بنك إنجلترا يستعد لـ«دفن» آمال سوناك في خفض أسعار الفائدة قبل الانتخابات

الأسواق تترقب مجموعة كبيرة من قرارات المصارف المركزية بما فيها الصين وسويسرا والنرويج

أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يستعد لـ«دفن» آمال سوناك في خفض أسعار الفائدة قبل الانتخابات

أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

من المحتمل أن تتبدد أي آمال باقية لدى رئيس الوزراء ريشي سوناك بشأن خفض أسعار الفائدة قبل الانتخابات الأسبوع المقبل، حيث يبدو أن بنك إنجلترا مستعد للإشارة إلى أن تكاليف الاقتراض المنخفضة تنتظر الحكومة البريطانية المقبلة بدلاً من ذلك.

وكان بنك إنجلترا يتجه نحو أول خفض في أسعار الفائدة منذ بداية جائحة فيروس كورونا قبل أكثر من 4 سنوات، مما شجع سوناك على إخبار الناخبين الذين ما زالوا يشعرون بآثار ضغط تكلفة المعيشة، بأن نقطة التحول مقبلة.

ولسوء الحظ بالنسبة لسوناك وحزب المحافظين الذي يكافح، فإن ضغوط التضخم في بريطانيا لا تزال تبدو شديدة للغاية بحيث لا يستطيع بنك إنجلترا خفض أسعار الفائدة باجتماعه المقرر في 20 يونيو (حزيران) - وهو الاجتماع الأخير قبل الانتخابات - والانضمام إلى البنوك المركزية الأخرى التي فعلت ذلك.

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» ونشر يوم الأربعاء، أن 63 من 65 اقتصادياً يعتقدون أن الخفض الأول لن يأتي قبل 1 أغسطس (آب). كما توقع معظمهم أيضاً خفضاً آخر قبل نهاية العام.

ويتوقع اثنان من المحللين أن تكون الخطوة الأولى من جانب بنك إنجلترا في سبتمبر (أيلول). ولم يتوقع أحد أي خفض يوم الخميس، بعد اجتماع بنك إنجلترا.

وقال بيتر ديكسون، رئيس أبحاث دول أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة «فيتش سوليوشنز»: «يمكنه الانتظار. لقد تحرك البنك المركزي الأوروبي، ولكن البيئة العالمية تشير إلى أن البنك يمكنه الانتظار لفترة أطول قليلاً. 6 أسابيع لن تكون مؤلمة».

ويوم الأربعاء الماضي، قام «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي بتأجيل بدء تخفيضات أسعار الفائدة إلى أواخر ديسمبر (كانون الأول).

لقد منع اقتراب الانتخابات البريطانية المقرر إجراؤها في 4 يوليو (تموز)، صانعي السياسة في بنك إنجلترا من تقديم تلميحات جديدة حول ما من المحتمل أن يفعلوه الأسبوع المقبل.

وألغى المحافظ أندرو بيلي وزملاؤه جميع الأحداث العامة، عندما دعا سوناك إلى إجراء الانتخابات في 22 مايو (أيار).

محافظ بنك إنجلترا أثناء مشاركته في منتدى المصرف المركزي الأوروبي بمدينة ستريزا الإيطالية (موقع المصرف المركزي)

ضغوط التضخم

قد يُنظر إلى خفض تكاليف الاقتراض في الفترة التي تسبق الانتخابات على أنه أمر محفوف بالمخاطر من الناحية السياسية، لكنه لن يكون من دون سابقة: ففي مايو 2001، فعل بنك إنجلترا ذلك قبل أقل من شهر من توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، كجزء من سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة تلك السنة.

ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن بنك إنجلترا لن يواجه معضلة ما قبل الانتخابات الأسبوع المقبل.

وفي حين انخفض التضخم الرئيسي ليقترب من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة، فإنه كان أعلى بكثير من المتوقع بقطاع الخدمات الرئيسي في أبريل (نيسان)، وظل نمو الأجور بنسبة 6 في المائة في مايو ضعف المستوى المتوافق مع الهدف تقريباً.

ومن غير المرجح أن تؤدي بيانات التضخم لشهر مايو، المقرر صدورها يوم الأربعاء المقبل، أي قبل يوم واحد فقط من إعلان بنك إنجلترا عن أسعار الفائدة، إلى تغيير الصورة بشكل كبير.

