36 ساعة في مينوركا الإسبانية

إحدى جزر أرخبيل البليار الإسبانية المتلألئة بمياهها الزرقاء

تنتشر المطاعم على شواطئ مينوركا الجميلة (نيويورك تايمز)
تنتشر المطاعم على شواطئ مينوركا الجميلة (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في مينوركا الإسبانية

تنتشر المطاعم على شواطئ مينوركا الجميلة (نيويورك تايمز)
تنتشر المطاعم على شواطئ مينوركا الجميلة (نيويورك تايمز)

تتلألأ جزيرة مينوركا، وهي إحدى جزر أرخبيل البليار الإسبانية، بمياهها ذات اللون الأزرق المُخضرّ، التي تحاكي لون مياه الجزر المجاورة الأكثر جذباً للسياح؛ إيبيزا ومايوركا.

وتعد مينوركا محمية طبيعية تابعة لمنظمة «اليونسكو» منذ عام 1993، وتوفر ملاذاً أكثر هدوءاً وحيوية بفضل سكانها الذين عملوا على حماية الجزيرة من تبعات التحضر والتطوير، ومع ذلك، فإن معدل وصول اليخوت الضخمة، وتوافد السياح بأعداد كبيرة، بات آخذاً في الانخفاض، ففي عام 2021، افتتح المعرض الدولي «Hauser & Wirth» مركزاً للفنون بمساحة 16 ألف قدم مربع، بهدف جذب هواة جمع المقتنيات من الأثرياء على جزيرة صغيرة بالقُرب من العاصمة.

تنتشر المطاعم على شواطئ مينوركا الجميلة (نيويورك تايمز)

وعلى الرغم من التهديد المتزايد المتمثل في السياحة المفرطة، فإن مينوركا ما زالت تتمسك بأسلوب الحياة الذي يُطلق عليه اسم «Poc a Poc» أو «شيئاً فشيئاً»، وهو أحد التعابير الكاتالونية المفضلة لسكان، والذي تكون فيه فترة القيلولة طويلة، وساعات العمل قليلة. كما تزخر الجزيرة أيضاً بالإبداع والحياة البرية والتاريخ الغني، وقد أصبحت بعض مبانيها التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ أحد مواقع التراث العالمي لـ«اليونسكو» في العام الماضي.

تشتهر مطاعم مينوركا بتقديم أجود أنواع الأسماك (نيويورك تايمز)

الجمعة... استكشاف العاصمة

في مدينة مهون، عاصمة الجزيرة، التي تضم ميناءً طبيعياً كبيراً، ابدأ بزيارة متحف مينوركا (سعر التذكرة 4 يوروات، أو نحو 4.33 دولار، وتختلف أوقات العمل حسب الموسم)، وتغطي محتويات المتحف الفترة ما بين حضارة «تالايوتيك» التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ إلى قصة «مينوركينا»، وهي شركة لتصنيع الآيس كريم، تأسست عام 1940، ولا تزال تبيع منتجاتها من الحلوى في المتاجر.

وبعد ذلك، قم بزيارة معمل «جين زوريغوار» لتقطير المشروبات، الذي يعود تاريخ وصفاته إلى أوائل القرن الثامن عشر، ويمكنك العثور على مطبوعات لخرائط من القرن الثامن عشر، ونسخ من دليل «أبانت» المحلي للفعاليات الثقافية من «آيلاند موود»، وهو متجر مليء بالهدايا التذكارية التي يُمكنك جلبها من مينوركا.

ويمكنك التجول على طول الشوارع المنحدرة حتى تصل إلى «تياتر برينسيبال دي ماو»، وهو من أقدم دور الأوبرا في إسبانيا، الذي تم بناؤه عام 1829، وهو محاط بمتاجر مثل «لوسيرا» المتخصصة في الخزف الملون المصنوع يدوياً.

