إسرائيل تناقش مع مسؤولين أميركيين «ترتيباً» مع «حزب الله»

أوستن يُحذر من أن الحرب قد تتحول بسهولة صراعاً إقليمياً

قوات أمن إسرائيلية تتفقد موقع سقوط صواريخ لـ«حزب الله» في كريات شمونة (أ.ب)
قوات أمن إسرائيلية تتفقد موقع سقوط صواريخ لـ«حزب الله» في كريات شمونة (أ.ب)
TT

إسرائيل تناقش مع مسؤولين أميركيين «ترتيباً» مع «حزب الله»

قوات أمن إسرائيلية تتفقد موقع سقوط صواريخ لـ«حزب الله» في كريات شمونة (أ.ب)
قوات أمن إسرائيلية تتفقد موقع سقوط صواريخ لـ«حزب الله» في كريات شمونة (أ.ب)

تناقش إسرائيل مع مسؤولين أميركيين احتمال التوصل إلى «ترتيب» مع «حزب الله»، لم تستبعد فيه الحل الدبلوماسي، بموازاة استعدادات عسكرية تشمل سلاح الجو، تحسباً «لأي هجوم على لبنان»، في وقت تسعى فيه المحادثات الدبلوماسية لمنع تمدد الصراع بالتزامن مع تصاعد وتيرة التهديدات بين إسرائيل و«حزب الله».

وحذّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الثلاثاء، خلال لقاء مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، من أن نزاعاً جديداً بين إسرائيل و«حزب الله» من شأنه أن يُشعل حرباً إقليمية، داعياً إلى حلّ دبلوماسي. وقال أوستن: «يمكن بسهولة أن تتحول حرب جديدة بين إسرائيل و(حزب الله) إلى حرب إقليمية مع عواقب وخيمة على الشرق الأوسط»، مضيفاً: «الدبلوماسية هي أفضل وسيلة لمنع مزيد من التصعيد». وفي مستهلّ الاجتماع قال غالانت: «نعمل معاً بشكل وثيق للتوصل إلى اتفاق، لكن علينا أيضاً مناقشة الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة». ووصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى بيروت، حيث التقت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقالت إن «الوضع على الخط الأزرق دقيق، والمخاطر قائمة، من هنا ينبغي التعاون بين كل الأطراف لخفض التصعيد، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بما ينعكس حكماً وقفاً لإطلاق النار في الجنوب».

وثمَّن ميقاتي دور ألمانيا الفاعل على الصعيدين الأوروبي والدولي، وقدّر «الحرص الألماني على لبنان»، ورأى أن «المدخل الأساسي لعودة الهدوء إلى جنوب لبنان يتمثل في وقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أشهر، وتطبيق القرار الدولي 1701 كاملاً».

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي يستقبل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيروت (أ.ف.ب)

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، الثلاثاء، إن إسرائيل ستقضي الأسابيع المقبلة في محاولة حل الصراع مع «حزب الله»، وإنها تفضل حلاً دبلوماسياً. وأوضح هنغبي أن إسرائيل تناقش مع مسؤولين أميركيين احتمال أن تسمح النهاية المتوقعة للعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في غزة بالتوصل إلى «ترتيب» مع الحزب.

وقال هنغبي في مؤتمر هرتسليا: «نحن والأميركيون سنخصص أسابيع الآن لمحاولة التوصل إلى تسوية». وأضاف: «إذا لم يكن هناك ترتيب عبر الوسائل الدبلوماسية، يدرك الجميع أنه يتعين أن يكون هناك ترتيب عبر وسائل أخرى. وفي الوقت الحالي نفضل التركيز على الحملة الدبلوماسية».

وأشار إلى أن إسرائيل تناقش مع واشنطن جهوداً مشتركة محتملة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الدول العربية لإيجاد بديل لحكم «حماس» في قطاع غزة.

وقبيل وصول وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى بيروت للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعد زيارتها إلى تل أبيب، حذّر مسؤولون أميركيون وغربيون، في محادثات مع نظرائهم اللبنانيين، من أن إسرائيل جادة في تهديداتها، وتعتزم التحرك عسكرياً ضد لبنان، إذا ما فشلت المساعي للتوصل إلى تسوية سياسية تنهي المواجهات الحدودية المتصاعدة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، وفق ما أوردت الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان - ريشيت بيت)، الثلاثاء.

ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مصادر وصفتها بالـ«مطلعة» قولها إن الدبلوماسيين الغربيين يطالبون لبنان بكبح جماح «حزب الله»، ويشددون على أن «إسرائيل جادة عندما تقول إنها ستتحرك» عسكرياً ضد لبنان لضرب قدرات «حزب الله»، وإبعاد مقاتليه عن المنطقة الحدودية جنوب لبنان إلى ما وراء نهر الليطاني شمالاً.

ونقل موقع «واللا» عن مسؤول أميركي رفيع وآخر إسرائيلي وثالث وصفه بأنه «دبلوماسي غربي»، أن مبعوث الرئيس الأميركي إلى المنطقة، عاموس هوكستين، شدد خلال اجتماعه مع المسؤولين اللبنانيين، الأسبوع الماضي، على أن «(حزب الله) مخطئ إذا اعتقد أن واشنطن ستكون قادرة على منع إسرائيل من شن عملية برية ضد لبنان إذا استمر في تصعيد هجماته».

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية على بلدة العديسة جنوب لبنان (أ.ف.ب)

استعدادات عسكرية

ووسط الحراك الدبلوماسي، يواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته لسيناريوهات الحرب. وقال إن «قائد سلاح الجو تومر بار، وقادة كباراً في سلاح الجو، أجروا مناقشات مشتركة مع قادة الألوية الإقليمية في القيادة الشمالية العسكرية». وأشار إلى أن القادة «عقدوا جلسة لتقييم الوضع مع قائد القيادة الشمالية أوري غوردين، حيث تابع القادة مواصلة حماية البلدات الشمالية إلى جانب عملية رفع الجاهزية لهجوم في لبنان والتعاون بين القيادة الشمالية وسلاح الجو».

تصعيد متبادل

وتتصاعد التوترات المترافقة مع ازدياد القصف المتبادل بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان. أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي «نفذ اعتداءات بمسيرات صغيرة ألقت قذائف مشظية على سيارة في بساتين بلدة الوزاني وفي بلدة الطيبة مرتين»، بينما أفادت تقارير إسرائيلية بأن الدفاعات الجوية أطلقت صاروخين في محاولة لاعتراض طائرتين مسيرتين لـ(حزب الله) أطلقتا من لبنان في سماء الجليل الأعلى.

وأعلن «حزب الله» بدوره أن مقاتليه شنوا ‏هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على مقرٍّ ‏لوائيٍ تابع للفرقة 91 في ‏منطقة ناحل غيرشوم، واستهدفوا أماكن تموضع واستقرار ضباط وجنود إسرائيليين، «ما أدى ‏إلى إيقاع عدد من الإصابات بينهم واندلاع النيران داخل المقر»، وذلك «رداً على اعتداء العدو ‏الإسرائيلي الذي استهدف منطقة البقاع» في شرق لبنان. كما ‏استهدف مقاتلو «الحزب» موقع بياض بليدا بقذائف المدفعية، وموقع بركة ريشا.

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان: «قصفت الطائرات المقاتلة مباني عسكرية إلى جانب البنية التحتية الإرهابية لتنظيم (حزب الله) في منطقتي الخيام والعديسة بجنوب لبنان».


مقالات ذات صلة

لودريان: مؤتمر دعم الجيش اللبناني مرتبط بخطوات لاستكمال حصرية السلاح

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت الاثنين (الرئاسة اللبنانية)

لودريان: مؤتمر دعم الجيش اللبناني مرتبط بخطوات لاستكمال حصرية السلاح

علمت «الشرق الأوسط» أن لودريان سمع من الرؤساء الثلاثة تأكيداً بتمسكهم بحصرية السلاح، مبدياً ارتياحه للإنجاز الذي حققه الجيش بشهادة لجنة الـ«ميكانيزم».