وصوّت اثنان فقط من أعضاء لجنة السياسة النقدية التسعة لصالح خفض سعر الفائدة في اجتماعهم الأخير في مايو. وقال بيلي - من بين الأغلبية السبعة القوية التي لم تؤيد أي تغيير - في ذلك الوقت، إن تغيير السياسة في يونيو «لم يكن مستبعداً ولا أمراً واقعاً».

لكن ذلك كان قبل أرقام التضخم القوية في أبريل.

علاوة على ذلك، بدأ الاقتصاد البريطاني عام 2024 على أساس أقوى مما كان عليه في النصف الثاني من عام 2023 عندما دخل في ركود سطحي، مما أضعف الحاجة إلى الدعم العاجل.

وقال محللون في بنك «نومورا» إنهم يتوقعون تصويتاً آخر بأغلبية 7 - 2 لصالح إبقاء سعر الفائدة عند أعلى مستوى له منذ 16 عاماً عند 5.25 في المائة الأسبوع المقبل، لكنهم رأوا فرصة لأن نائب المحافظ ديف رامسدن قد ينضم مرة أخرى إلى الأغلبية في قرار 8 - 1 ضد الخفض.

وخلافاً لما حدث في الانتخابات الماضية، لا يبدو أن نتائج التصويت في 4 يوليو (تموز)، لها تأثيرات فورية كبيرة على بنك إنجلترا.

وحدّد حزب العمال المعارض الرئيسي، والذي يتقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي، بيانه السياسي يوم الخميس مع وعد بالالتزام بقواعد الميزانية المماثلة لقواعد المحافظين والحفاظ على هدف التضخم البالغ 2 في المائة لبنك إنجلترا.

وقال ديكسون: «لن يخيف أي شيء الخيول على المدى القصير. أعتقد أنه سيكون تسليماً سلساً نسبياً من منظور نقدي».

مصارف مركزية أخرى

وإلى بنك إنجلترا، تنتظر الأسواق مجموعة كبيرة من قرارات أسعار الفائدة، بما في ذلك في أستراليا والصين وإندونيسيا وسويسرا والنرويج.

فمن المقرر أن يجتمع مجلس إدارة بنك الاحتياطي الأسترالي يوم الثلاثاء، حيث لا يتوقع المستثمرون أي تغيير في سعر الفائدة النقدي البالغ 4.35 في المائة، والذي يقع الآن عند أعلى مستوياته منذ أواخر عام 2011.

وفي بكين، تزداد الأصوات التي تطالب بخفض سعر الفائدة من قبل المصرف المركزي الصيني (بنك الشعب)، وتواجه بكين خيار مساعدة الاقتصاد الذي يظهر علامات على انتعاش غير متكافئ أو منع انخفاض أكثر حدة في عملتها.

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ» بشأن قرار بنك الشعب الصيني يوم الاثنين، بشأن ما يسمى معدل فائدة الإقراض متوسط ​​الأجل، قال 21 في المائة ممن شملهم الاستطلاع - 3 من أصل 14 - إنهم يتوقعون خفضاً. ويقارن ذلك بـ10 في المائة في مايو، ولم يتوقع أحد خفضاً في أبريل.

وينصب التركيز على بنك إندونيسيا يوم الخميس، حيث تتطلع الأسواق لمعرفة ما إذا كان البنك المركزي سيتبع نظراءه في تايلند وتايوان ويبقي أسعار الفائدة دون تغيير.

وبعد أن فاجأ المصرف المركزي الإندونيسي الأسواق بزيادة سعر الفائدة في أبريل لدعم العملة المتعثرة، يرى بعض الاقتصاديين مخاطر حدوث زيادة لاحقة. وتقبع الروبية عند أدنى مستوياتها منذ 4 سنوات مقابل الدولار.

كما يجتمع البنك الوطني السويسري يوم الخميس، بعدما كان بدأ بخفض أسعار الفائدة في مارس. ومن المتوقع أن يكون الخفض الجديد بنسبة 50 - 50 في المائة بعد التضخم الثابت في مارس.

أما في النرويج، التي لا تتعجل في خفض أسعار الفائدة مع معدل تضخم أساسي يبلغ نحو 4 في المائة، تصدر توقعات اقتصادية جديدة. يجتمع البنك المركزي الأسترالي يوم الثلاثاء ومن غير المتوقع أن يخفف بعض الوقت.