تناول العشاء على الواجهة البحرية

قبل العشاء يمكنك القيام بنزهة في «كاليس فونتس»، وهو ميناء خلاب تصطف على جانبيه القوارب التي تتأرجح في المياه الخضراء المتلاطمة، ثم توقف عند متجر «فوستو» لشراء الملابس العصرية ذات الألوان الترابية والخطوط الواضحة.

وهناك عدة خيارات لتناول العشاء، إذ يمكنك الذهاب إلى مطعم «تريبول»، الذي تم تأسيسه منذ عام 1969، ويتميز بتصميم داخلي ريفي ومنطقة جلوس خارجية في الهواء الطلق. ويقدم المطعم المنتجات المحلية، مثل «بلح البحر» الخاص بمدينة مهون في «النبيذ الأبيض» (سعر الطبق 16 يوروات) و«قريدس مينوركا المشوي» (سعر الطبق 35 يورو). في حين يوفر مطعم «سا بونتا»، الأكثر رسمية قليلاً، إطلالات بانورامية على المياه، ويقدم قائمة مدروسة بعناية حسب الموسم، تشمل «كروكيت الباذنجان» (سعر الطبق 9.50 يورو) و«الخبز المصنوع من قمح (زيشا)» وهو نوع قديم من الحبوب التي تتم زراعتها في الجزيرة (سعر الطبق 3.50 يورو).

وللاستمتاع بأجواء صيفية أكثر حيوية، يمكنك المشاركة في أطباق «المحار» (سعر الطبق 5.50 يورو) و«الإسكالوب» (سعر الطبق 20 يورو)، و«شريحة لحم (آلا بلانشا)» من مطعم «بينتاروخا» (سعر الطبق 22 يورو)، (مع ملاحظة أن العديد من الأماكن في مينوركا تعمل بشكل موسمي).

«البايلا» طبق إسبانيا الأشهر (نيويورك تايمز)

السبت... استكشاف المركز التاريخي للجزيرة

تجوّل في «سيوتاديلا»، التي كانت عاصمة مينوركا حتى عام 1722، وهي مدينة مليئة بالمباني الملونة والشوارع المرصوفة بالحصى تُشبه المتاهة والقصور القديمة.

ثم اذهب إلى «كونترامورادا»، وهو طريق تم بناؤه فوق الخندق الذي كان يحيط يوماً ما بالمركز المسور، الذي يعود إلى العصور الوسطى، ولا تزال كاتدرائية مينوركا (سعر التذكرة 7.20 يورو)، التي تم تشييدها وأُعيد ترميمها على مر القرون، تقرع أجراسها لتشير إلى موعد فتح وإغلاق بوابات الجدار.

وتشتهر «سيوتاديلا» بمتاجر الحرفيين، إذ يمكنك زيارة متجر «كارمن كوكون» للمجوهرات المصنوعة يدوياً، أو متجر «كينيريا» لبيع حقائب اليد الجلدية، كما يمكنك شراء بطانية شاطئ من متجر الأدوات المنزلية «سيس أورينيتس»، أو التسوق لشراء فستان من متجر «سينت سيلا»، ثم توجه إلى ساحة «بلازا دي لا ليبرتاد»، وهي ساحة مليئة بأشجار البرتقال، تضم سوقاً للأسماك ومحال الجزارة، وسوقاً للمزارعين، ويمكنك تذوق القهوة في متجر «كان باديت» (سعر الكوب 1.70 يورو)، كما ستجد بعضاً من أفضل أنواع «جبن الماعز» في مينوركا من كشك «كاس فيرريه دي سا فون».

مينوركا واجهة أثرية إسبانية (نيويورك تايمز)

الحصول على قيلولة تحت أشعة الشمس

عادةً ما يتم إغلاق الكثير من المحال التجارية في الجزيرة في الفترة من الساعة 2 إلى 5 مساءً تقريباً، وقد تزيد هذه الفترة أو تنقص ساعة، اعتماداً على اليوم أو الموسم أو رغبة مالك المتجر، ولذلك فهذا هو الوقت المثالي لزيارة شاطئ «ألغايارينس»، لكن لا توجد هناك كراسي للاستلقاء أو أكشاك للمياه أو الطعام؛ لذا أحضر كل ما تريده معك قبل الذهاب إلى هناك.

