غوانتانامو: قضية النطق بالحكم ضد عبد الهادي العراقي وصلت إلى مرحلة حاسمة

اعترف بالتآمر مع أسامة بن لادن و«القاعدة»... وتورطه بقتل ضابط أميركي في أفغانستان

عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007 واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)
عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007 واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)
TT

غوانتانامو: قضية النطق بالحكم ضد عبد الهادي العراقي وصلت إلى مرحلة حاسمة

عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007 واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)
عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» معتقل في خليج غوانتانامو منذ عام 2007 واعترف بارتكابه جرائم حرب في أفغانستان عامي 2003 و2004 (نيويورك تايمز)

قبل عشرين عاماً، عندما تلقت عائلة «إيغرز» في كيب كورال، بولاية فلوريدا، الأخبار المؤلمة بأن ابنهم الأكبر قد قُتل في أفغانستان، ففعلوا ما تفعله عائلات الخدمة العسكرية تماماً. دفنوه في مقبرة أرلينغتون الوطنية. وقد أنصتوا سامعين عندما وصف كاهن الجيش اعترافه الأخير في ساحة المعركة. وقد حزنوا مع الرئيس جورج بوش، القائد الأعلى للجيش، وأكرموا ذكراه بإخلاص في كل مناسبة للذكرى.

صورة للكابتن إيغرز في أفغانستان (في الوسط) معلقة على الحائط في كيب كورال - فلوريدا (نيويورك تايمز)

هذا الأسبوع، يقوم والد وشقيقة النقيب دانيال دبليو إيغرز، وهو من القوات الخاصة، بتكريمه بطريقة مختلفة. وهما الآن في خليج غوانتانامو لتمثيله في محاكمة أحد قادة المتمردين الأعداء السابقين في أفغانستان. كان النقيب إيغرز يبلغ من العمر (28 عاماً) عندما قُتل في جولة خدمته الثانية في أفغانستان. كان قد انغمس في الغذاء والثقافة الأفغانية ويتكلم لغة الباشتو.

قال بيل إيغرز، والده، في مقابلة أُجريت معه مؤخراً: «لقد كان رجلاً متواضعاً للغاية». لقد نشأ وهو يطمح بالانضمام إلى الجيش بقدر ما يمكن لأي شخص أن يتذكره، وكان يؤمن حقاً «بالله، والعائلة، والوطن»، كما قال والده. في اتفاق الإقرار بالذنب تم التوصل إليه قبل عامين، واعترف زعيم المتمردين، عبد الهادي العراقي، بأنه كان يقود المقاتلين الذين زرعوا وفجّروا اللغم الذي يعمل بالضغط فقتل النقيب إيغرز وثلاثة آخرين من أفراد القوات الخاصة الأميركية.

وكان هناك تبادل لإطلاق النار، وكان الكوماندوز الأميركيون يلاحقون ما يعتقدون أنهم قوات هاربة من «طالبان» عندما تعثرت سيارتهم «هامفي» جراء الانفجار. وتعد هذه القضية سابقة شاذة في محكمة غوانتانامو التى تشكلت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والتي تعدّ العالم ساحة معركة في الحرب ضد الإرهاب. وتتخذ قضية عبد الهادي وجهة نظر أكثر تقليدية للحرب ومنطقة القتال.

مدخل معسكر غوانتانامو شديد الحراسة (الشرق الأوسط)

الاعتراف بالذنب

ووافق عبد الهادي على أن بعض التكتيكات - التي استخدمتها قواته من «طالبان» و«القاعدة» لمحاربة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على أفغانستان في 2003 و2004 - تُشكل جرائم حرب. واعترف العراقي بالتآمر مع أسامة بن لادن وتنظيم «القاعدة» ابتداءً من عام 1996.

وقد ساعد العراقي حركة «طالبان» في تفجير تماثيل بوذا الضخمة في وادي باميان في أفغانستان، وهو موقع للتراث العالمي تابع لـ«يونيسكو»، في مارس (آذار) 2001.