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)

السفير الأميركي في بيروت: إسرائيل تفصل المفاوضات عن الضربات لـ«حزب الله»

أكّد السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى، أن بدء المفاوضات المدنية مع إسرائيل لا يعني توقف إسرائيل عن هجماتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)

وزير خارجية لبنان يرفض دعوة لزيارة طهران ويقترح محادثات في دولة ثالثة

ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجّي، قال، الأربعاء، إنه يعتذر من عدم قبول دعوة إلى زيارة طهران في الوقت الراهن.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)

لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

استكمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لليوم الثاني على التوالي لقاءاته في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)

ذكرى سقوط الأسد تعيد التوتر إلى لبنان

لا تزال الارتدادات السورية تجد طريقها إلى الشارع اللبناني وتتحول أحياناً إلى احتكاك أو توتر في مناطق شديدة الحساسية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تغريدة اعتذار لقيادي في «حماس» تثير غضباً بين مؤيديها

طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)
TT

تغريدة اعتذار لقيادي في «حماس» تثير غضباً بين مؤيديها

طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة الاثنين (إ.ب.أ)

أثار اعتذار علني قدمه باحث فلسطيني مؤيد لـ«حماس» لأحد أعضاء مكتبها السياسي، غضباً في أوساط مؤيدي الحركة؛ خصوصاً وأنه جاء على خلفية انتقاد أعلنه الأول لموقف سياسي أدلى به الآخر.

ونشر الشاعر والباحث السياسي الفلسطيني، محمود حامد العيلة، المعروف بتأييده لـ«حماس»، مساء الثلاثاء، اعتذاراً عبر منصة «إكس»، لعضو المكتب السياسي في الحركة، محمد نزال، عما وصفها بـ«إساءة» في تغريدة نشرها قبل أكثر من شهر على المنصة نفسها بعد تصريحات كان أدلى بها الأخير بشأن قضية سلاح الحركة ومستقبلها في قطاع غزة.

وتعود جذور الأزمة، إلى تقرير نشرته وكالة «رويترز»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نقل رداً من نزال على سؤال بشأن ما إذا كانت الحركة ستتخلى عن سلاحها في قطاع غزة، إذ قال: «لا أستطيع الإجابة بنعم أو لا»، مضيفاً: «موضوع السلاح موضوع وطني عام ولا يتعلق بـ(حماس) فقط، فهناك فصائل أخرى فاعلة على الأرض لديها سلاح».

وأثارت تلك التصريحات ردود أفعال واسعة رافضة في أوساط «حماس»، وكان من بينهم الباحث محمود العيلة الذي نشر انتقادات لتلك التصريحات بسبب ضبابية الموقف بشأنها من جانب بكونها صادرة عن عضو مكتب سياسي، ومن جانب آخر بسبب تناقضها مع مواقف أخرى لقيادات من الحركة، خاصةً ممن هم من سكان قطاع غزة أو يوجدون بالخارج وهم بالأساس من سكانه.

ودفعت حالة الرفض لتصريحات نزال، «حماس» إلى إصدار بيان قالت فيه إنها «تصريحات مجتزأة، ولا تعكس ما ورد بها بدقة».

واضطر العيلة إلى حذف انتقاده بعد أيام على نشره؛ وكان يعتقد أن الأزمة انتهت عن هذا الحد.

ما سبب الاعتذار؟

غير أن نشر الاعتذار أثار تساؤلات عن السبب، ليتبين لاحقاً كما أشار نشطاء في منصة «إكس» وغيرها، من الموالين لحركة «حماس»، وكذلك وفق مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، من الحركة في قطر، أن نزال الذي يتخذ بشكل أساسي من الدوحة مقراً لإقامته منذ سنوات «قدم أمام الجهات الحكومية القطرية شكوى ضد العيلة، واتهمه بالإساءة إليه، والتسبب بضرر معنوي له».

جانب من الدمار الذي أصاب مكتباً لحركة «حماس» في الدوحة الثلاثاء (رويترز)

وحسب أحد المصادر؛ فإن «الكثير من الأشخاص وبعضهم مسؤولون قياديون، حاولوا التوسط لحل الخلاف، لكن نزال أصر على أن يحصل على اعتذار علني عبر منصة (إكس) عما بدر منه، وهو الأمر الذي تحقق شريطة حل الخلاف وعدم مطالبة نزال بأي شروط أخرى، في ظل إصرار الأخير على دفع تعويض مالي».

