لا مبالاة شعبية في دمشق تجاه الانتخابات البرلمانية

«البعث» الحاكم يحض أعضاءه على مشاركة واسعة في عملية الاقتراع

ملصقات انتخابية في أحد شوارع دمشق (الشرق الأوسط)
ملصقات انتخابية في أحد شوارع دمشق (الشرق الأوسط)
TT

لا مبالاة شعبية في دمشق تجاه الانتخابات البرلمانية

ملصقات انتخابية في أحد شوارع دمشق (الشرق الأوسط)
ملصقات انتخابية في أحد شوارع دمشق (الشرق الأوسط)

يبدي كثير من سكان العاصمة السورية، دمشق، الذين يعيش أغلبيتهم العظمى أسوأ ظروف معيشية، عدم مبالاة اتجاه انتخابات مجلس الشعب التي من المقرر إجراؤها الاثنين المقبل، بسبب فقدانهم الثقة بالمجلس «الشكلي» الذي يُفترض أن أعضاءه يمثلون الشعب، بينما حض حزب البعث الحاكم الذي يُتوقع أن يهيمن على أغلبية مقاعد المجلس إلى مشاركة واسعة في عملية الاقتراع.

وفي بلد يعيش أكثر من 90 في المائة من الأسر تحت خط الفقر، بحسب تقارير أممية، وتنهمك الأغلبية العظمى منه في تأمين لقمة العيش، لا يعير كثير منها اهتماماً لأي انتخابات كما هو حال «أبو زيدان» (60 عاماً) الذي يؤكد أنه لا يعرف متى ستجري الانتخابات. ويقول في دردشة قصيرة: «الانتخابات لن تطعم أولادي، وحتى لو ذهبنا وانتخبنا هل مَن سننتخبهم سيفتحون لنا أبوابهم بعد نجاحهم؟! قِلّة منهم مَن يفعل ذلك».

الانطباع السابق لا ينسحب على عامة السكان؛ فبالنسبة إلى البعض يجب المشاركة في عملية الاقتراع، لأن تغييرات جسمية بدأت تحصل في البلاد، وستنعكس بشكل إيجابي على أداء السلطة التشريعية (مجلس الشعب) والاستقرار في البلاد والوضع المعيشي ومعالجة التدهور الاقتصادي.

ملصقات انتخابية في أحد شوارع دمشق (الشرق الأوسط)

وتقول طبيبة تقطن في منطقة البرامكة: «أعتقد أنه يجري التأسيس لعهد وواقع جديد مختلف عن السابق، وبالتالي يجب المساهمة به عبر المشاركة بعملية الاقتراع واختيار الأكفأ مِن المرشحين».

ويتوجه الناخبون في مناطق سيطرة الحكومة، صباح الاثنين، إلى مراكز الاقتراع لاختيار نوابهم في انتخابات مجلس الشعب، التي تُعد الرابعة التي تجري بعد اندلاع النزاع في عام 2011. كما أنها تُعدّ الانتخابات التشريعية الثانية التي تجري في ظل قانون العقوبات الاقتصادية (قيصر)، الذي أسهم بشكل خاص في تدهور الوضع وتفاقم الأزمات المعيشية.

وأصدر حزب «البعث» الحاكم، قوائم «الوحدة الوطنية»، التي تضمنت أسماء مرشحيه ومرشحي الأحزاب المتحالفة معه وضمت 185 مرشحاً، من ضمنهم 169 لـ«البعث» و16 لبقية الأحزاب.

ويبلغ عدد مقاعد مجلس الشعب 250 مقعداً تتوزع مناصفة تقريباً بين قطاع العمال والفلاحين (127 مقعداً) وبقية فئات الشعب (123 مقعداً). وبلغ عدد المتقدمين لهذه الدورة البرلمانية 8953 مرشحاً، بينهم 1317 امرأة، وفق السلطات.

ملصقات انتخابية في أحد شوارع دمشق (الشرق الأوسط)

من وجهة نظر كثير من السكان، لن تحمل نتائج الانتخابات هذه المرة جديداً، ويقول أستاذ جامعي فضَّل عدم ذكر اسمه: «قوائم الوحدة الوطنية ناجحة سلفاً، وهذا ما عهدناه في الانتخابات السابقة، والتغيير الحاصل في الأسماء لا أعتقد أنه سيغيِّر من طبيعة أداء كتلة أعضاء البعث داخل المجلس».