بحلول عام 2003، بعد الغزو الأميركي، كان عبد الهادي العراقي قائداً للمتمردين، أغلبهم من «طالبان» ومن قوات أخرى أيضاً. وأطلقوا النار على مروحية للإخلاء الطبي كانت في محاولة لانتشال جندي مصاب توفي في وقت لاحق.

وكانت القوات التي تخضع لقيادة عبد الهادي تظهر بمظهر المدنيين لتنفيذ الهجمات الانتحارية أو زرع القنابل في المركبات المدنية لمهاجمة وقتل القوات الأميركية والحليفة.

كان بيل إيغرز وهو من قدامى المحاربين وضابط شرطة سابق أول فرد من العائلة يشاهد الإجراءات التمهيدية في القضية (نيويورك تايمز)

هيئة محلفين للاستماع إلى الأدلة

ويجري هذا الأسبوع اختيار هيئة محلفين من ضباط الجيش الأميركي للاستماع إلى الأدلة وبيانات التأثير العائلي لاتخاذ حكم بالسجن عليه من 25 إلى 30 عاماً.

وبموجب اتفاق 2022، يمكن لعبد الهادي العراقي أن يقضي فترة العقوبة في عُهدة دولة أخرى، إذا تم العثور على حليف موثوق به لمنحه الرعاية الطبية. إذ خضع، خلال 17 عاماً قضاها في غوانتانامو، لسلسلة من العمليات الجراحية لعموده الفقري بسبب مرض القرص التنكسي الذي تركه معاقاً وفي حاجة إلى رعاية متخصصة.

جانب من القاعدة الأميركية في غوانتانامو (أ.ب)

وألقي القبض على عبد الهادي، البالغ من العمر الآن 63 عاماً، في تركيا عام 2006 واقتيد إلى «موقع أسود» سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل غوانتانامو. ووجهت إليه الاتهامات في عام 2014، وهو عامه السابع قيد الاعتقال العسكري، في قضية غير مألوفة في البداية لدى عائلة إيغرز.

وأصبح بيل إيغرز، وهو من قدامى المحاربين في حرب فيتنام وضابط شرطة سابق، أول فرد من أفراد الأسرة يشاهد إجراءات ما قبل المحاكمة في القضية. وجلس كمتفرج وحيد في القسم الخاص بالضحايا وأقاربهم في قاعة المحكمة الخفية، يحدق عبر صفوف من طاولات الدفاع إلى المتهم والقاضي في المقدمة. كانت ريبيكا، أرملة دانيال إيغرز، قد علمت بأمر القضية واتصلت بحميها. «يا أبي، هل يمكنك أن تسدي لي معروفاً؟». متذكراً ما قالته عندما طلبت منه أن يمثل العائلة في المحاكمة. الخدمة العامة هي جزء من نسيج عائلة الكابتن إيغرز، تمتد إلى الجد الأكبر للأم الذي خدم كفرد عدّاء في الحرب الإسبانية - الأميركية. وخدم بيل إيغرز كمدفعيّ على المروحيات القتالية في فيتنام. وخدم بيلي شقيق دانيال إيغرز الأصغر بجولتين في العراق.

وشقيقته ماري ليبيد تعمل محققة في قوة شرطة فلوريدا. وكانت العقيد ريبيكا إيغرز، التي وُلدت في فيتنام ونشأت في مزرعة بولاية ويسكونسن، قد تقاعدت مؤخراً من الجيش، الذي انضمت إليه بعد أكثر من عقدين من الزمن بعد أن تم إخلاؤها، باعتبارها يتيمة، أثناء سقوط سايغون.

وتقابلت مع دانيال في مدرسة الضباط المرشحين. ذهب ولداهما، اللذان كانا في السادسة والثالثة من العمر عندما توفي والدهما، إلى القلعة في ولاية ساوث كارولينا، وهي الكلية الأم لوالدهما. عندما كان لا يزال صبياً في مذبح الكنيسة، عاد النقيب المستقبلي إيغرز إلى المنزل من المدرسة الإعدادية وسأل والدته: هل يمكن أن يكون شخص ما جندياً وكاهناً في الوقت نفسه؟ وأوضحت له أن الجيش لديه فيلق للضباط من القساوسة، من بينهم الكهنة الروم الكاثوليك المرسومون. طموح قصير الأجل. وقال أبوه إنه «تعرف على فتيات» في المدرسة الثانوية. عندما سمعت لأول مرة عن القضية، وجدت شقيقة الكابتن إيغرز أن الأمر محير بعض الشيء.

