فرنسا: غموض وتوتر قبل 3 أيام من الجولة الثانية للانتخابات التشريعية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر مركز الاقتراع أثناء زيارته له للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في لو توكيه باري بلاج 30 يونيو 2024 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر مركز الاقتراع أثناء زيارته له للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في لو توكيه باري بلاج 30 يونيو 2024 (رويترز)
TT

فرنسا: غموض وتوتر قبل 3 أيام من الجولة الثانية للانتخابات التشريعية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر مركز الاقتراع أثناء زيارته له للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في لو توكيه باري بلاج 30 يونيو 2024 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر مركز الاقتراع أثناء زيارته له للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في لو توكيه باري بلاج 30 يونيو 2024 (رويترز)

قبل ثلاثة أيام من الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الفرنسية التي شهدت جولتها الأولى اختراقاً غير مسبوق لليمين المتطرف، يبقى عدم اليقين سيد الموقف بشأن المشهد السياسي المقبل في هذا البلد وهو من مؤسسي الاتحاد الأوروبي، والمهدد بالضعف لا بل استحالة إدارته، حسب وكالة «الصحافة الفرنسية».

وقد تكبح الانسحابات العديدة لمرشحي اليمين ويمين الوسط واليسار (أكثر من 200 مرشح من اليسار وفي معسكر ماكرون) تقدم حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) الذي احتل المركز الأول في الدورة الأولى من الاقتراع. وهي تنازلات مؤلمة لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف ومنعه من الحصول على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية وتشكيل حكومة، والوصول إلى السلطة لأول مرة منذ 80 عاماً.

ونددت زعيمة التجمع الوطني مارين لوبن الخميس بغضب من تشكيل «جبهة جمهورية» جديدة، وذلك بتأسيس «حزب واحد» يجمع «أولئك الذين يريدون البقاء في السلطة متجاهلين إرادة الشعب».

ووفقاً لآخر استطلاعات الرأي، يبدو أن احتمال حصول حزب التجمع الوطني على الأغلبية المطلقة البالغة 289 نائباً بات بعيد المنال. لكن في كل مكان في فرنسا، يتردد ناخبون من اليسار في قطع الطريق مجدداً أمام اليمين المتطرف خلال هذه الانتخابات التي أثارها القرار الصادم الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون في التاسع من يونيو (حزيران) بحل الجمعية الوطنية.

ويقول ميشال (66 عاماً) أمام كشك لبيع الفواكه والخضار في كالفادوس (غرب البلاد) «انتخب ماكرون بأصوات اليسار. كان ينبغي عليه أن يقدم تنازلات لليسار، لكنه لم يقدم سوى تنازلات لليمين».

قررت كلود المدرسة السابقة التصويت لمعسكر ماكرون، وهي قلقة لخيار الذين يريدون «اختبار» اليمين المتطرف في الحكم. وتقول «حجرة التصويت ليست غرفة لتجربة الملابس».

توجه النائب الأوروبي رافائيل غلوكسمان الذي وصل في الطليعة في الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو لليسار، إلى هؤلاء الناخبين مشدداً على أن «التصويت ضد ليس معيباً».

ورغم هذه الدعوات يؤمن الرئيس الشاب للتجمع الوطني جوردان بارديلا بفوز حزبه، وهو ما سيوصله إلى منصب رئيس الوزراء في الثامنة والعشرين من العمر. وقال الأربعاء على قناة «بي إف إم تي في»، «سنحصل على الأغلبية المطلقة» مؤكداً أن حكومته «مستعدة».

توتر وعنف

في المقابل يواصل الائتلاف اليساري المكون من الجبهة الشعبية الجديدة ومعسكر ماكرون (يمين الوسط) التحذير من خطر اليمين المتطرف مشيرين إلى التصريحات العنصرية لمرشحي التجمع الوطني الذين وصفهم الحزب بأنهم «عناصر غير منضبطة».

لكن إذا لم يحدث تحول مفاجئ، فإن أياً من الكتلتين لن تحصل على أغلبية واضحة في الجمعية الجديدة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم خطر دولة غير قابلة للحكم مما سيثير قلق شركاء فرنسا الأوروبيين قبل نحو شهر من استضافة باريس للألعاب الأولمبية.

وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس مساء الأربعاء «فرنسا تصوت الأحد. إنها انتخابات أخرى قد تثير نتيجتها القلق». وأضاف «دعونا نفعل كل شيء لنحمي معاً أوروبا العظيمة والجميلة، ولا نسمح للشعبويين من اليمين المتطرف بالسيطرة عليها».

