«غوانتانامو»: هل «الإيهام بالغرق» الذي تعرض له مدبر «هجمات سبتمبر» سيخفف من عقوبته؟

طبيب نفسي يدافع عن إخضاع خالد شيخ محمد لهذا الأسلوب

خالد شيخ محمد مدبر هجمات سبتمبر تعرض للإيهام بالغرق 183 مرة بأحد السجون السرية بالخارج (نيويورك تايمز)
خالد شيخ محمد مدبر هجمات سبتمبر تعرض للإيهام بالغرق 183 مرة بأحد السجون السرية بالخارج (نيويورك تايمز)
TT

«غوانتانامو»: هل «الإيهام بالغرق» الذي تعرض له مدبر «هجمات سبتمبر» سيخفف من عقوبته؟

خالد شيخ محمد مدبر هجمات سبتمبر تعرض للإيهام بالغرق 183 مرة بأحد السجون السرية بالخارج (نيويورك تايمز)
خالد شيخ محمد مدبر هجمات سبتمبر تعرض للإيهام بالغرق 183 مرة بأحد السجون السرية بالخارج (نيويورك تايمز)

خلال السنوات التي أعقبت إيهام مسؤولين يتبعون وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) الرجل المتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) بالغرق، طرحت الوكالة تفسيرات لكيفية تعرض الرجل لهذا الأسلوب 183 مرة بأحد السجون السرية بالخارج.

«الإيهام بالغرق» 183 مرة

وكان السجين خالد شيخ محمد مقيداً إلى نقالة، ورأسه مائل إلى الأسفل، في حين تغطي وجهه قطعة قماش. وبطريقة ما، تقول النظرية، أدرك أن آسريه كانوا يسكبون الماء على القماش لمدة 40 ثانية، على أقصى تقدير، في المرة الواحدة. لذلك، استخدم أصابعه للعد حتى يتمكن من التنفس مرة أخرى، بعدما راوده الشعور بالإحساس بالغرق.

هذا الأسبوع، في أثناء جلسة استماع في القضية، قدم محامي محمد، غاري سواردز، تفسيراً بديلاً لدى استجواب الطبيب النفسي الذي أدار عملية الإيهام بالغرق. وقال سواردز إن بعض المسلمين، وبينهم محمد، يرفعون إصبع الإبهام إلى الأعلى، كما لو كانوا يشيرون إلى السماء، عندما يساورهم الاعتقاد بأنهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة؛ لفتة فسرها بعض مراقبي «سي آي أيه» بأن محمد كان يحاول إحصاء الوقت حتى اقتراب اللحظة الأخيرة من تلك الجولة من محاكاة الغرق.

سجن سري في بولندا مارس 2003

ومن غير المعروف وجود أي سجين آخر في تاريخ الولايات المتحدة تعرض لهذا الأسلوب لهذا العدد الكبير من المرات مثل محمد. وفي الوقت الذي جرت مناقشة ووصف أسلوب الإيهام بالغرق بشكل دوري خلال جلسات الاستماع منذ توجيه الاتهام إلى محمد عام 2012، فإن شهادة هذا الأسبوع عرضت مناقشة سريرية حول كيفية استخدام ممثلي «سي آي أيه» هذا الأسلوب مراراً، وتقييمهم فاعليته في سجن سري في بولندا في مارس (آذار) 2003.

ويحاول القاضي العسكري المعني بهذه القضية أن يقرر ما إذا كانت اعترافات محمد والمتهمين الآخرين في قضية هجمات 11 سبتمبر يشوبها التعذيب. وإذا تأكد هذا الأمر، فلن تُقبل هذه الشهادات في المحاكمة التي يمكن أن تفضي إلى الإعدام حال الإدانة.

الطبيب النفسي جون جيسين قال إن خالد شيخ محمد كان يتلوى من الألم بعد إخضاعه لتقنية الإيهام بالغرق (نيويورك تايمز)

من جهته، قال الطبيب النفسي جون بروس جيسين إنه يتفق مع ما ورد في برقيات مسؤولي «سي آي أيه» إلى المقر الرئيسي في ذلك الوقت أن محمد «كان يصرخ ويتلوى»، في حين كان الحراس «يحاولون إيهامه بالغرق».

وأكد الدكتور جيسين أنه في الشهر الأول من احتجازه، كان محمد «ينتحب باكياً عندما كان يجري وقف جولة إيهامه بالغرق».

ومع ذلك، ذكر الدكتور جيسين كذلك أن محمد أبدى «صموداً كبيراً للغاية في مواجهة جولات الإيهام بالغرق» و«تغلب عليها في وقت مبكر للغاية»، حسبما أفادت «سي آي أيه» في كثير من الأحيان.