مقالات ذات صلة

الذهب يصعد «متفائلاً» بخفض الفائدة الأميركية

الاقتصاد صائغ يفحص الحلي الذهبية في متجر للذهب في بانكوك (إ.ب.أ)

الذهب يصعد «متفائلاً» بخفض الفائدة الأميركية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً طفيفاً، يوم الاثنين، مدعومة بتصاعد التوقعات في الأسواق حول قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة النفط «كايروس» عالقة قرب ميناء أهتوبول على البحر الأسود، بلغاريا (أ.ب)

النفط يقترب من أعلى مستوياته في أسبوعين بفعل توقعات خفض الفائدة الأميركية

اقتربت أسعار النفط من أعلى مستوياتها في أسبوعين، يوم الاثنين، مع توقع المستثمرين خفضاً محتملاً لسعر الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
تحليل إخباري مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

تحليل إخباري «الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

يدخل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، ومستوى عالٍ من الانقسام الداخلي.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد إنتاج سبائك الذهب في مصنع معالجة في منجم فارفارينسكوي للذهب في كازاخستان (رويترز)

تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»

انخفض سعر الذهب يوم الخميس مع إقبال المستثمرين على جني الأرباح، وتوخّيهم الحذر قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الإنتاج الصناعي الألماني يتفوق على التوقعات في أكتوبر

رافعة تنقل لفافة فولاذية بمنشأة التخزين والتوزيع لشركة «تيسينكروب» الألمانية في دويسبورغ (رويترز)
رافعة تنقل لفافة فولاذية بمنشأة التخزين والتوزيع لشركة «تيسينكروب» الألمانية في دويسبورغ (رويترز)
TT

الإنتاج الصناعي الألماني يتفوق على التوقعات في أكتوبر

رافعة تنقل لفافة فولاذية بمنشأة التخزين والتوزيع لشركة «تيسينكروب» الألمانية في دويسبورغ (رويترز)
رافعة تنقل لفافة فولاذية بمنشأة التخزين والتوزيع لشركة «تيسينكروب» الألمانية في دويسبورغ (رويترز)

ارتفع الإنتاج الصناعي الألماني أكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، حسب بيانات رسمية نشرها مكتب الإحصاء الاتحادي، الاثنين.

وأظهرت البيانات أن الإنتاج الصناعي سجل زيادة بنسبة 1.8 في المائة مقارنة بالشهر السابق، بينما كانت توقعات المحللين الذين استطلعت «رويترز» آراؤهم تشير إلى نمو بنسبة 0.4 في المائة فقط.

وعند مقارنة متوسط الأشهر الثلاثة الأخيرة، انخفض الإنتاج بنسبة 1.5 في المائة بين أغسطس (آب) وأكتوبر مقارنة بالفترة نفسها من الأشهر الثلاثة السابقة. وأضاف المكتب أن الإنتاج في سبتمبر (أيلول) سجل ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة مقابل أغسطس، بعد مراجعة الرقم الأولي البالغ 1.3 في المائة. وعلى أساس سنوي، ارتفع الإنتاج في أكتوبر 2025 بنسبة 0.8 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024 بعد تعديل تأثيرات التقويم. كما أشار المكتب إلى أن الطلبيات الصناعية الألمانية ارتفعت بنسبة 1.5 في المائة على أساس موسمي وتقويمي.

السندات الألمانية في صعود حاد

على صعيد الأسواق المالية، ارتفعت عوائد السندات الحكومية الألمانية لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى منذ عام 2011، مع استمرار عمليات بيع السندات طويلة الأجل عالمياً نتيجة المخاوف بشأن الاستدامة المالية. وزاد من الضغوط على السندات الأوروبية تصريح إيزابيل شنابل، الخبيرة المؤثرة في تحديد أسعار الفائدة، بأن الخطوة التالية للبنك المركزي الأوروبي قد تكون رفع أسعار الفائدة وليس خفضها.

وارتفع عائد السندات الألمانية لأجل 30 عاماً إلى 3.444 في المائة، مسجلاً أعلى مستوى له منذ أكثر من 14 عاماً، بعد أن ارتفع بأكثر من 10 نقاط أساس الأسبوع الماضي، محققاً أكبر مكاسب أسبوعية منذ أغسطس. كما ارتفع عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات، وهو المعيار المرجعي لمنطقة اليورو، إلى 2.83 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ مارس (آذار).


الفائض التجاري الصيني يتجاوز تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الفائض التجاري الصيني يتجاوز تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

تجاوزت صادرات الصين التوقعات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتجاوز الفائض التجاري خلال أحد عشر شهراً من العام تريليون دولار لأول مرة، مدفوعا بارتفاع الشحنات إلى الأسواق غير الأميركية، مع تعميق الشركات المصنعة لعلاقاتها التجارية مع بقية العالم في ضوء الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

وكثف ثاني أكبر اقتصاد في العالم جهوده لتنويع أسواق صادراته منذ فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام الماضي، ساعياً إلى علاقات تجارية أوثق مع جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي، ومستفيداً من الحضور العالمي للشركات الصينية لإنشاء مراكز إنتاج جديدة للوصول إلى الأسواق منخفضة الرسوم الجمركية.

وأظهرت بيانات الجمارك يوم الاثنين نمو صادرات الصين بنسبة 5.9 في المائة على أساس سنوي، متجاوزةً بذلك انكماشاً بنسبة 1.1 في المائة في الشهر السابق، ومتجاوزةً توقعات استطلاع أجرته «رويترز» بنسبة 3.8 في المائة. وزادت الواردات بنسبة 1.9 في المائة، مقارنةً بارتفاع بنسبة 1.0 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وكان الاقتصاديون يتوقعون زيادة بنسبة 3.0 في المائة.

وقال زيتشون هوانغ، الخبير الاقتصادي الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»: «لم تُسهم تخفيضات الرسوم الجمركية المتفق عليها بموجب الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في زيادة الشحنات إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، لكن نمو الصادرات الإجمالي انتعش مع ذلك». وأضاف: «نتوقع أن تحافظ صادرات الصين على مرونتها، مع استمرار البلاد في اكتساب حصة سوقية عالمية العام المقبل». وتابع هوانغ: «يبدو أن دور إعادة توجيه التجارة في تعويض أثر الرسوم الجمركية الأميركية لا يزال يتزايد». ويبلغ متوسط التعريفة الجمركية الأميركية على البضائع الصينية 47.5 في المائة، وهو ما يتجاوز بكثير عتبة الـ40 في المائة التي يقول الاقتصاديون إنها تُضعف هوامش ربح المصدرين الصينيين.

تُظهر البيانات أن الشحنات الصينية إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 29 في المائة في نوفمبر على أساس سنوي، على الرغم من أن الشهر بدأ بأخبار تفيد بأن الولايات المتحدة والصين قد اتفقتا على خفض بعض تعريفاتهما الجمركية ومجموعة من الإجراءات الأخرى بعد اجتماع ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية في 30 أكتوبر.

ونمت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة سنوية بلغت 14.8 في المائة الشهر الماضي، بينما ارتفعت الشحنات إلى أستراليا بنسبة 35.8 في المائة، واستوردت اقتصادات جنوب شرق آسيا سريعة النمو سلعاً أكثر بنسبة 8.2 في المائة خلال الفترة نفسها.

وأدى ذلك إلى زيادة الفائض التجاري للصين إلى 111.68 مليار دولار في نوفمبر، وهو أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران)، من 90.07 مليار دولار مسجلة في الشهر السابق، وأعلى من التوقعات البالغة 100.2 مليار دولار. وتجاوز الفائض التجاري خلال أحد عشر شهراً من العام تريليون دولار لأول مرة.

وصرح دان وانغ، مدير قسم الصين في مجموعة «أوراسيا»: «يبدو أن الآلات الإلكترونية وأشباه الموصلات عاملان أساسيان. هناك نقص في الرقائق الإلكترونية منخفضة الجودة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، واستوردت الشركات الصينية التي تتجه نحو العالمية جميع أنواع الآلات والمدخلات الأخرى من الصين».

• اهتمام بدعم السوق المحلية

وارتفع اليوان الصيني يوم الاثنين، على خلفية بيانات الصادرات التي جاءت أقوى من المتوقع، مع ترقب المستثمرين أيضاً لإشارات السياسة من اجتماعات نهاية العام الرئيسية.

وتعهد المكتب السياسي، وهو أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب الشيوعي الحاكم، يوم الاثنين باتخاذ خطوات لتوسيع الطلب المحلي، وهو تحول يرى المحللون أنه حاسم لفصل الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 19 تريليون دولار عن الاعتماد على الصادرات. من المتوقع أيضاً أن يجتمع كبار المسؤولين في المؤتمر الاقتصادي المركزي السنوي للعمل خلال الأيام المقبلة لتحديد الأهداف الرئيسية وتحديد أولويات السياسات للعام المقبل.

ويقدر الاقتصاديون أن تراجع الوصول إلى السوق الأميركية منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد أدى إلى انخفاض نمو الصادرات الصينية بنحو نقطتين مئويتين، أي ما يعادل نحو 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار التراجع غير المتوقع في أكتوبر، بعد ارتفاع بنسبة 8.3 في المائة في الشهر السابق، إلى أن استراتيجية المصدرين الصينيين المتمثلة في تحميل الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة مسبقاً للتغلب على رسوم ترمب الجمركية قد استنفدت فائدتها.

وعلى الرغم من أن أصحاب المصانع الصينية أفادوا بتحسن في طلبات التصدير الجديدة في نوفمبر، فإنها لا تزال في حالة انكماش؛ ما يؤكد استمرار حالة عدم اليقين لدى الشركات المصنعة في ظل كفاحها لتعويض الطلب في غياب المشترين الأميركيين.

وأظهر مسح رسمي يتتبع نشاط المصانع الأوسع أن القطاع انكمش للشهر الثامن على التوالي.

• قفزات نوعية

من جهة أخرى، ارتفعت صادرات الصين من المعادن النادرة بنسبة 26.5 في المائة على أساس شهري في نوفمبر، وهو أول شهر كامل بعد اتفاق شي وترمب على تسريع شحن هذه المعادن الأساسية من أكبر منتج في العالم.

كما أن واردات فول الصويا الصينية على وشك تحقيق أفضل أداء سنوي لها على الإطلاق، حيث عزز المشترون الصينيون، الذين تجنبوا المشتريات الأميركية معظم هذا العام، مشترياتهم من المزارعين الأميركيين، بالإضافة إلى مشتريات كبيرة من أميركا اللاتينية.

وبشكل عام، لا يزال الطلب المحلي الصيني ضعيفاً بسبب الركود العقاري المطول. وتجلى هذا الضعف في انخفاض واردات النحاس الخام، وهو مادة أساسية في البناء والتصنيع.وعلق لين سونغ، كبير الاقتصاديين في بنك «آي إن جي»، قائلاً: «تتجه الصين نحو ترسيخ الطلب المحلي بصفته محركاً رئيسياً... وتحقيق النمو سيستغرق وقتاً، ولكن من الضروري أن تنتقل الصين إلى المرحلة التالية من تنميتها الاقتصادية».


شنابل من «المركزي الأوروبي»: رفع الفائدة محتمل... لكن ليس قريباً

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

شنابل من «المركزي الأوروبي»: رفع الفائدة محتمل... لكن ليس قريباً

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قالت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي في البنك المركزي الأوروبي، إن الخطوة التالية المحتملة للبنك قد تكون رفع أسعار الفائدة وليس خفضها كما يتوقع البعض، لكنها أوضحت أن هذا الاحتمال غير وارد في المستقبل القريب.

كان البنك المركزي الأوروبي قد خفّض أسعار الفائدة بمجموع نقطتين مئويتين خلال العام حتى يونيو (حزيران)، قبل أن يُبقيها ثابتة منذ ذلك الحين، بينما يدرس ما إذا كانت الإجراءات المتخذة كافية أو أن هناك حاجة إلى المزيد لمنع التضخم من التراجع بشكل كبير، وفق «رويترز».

وقالت شنابل في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ» نُشرت يوم الاثنين: «تتوقع الأسواق والمشاركون في الاستطلاعات أن تكون الخطوة المقبلة لأسعار الفائدة رفعاً، وإن كان ذلك ليس قريباً». وأضافت: «أنا مرتاحة إلى حد ما لهذه التوقعات».

وأشارت شنابل إلى أن المخاطر المحيطة بالنمو والتضخم تميل إلى أن تأتي أعلى من توقعات البنك المركزي الأوروبي، ويرجع ذلك جزئياً إلى صمود الاقتصاد في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية بشكل أفضل من المتوقع. كما لفتت إلى أن تراجع التضخم الأساسي قد توقف في وقت يتعافى فيه الاقتصاد وتتوسع فيه السياسة المالية، وهو ما قد يهيئ الظروف لتسارع وتيرة ارتفاع الأسعار.