خالد شيخ العقل المدبّر لهجمات سبتمبر يبرِم «اتفاق الإقرار بالذنب»

ضمن صفقة مع المدعين العامين لتفادي حكم الإعدام

رسم لخالد شيخ محمد (يمين) ورمزي بن الشيبة (وسط) ووليد بن عطاش (يسار) خلال مثولهم أمام القاضي في جلسة تحضيراً لمحاكمتهم في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا (أ.ف.ب)
رسم لخالد شيخ محمد (يمين) ورمزي بن الشيبة (وسط) ووليد بن عطاش (يسار) خلال مثولهم أمام القاضي في جلسة تحضيراً لمحاكمتهم في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا (أ.ف.ب)
TT

خالد شيخ العقل المدبّر لهجمات سبتمبر يبرِم «اتفاق الإقرار بالذنب»

رسم لخالد شيخ محمد (يمين) ورمزي بن الشيبة (وسط) ووليد بن عطاش (يسار) خلال مثولهم أمام القاضي في جلسة تحضيراً لمحاكمتهم في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا (أ.ف.ب)
رسم لخالد شيخ محمد (يمين) ورمزي بن الشيبة (وسط) ووليد بن عطاش (يسار) خلال مثولهم أمام القاضي في جلسة تحضيراً لمحاكمتهم في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا (أ.ف.ب)

اعترف المتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، واثنان من شركائه بالذنب في تهمة تدبير المؤامرة والقتل، مقابل الحكم عليهم بالسجن مدى الحياة بدلاً من الإعدام في قاعدة غوانتانامو بكوبا، حسبما قال المدعون العامون، الأربعاء.

قال المدعون العامون إن الصفقة تهدف إلى الوصول بالقضية إلى «نهايتها وتحقيق العدالة»، خاصة لأسر ما يقرب من 3000 شخص قُتلوا في الهجمات في مدينة نيويورك، والبنتاغون، وبأحد حقول بنسلفانيا.

توصل المتهمان خالد شيخ محمد، ومصطفى الهوساوي إلى الصفقة في مناقشات مع المدعين العامين على مدار 27 شهراً في غوانتانامو، ووافق عليها مسؤول رفيع المستوى بوزارة الدفاع يشرف على المحكمة العسكرية، الأربعاء.

خالد شيخ محمد مدبّر هجمات 11 سبتمبر الإرهابية (نيويورك تايمز)

رغم بقاء المتهمين قيد الاحتجاز الأميركي منذ عام 2003، فقد تعثرت القضية لأكثر من عِقد بسبب طول إجراءات ما قبل المحاكمة التي ركزت على ما إذا كان تعذيبهم في سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية قد لوّث الأدلة ضدهم. وردت أنباء الصفقة في رسالة من مدعي عام المحكمة العسكرية إلى أسر ضحايا 11 سبتمبر. وقال في الرسالة التي وقّعها الأدميرال الرقيب آرون سي رو، المدعي العام للمحكمة العسكرية، وثلاثة محامين من فريقه: «في مقابل إلغاء عقوبة الإعدام كعقاب محتمل، وافق هؤلاء المتهمون الثلاثة على الإقرار بالذنب في جميع التهم الموجهة إليهم، بما في ذلك قتل 2976 شخصاً مدرجين في لائحة الاتهام». وذكرت الرسالة أن المتهمين من الممكن أن يقدّموا اعترافاتهم أمام المحكمة العلنية في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.

وجاءت الصفقة لتجنب ما كان متوقعاً أن يكون محاكمة تستغرق من 12 إلى 18 شهراً، أو بدلاً من ذلك، إمكانية قيام القاضي العسكري بإلغاء اعترافات كانت مفتاحاً لقضية الحكومة. وقد استمع القاضي، العقيد ماثيو إن مكال، إلى الشهادات هذا الأسبوع وكان أمامه المزيد من الجلسات المقررة في وقت لاحق من العام الحالي لاتخاذ قرار بشأن هذه القضايا الرئيسية قبل المحاكمة وغيرها.

قُتل ما يقرب من 3000 شخص في هجمات 11 سبتمبر 2001 (نيويورك تايمز)

واتُهم خالد شيخ محمد (59 عاماً)، المهندس الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة والمتشدد المعروف، بتبني فكرة اختطاف الطائرات وتحطيمها بالارتطام عمداً بالمباني. وقال المدعون العامون إن خالد شيخ قدّم الخطة إلى أسامة بن لادن عام 1996، ثم ساعد في تدريب بعض الخاطفين وتوجيههم. تم القبض على خالد وعلى الهوساوي (55 عاماً) معاً في باكستان في مارس (آذار) عام 2003، واحتُجزا في سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حتى نقلهما إلى القاعدة البحرية الأميركية في غوانتانامو في سبتمبر 2006 لمحاكمة محتملة. بحلول ذلك الوقت، كان المحققون قد احتجزوا المتهمين لسنوات في عزلة وعذبوهم، بما في ذلك إخضاع خالد شيخ لـ183 جولة من الإيحاء بالغرق، وهو قرار من شأنه أن يعطل سنوات من الجهود المبذولة لمحاكمة المتهمين. ووصف بن عطاش، في الأربعينات من عمره، بأنه، بصفته مشاركاً آخر في المؤامرة، ساعد في تدريب بعض الخاطفين ونفّذ مهام كَلّفَه بها كل من خالد شيخ محمد وأسامه بن لادن.