وذهبت مصادر أخرى مقربة من الحركة إلى أن «الاعتذار من محمود العيلة كان مجرد بداية لحل الأزمة، وأن بعض من تدخلوا دفعوه إلى هذا الاتجاه لامتصاص غضب نزال، وفي محاولة لإقناعه بإلغاء الشكوى».

غضب بين النشطاء

وتفاعلت أطراف من داخل «حماس» وخارجها مع موضوع الاعتذار، ومن بينهم الصحافية الفلسطينية منى حوا، التي كتبت: «لم يعرف تاريخ الحركات التحررية في فلسطين على امتداده، سابقة واحدة لقيادة تُبلّغ عن أحد أبنائها لدى طرف ثالث أو سلطة أخرى لأي سبب كان مهما حدث. سلوك لا يمتّ بصلة لا لأخلاق التنظيمات الوطنية؛ ولا لأبسط أعراف الاستجارة في تقاليد القبائل. معيب ومؤلم ومخزٍ».

وأضافت حوا في تغريدة أخرى: «لم تعرف إسرائيل توسعاً أخطر من حاضرها، ولا عرف التاريخ إبادة أفظع مما يعيشه أهلنا في غزة. وفي قلب المأساة: أحد قيادات شعبنا يلاحق شاباً من غزة بسبب تغريدة، ويشكوه لدولة أخرى مهدداً رزقه وأمنه. قيادات (المقاومة) تطلب من شعبنا الصمود تحت النار؛ في حين لا تحتمل كلمة نقد واحدة».

كما غرد جميل مقداد، الناشط المعروف بتأييده للفصائل مثل «حماس»، وقال: «قيادي في (حماس) أجبر مواطناً فلسطينياً يعيش في قطر، على نشر بوست اعتذار طويل عريض له، بعد تقديم دعوى ضدّه في المحاكم القطرية، بسبب منشور سابق انتقده فيه!». مضيفاً: «عال العال، وين وصلنا؟ قيادات شعبنا إلي حقنا ننتقدها وواجبها تسمعنا، بتستقوي بالمحاكم العربية علينا.. شو هاد؟ لوين وصلتوا يا جهلة؟!».

وتمثل مسألة مستقبل سلاح حركة «حماس» قضية محل تباين في التصريحات بين قياداتها؛ إذ قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج، خلال ندوة في إسطنبول، السبت الماضي، إن «(حماس) لن تتخل عن سلاحها أبداً إلا في حال إقامة دولة فلسطينية»

لكن، وبعد يوم واحد من تصريحات مشعل، قال باسم نعيم، في تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس» إن حركته منفتحة على مناقشة خيارات، منها «تخزين أو تجميد السلاح في إطار ترتيبات أمنية وسياسية شاملة».

في حين خرج عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران، الثلاثاء، بتصريحات ربط فيها الانتقال إلى المرحلة الثانية بوقف الخروق الإسرائيلية، في وقت تؤكد الحركة وعلى لسان الكثير من قياداتها وناطقيها بينهم خليل الحية، وحازم قاسم، بأن «الحركة جاهزة» للانتقال للمرحلة الثانية.


لودريان: مؤتمر دعم الجيش اللبناني مرتبط بخطوات لاستكمال حصرية السلاح

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت الاثنين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت الاثنين (الرئاسة اللبنانية)
TT

لودريان: مؤتمر دعم الجيش اللبناني مرتبط بخطوات لاستكمال حصرية السلاح

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت الاثنين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت الاثنين (الرئاسة اللبنانية)

أنهى الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، محادثاته التي شملت رؤساء الجمهورية جوزيف عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة نواف سلام، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وأبرز القيادات السياسية.

وتصدّر جدول أعمالها موضوعان أساسيان:

الأول ضرورة استكمال تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة بوصفه ممراً إلزامياً لعقد مؤتمر دولي يُخصّص لدعم الجيش؛ لتوفير احتياجاته من عتاد وتجهيزات، لتوسيع انتشاره لبسط سلطة الدولة على أراضيها تطبيقاً للقرار 1701.