ومن أجل التنزه في المكان، ابحث عن اللوحة الإرشادية ذات اللونين الأحمر والأبيض بالقرب من موقف السيارات الأقرب إلى الشاطئ، والتي تشير إلى «كامي دي كافايس»، وهو طريق للمشي يبلغ طوله 115 ميلاً يحيط بالجزيرة، وقد تم ترميمه - كان مخصصاً للخيول في السابق، ويعود تاريخه لعدة قرون - بدقة للسماح لممارسي رياضة المشي لمسافات طويلة وسائقي الدراجات الجبلية بتجربة التنوع البيئي للجزيرة بحرية. يمكنك السير لمدة ساعة ونصف (ذهاباً وإياباً) غرباً إلى خليج «كالا موري» الصغير، ثم عد إلى الخلف عندما تصل إلى ساحة انتظار السيارات هناك. (نصيحة: إذا مررت عبر بوابة، فعليك التأكد من إغلاقها دائماً خلفك، وذلك من أجل حماية الحيوانات).

جولة في الكهوف البحرية

اختتم يومك بأجواء حالمة عند مشهد غروب الشمس الرائع، من خلال التجديف في خليج «كالا موري»، الذي يتمتع بمياه مثالية للغطس باللون الأزرق المخضر، وشاطئ صغير ومناطق مناسبة للحصول على حمامات الشمس والسباحة.

وتشمل الرحلة، التي تستغرق ساعتين مع شركة «بادل تور مينوركا» (سعر الرحلة 45 يورو) زيارات إلى الكهوف، وتنتهي بالتزلج بألواح التجديف على البحر الهادئ لمشاهدة غروب الشمس في المحيط، مع احتساء كوب من «البيرة الباردة» (أو الماء). ويتم الترحيب بجميع المستويات، لكن وفرة الأماكن تعتمد على الرياح والموسم، فإذا كانت هناك رياح شديدة، توجه إلى «أولا أولا»، وهو بار يبعد نحو 8 دقائق بالسيارة عن وسط مدينة «سيوتاديلا»، والذي يتمتع بموقع مثالي لمشاهدة غروب الشمس، ويمكنك احتساء مشروب «موخيتو» المصنوع من «النبيذ المحلي» (سعر الكوب 9 يوروات) أو بيرة منعشة مثل بيرة «غراهام بيرس» المخمرة في مينوركا أو «روزا بلانكا» من مايوركا (كلاهما 3.70 يورو).

مينوركا الوادعة على زرقة المتوسط (نيويورك تايمز)

الأحد... ابحث عن الشاطئ الأنسب لك

استرخِ على شاطئ البحر، حيث لا يتوافر سوى عدد قليل من الأماكن المفتوحة أيام الأحد، ولأن جزيرة مينوركا معروفة برياحها القوية، فاحرص على اختيار شاطئ لا يتعرض للعواصف (موقع Windy الإلكتروني والتطبيق الخاص به مفيدان في هذا الصدد)، وفي الشمال، هناك شاطئ كالا بريغوندا الخلاب برماله الذهبية وتكويناته الصخرية المميزة ومياهه الصافية الملائمة للغطس أو السباحة، ويستغرق الوصول إلى الشاطئ السير على الأقدام تحت أشعة الشمس لحوالي 40 دقيقة، إلا إذا ذهبت إلى هناك بواسطة قارب، وفي الجنوب، هناك «كالا ميتجانا»، الذي يقع على بُعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، وهو شاطئ يتمتع برمال بيضاء مع حواف صخرية لحمامات الشمس، كما يمكنك أيضاً مشاهدة كهوف الدفن الخاصة بالحضارة «التلايوتية» المحفورة في المنحدرات في كاليس كوفيس التي تقع في الجنوب أيضاً، وكذلك الخلجان الموجودة هناك المناسبة للسباحة وحمامات الشمس.