«الحرب هي الحرب»

وقالت المحققة ليبيد آنذاك: «الحرب هي الحرب»، لكن قرار السجين بالاعتراف بالذنب حسم أمراً ما. وقالت: «أعتقد أن شقيقي سيحترم ذلك. مع العلم أنهما كانا قائدين لمجموعتيهما، فإنه سيحترم أن هذا الرجل تحمل المسؤولية عن ذلك، بدلاً من أن يكون جباناً» الآن، من الصعب تخيل ما قد يفكر فيه الكابتن إيغرز في قضية جرائم الحرب هذه.

يقول بيل إيغرز: «هل يعتقد ابني أنه ضحية؟»، وأضاف: «لا أستطيع الإجابة عن ذلك حقاً». وأضاف: «كان هناك قائد من جهة وكان هو متواجداً على الجهة الأخرى...»، وقال السيد إيغرز، متفكراً في الأمر: «ربما كان يقول: دعوا النظام يتولى الأمر. لا تضغط عليه».

خدم في الحرب العراقية - الإيرانية

ويقول عبد الهادي، وهو عراقي الجنسية، إن اسمه الحقيقي هو «نشوان التمير»، وخدم في الحرب العراقية - الإيرانية 1980-1988، وهرب إلى أفغانستان لتجنب العودة إلى جيش صدام حسين في حرب الخليج عام 1991. ووافق عبد الهادي أيضاً على أن قواته كانت مسؤولة عن القنبلة التي زُرعت على جانب الطريق في 29 مايو (أيار) 2004، والتي قتلت النقيب إيغرز وقوات الكوماندوز الأخرى في فريقه القتالي التكتيكي، ومكتوب على شاهد القبر من الرخام الأبيض للكابتن إيغرز جزء من رسالة تيموثاوس الثانية: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، وَأَكْمَلْتُ السَّعْيَ، وَبَقِيتُ مُخْلِصاً». في وقت لاحق، اعترف قسيس كان في أفغانستان بأن الكابتن إيغرز كان يتعبد حتى نهاية حياته.


مقالات ذات صلة

«غوانتانامو»: عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يتلقى حكماً بالسجن 30 عاماً

الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي في خليج غوانتانامو في صورة قدمها محاموه إلى هيئة المحلفين إذ حُكم على العراقي بالمؤبد بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان (نيويورك تايمز)

«غوانتانامو»: عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يتلقى حكماً بالسجن 30 عاماً

هيئة محلفين عسكرية أميركية تُصدر حكماً بالسجن 30 عاماً، لكن بموجب صفقة إقرار بالذنب ستنتهي العقوبة في 2032.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر العدالة في خليج غوانتانامو بكوبا العام الماضي (نيويورك تايمز)

عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» يواجه حكماً محتملاً بالمؤبد

بدأت هيئة محلفين عسكرية، الأربعاء، مناقشة الحكم على مجرم حرب محتجز في معسكر غوانتانامو، وذلك بعدما صوّر محامو الادعاء السجين باعتباره عضواً بارزاً في «القاعدة».

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي قيادي «القاعدة» السابق في صورة قدمها محاموه... حيث قال أمام هيئة محلفين عسكرية أميركية الاثنين إنه عُصبت عيناه وجُرّد من ملابسه وحُلقت لحيته قسراً وصُوّر عارياً في مناسبتين بعد القبض عليه عام 2006 (نيويورك تايمز)

محاكمات غوانتانامو تكشف عن أسرار سجون «الاستخبارات الأميركية» السرية

جلسات الاستماع في جرائم الحرب تعطي الرأي العام نظرة افتراضية داخل سجن سري تابع لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» بعد سنوات من إغلاق برنامج «الموقع الأسود».

