الغيص: ذروة الطلب على النفط ليست في توقعات «أوبك» طويلة المدى

وصف تعليقات وكالة الطاقة بأنها «خطيرة» ولا تستند إلى حقائق

الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (موقع المنظمة على منصة «إكس»)
الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (موقع المنظمة على منصة «إكس»)
TT

الغيص: ذروة الطلب على النفط ليست في توقعات «أوبك» طويلة المدى

الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (موقع المنظمة على منصة «إكس»)
الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (موقع المنظمة على منصة «إكس»)

قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، هيثم الغيص، إن ذروة الطلب على النفط ليست في توقعات المنظمة طويلة المدى، في رد على ما أعادت وكالة الطاقة الدولية تكراره، في تقرير لها، يوم الأربعاء، حول بلوغ الطلب على النفط ذروته قبل عام 2030.

ووصف الغيص تعليقات الوكالة بأنها خطيرة، ولا سيما بالنسبة للمستهلكين، وأنها لن تؤدي إلا إلى تقلبات الطاقة على نطاق غير مسبوق.

وقال، في مقال له: «لقد شهد العقد الماضي أو نحو ذلك تحولاً في الحديث عن ذروة الطلب على النفط، حيث دفع بعض المتنبئين بشكل متزايد إلى سيناريوهات نظرية قررت، قبل تحليل أي بيانات، أن النفط ينبغي ألا يكون جزءاً من مستقبل الطاقة المستدامة. ويتجلى هذا في بعض سيناريوهات صافي صفر، مع اقتراحات بأن الطلب على النفط سيصل إلى ذروته قبل عام 2030، أو بشكل أكثر دراماتيكية، أن الطلب على النفط سينخفض ​​بأكثر من 25 في المائة، بحلول عام 2030، ومع دعوات لوقف الاستثمار في مشاريع نفطية جديدة».

وأضاف: «لقد تكررت هذه الرواية بالأمس فقط، عندما نشرت وكالة الطاقة الدولية تقريرها عن النفط لعام 2024، والذي ذكرت فيه مرة أخرى أن الطلب على النفط سوف يصل إلى ذروته قبل عام 2030، وهو تعليق خطير، وخصوصاً للمستهلكين، ولن يؤدي إلا إلى تقلبات الطاقة على نطاق غير مسبوق».

وأوضح الغيص أن أنواعاً أخرى من السرد سابقاً ثبت خطؤها، مثل أن وكالة الطاقة الدولية توقعت أن الطلب على البنزين بلغ ذروته في عام 2019، لكن استهلاك البنزين وصل إلى مستويات قياسية في عام 2023، ويستمر في الارتفاع، هذا العام، أو أنها ذكرت أن الطلب على الفحم بلغ ذروته في عام 2014، لكن استهلاك الفحم، اليوم، يواصل تسجيل مستويات قياسية.

وإذ شدد الغيص على أن «أوبك» ترحب بكل التقدم المحرز في مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، لكنه قال إنها ليست قريبة بما يكفي لاستبدال 80 في المائة من مزيج الطاقة، كما أن شبكات الكهرباء والقدرة على تصنيع البطاريات والوصول إلى المعادن الحيوية لا تزال تمثل تحديات كبيرة.

وذكّر بأن تطوير مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية يتطلب بعض المنتجات المرتبطة بالنفط، ومن ثم سيؤدي توسعها المستقبلي إلى زيادة الطلب على النفط.

وقال: «بالطبع، نحن جميعاً نريد خفض الانبعاثات، ولكن في الوقت نفسه، نحن جميعاً بحاجة إلى إمدادات طاقة وافرة وموثوقة وبأسعار معقولة... لا يمكن فصل الاثنين. وبدلاً من ذلك، يتعين على مستقبل الطاقة لدينا أن يركز على الصورة الكاملة، وليس على صورة جزئية غير مكتملة».

وحدّد الغيص «ثلاث حقائق رئيسية» يجب أخذها في الاعتبار، وهي:

أولاً يقع نمو الطلب على الطاقة والنفط في المستقبل، في المقام الأول، داخل بلاد العالم النامي غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، مدفوعاً بازدياد عدد السكان وتوسع الطبقة الوسطى والاقتصادات المتنامية. ومن الآن وحتى عام 2045، من المتوقع أن يتوسع الطلب على النفط من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأكثر من 25 مليون برميل يومياً، حيث تسهم الصين والهند بأكثر من 10 ملايين برميل في اليوم وحدهما.