وسيواجه المتهمون الثلاثة ما يشبه محاكمة مصغرة، لكن ربما ليس قبل العام المقبل. في المحاكم العسكرية، حيث وجهت إليهم التهم، يقبل القاضي الالتماس، لكن يجب تشكيل هيئة محلفين عسكرية للاستماع إلى الأدلة، بما في ذلك شهادة ضحايا الهجمات، وتحديد العقوبة. وبحلول تلك المرحلة، يكون القاضي قد حلّ النزاعات القضائية حول الأدلة التي يمكن استخدامها في إجراءات الحكم.

وأثارت الصفقة غضباً وارتياحاً في الوقت ذاته بين الآلاف من أقارب الذين لقوا حتفهم في 11 سبتمبر. كان بعض أفراد أسر المتهمين يخشون ألا تصل القضية أبداً إلى حل، وأن يموت المتهمون في السجون الأميركية من دون إدانة. ودفع آخرون الذين يريدون عقوبة الإعدام، الحكومة إلى تقديم القضية للمحاكمة، حتى بالمخاطرة بإلغاء الحكم في وقت لاحق. في هذا الصدد، قالت كاثلين فيغيانو، التي قُتل زوجها المحقق في شرطة نيويورك جوزيف فيغيانو وشقيقها رجل الإطفاء جون في مركز التجارة العالمي، إنها «غاضبة» من النتائج. وقالت: «كنت أريد حقاً عقوبة الإعدام. لقد قتلوا 3000 أميركي ولا يزال الناس يموتون بسبب سرطان ما بعد 11 سبتمبر». وأضافت أنها قلقة من إمكانية الإفراج عن السجناء يوماً ما.

من ناحية أخرى، قالت، إذا بقوا في السجن، فسيتعين على الحكومة إعالتهم مدى الحياة. وقال غلين مورغان، الذي قُتل والده ريتشارد مورغان في انهيار مركز التجارة العالمي، إنه يحترم المدعين العامين الذين «نحّوا جانباً الحكم بالإعدام المرغوب فيه وخرجوا بأفضل نتائج ممكنة من أسوأ موقف ممكن». وأضاف: «بذلك تغلبوا على عنصر الوقت. طبّقوا حكم القانون وأدانوا المجرمين قتلة والدي وزملائه». وقال الأدميرال رو في رسالته إنه في إطار الصفقة، وافق خالد شيخ والآخرون على الإجابة عن أسئلة أفراد أسر الضحايا «بشأن أدوارهم وأسباب تنفيذ هجمات 11 سبتمبر».

وبموجب العملية، المعروفة أحياناً باسم «العدالة التصالحية»، سيقدم أفراد الأسرة الأسئلة بحلول 14 سبتمبر، ويجب أن يتلقوا الإجابات بحلول نهاية عام 2024. وأشار جاري سوواردز، محامي خالد شيخ محمد، إلى أن إجابة خالد عن «جميع أسئلة كيف ولماذا وقعت 11 سبتمبر» كان جزءاً مهماً من الاتفاق. وقال سوواردز: «الكثير من الأشخاص الذين تأثرت حياتهم بشكل مأساوي بهذه الأحداث سيحصلون على النهاية التي سعى إليها الكثيرون لفترة طويلة». وأضاف: «الأمر المهم بالقدر نفسه هو أن الحكومة وافقت على التزامنا بالسماح للضحايا والناجين بسرد قصص كيف أثر 11 سبتمبر بشكل كبير على حياتهم».

لم يكن اثنان من المتهمين الخمسة الأصليين طرفاً في الصفقة. وتبيّن أن رمزي بن الشيبة، الذي اتُهم بالمساعدة في تشكيل خلية من الخاطفين في هامبورغ بألمانيا، غير قادر على المثول أمام المحكمة بسبب مرض عقلي، وتم إغلاق قضيته. المتهم الخامس، المعروف باسم عمّار البلوشي (46 عاماً)، لم يُدرج أيضاً في اتفاق الإقرار بالذنب وقد يواجه المحاكمة بمفرده، وهو ابن شقيقة خالد شيخ محمد ومتهم، شأن الهوساوي، بمساعدة الخاطفين في الأمور المالية وترتيبات السفر أثناء العمل في الخليج العربي. كانت صفقات الإقرار بالذنب قيد المناقشة منذ مارس 2022، لكنها واجهت عقبة كبيرة في سبتمبر عندما رفض البيت الأبيض الموافقة على الشروط التي طلبها المتهمون. فقد طالب المتهمون بضمانات بأنهم لن يقضوا عقوباتهم في الحبس الانفرادي، وأن يجري تحسين اتصالهم بأسرهم ومواصلة الاتصال بمحاميهم. طالب البلوشي بشكل خاص أيضاً بأن تتعهد الولايات المتحدة بإقامة برنامج خاص للعلاج من التعذيب يديره مدنيون في السجن.

