تحقق السلطات المصرية في جريمة «عنف أسري» جديدة، شكلت صدمة للمصريين، إذ قام محام شاب بذبح والدته وشقيقته وشقيقه بمحافظة الغربية (دلتا مصر)، ومع تكرار وقائع مشابهة، حذر خبراء مما وصفوه بـ«تطور مفهوم العنف الأسري».
وفي التفاصيل، تلقت أجهزة الأمن بلاغاً من الأهالي بوقوع مذبحة في عزبة رستم التابعة لقرية الشين بمركز قطور في محافظة الغربية، حيث قام شاب بإنهاء حياة والدته وشقيقته وشقيقه الأصغر ذبحاً، ثم سكب عليهم مادة قابلة للاشتعال.
بدأت الواقعة، حسب ما نشرته وسائل إعلام محلية، الاثنين، بملاحظة الأهالي انبعاث رائحة كريهة من أحد المنازل، وتغيب أصحاب المنزل منذ عدة أيام، واكتشفت السلطات عقب دخول المنزل، وجود 3 جثث لسيدتين وشاب، وكانت الجثة الأولى «لوالدة المتهم» وهي في بداية العقد السادس، والثانية «لشقيقته»، في منتصف العقد الثالث، والجثة الثالثة لشقيقه.
ووفق التحقيقات الأولية، تبين أن مرتكب الواقعة هو الشقيق الأكبر، يعمل محامياً، وعمره 29 عاماً، وقال الأهالي إن المتهم يعاني اضطرابات نفسية، فيما تم نقل جثامين الضحايا إلى مشرحة المستشفى العام بالمدينة.
وشهدت مصر خلال الآونة الأخيرة وقائع «عنف أسري» عديدة، كان أغلبها، وفق خبراء الاجتماع والطب النفسي، تتركز في جرائم الأزواج، وأكد الخبراء أن «تكرار» جرائم العنف في محيط الأسرة يعد «أمراً لافتاً» على الرغم من كونه لا يشكل «ظاهرة»، وفق التعريفات العلمية.
وعدّ استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز «اتساع دائرة العنف من جرائم بين الأزواج والزوجات إلى وقائع قتل الابن للأم والأشقاء، أو الابنة لأبيها، يعكس انهياراً للقيم الأخلاقية العامة، والقيم السلوكية الخاصة بالأسرة»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن هذه الجرائم تعكس تطوراً في مفهوم العنف بالمجتمع، وزيادة معدلاته ليصبح أكثر عنفاً، نتيجة الانهيار الثقافي والضغوط الاقتصادية والمجتمعية، على الرغم من تكرار هذه الوقائع لا يشكل ظاهرة»، حسب تعبيره.
وفي فبراير (شباط) العام الماضي، أصدرت محكمة جنايات بورسعيد في مصر حكماً بالإعدام شنقاً على فتاة أدينت بقتل والدتها في مدينة بورفؤاد (شرق مصر) بمساعدة جارها المراهق، باستخدام خشبة مثبت فيها مسامير، ومطرقة وماء مغلي وسكين وكأس زجاجية مكسورة، وفق إفادة النيابة المصرية العامة حينها.
كما شهدت منطقة العجوزة بمحافظة الجيزة في مارس (آذار) العام الماضي أيضاً قيام شاب بقتل والده بضربه على رأسه باستخدام «ماسورة حديدية».
وتحظى جرائم «العنف الأسري» باهتمام رسمي ومؤسسي في مصر، إذ طرحت للنقاش خلال جلسات «الحوار الوطني» العام الماضي، وسط دعوات بتعديلات تشريعية تغلظ عقوبات هذه الجرائم، كما شهدت جلسات «المحور المجتمعي» توصيات بإطلاق مبادرات مجتمعية للحفاظ على التماسك الأسري والمجتمعي.
وفي مارس الماضي، دعت دار الإفتاء المصرية إلى مواجهة «العنف الأسري». وقال مفتي مصر، الدكتور شوقي علام، في إفادة للدار حينها، إن العقاب البدني، وهو ما يطلق عليه العنف الأسري، «مرفوض شرعاً».
ويرى رئيس قسم الاجتماع بمعهد الدراسات القبطية الدكتور نصيف فهمي أن «تكرار جرائم العنف الأسري يعكس أزمة مجتمعية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد تداخل واسع بين تغير آليات العنف، وبين الدوافع والمسببات، التي يأتي على رأسها الضغوط الاقتصادية، والتفكك الأسري، وتراجع المنظومة القيمية».
وحسب فهمي، فإن «هذه الوقائع تحتاج إلى دراسة، خصوصاً أن العنف الأسري لم يكن موجوداً قبل سنوات، وكانت حالات خاصة نطلق عليها (نادرة)، وهي عادة تنتشر أكثر بين الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً نتيجة غياب الترابط الأسري».