والثاني إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2026 للحفاظ، كما نُقل عنه، على الوجه الحقيقي للبنان أمام المجتمع الدولي من خلال الزيارة التاريخية للبابا ليو الرابع عشر الذي تمثّل بتوق اللبنانيين للسلام والاستقرار، وتحييد بلدهم عن النزاعات في الإقليم.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن لودريان سمع من الرؤساء الثلاثة تأكيداً بتمسكهم بحصرية السلاح، مبدياً ارتياحه للإنجاز الذي حققه الجيش بشهادة لجنة الـ«ميكانيزم» وقوات الطوارئ الدولية «يونيفيل»، وسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بخلاف إصرار إسرائيل على التشكيك بما حققه، وامتناعها عن تنفيذ الاتفاق بكل مندرجاته الذي التزم به لبنان، ومن خلاله «حزب الله»، منذ سريان مفعوله في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وإن كان المطلوب منه الاستجابة لتعهد الحكومة بتطبيق حصرية السلاح، وصولاً إلى حدود لبنان الدولية مع سوريا، ما يضعه أمام مسؤوليته بتدعيم الموقف اللبناني في الـ«ميكانيزم» لإحراج إسرائيل وإسقاط ذرائعها لاستمرار احتلالها لقسم من المنطقة الحدودية.

جدول زمني

وكشفت مصادر سياسية مواكبة لمحادثات لودريان عن أن انعقاد المؤتمر الدولي الذي دعت له باريس لدعم الجيش، يتوقف على وضع جدول زمني لاستكمال تطبيق حصرية السلاح من شمال الليطاني حتى الحدود الدولية للبنان مع سوريا.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس إيمانويل ماكرون كان، ولا يزال، على موقفه بتوفير كل الدعم للمؤسسة العسكرية، ويبدي اهتماماً بضرورة عودة الاستقرار للبنان، استناداً إلى اتفاق وقف النار الذي رعته فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يستقبل لودريان (رئاسة البرلمان)

لكن المصادر لاحظت أن لودريان استفاض في لقاءاته بالحديث عن مواصلة باريس بتحضير الأجواء لعقد المؤتمر الدولي، وهي تستعد الآن لاستضافة مؤتمر تحضيري يُعقد في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتشارك فيه المملكة العربية السعودية، ويحضره لودريان شخصياً، والمستشارة السياسية لماكرون آن كلير لوجاندر، والعماد هيكل، والموفدة الأميركية إلى الـ«ميكانيزم» مورغان أورتاغوس.

وأكدت أن لا موعد حتى الآن لانعقاد هذا المؤتمر؛ لأن انعقاده يعود بالدرجة الأولى إلى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية.

ونقلت عن لودريان قوله إن انعقاده يتوقف على مبادرة لبنان لإعطاء إشارات عملية باتجاه المجتمع الدولي يجزم فيها بإصراره على استكمال تطبيق حصرية السلاح، مع أن انتشار الجيش جنوب الليطاني شكل خطوة مهمة لكنها ليست كافية من وجهة نظر أصدقاء لبنان على الصعيدين العربي والدولي، وبالتالي يبقى انعقاده عالقاً على استعداد لبنان للقيام بخطوات عملية، مع أن رئيسي الجمهورية جوزيف عون، والحكومة نواف سلام، أبلغا لودريان بأن قرار حصرية السلاح اتُّخذ ولا عودة عنه، فيما رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه يتوجب على لبنان الرسمي تطبيق قراري مجلس الوزراء في جلستي 5 و7 أغسطس (آب) الماضي، وإلا فإن أحداً لن يأخذ لبنان على محمل الجد.

تفعيل اجتماعات «الميكانيزم»

وشدد عون وسلام، ومعهما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، على ضرورة تفعيل اجتماعات الـ«ميكانيزم» لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية بكل مندرجاته، وإلزام إسرائيل بتنفيذه، خصوصاً بعد تكليف سفير لبنان السابق لدى الولايات المتحدة المحامي سيمون كرم بترؤسه الوفد اللبناني في اجتماعاتها، وقوبل هذا، على حد قول لودريان، بارتياح ماكرون، وبدعمه في الوقت نفسه، للخطوات التي اتخذها عون بتمسكه بالخيار الدبلوماسي لإعادة الاستقرار للجنوب وانسحاب إسرائيل تطبيقاً للقرار 1701، وهو يراهن الآن على التفاوض السلمي عبر الـ«ميكانيزم» للتوصل لاتفاق يؤدي لتوسيع انتشار الجيش حتى الحدود الدولية مع إسرائيل.