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مصادر: فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم

الولايات المتحدة​ صورة جوية للبنتاغون في واشنطن (رويترز - أرشيفية)

مصادر: فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم

قال مصدران إن أعضاء الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، يُعدون قائمة بمسؤولين عسكريين من المزمع فصلهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مجموعة صور تشمل ماسك وراماسوامي وسوزي وايلز وبيت هيغسيث وتوماس هومان وإليز ستيفانيك وجون راتكليف ومايك والتز وماركو روبيو ولي زيلدين وستيفن ميلر (أ.ف.ب)

ترمب يكلّف ماسك بمهمة «التغيير الجذري» في طريقة حكم أميركا

عيّن ترمب المليارديرين إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي لقيادة «دائرة الكفاءة الحكومية» المستحدثة من أجل إحداث «تغيير جذري» في المؤسسات الحكومية.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب متحدثاً بـ«خطاب النصر» في ويست بالم بيتش بفلوريدا صباح الأربعاء الماضي (أ.ب)

البنتاغون أمام اختبار ولاية ترمب الثانية

أكد ترمب أن مهمته الآن لا تقل عن «إنقاذ بلادنا»، التي تتضمن أجندة موسعة من شأنها إعادة تشكيل الحكومة، والسياسة الخارجية، والأمن القومي، والاقتصاد.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال زيارة لأفراد القوات المسلحة الأميركية في قاعدة بجنوب العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

قادة البنتاغون يبحثون كيفية الرد على أوامر «مثيرة للجدل» قد يصدرها ترمب

يعقد المسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية مناقشات «غير رسمية» حول كيفية الرد إذا أصدر ترمب أوامر بنشر قوات داخلياً أو إذا طرد أعداداً كبيرة من موظفي الوزارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ف.ب)

«البنتاغون»: أوستن تحدث مع وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تحدث مع وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«النواب» الأميركي يقر مشروع قانون يستهدف المنظمات غير الربحية «الداعمة للإرهاب»

مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

«النواب» الأميركي يقر مشروع قانون يستهدف المنظمات غير الربحية «الداعمة للإرهاب»

مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

صادق مجلس النواب الأميركي، اليوم (الخميس)، على مشروع قانون يمنح وزارة الخزانة سلطة أحادية لإلغاء وضع الإعفاء الضريبي للمنظمات غير الربحية التي ترى الوزارة أنها تدعم الإرهاب.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، أثار ذلك قلق المنظمات المدافعة عن الحريات المدنية بشأن كيفية استخدام رئاسة ترمب الثانية لهذا القانون في معاقبة معارضين سياسيين.

وقد تم تمرير مشروع القانون بأغلبية 219 صوتاً، مقابل 184 صوتاً، وجاءت أغلبية الأصوات المؤيدة من الجمهوريين، الذين اتهموا الديمقراطيين بالتراجع عن دعمهم لمشروع قانون «الفطرة السليمة» فقط بعد انتخاب دونالد ترمب لفترة ولاية ثانية في وقت سابق من هذا الشهر.

وخلال حديثه في قاعة مجلس النواب قبل التصويت، قال النائب جيسون سميث، رئيس اللجنة المعنية بالضرائب والجمارك ووسائل الدخل الأخرى في مجلس النواب عن الحزب الجمهوري، إن زملاءه من الحزب الديمقراطي كانوا سيستمرون في دعم مشروع القانون إذا فازت نائبة الرئيس كامالا هاريس بالرئاسة.

وأضاف سميث، النائب عن ولاية ميسوري: «نحن أعضاء في الكونغرس لدينا واجب التأكد من أن دافعي الضرائب لا يدعمون الإرهاب، فالأمر بسيط للغاية».

لكن مشروع القانون أثار مخاوف مجموعة من المنظمات غير الربحية التي تقول إنه يمكن استخدام هذا القانون لاستهداف منظمات، منها المواقع الإخبارية والجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، التي قد تختلف معها إدارة رئاسية مستقبلية.

ويقول المعارضون إن مشروع القانون لا يوفر للمنظمات ما يكفي من الإجراءات القانونية الواجبة.

وقالت النائبة براميلا جايابال، رئيسة الكتلة التقدمية في الكونغرس، في قاعة مجلس النواب قبل التصويت: «إن مشروع القانون هذا هو خطوة استبدادية من قبل الجمهوريين لتوسيع الصلاحيات الشاملة للسلطة التنفيذية، وملاحقة الأعداء السياسيين وقمع المعارضة السياسية».

ويرى منتقدون أن مشروع القانون غير ضروري لأنه يتعارض بالفعل مع القانون الأميركي فيما يتصل بدعم الجماعات الإرهابية. ويتضمن أيضاً مشروع القانون، الذي سيحال على مجلس الشيوخ حيث ما زال مصيره غير مؤكد، تأجيل المواعيد النهائية لتقديم الإقرارات الضريبية للأميركيين المحتجزين كرهائن أو المعتقلين بشكل غير قانوني في الخارج.