وأفاد عدد من أعضاء حزب البعث «الشرق الأوسط» بتلقيهم رسائل من قيادتهم الحزبية بالمشاركة بعملية الاقتراع، وحض الناس على المشاركة.

ويتنافس على الـ65 مقعداً المتبقية مرشحون مستلقون بينهم رجال أعمال وتجار قدامى وآخرون ظهروا خلال الحرب وعدد من الصناعيين، وقد انتشرت صور أغلبيتهم في الشوارع الرئيسية والساحات العامة، وركَّزت شعاراتهم على القضايا الملحَّة التي تمس حياة السوريين.

وظهرت 5 قوائم للمرشحين المستقلين هي: «(قائمة دمشق)، (قائمة شام)، (قائمة قبنض)، (قائمة المستقبل)، (قائمة الياسمين)»، وقد أُقيمت الخيام الدعائية لهم في عدد من الأحياء الدمشقية، وجرت فيها حفلات استقبال لهم.

وانتقد الخبير الاقتصادي عامر شهدا تلك الحفلات، وكتب في صفحته على «فيسبوك»: «حفلات أعراس رجال الأعمال السوريين أتت بتوقيت واحد على أنغام الطبل والزمر، حيث حددت ليلة الدخلة للجميع وبمبنى واحد بتاريخ 15 تموز (يوليو) من هذا العام». وأضاف: «اقتصادياً الطبال والزمار حصدوا أموالاً تمكِّنهم من إقامة مشاريع استثمارية. أصحاب المطاعم حققوا نمواً بنسبة عالية، حيث تزامنت أعراس الحجاج بعد أن حجزوا مقاعدهم في الجنة مع أعراس رجال الأعمال الذين حجزوا مقاعدهم في مجلس الشعب برتبة عضو».

وأوضح شهدا أنه «على المستوى الاجتماعي التمسيح والتلحيس شغال، كلهم يعيشون حالة سوق النخاسة؛ فهم يعرضون أنفسهم للبيع مع مظاهر الجوع الذي يفتك بهم، وصحياً المشافي لا تتوفر فيها الأموال لصيانة معداتها وهناك نقص شديد بالأدوية والتجهيزات أمام عجز اجتماعي واضح لتوفير قيم العمليات وتسريح دفعات من الشباب يبحثون عن عمل أو يسعون لإنشاء مشاريعهم صغيرة».

ويُمكن لأي سوري بلغ الـ18 من عمره أن يُدلي بصوته، بعد حضوره بصورة شخصية إلى مركز اقتراع.


مقالات ذات صلة

منع مراقبين من دخول فنزويلا عشية الاستحقاق الرئاسي

أميركا اللاتينية رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو يسعى للفوز بولاية ثالثة أمام خصمه السفير السابق إدموندو غونزاليس أوروتيا (أ.ب)

منع مراقبين من دخول فنزويلا عشية الاستحقاق الرئاسي

ساهم قيام كراكاس بمنع رحلة جوية تقل رؤساء دول سابقين من أميركا اللاتينية لمراقبة الانتخابات الرئاسية المقررة الأحد في تفاقم الأجواء المتوترة أصلاً في فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
الولايات المتحدة​ الممثلة الشهيرة جينيفر أنيستون (أ.ب)

«نساء القطط»... جينيفر أنيستون تهاجم فانس لانتقاده هاريس «غير المنجبة»

انتقدت الممثلة الشهيرة، جينيفر أنيستون، جي دي فانس، بعد أن وصف بعض السيدات من الحزب الديمقراطي، بمن في ذلك كامالا هاريس بـ«نساء القطط بلا أطفال».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يحذر: الأبقار قد تحل مكان البشر

يعتقد الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب أن الأبقار ستحل مكان البشر في النهاية إذا تم حظر تناول اللحوم الحمراء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير السابق بلقاسم ساحلي يعلن رفع طعون في قرار رفض ترشحه للرئاسة (إعلام الحملة)

وزير جزائري سابق يطعن في أسباب رفض ترشحه للرئاسة

رفض وزير جزائري سابق المسوّغات التي قدمتها «سلطة الانتخابات» لتفسير رفض ترشحه لاستحقاق الرئاسة، فيما أعلن مرشحان تم قبول ملفهما عزمهما خوض الحملة الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون أبرز المرشحين للفوز بولاية ثانية (الرئاسة)

غربلة ملفات المرشحين لـ«رئاسة» الجزائر تبقي على 3

سيقتصر السباق في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر المقبل، على ثلاثة مترشحين، بحسب ما أعلنت عنه هيئة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.