جدير بالذكر أن الإيهام بالغرق يتضمن تقييد السجين، ثم صب الماء على قطعة قماش على وجهه لخنقه لفترة كافية لجعله يشعر جسدياً بأنه يغرق. وقد سبق أن أدانت الولايات المتحدة استخدام هذا الأسلوب على أسرى الحرب الأميركيين، باعتباره تعذيباً. كما يجري تعريفه على هذا النحو في إطار القانون الدولي.

الرئيس أوباما: غير قانوني

ومع ذلك، سمح محامو إدارة جورج دبليو بوش لوكالة «سي آي أيه» باستخدام أسلوب «الإيهام بالغرق» على سجناء محتجزين داخل شبكتها من السجون السرية الخارجية. من جهته، أعلن الرئيس باراك أوباما في وقت لاحق أن هذا الأسلوب غير قانوني.

وقبل 11 سبتمبر، أشرف الدكتور جيسين على برامج وزارة الدفاع التي دربت القوات الأميركية على المقاومة والبقاء على قيد الحياة في الأسر. وقال إنه شاهد تدريبات جرى فيها استخدام أسلوب الإيهام بالغرق على أفراد من الجيش الأميركي، بمعدل مرة واحدة فقط لكل شخص. إلا أنه شهد بأنه لم يفعل ذلك أو يختبره قَطّ، قبل أن يقترح استعانة «سي آي أيه» بهذا الأسلوب على الإرهابيين المشتبه بهم عام 2002.

وقال إنه وافق طواعية على تقييده وخضوعه للإيهام بالغرق ثلاث مرات، لإدراكه أن زملاءه لن يقتلوه.

من ناحيتها، اعترفت «سي آي أيه» رسمياً باستخدام هذا الأسلوب على ثلاثة سجناء في السنوات التي سبقت نقلهم إلى «غوانتانامو» في سبتمبر 2006.

زين العابدين محمد الحسين المكنى «أبو زبيدة» بمعتقل غوانتانامو (أ.ب)

«أبو زبيدة» 63 مرة

في صيف عام 2002، سكب الدكتور جيسين الماء على وجه سجين يُعرف باسم «أبو زبيدة» 63 مرة في تايلاند في إطار ما عُرف باسم «الاستجواب المعزز». وحاول الفريق كذلك استخدام هذا الأسلوب في أثناء استجواب عبد الرحيم النشيري، المتهم بالتخطيط لتفجير المدمرة البحرية «كول» قبالة اليمن عام 2000. إلا أن النشيري كان جسده صغيراً للغاية، وانزلق في أثناء محاولة إيهامه بالغرق.

وقال الدكتور جيسين في شهادته، هذا الأسبوع، إن رجلاً رابعاً، يُدعى مصطفى الهوساوي، ذكر أنه تعرض لهذا الأسلوب داخل أحد مراكز «سي آي أيه» في أفغانستان، وأنه صدقه وأبلغ عن الأمر. يُذكر أن الهوساوي من بين المتهمين في قضية هجمات 11 سبتمبر.

حرمان من النوم لمدة أسبوع

من ناحية أخرى، وبعد القبض على محمد عام 2003، قال الدكتور جيسين، إن فريق الإيهام بالغرق، الموجود الآن في بولندا، كان تحت ضغط من الرئيس لاستخلاص معلومات منه. خلال تلك الفترة، بقي محمد عارياً وأُجبر على الوقوف بالسلاسل لحرمانه من النوم، في وقت ما لمدة أسبوع.

كانت معلومات استخباراتية رديئة قد أشارت إلى أن الإرهابيين ينوون تفجير قنبلة نووية قريباً، ربما في الولايات المتحدة. وكان المحققون يريدون الحصول على هذه المعلومات، لكن يبدو أن محمد لم تكن لديه معلومات ليشاركها؛ لأنه، كما شهد الدكتور جيسين، لم يجرِ العثور على مثل هذه القنبلة على الإطلاق. وقال الدكتور جيسين عن السجناء: «لم نكن هناك لإلحاق الأذى بهم».

وأضاف: «لم يكن هناك أي عداء شخصي من جانبي تجاه خالد شيخ محمد، لكنه كان عدواً فتاكاً. وكانت مهمتي أن أبذل قصارى جهدي، بجانب بقية الأشخاص، لمعرفة ما إذا كانت هذه الهجمات حقيقية».

وأكد الدكتور جيسين، أنه استناداً إلى خبرته المهنية و«البوصلة الأخلاقية» والآراء القانونية، فإنه مقتنع بأن الأساليب التي ساعد في ابتكارها لا تشكل تعذيباً.