ومن أجل تناول غداء إسباني تقليدي، احجز طاولة في مطعم «مولي ديس راكو» في بلدة «إس ميركادال» في حال كنت متجهاً إلى ميتانغا أو بريغوندا، أو استمتع بالأسماك والخضراوات المحلية في مطعم «الروميرو» في مدينة مهون.

أماكن لتناول الطعام

يقع مطعم «تريبول» الهادئ في ميناء خلاب يقدم المأكولات البحرية المحلية الطازجة.

ويقدم مطعم «سا بونتا» المأكولات الموسمية، مع إطلالة بانورامية على المياه.

هناك مطعم «بينتاروخا» الذي يقع في منطقة حيوية على الواجهة البحرية للاستمتاع بالمأكولات المشوية.

يقدم مقهى «كان باديت» المعجنات والجيلاتي، إضافة إلى بار يتمتع بنوافذ بإطلالات ساحرة.

يطل بار «أولا أولا» على الشاطئ، ويعد مكاناً مثالياً لمشاهدة غروب الشمس.

يقدم مطعم «مولي ديس راكو» المأكولات الإسبانية في بلدة إس ميركادال، وهي بلدة تقع في وسط مينوركا، لكن يوصى بالحجز خلال فترة الذروة.

ومطعم «إل روميرو» الأنيق الذي يقدم الأسماك والخضراوات المحلية.

أماكن الإقامة

- فندق «مينوركا إكسبرمنتال»، وهو فندق موسمي يقع في وسط مزرعة تعود للقرن التاسع عشر، ويضم 43 غرفة، وحوض سباحة كبيراً بطول 85 قدماً، ومطعماً وباراً شهيراً، وتبدأ أسعار الغرف في شهر مايو (أيار) من 216 يورو، أي نحو 234 دولاراً أميركياً.

- فندق «لوكاسالدنت غران»، وهو فندق موسمي آخر يمتد على مساحة 250 فداناً تقريباً، الذي يمكنك خلال الإقامة فيه رؤية الحيوانات أثناء الرعى، وكروم العنب وأشجار الزيتون، كما يمكن لنزلاء الفندق أيضاً التجول في الأراضي على دراجات جبلية مجانية، وتبدأ أسعار الغرف في شهر مايو من 252 يورو.

- فندق «كريستين بيدفور» وهو فندق صغير يتميز بتصميمات داخلية دقيقة، ويوفر المسبح الصغير والحديقة الخضراء فيه متنفساً من حرارة الصيف في الجزيرة، وتبدأ أسعار الغرف في شهر مايو من 215 يورو.

وبالنسبة للإيجارات قصيرة المدة، فإن مهون عاصمة مينوركا، والمنطقة المحيطة بها تكون مناسبة لاستكشاف الجزيرة، على الرغم من أن مدى توافر الحجز يختلف باختلاف الموسم، كما تحظى عربات الكرفان أيضاً بشعبية كبيرة في الجزيرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

سفر وسياحة مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

تحلو الجلسة المُطلَّة على مشهد يُبهج النفس ويهدِّئ همَّ الأيام. في بيروت، تتعدَّد الأماكن المشرفة على العاصمة ببحرها ومبانيها وأفقها البعيد حيث تتوارى الشمس

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

كشفت شركة «في إف إس غلوبال» عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
سفر وسياحة فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)

«القاصوف»... صفحات من تاريخ لبنان الذهبي

يُعدُّ فندق «القاصوف» في بلدة ضهور الشوير، من الأقدم في لبنان والشرق الأوسط، شهرته ملأت الدنيا، وشغلت الناس على مدى سنوات طويلة، قبل أن تدمّره الحرب.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة يسمح فقط بحمل الشاحن في حقائب اليد (شاترستوك)

