إيران تعزّز مواقعها في سوريا رغم الضربات الإسرائيلية

«المرصد» يؤكد أنها نجحت في «نقل المعركة إلى ضفاف نهر الفرات بدير الزور»

صورة أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
صورة أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

إيران تعزّز مواقعها في سوريا رغم الضربات الإسرائيلية

صورة أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
صورة أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

لم تحد الضربات الإسرائيلية لأهداف إيرانية داخل الأراضي السورية من تعزيز إيران مواقعها، وبسط هيمنتها الكاملة على مناطق نفوذها في سوريا، لا سيما المناطق القريبة من الحدود مع العراق، في حين تشهد المنطقة توتراً أمنياً على خلفية تزايد هجمات تشنّها قوات العشائر على أهداف لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في ظل مواصلة «قوات التحالف الدولي» استقدام تعزيزات عسكرية إلى قاعدتها في حقل العمر النفطي، شرق دير الزور.

وكانت إيران قد استقدمت قبل أيام، بشكل متخفٍّ، شحنة طائرات مسيّرة عبر معبر الهري إلى مخازن تتبع ميليشياتها في محيط مدينة البوكمال، وفق تقارير إعلامية محلية أفادت في وقت لاحق بأن «حزب الله» يقوم منذ أيام بتجميع عناصره في البوكمال، وتحديداً من أبناء محافظة حمص، لنقل قسم منهم إلى ريف حمص الغربي، بهدف «إلحاقهم بدورات عسكرية لرفع الجاهزية، على خلفية التوتر الحاصل بين (حزب الله) وإسرائيل على الحدود الفلسطينية اللبنانية»، وفق ما ذكرته شبكة «دير الزور 24»، مشيرة إلى أن الحزب أرسل القيادي، الحاج أبو الزين، مسؤول الدورات العسكرية من البوكمال إلى ريف حمص. ورجحت الشبكة بأن «حزب الله» سيعوض هؤلاء العناصر بآخرين من المجندين لديه من أبناء محافظة حماة.

منطقة البوكمال نقطة استراتيجية للمسلّحين المُوالين لإيران شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتتحرك الميليشيات التابعة لإيران و«حزب الله» بشكل متخفٍّ على الأراضي السورية، لتجنب الضربات الإسرائيلية، التي تكثفت منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واندلاع الحرب في غزة.

وبلغ عدد الاستهدافات الإسرائيلية منذ مطلع العام الحالي نحو 50، قتل فيها 23 من الجنسية الإيرانية من الحرس الثوري، و38 من «حزب الله» اللبناني، و18 من الجنسية العراقية، و43 من الميليشيات التابعة لإيران من الجنسية السورية، و14 من الميليشيات التابعة لإيران من جنسية غير سورية، و40 من قوات الحكومية السورية. وفق توثيق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد في تقرير له بأن إيران وميليشياتها «تواصل تعزيز مواقعها في منطقة دير الزور، لا سيما في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، التي تمثل شريانها الأبرز، لتمتعها بأهمية استراتيجية».

ولفت «المرصد السوري» إلى أن إيران تحاول بشتى الوسائل فرض هيمنتها المطلقة والتغلغل في النسيج السوري، وترسيخ التغيير الديمغرافي الممنهج في المنطقة، «غير آبهة بالاستهدافات الجوية المتكررة من قبل إسرائيل أو التحالف الدولي».

ورأى «المرصد» أن «قوات التحالف الدولي» «فشلت» في إغلاق الشريان الإيراني، وأن إيران نجحت في «نقل المعركة إلى ضفاف نهر الفرات بدير الزور» بعد تجنيد مسلحين محليين لقتال «قسد» و«التحالف الدولي».

قوات التحالف الدولي تعزز وجودها في قواعدها شمال شرقي سوريا بالتعاون مع «قسد» (أرشيفية - «تويتر»)

وتشهد منطقة دير الزور وأريافها تحركات يومية لإيران وميليشياتها، عبر استقدام تعزيزات وتحشيدات عسكرية بشكل سري، بعد تحويلها مرافق مدنية وخدمية إلى ثكنات عسكرية لها.

