مصر وإيران... لقاءات متتالية «تعزز» مساعي التقارب

شكري وباقري يجتمعان على هامش «بريكس»

شكري يقدم العزاء للقائم بأعمال خارجية إيران علي باقري في وفاة رئيسي (الخارجية المصرية)
شكري يقدم العزاء للقائم بأعمال خارجية إيران علي باقري في وفاة رئيسي (الخارجية المصرية)
TT

مصر وإيران... لقاءات متتالية «تعزز» مساعي التقارب

شكري يقدم العزاء للقائم بأعمال خارجية إيران علي باقري في وفاة رئيسي (الخارجية المصرية)
شكري يقدم العزاء للقائم بأعمال خارجية إيران علي باقري في وفاة رئيسي (الخارجية المصرية)

تشهد العلاقات المصرية الإيرانية حالة من النشاط، تعزز مساعي التقارب بين البلدين، بعد جمود دام لسنوات. ووفق مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن توالي اللقاءات بين مسؤولي البلدين «يبني أرضية جيدة لعودة العلاقات»، وتكرارها «يزيد من مساعي التقارب»، وسط تباين في السقف الزمني المتوقع لاستعادة العلاقات الكاملة.

والاثنين، قالت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء، إن وزير الخارجية بالإنابة علي باقري كني التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة «بريكس» في مدينة نيجني نوفغورود الروسية.

وزار شكري طهران مؤخراً لتقديم العزاء في وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، حيث أبلغه كني عزم بلاده مواصلة الجهود لرفع مستوى العلاقات مع مصر.

وكانت الرئاسة الإيرانية قالت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن رئيسي أبلغ نظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء بينهما في الرياض في ذلك الوقت بأن إيران ليس لديها أي مانع من تطوير العلاقات مع مصر.

والأربعاء 5 يونيو (حزيران) الجاري، تلقى شكري اتصالاً من باقري أعرب الأخير خلاله عن «تقدير الجانب الإيراني لقيام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتقديم التعازي في وفاة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وإيفاده وزير الخارجية إلى طهران لتقديم واجب العزاء»، وفق بيان للخارجية المصرية وقتها.

وتطرق الاتصال الهاتفي إلى قضية غزة «والموضوعات المرتبطة بالعلاقات الثنائية بين مصر وإيران»، كما «توافق الوزيران على أهمية متابعة مسار تطوير العلاقات الثنائية بما يضمن معالجة كافة القضايا العالقة، تمهيداً لاستعادة العلاقات إلى طبيعتها».

البيان نص على أن تلك المعالجة تستند «إلى مبادئ الاحترام المتبادل وحسن الجوار، والعمل على تحقيق مصالح الشعبين المصري والإيراني، ودعم استقرار المنطقة».

وشهدت العلاقات بين مصر وإيران توتراً بعد اندلاع الثورة في إيران عام 1979، وانقطعت رسمياً بعد توقيع مصر اتفاق سلام مع إسرائيل، لكن البلدين احتفظا بـ«بعثة رعاية مصالح».

أرضية جيدة للعودة

السفير الإيراني الأسبق لدى منظمة التعاون الإسلامي، صباح زنكنة، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تواصل اللقاءات بين المسؤولين من الجانبين يعكس رغبة لتطوير هذه العلاقات والارتقاء بها لمستويات أفضل تدعم مصالح البلدين وتطورها وتدعم الموقف الفلسطيني أيضاً».

ويعتقد أن تطوير العلاقات المصرية الإيرانية يعني «مزيداً من تحسن الوضع الاقتصادي في القاهرة وطهران، باعتبار أن مصر تشكل بوابة أفريقيا، وإيران بوابة آسيا، مما يعزز منافع البلدين ويعمل على إيجاد أرضية متينة للاستقرار في المنطقة».

مرحلة استكشافية

الدكتور محمد عباس ناجي، خبير الشؤون الإيرانية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يرى في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «العلاقات لا تزال في مرحلة استكشافية ولا يوحي تواصل اللقاءات إلا بتعزيز مساعي التقارب».

ويعتقد أن العلاقات كي تصل لمحطة جديدة بشأن تفعيل إعادة السفراء، فستتخذ «مزيداً من الوقت والمشاورات وهذه اللقاءات تأتي في ذلك الاتجاه ولا تعطي مؤشراً أكثر من تعزيز التقارب».

ولا يرجح أن تكون توترات المنطقة «بوابة لدفع مصر وإيران للتسرع في إتمام عودة العلاقات»، ويضيف: «القاهرة تراقب سلوك إيران في المنطقة، وملف غزة سيجعلها تقرأه بصورة أفضل، في إطار معالجة شاملة وعودة حقيقية للعلاقات».

لكن في المقابل، فإن الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، يعتقد أن «كثافة الاتصالات والمقابلات على مستوى الرئاسة والوزراء تشير إلى أن العمل جارٍ لتنفيذ آليات إعادة العلاقات وإزالة الملفات الخلافية في إطار إجراءات طمأنة وبناء ثقة يقوم بها الجانب الإيراني».

ويرجح أبو النور في حديث مع «الشرق الأوسط» أن تمضي اللقاءات بوتيرة أكبر في إطار «مساعي التوصل لصياغة نهائية لإعادة العلاقات والسفراء».


مقالات ذات صلة

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تنفي صوراً متداولة حول تصميم جديد لجواز سفر مواطنيها

نفت القاهرة صوراً متداولةً على بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول تصميم جديد لجواز السفر المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

أعاد الحريق الهائل الذي نشب في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي وسط القاهرة، وتسبب في خسائر كبيرة، الجدل حول تكرار الحرائق في هذه المنطقة

أحمد عدلي (القاهرة)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.