لماذا يمكن أن يُفسد وضع الشواحن المحمولة داخل الحقائب رحلتك؟

من الممكن أن يتسبب الشاحن المحمول (Power Bank) في انطلاق أجهزة الإنذار، ومن ثم خضوعك لفحص إضافي عند نقاط التفتيش الأمنية بالمطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أظهر مقطع الفيديو اهتزاز المقعد (غيتي)

حظر زوجين بدآ شِجاراً مع راكبة صينية بسبب مقعدها المائل

حظرت شركة الطيران الوطنية في هونغ كونغ، «كاثي باسيفيك»، زوجين من رحلاتها بعد شجار بدآه مع مسافرة صينية بسبب مقعدها المائل أمامهما، حسب «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)
مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)
TT

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)
مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

تحلو الجلسة المُطلَّة على مشهد يُبهج النفس ويهدِّئ همَّ الأيام. في بيروت، تتعدَّد الأماكن المشرفة على العاصمة ببحرها ومبانيها وأفقها البعيد حيث تتوارى الشمس مُسلِّمة لليل رسم المشهد الجمالي. إنه «الروف توب»، وهو يتجاوز كونه طاولة لجَمْعة، أو احتساء مشروب، أو تناول لقمة، فيتيح حَبْك علاقة مع الفضاء الأوسع، وفكرة المدينة، والهواء المتسلِّل إلى الروح فيُسعدها.

يعلم قاصدو السطوح بأنّ شيئاً آخر غير النكهة واللمَّة سيجمع. المكان هو المتعة الأولى. لأنه مُطلّ، ومُنطلق. لا تحدّه جدران ولا يأسره المشهد الواحد. الآتون إلى «Clap» مثلاً يتطلّعون إلى احتضان بيروت بنظرة. هذا المطعم الأنيق الواقع في الطبقة الثامنة من مبنى جريدة «النهار» في وسط المدينة، لا يقدّم تجربة طعام راقية فحسب، بل لحظة فاخرة تتوهَّج بإمكان الإحاطة بالمشهد البيروتي واكتمال الإطلالة على ما مرَّت به.

غروب الشمس في بيروت موعد يومي يحتفل به اللبنانيون (شاترستوك)

على مسافة من «ساحة الشهداء» التاريخية، تصطفّ الطاولات وسط إضاءة هادئة تُرخي المزاج. التصميم الداخلي أنيق، وإنما مَن يقصدونه يشاؤون اختبار المساحة الخارجية. منها، تبدو المدينة في متناول اليد، كأنها حقاً للجميع، ومتاحة لغزل عشاقها.

أجواء «Clap Beirut» وطعامه، وضعاه في المركز 47 بين أفضل 50 مطعماً في العالم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2022. الكوكتيلات أيضاً تتضاعف لذّتها وهي تُرتَشف على وَقْع صمود بيروت وتغلّبها الأسطوري على المحن.

مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

وسبق أن شغل الطبقةَ الثامنة من مبنى «النهار» عنوانٌ آخر للمكان المنشرح، هو «Iris»، لينتقل عام 2018 إلى سطح جناح «سي سايد» في الواجهة البحرية لبيروت. مساحة تمنح زائرها إحساساً بالحرّية. وإن قلَّ ارتفاعه عمّا كان عليه سابقاً، لا يزال جارَ البحر، لا يبخل بمدّ العين بمنظر مُشتهى للمدينة وليلها.