ويفكر بعض قادة يمين الوسط واليسار في تشكيل ائتلاف واسع تفادياً للشلل، لكن معالمه تظل غامضة وأدى حكم ماكرون الذي استمر سبع سنوات إلى إحداث هوة عميقة بين الأغلبية المنتهية ولايتها والمعارضة.

يبدو أن بعض أحزاب اليسار مستعدة لاختبار التحالفات العابرة للأحزاب الشائعة في ألمانيا ولكنها غير مسبوقة في فرنسا. وأعلن رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل الخميس «ما أريده هو ألا أتسبب بفوضى في بلدي، يجب أن تكون فرنسا قابلة للحكم».

في المعسكر الرئاسي الذي هزم في الانتخابات الأوروبية، يرى رئيس الوزراء غابرييل أتال أن «نظاماً جديداً ضروري» حتى لو استبعد أي تقارب مع اليسار المتطرف «فرنسا الأبية».

في هذه الأجواء المتوترة، تخشى السلطات أيضاً حدوث اضطرابات عشية الدورة الثانية بين اليمين المتطرف واليسار المتطرف. والأربعاء أعلنت المتحدثة باسم الحكومة بريسكا تيفينو أنها تعرضت مع فريقها «لهجوم خلال عملية نشر ملصقات انتخابية» في ضواحي باريس.

ولا تبدو روسيا منزعجة من الانقسامات الفرنسية.

أعلن متحدث باسم الخارجية الروسية أندريه ناستاسين «الدورة الأولى من الانتخابات (التشريعية) كما الانتخابات الأوروبية في يونيو لا يمكن أن تترجم سوى أنها تصويت للناخبين الفرنسيين لحجب الثقة عن السلطات الحالية بما في ذلك السياسة الخارجية لباريس».


مقالات ذات صلة

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

أفريقيا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الانتقام، وذلك بعد أعمال عنف ضد أنصاره اتهم معارضين بارتكابها خلال حملة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الأحد.

«الشرق الأوسط» (داكار)
أوروبا وزير المالية الألماني السابق كريستيان ليندنر (أ.ف.ب)

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار شولتس وافق على تقريب موعد الانتخابات أمام ضغوط المعارضة ويستعد لطرح الثقة في حكومته 16 ديسمبر.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

ألمانيا تحدد 23 فبراير موعداً للانتخابات المبكرة

تعتزم ألمانيا إجراء انتخابات عامة مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل، بعد انهيار ائتلاف يسار الوسط بزعامة المستشار أولاف شولتس.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من «الاتفاق النووي» الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

إيران تدرس فرص التوصل إلى اتفاق مع ترمب

دعا كثير من المسؤولين السابقين والخبراء بل الصحف في إيران الحكومة علناً إلى تحسين العلاقات مع ترمب بعد إعلان فوزه الساحق بالانتخابات.

فرناز فصيح (واشنطن)
آسيا شيغيرو إيشيبا يدلي بصوته في البرلمان لاختيار رئيس وزراء اليابان (أ.ف.ب)

البرلمان الياباني يعيد انتخاب إيشيبا رئيساً للوزراء

أعاد البرلمان الياباني انتخاب شيغيرو إيشيبا رئيساً للوزراء، الاثنين، بعدما تكبّد ائتلافه الحاكم أسوأ خسارة انتخابية منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

إنذار جوي في كل أوكرانيا مع تحذير الرئاسة من هجوم صاروخي على كييف

مبنى متضرر بالقصف الروسي في كييف (إ.ب.أ)
مبنى متضرر بالقصف الروسي في كييف (إ.ب.أ)
TT

إنذار جوي في كل أوكرانيا مع تحذير الرئاسة من هجوم صاروخي على كييف

مبنى متضرر بالقصف الروسي في كييف (إ.ب.أ)
مبنى متضرر بالقصف الروسي في كييف (إ.ب.أ)

أطلقت السلطات الأوكرانية إنذاراً جوياً في كل أرجاء البلاد، الأربعاء، في حين حذّرت الرئاسة من هجوم صاروخي على كييف.

وكتب أندريي يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عبر «تلغرام»، أن الرئيس الروسي فلاديمير «بوتين يشن هجوماً صاروخياً على كييف».

وحذَّر سلاح الجو الأوكراني، الأربعاء، من أن صاروخاً دخل المجال الجوي للبلاد باتجاه العاصمة كييف.

وكتب، عبر «تلغرام»: «انتباه! صاروخ في منطقة شيرنيهيف في طريقه إلى منطقة كييف».

يأتي الهجوم بعد هجمات متواصلة منذ أسبوع شملت مسقط رأس الرئيس الأوكراني، وأدت إلى مقتل امرأة تبلغ الثانية والثلاثين مع أطفالها الثلاثة.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أطلقت موسكو وكييف هجمات ليلية متبادلة بمُسيّرات.