وبالنسبة لترسيم الحدود اللبنانية - السورية، أبدى لودريان استعداد فرنسا لمساعدة البلدين للتوصل إلى اتفاق نهائي لترسيم الحدود، كاشفاً في لقاءاته عن أن ماكرون كلّف مستشارته السياسية لوجاندر بمتابعة ملف الترسيم، وهي تقوم الآن بالتحضيرات المطلوبة، مستعينة بما لدى أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية من خرائط في هذا الخصوص.

الانتخابات النيابية

أما بالنسبة للانتخابات النيابية، فقد علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية، أن عون وسلام أكدا للودريان إصرارهما على إنجازها في موعدها، فيما توجَّه بسؤال إلى بري حول الانتخابات، فكان جوابه بأنها ستجري في موعدها على أساس القانون النافذ، من دون الدخول في التفاصيل، مع أن لودريان لم يتطرق مع الذين التقاهم لاقتراع المغتربين باعتباره شأناً داخلياً، ويعود لأصحاب القرار التوصل لتسوية لإخراج قانون الانتخاب من التجاذبات وتبادل الحملات.

جنبلاط يستقبل لودريان في دارته في بيروت (إعلام الحزب التقدمي الاشتراكي)

وكشفت المصادر عن أن الاستحقاق النيابي أُثير أيضاً على هامش لقاء لودريان بجنبلاط الأب، بحضور نجله رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» تيمور جنبلاط، والنائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور.

وقالت إنه سأله عن القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات السابقة، فأجابه بأنه سمح للمغتربين بالاقتراع من مقر إقامتهم، وبحسب قيودهم في لوائح الشطب لـ128 نائباً، لكن بري يتمسك بالقانون النافذ، أي بوقف العمل بالتعديلات التي أتاحت لهم الاقتراع من الخارج.

ولفتت إلى أن قانون الانتخاب نوقش أيضاً بين لودريان وجعجع الذي أبلغه بأن الأكثرية النيابية تقدّمت بعريضة تبنّت فيها مشروع القانون الذي أحالته الحكومة على المجلس النيابي، وينص على شطب المادتين 112 و122 من القانون، بما يسمح للمغتربين بالاقتراع من مقر إقامتهم، لكن بري يرفض الدعوة لعقد جلسة نيابية يُدرج على جدول أعمالها مشروع الحكومة.

لذلك ركّز جنبلاط الأب على ضرورة التوصل لتسوية حول القانون الذي ستجري على أساسه الانتخابات؛ لأن اعتماد القانون النافذ حالياً بحاجة لتعديل في جلسة تشريعية لتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، وإصدار المراسيم التطبيقية لتوزيع المقاعد الست المخصصة لتمثيل الاغتراب على القارات الست.

جعجع يستقبل لودريان في معراب (إعلام القوات اللبنانية)

فيما فضّل لودريان الاستماع إلى وجهات نظر الذين التقاهم من دون أن يتدخل لمصلحة فريق معين، مكتفياً بإسداء نصيحة بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، فيما بدأ يتردد، من وحي الأجواء التي سادت لقاءاته، بأن تأجيلها إلى يوليو (تموز) 2026 يتقدم على إنجازها في موعدها في مايو (أيار) من العام نفسه، رغم أن عون يتمسك بمبدأ حق المغتربين بالاقتراع، وإن كان لم يقل حتى الآن كلمة الفصل في القانون، مع أن مصادر وزارية ترجح إمكانية التوصل في نهاية المطاف إلى تسوية لإنقاذ الاستحقاق النيابي، ما يبرر تأجيله لضيق الوقت.