كما أن مليارات البشر في العالم النامي ما زالوا يفتقرون إلى القدرة على الوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة، بل يتعلق الأمر بتحقيق أساسيات الطاقة التي يعدّها العالم المتقدم أمراً مفروغاً منه، مثل القدرة على تشغيل الضوء، أو الطهي على موقد نظيف، أو الحصول على وسائل نقل آلية للانتقال من وإلى العمل أو المدرسة.

ثانياً يستمر الطلب على النفط في ازدياد، حيث تتوقع «أوبك» نمو الطلب على النفط بمقدار 4 ملايين برميل يومياً على مدى عاميْ 2024 و2025، مع توقعات أخرى تشهد أيضاً نمواً بأكثر من 3 ملايين برميل يومياً. وحتى وكالة الطاقة الدولية تتوقع نمواً قدره 2 مليون برميل يومياً خلال هذه الفترة، يليه نمو قدره 0.8 مليون برميل يومياً في عام 2026، ثم تنخفض بشكل كبير إلى الهاوية إلى الصفر تقريباً في السنوات الأربع المقبلة حتى عام 2030.

إن معارضة المستهلكين أجندات سياسة صافي الصفر غير الواقعية تدفع صناع السياسات إلى إعادة تقييم نهجهم في التعامل مع الطاقة المستقبلية، وفق الغيص الذي قال إن هذا سيناريو غير واقعي، ومن شأنه أن يؤثر سلباً على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، وإنه استمرار لخطاب وكالة الطاقة الدولية المناهض للنفط. وأضاف: «نظراً للاتجاهات الحقيقية التي نشهدها، اليوم، فإننا لا نرى ذروة الطلب على النفط بحلول نهاية العقد».

ثالثًا تشهد أجزاء كثيرة من العالم تراجعاً لدى المستهلكين، حيث يستوعب السكان الآثار المترتبة على أجندات سياسات صافي الانبعاثات الصفرية الطموح وغير الواقعية. وهذا بدوره يدفع صناع السياسات إلى إعادة تقييم مناهجهم تجاه مسارات الطاقة المستقبلية، على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، حيث قامت الحكومة مؤخراً بدعم تراخيص النفط والغاز الجديدة.

وتابع الغيص: «هذه التحولات، إلى جانب التطورات في المشهد الاقتصادي، أدت إلى قيام (أوبك) بمراجعة توقعاتها للطلب على النفط صعوداً إلى 116 مليون برميل يومياً، بحلول عام 2045، وهناك احتمال بأن يكون هذا المستوى أعلى من ذلك، نحن لا نتوقع ذروة الطلب على النفط في توقعاتنا طويلة المدى».

وأوضح الغيص أنه «على جانب العرض، تسمح لنا التحسينات التكنولوجية لإضافة الموارد إلى القاعدة، باستمرار للمساعدة في تلبية نمو الطلب. ومن الواضح أن هناك ما يكفي من الموارد لهذا القرن وما بعده، حيث تبلغ احتياطيات العالم المؤكدة من النفط الخام أكثر من 1.55 تريليون برميل. علاوة على ذلك، تمكّننا التكنولوجيات أيضاً من اتخاذ خطوات هائلة في الحد من الانبعاثات، كما يتضح من توافر الوقود النظيف، والكفاءات والتكنولوجيات المحسَّنة كثيراً مثل احتجاز الكربون، واستخدامه وتخزينه، وإزالة ثاني أكسيد الكربون، والاحتجاز المباشر للهواء».

وقال: «كل شخص حر في أن يكون له رأي، لكن من المهم أن يستند ذلك إلى الحقائق التي نراها أمامنا، اليوم»، موضحاً أن «هناك حاجة واضحة إلى إعطاء الأولوية لأمن الطاقة، والاستفادة من جميع الطاقات المتاحة، وتوفير القدرة على تحمل تكاليف الطاقة، وتعزيز الاستدامة، وخفض الانبعاثات، وعدم الحد من خيارات الطاقة لدينا في مواجهة الطلب المتزايد».