وأشار «المرصد» إلى أن إيران حوّلت كلاً من «المشفى الوطني ومشفى عائشة» في مدينة البوكمال إلى ثكنات عسكرية تتحصن فيها ميليشيات مدعومة من إيران مثل «فاطميون العراقي» و«الحرس الثوري الإيراني».

في حين ذكرت مصادر إعلامية محلية، الجمعة، أن إيران استقدمت سيارتي إسعاف مغلقتين ضمن إطار الدعم الطبي الذي تقوده «منظمة جهاد البناء» الإيرانية.

في المقابل، تواصل «قوات التحالف الدولي» إرسال تعزيزات عسكرية يومياً إلى قواعدها في دير الزور. وأفادت شبكة «نهر ميديا» الإخبارية، الجمعة، بهبوط طائرة شحن تابعة للتحالف تحمل معدات عسكرية ولوجستية في قاعدة حقل العمر النفطي، شرق دير الزور، وذلك بعد ساعات من تنفيذ مقاتلي العشائر كميناً في محيط قاعدة حقل العمر، كما هاجموا في وقت لاحق بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية دورية عسكرية تابعة لـ«قسد» في بلدة ذيبان.

قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يونيو 2023 (أ.ف.ب)

وأرسلت إيران تعزيزات عسكرية عبر دفعتين منذ مطلع يوليو (تموز) الحالي، الأولى جرى إدخال شاحنة مغلقة للميليشيات الإيرانية، تحتوي على أسلحة ومعدات ترافقها سيارة عسكرية آتية من الأراضي العراقية، عبر معبر السكة غرب مدينة البوكمال شرق دير الزور. ووفق «المرصد» تتبع الشاحنة لميليشيا «سيد الشهداء» العراقية، وقد أفرغت حمولتها في مقر أنشأته حديثاً بقرية الهري القريبة من الحدود السورية - العراقية. أما الدفعة الثانية فكانت في 7 يوليو؛ بعدما دخلت 3 سيارات عسكرية (زيل) محملة بمعدات عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ إلى أحد المقرات العسكرية في حي الحميدية بمدينة دير الزور، جرى استقدامها بشكل متخفٍّ.


مقالات ذات صلة

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة وسط صمت رسمي من أنقرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (الشرق الأوسط)

الداخلية السورية تعلن عن البدء في استقبال طلبات المنشقين عن نظام الأسد

أعلنت وزارة الداخلية السورية، الجمعة، عن البدء في استقبال طلبات المنشقين عن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بين عامي (2011 - 2021) الراغبين في العودة للعمل.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يسيرون بالقرب من ملصق لبشار الأسد في دمشق (رويترز)

محافظ دمشق الجديد: مشكلتنا ليست مع إسرائيل ونتفهم قلقها

نقلت الإذاعة العامة الأميركية «NPR» عن محافظ دمشق الجديد ماهر مروان قوله إن الحكومة السورية الجديدة تريد تسهيل العلاقات الودية بين إسرائيل وسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي من موقع غارة إسرائيلية عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا... 4 أكتوبر 2024 (رويترز)

إسرائيل تعلن استهداف «بنى تحتية» على الحدود السورية اللبنانية

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار الجمعة على «بنى تحتية» عند نقطة جنتا الحدودية بين سوريا ولبنان، قال إنها تستخدم لتمرير أسلحة إلى «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عامل يفحص صمامات الأنابيب المرتبطة بخزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، 19 فبراير 2014 (رويترز)

تركيا تسعى لتزويد سوريا بالطاقة والتعاون في مجال النفط والغاز

قال وزير الطاقة التركي إن بلاده تسعى لتزويد سوريا بالكهرباء وتعزيز بنيتها التحتية للطاقة، وإنها قد تتعاون أيضاً مع سوريا في مشاريع النفط والغاز.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