السفير الأميركي في بيروت: إسرائيل تفصل المفاوضات عن الضربات لـ«حزب الله»

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
TT

السفير الأميركي في بيروت: إسرائيل تفصل المفاوضات عن الضربات لـ«حزب الله»

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)

أطلق السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى موقفاً لافتاً بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في عين التينة، مؤكداً أنّ بدء المفاوضات المدنية بين لبنان وإسرائيل، لا يعني توقف إسرائيل عن هجماتها، لأن الإسرائيليين يعدّون المسار السياسي منفصلاً بالكامل عن مسار الحرب مع «حزب الله».

ويقدّم عيسى في هذا الموقف إشارة أميركية واضحة، مفادها أنّ واشنطن تتعاطى مع مسار التفاوض بوصفه خطّاً مستقلّاً عن المواجهة العسكرية والضربات الإسرائيلية التي توجهها إسرائيل لـ«حزب الله»، فيما يشكّل إعلاناً صريحاً بفصل المسارين، السياسي من جهة، والميداني من جهة أخرى.

موقف عيسى جاء في ختام لقاء موسّع بين رئيس المجلس النيابي ووفد من «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان (ATFL)» برئاسة السفير إدوارد غابرييل، بعد أسبوع على انطلاق مرحلة تفاوض جديدة، واشتداد المواجهة جنوباً. وهدف الاجتماع إلى الاستماع من بري مباشرة إلى مقاربة رسمية لبنانية حول التطورات الداخلية والإقليمية، حسب بيان صادر عن مكتب بري.

مقاربة موسعة

وأوضح عيسى أنّ الهدف من حضور وفد موسّع هو «الاستماع من المصدر، لأن ما يصل إلى الولايات المتحدة لا يكون دائماً مطابقاً للحقيقة اللبنانية»، مشيراً إلى أن بري «قدّم مقاربة موسعة للواقع اللبناني والتحديات المتصلة بالمرحلة الراهنة، على نحو يتيح للوفد الأميركي نقل صورة أشمل لدوائر القرار». وقال إن بري «قدّم رأيه مباشرة للوفد حول الوضع في لبنان، وآمل أن يكون الوفد قد فهم من الرئيس بري حقيقة ما يحصل».

وعن رأيه في تعيين السفير سيمون كرم في لجنة الميكانيزم والرسائل التي يرغب الرئيس بري في إيصالها إلى الولايات المتحدة، قال السفير عيسى: «أعتقد أن الرئيس بري أوصل كل ما كان ينبغي للوفد معرفته، إذ إن المعلومات تصل إلى الولايات المتحدة أحياناً بشكل مغاير لما يجب أن تكون عليه. أمّا بشأن المفاوضات الجارية الآن، فعلينا ألا نستبق الأحكام أو نبالغ في تقييمها منذ اليوم الأول. وكما قلت قبل يومين، يجب أن نفتح الأبواب، وليُبدِ كلٌّ رأيه».

وقال إن «المفاوضات قد بدأت، وهذا لا يعني أن إسرائيل ستتوقف، وهم يعتقدون أن الأمرين منفصلان وبعيدان عن بعضهما، وأعتقد أنه يمكن من خلال التفاوض تقريب وجهات النظر».

وفي ملف المساعدات العسكرية، شدّد عيسى على أن الدعم الأميركي للجيش «مستمر ولم يتوقف»، لافتاً إلى أن العمل على زيارة قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إلى واشنطن لا يزال جارياً، وأن الزيارة مرجحة لأنها تتيح لهيكل «إيصال رسائله مباشرة».

كما عدّ أن انتقال سلطة الأمن جنوب الليطاني إلى الجيش خطوة إيجابية، آملاً «أن تصدر عن الحكومة مجتمعة»، قبل أن يوجّه تعليقاً مقتضباً باتجاه «حزب الله»، قائلاً إن الحزب «يعرف ما عليه القيام به».

موقع لبنان الإقليمي

من جانبه، قال السفير إدوارد غابرييل إن اللقاء شكّل فرصة لمناقشة «موقع لبنان الإقليمي وعلاقاته بسوريا والخليج ودول الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن الخبراء المرافقين سيبنون على ما سمعوه لنقله إلى الكونغرس ودوائر القرار في واشنطن.

ووصف غابرييل الاجتماع بأنه «مثمر للغاية»، معبّراً عن تفاؤل بمرحلة المفاوضات، وبالدور الذي تلعبه السفارة في دعم الجيش اللبناني.