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

أميركا تعيد 3 من معتقلي غوانتانامو إلى وطنهم

الولايات المتحدة​ داخل مركز احتجاز في خليج غوانتانامو في عام 2019، كان السجن يضم 40 رجلاً عندما تولى الرئيس بايدن منصبه، يوجد الآن 29 محتجزاً (نيويورك تايمز)

أميركا تعيد 3 من معتقلي غوانتانامو إلى وطنهم

نقلت الولايات المتحدة اثنين من المعتقلين الماليزيين بسجن غوانتانامو العسكري الأميركي إلى وطنهما، بعد أن أقرا بالذنب في تهم تتعلق بتفجيرات 2002 القاتلة في بالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ محمد فاريك بن أمين (نيويورك تايمز)

غوانتانامو: ظهور صور السجين الذاتية للتعذيب في سجلات المحكمة الرسمية

وحيداً في زنزانة لا ترافقه فيها سوى أفكاره المظلمة عن أوقات تعيسة، قام السجين بوضع قلم على ورق ورسم صوراً تفصيلية عن كيفية تعذيبه على يد العملاء الأميركيين.

كارول روزنبرغ
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» (نيويورك تايمز)

إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي

أعلن البنتاغون الثلاثاء أنّه أطلق سراح سجين كيني من غوانتانامو، لينخفض بذلك عدد الذين ما زالوا محتجزين في هذا السجن العسكري الواقع داخل قاعدة أميركية في كوبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ «لقد مات عدد كبير للغاية من أفراد العائلات وهم ينتظرون بدء المحاكمة العسكرية في غوانتانامو... ناهيك عن تحقيق العدالة»... هذا ما كتبه السيناتور ريتشارد جيه دوربين الديمقراطي من إلينوي ورئيس لجنة القضاء في رسالة (نيويورك تايمز)

سيناتور أميركي يدعو أوستن إلى قبول تسوية مع المتهمين بتخطيط هجمات سبتمبر

دعا السيناتور ريتشارد دوربين، وزيرَ الدفاع لويد أوستن إلى قبول صفقة إقرار بالذنب مع المتهم بتخطيط الاعتداءات، وهي الصفقة التي كان أوستن قد ألغاها في السابق.

كارول روزنبرغ (غونتانامو ( كوبا) )
الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)

رئيس بنما يستبعد إجراء محادثات مع ترمب بشأن إدارة القناة

الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو (إ.ب.أ)
الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو (إ.ب.أ)
TT

رئيس بنما يستبعد إجراء محادثات مع ترمب بشأن إدارة القناة

الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو (إ.ب.أ)
الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو (إ.ب.أ)

استبعد الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو، الخميس، إجراء محادثات مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن إدارة قناة بنما، نافياً أي تدخل للصين في تشغيلها.

كما رفض مولينو إمكانية خفض الرسوم على السفن الأميركية رداً على تهديد ترمب بالمطالبة باستعادة واشنطن السيطرة على الممر المائي الحيوي الذي يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ.

وقال مولينو، في مؤتمر صحافي: «لا يوجد شيء نتحدث عنه»، مضيفاً: «القناة بنمية، وتنتمي إلى البنميين. ولا إمكانية لفتح أي نوع من المحادثات حول هذا الواقع الذي كلّف البلاد دماً وعرقاً ودموعاً».

والقناة التي افتتحت عام 1914 أنشأتها الولايات المتحدة، وسلّمتها إلى بنما في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1999، بموجب معاهدة وقّعها عام 1977 الرئيس الأميركي جيمي كارتر، والزعيم القومي البنمي عمر توريخوس.

ترمب في ولاية تكساس في 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

وانتقد ترمب، السبت، ما وصفه بالرسوم «السخيفة» المفروضة على السفن الأميركية التي تعبر القناة، ملمحاً إلى نفوذ الصين المتزايد.

وحذّر من أن «إدارة القناة تعود لبنما وحدها، لا إلى الصين ولا أي جهة أخرى. لم ندعها ولن ندعها أبداً تقع في الأيدي الخطأ!».

وشدّد على أنه إذا كانت بنما غير قادرة على ضمان «التشغيل الآمن والفعال والموثوق» لهذا الممر المائي، «فسنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل ومن دون نقاش».

والولايات المتحدة هي المستخدم الرئيسي للقناة، حيث تمر عبرها 74 في المائة من البضائع الأميركية، تليها الصين بنسبة 21 في المائة.

سفينة شحن تعبر قناة بنما في الثاني من سبتمبر 2024 (أ.ب)

وأوضح مولينو أن رسوم استخدام القناة: «لم يتم تحديدها بناء على رغبة الرئيس»، ولكن بموجب «عملية عامة ومفتوحة» وثابتة منذ فترة طويلة.

وأضاف: «لا يوجد أي تدخل أو مشاركة صينية على الإطلاق في أي شيء له علاقة بقناة بنما».

والأربعاء، زعم ترمب على منصته «تروث سوشيال»، دون دليل، أن جنوداً صينيين يعملون في قناة بنما بشكل غير قانوني.

ونفى مولينو هذا الادعاء أيضاً، قائلاً: «لا يوجد جنود صينيون في القناة، بحق الله».

وأقامت بنما علاقات دبلوماسية مع الصين عام 2017 بعد قطعها العلاقات مع تايوان، وهو قرار انتقدته إدارة ترمب الأولى.