المستوطنون يطالبون بتدمير الضفة الغربية رداً على طعن امرأة مسنّة

سيارة إسعاف في مكان طعن المسنّة الإسرائيلية بتل أبيب الجمعة (د.ب.أ)
سيارة إسعاف في مكان طعن المسنّة الإسرائيلية بتل أبيب الجمعة (د.ب.أ)
TT

المستوطنون يطالبون بتدمير الضفة الغربية رداً على طعن امرأة مسنّة

سيارة إسعاف في مكان طعن المسنّة الإسرائيلية بتل أبيب الجمعة (د.ب.أ)
سيارة إسعاف في مكان طعن المسنّة الإسرائيلية بتل أبيب الجمعة (د.ب.أ)

بعد قيام شاب فلسطيني بقتل امرأة يهودية في مدينة هرتسليا، توجّه رئيس مجلس مستوطنة «كدوميم»، عوزئيل فتيك، إلى الحكومة طالباً تغيير سياستها «المتساهلة» تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية و«التعامل معهم كما في غزة، بالتدمير الشامل لكل بلدة تنتج الإرهاب».

وقال فتيك إن «إسرائيل تعيش في حرب، ليس فقط في غزة ولبنان وسوريا واليمن، بل أيضاً في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). وعلى الحكومة أن تستيقظ ولا تتعامل هنا بسياسة الأمن الجارف. ففي الضفة الغربية يوجد إرهاب يهدد أمن جميع البلدات الإسرائيلية، ويجب التعامل معه كما نتعامل في غزة وغيرها. يجب إعادة احتلال كل بلدة تنتج الإرهاب، ونصفّي الإرهابيين ونطرد عائلاتهم وكل من يساعدهم ويحرض ضد إسرائيل، وندمر كل البلدة عن بكرة أبيها».

شرطيان إسرائيليان في مكان طعن المسنّة الإسرائيلية بتل أبيب الجمعة (د.ب.أ)

وكان الشاب الفلسطيني قد هاجم المرأة المسنّة لودميلا ليبوبسكي (83 عاماً)، وهي نزيلة بيت مسنين، حيث كانت تنتظر سيارة أجرة، وطعنها بالسكين عدة مرات فأصيبت بجروح بالغة، وتوفيت لاحقاً خلال نقلها إلى المستشفى. وقام حراس فرع البريد في المكان بإطلاق النار عليه وأصابوه في قدميه، وتم توقيفه.

وبحسب بيان رسمي لـ«الشاباك» (المخابرات العامة) تبين أن منفذ العملية هو شاب من طولكرم يُدعى إبراهيم شلهوب، في الثامنة والعشرين من العمر، ويعيش في إسرائيل بتصريح إقامة رسمي. ومع أنه كان قد تلقى أمر اعتقال إداري ثلاث مرات، آخرها لمدة سنة من يونيو (حزيران) 2023 إلى يونيو 2024، لم تتم مصادرة إقامته في إسرائيل. ويقول «الشاباك» إن شلهوب عمل معه في جمع معلومات استخبارية عن فلسطينيين. وأصيب بمرض أدى لإطلاق سراحه.

رجال شرطة في مكان طعن المسنّة الإسرائيلية بتل أبيب الجمعة (د.ب.أ)

وقد أشار «الشاباك» بخطورة إلى «ظاهرة العمليات الإرهابية التي تتم ضد مسنّات إسرائيليات». ففي الأسبوع الماضي أيضاً تم طعن امرأة يهودية مسنّة عمرها 74 عاماً في القدس. وخلال الشهر الجاري نُفذت أربع عمليات ضد مدنيين إسرائيليين. وأجهزة الأمن تتابع الأمر وتعمل على مكافحته، لكن المخابرات الإسرائيلية لم تعطِ تفسيراً لقيام عميل لها بتنفيذ عمليات كهذه. واكتفت بالقول إنه من النادر أن يقوم عميل بعملية معادية، وإنها تترك الموضوع للتحقيق؛ إذ إن منفذ عملية هرتسليا معتقل في المستشفى، ويخضع حالياً للعلاج وللتحقيق.