مطلعون على التحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز».

وتولّت وحدة الاستخبارات المتخصصة في التجسس التابعة لـ«الحرس الثوري» التحقيق، وتطارد المشتبه بهم على أمل أن تقودهم إلى أعضاء فريق الاغتيال الذي خطط وساعد ونفذ عملية القتل، وفقاً لمسؤولين إيرانيين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما بسبب الطبيعة الحساسة للتحقيقات.

وداهم عناصر أمن إيرانيون مجمع دار الضيافة، التابع لـ«الحرس الثوري»، والذي كان يقيم فيه هنية بشكل متكرر - في الغرفة نفسها – في أثناء زياراته إلى طهران.

ووضع العملاء جميع أفراد طاقم دار الضيافة تحت الحجز، واعتقلوا بعضهم، وصادروا جميع الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف الشخصية، بحسب ما كشف الإيرانيون للصحيفة.

وأشاروا إلى أن فريقاً منفصلاً من العملاء استجوب كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الذين كانوا مسؤولين عن حماية العاصمة طهران، ووضعوا عدداً منهم قيد الاعتقال حتى اكتمال التحقيقات.

وليس جديداً أن تقوم إيران باعتقال أشخاص تحت ذريعة الاشتباه بأدوار تجسسية بعد كل خرق أمني تتعرض له المؤسسات الأمنية.

وأدى اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية إلى تكثيف المخاوف بشأن نفوذ إسرائيل وتأثيرها داخل إيران، وفقاً لصحيفة «تليغراف».

وأضافت الصحيفة أن المرشد الإيراني «استدعى جميع القادة عدة مرات خلال اليومين الماضيين، وهو يريد إجابات».

صورة هنية خلال مظاهرة للتنديد بمقتله في مدينة صيدا الساحلية اللبنانية (أ.ف.ب)

رد «حزب الله» اللبناني

إلى ذلك، توقعت إيران أن يضرب «حزب الله» اللبناني «عمق» إسرائيل، و«ألا يكتفي بأهداف عسكرية»، رداً على اغتيال القيادي العسكري البارز في التنظيم فؤاد شكر بضربة إسرائيلية.

وقتل فؤاد شكر الذي كان مسؤولاً عن إدارة عمليات الحزب في جنوب لبنان، في غارة استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وتوعّد الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، الخميس، إسرائيل بـ«ردّ آت حتماً».

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إنه بعد اغتيال شكر: «نتوقع أن يختار (حزب الله) المزيد من الأهداف»، وأن يضرب في «عمق» إسرائيل، بحسب ما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وقالت البعثة الإيرانية إن «(حزب الله) والكيان (الإسرائيلي) كانا يلزمان خطوطاً تجاوزها الهجوم». وتابعت أن الحزب «لن يقتصر في رده على الأهداف العسكرية».

كما تحدث قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي عن أن الضربة الإسرائيلية القاتلة على منطقة سكنية في بيروت والتي أسفرت عن مقتل شكر ستنتهي بعقاب شديد لإسرائيل.

وفي رسالة تعزية إلى أمين «حزب الله» حسن نصرالله، حذر سلامي إسرائيل من عواقب اغتيال شكر في لبنان. وقال: «يجب أن ينتظروا الغضب والانتقام القاسي، والانتقام من جانب المجاهدين المخلصين في جبهات المقاومة الإقليمية».

وكانت إيران شيعت جثمان ميلاد بيدي، المستشار العسكري في «الحرس الثوري» في الغارة التي قتل فيها شكر بلبنان.

أنصار الحوثي في تجمع حاشد للتنديد بمقتل هنية (أ.ف.ب)

سيناريو الرد

منذ ليلة الجمعة - السبت، رفعت إيران درجة التهديدات، واستعمل إعلامها الرسمي أسلوب «الحرب النفسية»، حتى إن مذيعاً في قناة تلفزيونية قال في بث مباشر خلال المساء: «انتظروا شيئاً مهماً الليلة».

وفي نسخ الصحافة المحلية اليومية الصادرة صباح السبت، سطرت مانشيتات الصفحات الأولى عبارات من قبيل «الرعب في تل أبيب» و«الانتقام لهنية»، وسلطت الضوء على إغلاق مصانع ومراكز ومطارات إسرائيلية تحسباً لضربة من إيران أو حلفائها.

كما كثفت حسابات إلكترونية إيرانية في منصة «إكس» نشر أفلام دعائية لإطلاق صواريخ، وسوقت بنشاط غير مسبوق لفرضيات كثيرة عن طبيعة الرد.

وتداولت منصات محلية معلومات - بزعم أنها منسوبة إلى «رويترز» - عن استعدادات وشيكة لهجوم بصواريخ باليستية ضد إسرائيل، من إيران والعراق واليمن، بالتزامن مع إغلاق تركيا مجالها الجوي.

ولاحقاً خلال النهار، قال متحدث باسم «رويترز» إن الوكالة لم تنشر مثل هذه المعلومات الملفقة.

واستخدم مسؤولون إيرانيون تلميحات إلى شكل وحجم الرد على اغتيال هنية. وقال عضو مجلس خبراء القيادة حسن عاملي: «للأسف، ديننا لا يسمح بالاعتداء على المدنيين، لذلك تستهدف إيران فقط المراكز العسكرية. إذا كان بإمكان إيران استهداف المدنيين، لتم إخلاء تل أبيب بالكامل بالتأكيد وبلا شك، وكان هذا النظام البغيض سيسقط في غضون أيام قليلة».

لكن حساب المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في «إكس»، كتب السبت: «تنفيذ عملية عقابية ضد إسرائيل سيتم بالتأكيد في الوقت والطريقة المحددين. المؤشرات هي رعد يبشر ببرق نار الانتقام».


مقالات ذات صلة

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.