هذه المساحات الحرّة، مميّزة بترّاسها الشاسع لإتاحة الإشراف على كل ما لا يظهر دون الارتفاعات وفَضْلها. أرائك كبيرة وأخرى أصغر قليلاً، تتكئ على الكراسي، فتمنح الجالس وضعية مريحة. الآتون قبل مغيب الشمس، يستدركون معنى الدقائق الجميلة الفاصلة بين الضوء والعتمة. الأمكنة المرتفعة، تجعل مشهد الغروب مُنتَظراً ومقصوداً، فتنطبع صورته في البال ويُحفَظ على الهواتف لهواة الفيديو والصورة. يحدُث ذلك وسط جوّ شبابي نابض وطاقة مفعَمة مُعزَّزة بحضور طاغٍ للموسيقى وحماساتها. الكوكتيلات والأطباق العالمية، بينما الشمس تغيب والليل يتسلّل على مهل، قبل اقتحام الأمسية، هما مزيج اللحظة التي تُحسَب والتذوّق الذي يجعل الطَعم يُعلِّم.

الآتون إلى «الروف توب» يشاؤون احتضان بيروت بنظرة (حساب «SPINE» في «فيسبوك»)

مُرتَفع آخر ينبض بالحياة ويشير إلى خصوصية التجربة العصرية. في «SPINE» بشمال وسط بيروت، تتراءى المدينة على ارتفاع شاهق. فالمكان يقع في الطبقة الـ12 من «G1 تاور». ديكوره المُصمَّم على أشكال مربّعات ومستطيلات، يُرخي شعوراً بالفضاء المُجرَّد والحدود العصيّة على الإمساك بها. هذه لمسة «وهم» تتيحها الأضواء والتلاعُب بالظلّ، ما يمنح المكان طابعه الخاص.

لحظة فاخرة تتوهَّج بإمكان الإحاطة بالمشهد البيروتي (حساب «Clap» في «فيسبوك»)

حيازته جائزة التصميم مرات، وتحلّيه بإمكان رؤية أفق بيروت وبحرها بزاوية 360 درجة، يؤكد استثنائية التجربة البصرية. الإضاءة روح المكان وعصاه السحرية، بها يكسب التحدّي. وهي تتواطأ مع قائمة الطعام وأصناف الكوكتيلات لجَعْل الأناقة، هي الأخرى، وجبة رئيسية.

يتقدَّم الليل، لتتداخل مئات الألوان بالأنغام المُبهجة، وتعلو الأيدي المُصفِّقة، ويتمايل الراقصون على إيقاعات «الدي جاي» المتصاعدة كأنّ الفضاء كلّه لها.

وبجوار البحر؛ على مسافة قريبة من منارة بيروت الشهيرة، وبجانب كورنيش عين المريسة المزدحم، يرتفع «C-Lounge» ليتيح مشاهدة الغروب عن قُرب. هنا أيضاً تتداخل الموسيقى مع مكوّنات المائدة من طعام وشراب، لتشكِّل، مع جمال الإطلالة البانورامية على الأبيض المتوسّط، ثلاثية تريح الروح وتهدّئ ما تعكّره الأيام الصعبة.

«الروف توب» يتيح حَبْك علاقة مع فكرة المدينة (حساب «Clap» في «فيسبوك»)

على الطبقة السادسة من فندق «باي فيو هوتيل بيروت»، يقع تراس يشرف على مدينة لا تستريح. تبدو الأمواج كأنها تُفشي أسرار مَن لجأوا إليها وهم حزانى، فتُخبر عن كسر الخاطر، والأحضان التي بردت؛ وتحمل أخبار مَن عبروا الأفق وهي ترسو على رمال الشاطئ.

الغروب هو الوقت المفضَّل لزيارة هذه الأماكن. يبدو قرص الشمس متوهّجاً، وهو يفارق هذا الجزء من الأرض، لينتشل مَن هم في الطرف الآخر من سبات الليل. في بيروت أماكن كثيرة أخرى تمنح أسطحتُها قاصديها فرصة للإعجاب بالمشهد. الوارد في هذه السطور بعضٌ من خيارات تتنوَّع. محبّو السطوح يفضّلونها على المُغلق. بانشراحها، وارتفاعها، تُحمّلهم أجنحة وتُشعرهم بالتحليق خارج مختلف أشكال الأقفاص.