وأضاف: «إن تنوع النفط هو الذي يضمن عدم رؤية ذروة الطلب على النفط في الأفق. وكما أن ذروة المعروض من النفط لم تحدث قط، فإن التوقعات بشأن ذروة الطلب على النفط تتبع اتجاهاً مماثلاً».

وختم قائلاً: «في ظل هذه الخلفية، يحتاج أصحاب المصلحة إلى إدراك الحاجة للاستثمار المستمر في صناعة النفط، اليوم وغداً، ولعقود عدة في المستقبل؛ نظراً لأن المنتجات المشتقة من النفط الخام ضرورية لحياتنا اليومية. وأولئك الذين يرفضون هذا الواقع يزرعون بذور نقص الطاقة في المستقبل وزيادة التقلبات، ويفتحون الباب أمام عالم تتسع فيه الفجوة بين (من يملكون الطاقة) و(من لا يملكون الطاقة) بشكل أكبر».


مقالات ذات صلة

«إيني» الإيطالية للطاقة تتخارج من أصول نفطية في ألاسكا

الاقتصاد شعار شركة «إيني» الإيطالية للطاقة بمحطة وقود في روما (رويترز)

«إيني» الإيطالية للطاقة تتخارج من أصول نفطية في ألاسكا

قالت شركة «إيني» الإيطالية للطاقة إنها وقعت اتفاقاً ملزماً لبيع أصولها البحرية في «نيكايتشوك» و«أوغوروك» بألاسكا إلى شركة «هيلكورب» الأميركية الخاصة.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد منصات الحفر في ميدلاند بتكساس بالولايات المتحدة (رويترز)

ارتفاع توقعات استثمارات النفط والغاز بالمنبع إلى 738 مليار دولار في 2030

كشف «منتدى الطاقة الدولي» أن الاستثمارات بمشاريع النفط والغاز في المنبع ستحتاج إلى زيادة بمقدار 135 مليار دولار لتصل لإجمالي 738 مليار دولار بحلول عام 2030

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد النباتات في جناح «بي بي» خلال معرض الغاز الطبيعي 2023 في فانكوفر (رويترز)

«بريتيش بتروليوم» توقف التوظيف وتبطئ نشر مصادر الطاقة المتجددة

فرض الرئيس التنفيذي الجديد لشركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) موراي أوشينكلوس تجميد التوظيف وأوقف مؤقتاً مشاريع طاقة الرياح البحرية الجديدة.

الاقتصاد من اليمين: رئيس البنية التحتية للغاز الطبيعي المُسال في «سيمبرا» مارتن هوبكا والنعيمي والرئيس التنفيذي لـ«أرامكو» أمين الناصر ومارتن والنائب التنفيذي للرئيس في قطاع الأعمال للغاز في «أرامكو» عبد الكريم الغامدي (أرامكو)

«أرامكو» توقع اتفاقية مع «سيمبرا» لحقوق ملكية وشراء الغاز من «بورت آرثر»

أعلنت «أرامكو» و«سيمبرا» عن اتفاقية مبدئية لحقوق ملكية وشراء الغاز الطبيعي المُسال من المرحلة الثانية لمشروع «بورت آرثر».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مضخات في حقل نفط بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

النفط يرتفع رغم قفزة في المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط الأربعاء على الرغم من قفزة مفاجئة بالمخزونات الأميركية وجاء الصعود مدفوعاً بالمخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الصراع في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)

صادرات السعودية غير النفطية للصين تجاوزت 46 مليار دولار في 5 سنوات

جناح «صناعة سعودية» في معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين (واس)
جناح «صناعة سعودية» في معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين (واس)
TT

صادرات السعودية غير النفطية للصين تجاوزت 46 مليار دولار في 5 سنوات

جناح «صناعة سعودية» في معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين (واس)
جناح «صناعة سعودية» في معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين (واس)

تجاوزت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى الصين، خلال الأعوام الخمسة الماضية 2019 - 2023، حاجز 176 مليار ريال (46.9 مليار دولار)، تصدّرها قطاع الكيميائيات والبوليمرات ثم قطاع المعادن.