كارول روزنبرغ (واشنطن *)
أميركا اللاتينية الغواصات النووية الأميركية تطفو على السطح في كوبا خلف الأسطول الروسي

الغواصات النووية الأميركية تطفو على السطح في كوبا خلف الأسطول الروسي

ظهرت غواصة هجوم سريعة أميركية بمحركات نووية على سطح مياه خليج غوانتانامو في كوبا يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (خليج غوانتانامو )
الولايات المتحدة​ سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)

هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

كان البيت الأبيض قد علّق مهمةً سريةً لنقل المعتقلين إلى سلطنة عمان في أكتوبر الماضي، بعد أن أعرب أعضاء في الكونغرس عن قلقهم إزاء عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

كارول روزنبرغ (واشنطن)

أداء بايدن المتقطع في المناظرة الرئاسية يثير مخاوف الديمقراطيين

الرئيس الأميركي جو بادين خلال المناظرة (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بادين خلال المناظرة (رويترز)
TT

أداء بايدن المتقطع في المناظرة الرئاسية يثير مخاوف الديمقراطيين

الرئيس الأميركي جو بادين خلال المناظرة (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بادين خلال المناظرة (رويترز)

كان أنصار الرئيس الأمريكي جو بايدن يأملون أن تؤدي المناظرة التي جرت مساء يوم الخميس إلى تبديد المخاوف من أن عمر الرجل البالغ 81 عاما لا يسمح له بشغل المنصب لولاية أخرى، لكن صوته الأجش وأداءه المتردد في بعض الأحيان ضد منافسه الجمهوري دونالد ترمب قادا للعكس، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء.

وثارت مخاوف بشأن عمر كل من بايدن وترمب (78 عاما) ولياقتهما البدنية قبل الانتخابات، إلا أن الأمر ينصب بصورة أكبر على بايدن.

وبصوت أجش بسبب إصابته بنزلة برد، بدا بايدن سريعا في حديثه عن بعض النقاط خلال المناظرة وتعثر في بعض الإجابات فيما بدا أقل ثقة في البعض الآخر.

ووصف خبير استراتيجي ديمقراطي عمل في حملة بايدن عام 2020 المناظرة بأنها "كارثة" لبايدن.

وأطلق ترمب العنان لوابل من الانتقادات بما في ذلك تكرار معلومات مغلوطة على غرار أن المهاجرين يشنون موجة جرائم داخل أميركا وأن الديمقراطيين يدعمون قتل الأطفال.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال المناظرة (رويترز)

وفي وقت مبكر من المناظرة، توقف بايدن بينما كان يوضح نقطة ما حول الرعاية الطبية والإصلاح الضريبي وبدا أن تسلسل أفكاره قد انقطع.

وهاجم ترمب بايدن بسبب حديثه غير المترابط، وقال في مرحلة ما "أنا حقا لا أعرف ما الذي قاله في نهاية تلك الجملة. ولا أعتقد أنه يعرف ما الذي قاله".

اختبار إدراكي

وتحدّى ترامب بايدن، داعيا إيّاه إلى الخضوع لاختبار إدراكي، قائلا إنّه لا يعتقد أنّ منافسه الديموقراطي في السباق إلى البيت الأبيض لعام 2024 قادر على اجتياز اختبار كهذا.

الرئيس الأميركي جو بادين خلال المناظرة (رويترز)

وقال ترمب "خضعتُ لاختبارَين، اختبارَين إدراكيَّين. وقد اجتزتُهما، كلاهما كما تعلمون، وقد أعلنّا ذلك على الملأ. لم يخضع هو (بايدن) لأيّ اختبار. أودّ أن أراه يخضع لاختبار واحد، واحد فقط، اختبار سهل جدا، وأن يجتاز الأسئلة الخمسة الأولى".

وقبل المناظرة، كرس بايدن كل وقته لما يقرب من أسبوع في "معسكر للمناظرة" مع كبار المستشارين في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، في مؤشر على مدى الأهمية التي توليها حملته للمناظرة. إلا أن النقاد رأوا أن ذلك لم ينعكس على الأداء.

وكتب الجمهوري جو والش على تويتر "ترمب هو ترمب، كل كلمة تخرج من فمه هي هراء. لكن بايدن يبدو عجوزا وضائعا. وهذا سيكون مهما أكثر من أي شيء آخر. حتى الآن، هذا قطعا كابوس لبايدن".