إغلاق موقع إذاعة جزائرية خاصة بناءً على قرار قضائي

بعد عام من سجن مديرها بتهمة «تلقي أموال لتقويض الأمن»

الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
TT

إغلاق موقع إذاعة جزائرية خاصة بناءً على قرار قضائي

الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)

أعلنت الإذاعة الجزائرية الخاصة «راديو ماغراب»، الأربعاء، توقف نشر الأخبار على موقعها الإلكتروني، إثر صدور حكم من القضاء بحل الشركة التي تتبع لها.

وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة قد قضت قبل عام بسجن مدير هذه الشركة، الصحافي إحسان القاضي، سبع سنوات، ويكون خمس منها موضع تنفيذ، بناء على تهمة «تلقي أموال من الخارج بغرض تقويض الأمن في البلاد».

ونشر صحافي الإذاعة، سعيد بودور، على حسابه بالإعلام الاجتماعي بياناً لها، يفيد بأن محكمة الاستئناف بالعاصمة أصدرت حكمها في 13 من الشهر الحالي، مثبتة بذلك حكماً ابتدائياً بحل شركة «إنترفاس ميديا»، التي تنتمي إليها الإذاعة التي كانت تبث برامج سياسية مصورة على الإنترنت، وتم إغلاق استديوهاتها بالعاصمة نهاية 2022، لكن بقي موقعها الإخباري ينشر على الرغم من حظره من طرف السلطات، وذلك بعد أن لجأ صحافيو الموقع إلى برمجيات خاصة لتجاوز المنع.

مقرر الأمم المتحدة لحرية التجمع (يسار) بحث مع وزير الاتصال الجزائري موضوع سجن الصحافي إحسان القاضي عندما زار الجزائر العام الماضي (الشرق الأوسط)

وشمل الحكم غرامات مالية ثقيلة، إضافة إلى مصادرة معدات البث والتصوير وأجهزة الإعلام الآلي، التي كانت في مكاتب الشركة بوسط العاصمة، علماً بأن «السلطة المستقلة للسمعي البصري» تأسست بوصفها طرفاً مدنياً ضد شركة «إنترفاس»، وطالبت بتعويض مادي.

وأشار البيان إلى أن إغلاق الموقع يأتي بعد 11 سنة من إطلاقه، وأنه «كان طيلة السنوات الماضية منبراً للنقاش الحر»، مبرزاً أن قوانين جديدة بدأت الحكومة بتطبيقها هذا العام، تخص الإعلام المكتوب والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية: «ما يجعل مواصلة نشاطنا أمراً مستحيلاً»، في إشارة إلى احتمال تعرض العاملين في «راديو ماغراب»، المعروف اختصاراً بـ«راديو إم»، للمتابعة القضائية، لأن النشر الإلكتروني مشروط بترخيص من وزارة الاتصال.

وقال المحامي والحقوقي، سعيد زاهي، إن تجربة «راديو إم» رائدة، مبدياً حسرة على «تحطم أحلام كثير من الصحافيين الجزائريين».

والمعروف أن «إنترفاس»، تضم منصة أخرى هي «ماغراب إيمرجنت» التي تنشر الأخبار باللغة الفرنسية. غير أن الحكم القضائي لم يشملها لأسباب غير معروفة، على الرغم من أنها محظورة هي أيضا من طرف السلطات، فيما يستمر نشر الأخبار عليها بفضل برمجيات خاصة.

وتعد مكونات «إنترفاس» الصحافية مزعجة للسلطات بسبب تعاطيها مع الأنشطة الحكومية والقرارات والإجراءات الرسمية، بلمسة نقدية حادة. كما اشتهر مديرها الستيني، إحسان القاضي، بحدة كتاباته ومنشوراته في مواقع الإعلام الاجتماعي، ما جلب له متاعب كبيرة.

وأدانت المحكمة الابتدائية إحسان، العام الماضي، بالسجن خمس سنوات منها ثلاثة موضع تنفيذ، بناء على تهمة «تلقي أموال من الداخل والخارج، وجمع تبرعات دون رخصة للدعاية لمصالح خارجية، من خلال استغلال مقر شركة (إنترفاس ميديا)، لتسيير الموقع الإلكتروني غير المرخص «راديو إم»، الذي يعرض منشورات ونشرات للجمهور، من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية، وذلك عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي».

وبعد استئناف الحكم من طرف المتهم، رفع القضاء سنوات السجن النافذ إلى خمس سنوات، وشكل ذلك صدمة كبيرة وسط العاملين في المنصتين الإخباريتين، الذين كانوا يتوقعون تبرئته من التهمة.

المحامية زبيدة عسول (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وأثناء المرافعات، قالت المحامية زبيدة عسول، مرشحة انتخابات الرئاسة المقررة يوم 07 سبتمبر (أيلول) المقبل، إن الأموال المعنية تبلغ 25 ألف جنيه إسترليني تسلمها الصحافي على دفعات، حسبها، من ابنته تين هينان المقيمة في لندن والمساهمة في الشركة. كما أوضحت أن المبلغ «كان مخصصاً لتسوية ديون مستحقة على المجموعة»، مشددة على «عدم وجود أي وثيقة في الملف القضائي، تثبت أن إحسان القاضي أو (إنترفاس ميديا) تلقيا أموالاً من منظمات أجنبية أو من شخص أجنبي».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.