هذا ما يؤكد أهمية الصين بصفتها محطة تصديرية مهمة تحظى فيها المنتجات السعودية بمكانة مميزة، حيث تزداد العلاقات الاقتصادية بين البلدين متانة وقوة، في ظل مكانة الصين بصفتها ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وإحدى أكبر الأسواق الاستهلاكية والتصنيعية على مستوى العالم.

السوق الصينية

تحتل الصين مكانة بارزة بصفتها أولى الوجهات للصادرات السعودية بنسبة تبلغ 15 في المائة من إجمالي الصادرات، وفقاً لتقرير التجارة الدولية للربع الأول من عام 2024، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، ما يعكس حجم التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

ولأجل ذلك، اتخذت هيئة تنمية الصادرات السعودية (الصادرات السعودية)، خطوات جادة نحو تعزيز وصول الصادرات السعودية إلى السوق الصينية، ملقية اهتماماً كبيراً لجميع النواحي، سعياً لترسيخ جسور التعاون الاقتصادي وتنمية الصادرات السعودية غير النفطية، وإيصال المنتجات والخدمات السعودية للسوق الصينية، ومن ذلك حرصها على المشاركة في العديد من المعارض الدولية المتخصصة في الصين لمساعدة المصدرين السعوديين على عرض منتجاتهم وخدماتهم أمام المهتمين والزوار، وعقد الصفقات التجارية التي توسع من نطاق صادراتهم.

جانب من الشركات السعودية المشاركة في معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين (واس)

ومن المعارض التي تشارك بها «الصادرات السعودية» هذا العام، معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين، بمشاركة 16 شركة وطنية رائدة تستعرض خدماتها اللوجيستية والتقنية أمام الزوار والمهتمين.

وهذا ما يعكس أهمية النقل واللوجيستيات بصفته أبرز عناصر قطاع صادرات الخدمات، أحد القطاعات الواعدة المساهمة في زيادة الصادرات غير النفطية إلى جانب قطاعي السلع وإعادة التصدير.

بحث فرص التصدير

تسعى «الصادرات السعودية» لرفع جاهزية المصدرين وتزويدهم بالمعلومات والدراسات اللازمة، وبحث فرص التصدير عبر تقديم دراسات وتقارير متخصصة، مما يساعدهم على إيجاد فرص تصديرية مناسبة، إلى جانب اهتمام الهيئة بتطوير قدرات المصدرين عبر تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متنوعة.

بالإضافة إلى ذلك، تولي «الصادرات السعودية» اهتماماً كبيراً لتمكين المصدرين ومعالجة التحديات التي تواجههم، مثل القيود الجمركية وغير الجمركية، والتحديات المالية واللوجيستية، من خلال التعاون مع الجهات المعنية لإيجاد حلول عملية تعزز من إمكانيات الشركات في الوصول إلى الأسواق الصينية بنجاح.

وتعدّ هذه الجهود امتداداً لعدد من الخدمات والمبادرات التي تقدمها «الصادرات السعودية» لتحقيق النمو المستدام في صادرات المملكة غير النفطية، حيث توظف إمكاناتها كافة نحو تشجيع الخدمات والمنتجات السعودية والرفع من تنافسيتها لتصل إلى الأسواق الدولية، بما يعكس مكانة المنتج السعودي، ولتكون رافداً للاقتصاد الوطني بشكل يحقق أهداف «الصادرات السعودية» ويترجم «رؤية 2030»، ويلبي تطلعات الحكومة نحو تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني.

يشار إلى أن جهود «الصادرات السعودية» تعد استكمالاً لجهود المملكة في تعزيز العلاقات السعودية الصينية، حيث استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في عام 2016 الرئيس الصيني شين جينبينغ، ووقّعت خلال الزيارة العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الحكومتين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الواحد والعشرين، والتعاون في الطاقة الإنتاجية.

كما تعززت العلاقات السعودية الصينية بشكل كبير في 2019، إثر زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان إلى الصين، حيث استعرضت اللقاءات الجهود التنسيقية المشتركة المبذولة لتعزيز التعاون بين المملكة والصين، مما يعكس عمق العلاقات والشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات.