زيلينسكي يضغط من أجل السماح له بضرب العمق الروسي

أوستن اتصل بنظيره الروسي «للحفاظ على خطوط الاتصال» بين البلدين

بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بواشنطن في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بواشنطن في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يضغط من أجل السماح له بضرب العمق الروسي

بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بواشنطن في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بواشنطن في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

سعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في واشنطن، للضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لحضها على رفع القيود التي تفرضها على استخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى لتوسيع مدى ضرباتها للعمق الروسي. وقال زيلينسكي إن هذا الأمر من شأنه أن يغير «قواعد اللعبة».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا 11 يونيو 2024 (أ.ب)

واشنطن كانت قد خففت، في وقت سابق، من تلك القيود، مما سمح لكييف بوقف الهجوم الروسي الذي كان يهدد مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية، وسمحت بضرب أهداف روسية في شبه جزيرة القرم، باعتبارها أرضاً أوكرانية. غير أن زيلينسكي قال إن قصف المواقع الروسية في القرم، سيكون له تأثير محدود طالما أن موسكو قادرة على نقل قاذفاتها ودفاعاتها الجوية والإلكترونية إلى قواعد جوية آمنة في عمق روسيا.

وبدا أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي المنتهية ولايته، ينس ستولتنبرغ، يدعم طلب زيلينسكي المتكرر، بحجة أنه منذ أن فتحت روسيا جبهة جديدة، فإن «الطريقة الوحيدة لضرب أهداف عسكرية روسية هي ضرب أهداف عسكرية في الأراضي الروسية».

خطوة غير كافية

وبينما لم يبدِ بايدن أي إشارة على ما إذا كان البيت الأبيض سيغير موقفه، قال الكثير من الخبراء إن رفع الولايات المتحدة للقيود من المحتمل أن يؤدي إلى تغيير «إيقاع» الصراع، وإجبار روسيا على تحويل مواردها العسكرية، بعيداً عن خط المواجهة للدفاع عن بنيتها التحتية الحيوية. لكنهم أضافوا أن مثل هذه الخطوة قد لا تكون كافية «لتغيير ميزان القوى بشكل أساسي» في الصراع الذي أصبح في الأساس حرب استنزاف. وأضافوا أن أي فوائد استراتيجية لأوكرانيا يجب الموازنة بينها وبين خطر التصعيد، كما لا ينبغي التغاضي عن تهديدات الكرملين النووية.

قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك إن كييف لا تسعى إلى تنفيذ هجمات في المناطق النائية الروسية أو على الأراضي الروسية لمجرد توجيه ضربات رمزية. وشدد بودولياك على أن أوكرانيا ليست لديها مصلحة في ضرب المدن الروسية بشكل أساسي، ولكنها تخطط لضرب أهداف ذات قيمة استراتيجية وعسكرية. وقال بودولياك، الجمعة، إن «الأمر يتعلق بالتدمير المنهجي للقواعد الجوية التي تتمركز فيها الطائرات الاستراتيجية».

وأضاف بودولياك أن تلك الأهداف في روسيا تستخدم عمداً لتنفيذ ضربات واسعة النطاق ضد السكان المدنيين في أوكرانيا. وذكر بودولياك، في منشور على تطبيق «تلغرام»، أن «الاستراتيجية الصحيحة هي إضعاف روسيا بثلاث طرق هي: زيادة تكلفة الحرب، وتدمير الخدمات اللوجستية، وتمديد الوقت اللازم لحشد الموارد من أجل ساحة المعركة».

ومنذ تسلم أوكرانيا أنظمة «أتاكمز» الصاروخية هذا الربيع، ادعى الجيش الأوكراني أنه دمر أو ألحق أضراراً بما لا يقل عن 15 نظاماً روسيا للدفاع الجوي بعيد المدى في شبه جزيرة القرم، من بينها بطاريات «إس – 300» و«إس – 400»، المعادلة لنظام الدفاع الجوي الأميركي «باتريوت». وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أكدت صور الأقمار الاصطناعية التجارية، فحصها المحللون العسكريون، الأضرار التي لحقت بمنشآت الرادار الروسية، وأصول الحرب الإلكترونية، والطرق اللوجستية والمطارات في القرم. وقال مسؤول أميركي كبير إن أوكرانيا تستخدم الصواريخ طويلة المدى التي زودتها بها الولايات المتحدة بـ«فاعلية كبيرة». وأضاف أن أوكرانيا لديها ما يكفي من أنظمة «أتاكمز» لمواصلة حملتها في القرم، مضيفاً أنه يتم تجديد الذخائر بشكل مستمر.

ومنذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في عام 2014، استثمرت موسكو بكثافة في توسيع نطاق وجودها العسكري. ومن سيفاستوبول في الغرب إلى كيرتش في الشرق، رصدت منشآت عسكرية في المناطق الساحلية وداخل الجيوب الجبلية، مليئة بأنظمة الصواريخ الأرضية المستخدمة لاستهداف المدن والبلدات الأوكرانية. كما ضخت موارد لجعلها وجهة سياحية.

لقي 5 أشخاص على الأقل حتفهم وأصيب 13 آخرون في هجمات روسية استهدفت بلدتين في إقليم دونيتسك الواقع على خط المواجهة شرقي أوكرانيا، حسبما أفاد فاديم فيلاشكين الحاكم العسكري للإقليم، الجمعة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفقة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في زيارة لقاعدة جوية تضم طائرات «إف 16» (أ.ب)

روسيا غاضبة

وساعدت القرم في الحفاظ على الاحتلال الروسي لجنوب أوكرانيا، حيث ظل اختراق الدفاعات الجوية الروسية القوية أمراً صعباً. لكن هذا الصيف، تمكنت أوكرانيا من شن هجمات تهدف إلى إرباك الدفاعات الجوية الروسية.

وأثارت تلك الهجمات غضب روسيا، ما دفعها إلى تحذير الولايات المتحدة من «العواقب» التي ستواجهها إذا قامت بتوفير أسلحة متقدمة لكييف. وهو ما دفع جزئياً إلى أخذ تلك التحذيرات على محمل الجد، حيث وضعت الكثير من القواعد الأميركية في أوروبا في حالة تأهب قصوى، وفقاً لمسؤولين في البنتاغون. وبدا أن تلك القواعد، بما في ذلك حامية الجيش الأميركي في شتوتغارت بألمانيا، حيث مقر القيادة الأميركية الأوروبية، كانت قلقة بشأن التخريب الروسي المحتمل. وتحمل شبه جزيرة القرم قيمة سياسية ورمزية وعسكرية عميقة بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين، الذي وصفها بأنها «الأرض المقدسة» لروسيا، ووضعها في قلب روايته بأن أوكرانيا جزء من روسيا.

وفي تطور لافت، أعلنت واشنطن بشكل منفصل أنها ستنشر صواريخ طويلة المدى في ألمانيا، قادرة على ضرب موسكو، وذلك للمرة الأولى منذ أواخر التسعينيات. وأعلنت الولايات المتحدة وألمانيا، في بيان مشترك خلال قمة الناتو، إنهما ستبدآن في نشر أسلحة بعيدة المدى في ألمانيا في 2026 لإظهار التزامهما تجاه الدفاع مع حلف شمال الأطلسي وأوروبا في وقت لا تزال فيه الحرب التي شنتها روسيا دائرة في أوكرانيا. ودفع هذا الإعلان روسيا للقول إنها ستتخذ إجراءات للرد عليه. وقال الكرملين إن روسيا ستتحرك للرد على خطط الولايات المتحدة لنشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا لأنها تعتبر تحركات حلف شمال الأطلسي العسكرية تهديداً خطيراً لأمنها القومي.

دخان يتصاعد من محطة قطارات في كييف بعد استهدافها بصواريخ روسية (أ.ب)

أوستن اتصل ببيلوسوف

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن وزير الدفاع لويد أوستن أجرى، الجمعة، اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي، أندريه بيلوسوف، بحثا فيه «أهمية الحفاظ على خطوط الاتصال بين البلدين في ظل حرب روسيا المستمرة ضد أوكرانيا». وقال بيان البنتاغون إن «عمليات النشر المتوالية» هي استعداد لتمركز أطول أمداً يشمل صواريخ «إس. إم – 6» وصواريخ «كروز» من طراز «توماهوك» وأسلحة فرط صوتية ذات مدى أبعد من الأسلحة الحالية في أوروبا.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن موسكو توقعت التحرك الصاروخي الأميركي الألماني، ووصفه بأنه مصمم لترهيب روسيا وزعزعة استقرار الأمن الإقليمي والعلاقات الاستراتيجية. ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن ريابكوف قوله: «دون توتر، ودون عواطف، سنخرج برد عسكري. أولاً وقبل كل شيء، على هذه اللعبة الجديدة».

الأمين العام لـ«الناتو» مع الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

من ناحيته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، رداً على سؤال في مؤتمر صحافي مع وكالات أنباء روسية حول نتائج قمة الحلف: «أكد حلف شمال الأطلسي مرة أخرى بشكل واضح جداً جوهره. إنه تحالف تأسس في عصر للمواجهة بهدف مواصلة المواجهة». وتابع قائلاً إن التوتر في القارة الأوروبية يتصاعد نتيجة لذلك، وإن الكرملين يراقب البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي وهي تقترب أكثر من حدودنا. وأضاف بيسكوف: «نرى القرارات المتخذة في حلف شمال الأطلسي لإنشاء مراكز لوجستية منفصلة في مدن البحر الأسود، وفتح منشآت إضافية في أوروبا، ونرى في الواقع أن البنية التحتية العسكرية للحلف تتحرك باستمرار وبشكل تدريجي نحو حدودنا». وتابع قائلاً: «هذا يلزمنا بتحليل عميق للغاية للقرارات المتخذة في المناقشة التي جرت. هذا تهديد خطير للغاية للأمن القومي لبلدنا. كل هذا سيتطلب منا اتخاذ ردود مدروسة ومنسقة وفعالة لردع ومواجهة الحلف».

زيلينسكي يجري محادثات في آيرلندا

يلتقي الرئيس الأوكراني مع رئيس الوزراء الآيرلندي سيمون هاريس في مطار شانون الدولي في غرب آيرلندا، السبت. وهذا الاجتماع هو أول اجتماع ثنائي مع زيلينسكي على الأراضي الآيرلندية. وسيقدم هاريس الذي تولى منصب رئيس الوزراء في أبريل (نيسان) الماضي، المزيد من المساعدة الآيرلندية للآلاف من الأطفال الأوكرانيين الذين تم نقلهم قسراً إلى روسيا وبيلاروسيا وإدخالهم في برامج إعادة التعليم الروسية منذ بدء الحرب. وسيؤكد هاريس للرئيس الأوكراني على مشاركة آيرلندا في تحالف دولي يسعى إلى إعادة ما يقدر بنحو 20 ألف طفل أوكراني إلى وطنهم.


مقالات ذات صلة

مقتل 10 أشخاص في قصف روسي على منطقة سومي شرق أوكرانيا

أوروبا رجال إنقاذ يعملون في موقع سقوط صاروخ على مبنى سكني في سومي (إ.ب.أ)

مقتل 10 أشخاص في قصف روسي على منطقة سومي شرق أوكرانيا

قالت السلطات في أوكرانيا إن عشرة أشخاص، بينهم طفلان، لقوا حتفهم وأصيب 25 آخرون، عندما سقط صاروخ روسي على مبنى سكني في منطقة سومي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب)

ستارمر يؤكد أنه «لا ينوي التحدث» مع بوتين

أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأحد، أنه «لا ينوي التحدث» مع فلاديمير بوتين، بعد يومين من اتصال بين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الروسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بوينس أيرس (أ.ف.ب)

ماكرون: بوتين «لا يريد السلام» في أوكرانيا

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد السلام» مع كييف و«ليس مستعداً للتفاوض».

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض (رويترز)

بايدن يرفع الحظر على استخدام أوكرانيا للأسلحة الأميركية في عمق روسيا

قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رفعت القيود التي كانت تمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة الأميركية لضرب عمق الأراضي الروسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

شولتس: سأتحدث قريباً مع بوتين مرة أخرى

وصف المستشار الألماني أولاف شولتس، الأحد، محادثته الأخيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنها «مهمة».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو (البرازيل))

بريطانيا تعلن تسجيل إصابات بإنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن تجارية

مراكز مكافحة الأمراض تصنف خطر إنفلونزا الطيور على صحة البشر على أنه منخفض (أ.ف.ب)
مراكز مكافحة الأمراض تصنف خطر إنفلونزا الطيور على صحة البشر على أنه منخفض (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا تعلن تسجيل إصابات بإنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن تجارية

مراكز مكافحة الأمراض تصنف خطر إنفلونزا الطيور على صحة البشر على أنه منخفض (أ.ف.ب)
مراكز مكافحة الأمراض تصنف خطر إنفلونزا الطيور على صحة البشر على أنه منخفض (أ.ف.ب)

قالت الحكومة البريطانية، يوم أمس (الأحد)، إن دواجن في مزرعة تجارية في إنجلترا أصيبت بفيروس إنفلونزا الطيور.

وتم العثور على فيروس «إتش 5 إن 1» بين طيور في مزرعة في سانت آيفز، وهي بلدة ساحلية في كورنوال.

وذكرت وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية، إنه سيتم إعدام جميع الدواجن الموجودة في المنطقة المصابة بطريقة إنسانية.

وهذا هو أول تأكيد من إنجلترا بشأن وجود فيروس «إتش 5 إن 1» في الطيور هذا الموسم. كما تم العثور على الفيروس مؤخراً في طيور برية في جنوب غرب إنجلترا وفي أوروبا، حسبما ذكرت الوزارة.

وينتشر فيروس إنفلونزا الطيور «إتش 5 إن 1» في الولايات المتحدة بين الطيور البرية والدواجن والأبقار وغيرها من الحيوانات.