من هم يهود «الحريديم» ولماذا يرفضون التجنيد الإجباري بالجيش الإسرائيلي؟

يعارضون الديمقراطية ويمنعون الاختلاط بين الجنسين... ويقولون إن سلاحهم «روحاني»

الشرطة الإسرائيلية تفض احتجاجاً لليهود الأرثوذكس ضد التجنيد في الجيش قرب مدينة بني براك يوم الأحد 2 يونيو الجاري (أ.ب)
الشرطة الإسرائيلية تفض احتجاجاً لليهود الأرثوذكس ضد التجنيد في الجيش قرب مدينة بني براك يوم الأحد 2 يونيو الجاري (أ.ب)
TT

من هم يهود «الحريديم» ولماذا يرفضون التجنيد الإجباري بالجيش الإسرائيلي؟

الشرطة الإسرائيلية تفض احتجاجاً لليهود الأرثوذكس ضد التجنيد في الجيش قرب مدينة بني براك يوم الأحد 2 يونيو الجاري (أ.ب)
الشرطة الإسرائيلية تفض احتجاجاً لليهود الأرثوذكس ضد التجنيد في الجيش قرب مدينة بني براك يوم الأحد 2 يونيو الجاري (أ.ب)

بيروت: لينا صالح

تتجه الأنظار اليوم (الاثنين) إلى تصويت الكنيست على مشروع قانون التجنيد، وهي قضية تعيد تسليط الضوء على اليهود الأرثوذكس المتشددين أو «الحريديم» وصراعهم ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي.

وقال وزير الدفاع يوآف غالانت إنه «لن يصوت لصالح مشروع قانون التجنيد المطروح على جدول أعمال الكنيست اليوم دون أن يسبقه اتفاق واسع النطاق». وجاء موقفه بعد يوم واحد من استقالة عضوي مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، حيث تحولت الحكومة كلها إلى يمينية، بحسب ما أشارت هيئة البث الإسرائيلية.

وأعلن أعضاء الكنيست العرب أنهم سيصوتون أيضاً ضد مشروع القانون.

وبذلك تعود إلى الواجهة قضية صراع «الحريديم» ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي.

والتجنيد مفروض على الإسرائيليين اليهود عند بلوغهم 18 عاماً، بحيث يخدم الرجال لعامين و8 أشهر والنساء لعامين.

ومنذ قيامها في 1948، واجهت إسرائيل مسألة تجنيد المتشددين، وعاملهم أول رئيس وزراء ديفيد بن غوريون معاملة خاصة، كونهم كانوا ضامنين لاستمرار دراسة تعاليم الديانة اليهودية.

وأبطلت المحكمة العليا في عام 2018 قانوناً يعفي الرجال المتشددين من الخدمة في الجيش، إعمالاً لمبدأ المساواة. ولم تفلح مساعي البرلمان في التوصل إلى قواعد جديدة، وينتهي سريان أمر أصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الإلزامي للمتشددين الشهر المقبل.

ويشكل اليهود المتشددون 13 في المائة من سكان إسرائيل، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 19 في المائة بحلول عام 2035، بسبب ارتفاع معدلات المواليد بينهم.

يهود أرثوذكس خلال احتجاج ضد الخدمة الإلزمية في الجيش بمدينة بني براك يوم 2 يونيو (د.ب.أ)

من هم يهود «الحريديم»؟

اليهود الأرثوذكس المتشددون أو «يهود الحريديم»، تيار ديني متشدد جداً، وتعني كلمة «الحريدي» التقيّ.

ويتنكر يهود «الحريديم» للصهيونية، وتعيش غالبيتهم في فلسطين التاريخية والولايات المتحدة، كما يعيش البعض منهم في الدول الأوروبية ويتنقلون بينها. وينتمون في معتقداتهم إلى التوراة والأصول الفكرية اليهودية القديمة.

ويتكون يهود «الحريديم» من كثير من المجتمعات المختلفة، تتمحور كل منها حول حاخام، ويتشاركون في عاداتهم الخاصة في العبادة والطقوس والتشريعات التوراتية واللباس والحياة اليومية.

وهناك يعيش الجميع حياة مكرسة للإيمان، فهم يجتمعون في المعابد 3 مرات في اليوم للصلاة، ويتعلمون في المعاهد الدينية الكبرى، ويعقدون حفلات زفاف بانتظام، وتجمعات احتفالية.

لماذا يرفض يهود «الحريديم» التجنيد الإجباري؟

وتثير الإعفاءات تلك غضباً واستياء واسعين، إذ يشعر عدد كبير من الإسرائيليين بالاستياء جراء إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة بالجيش في ظل سقوط أكبر عدد من القتلى بصفوف الجيش الإسرائيلي منذ عقود، بسبب القتال الدائر مع حركة «حماس» في غزة والمواجهات غير المباشرة على الحدود اللبنانية.

ويرفض اليهود المتشددون التجنيد الإجباري، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلاً من الخدمة بالزي العسكري طوال السنوات الثلاث.

متظاهرون يطالبون بالمساواة في الخدمة العسكرية الإسرائيلية خلال احتجاج بالقدس في 26 فبراير 2024 (رويترز)

ويقول البعض إن أسلوب حياتهم المتدين قد يتعارض مع الأعراف العسكرية، بينما يعبر آخرون عن معارضتهم الآيديولوجية للدولة الليبرالية.

كما يعدّ قادة المتدينين اليهود أن مهمة «الحريديم» تقتصر على دراسة التوراة، كما يمتنع الشبان دائماً عن التجنيد تحت ذريعة انشغالهم بدراسة تعاليم اليهودية والشرائع التوراتية، وأن التفرغ لدراستها لا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية.

كما يتحججون بصعوبة الحفاظ على التدين والتعاليم اليهودية بسبب الاختلاط في الجيش، خصوصاً أنهم يلتزمون بنصوص توراتية تخص الفصل بين الجنسين وتمنع الاختلاط والعلاقات بين الرجال والنساء، ويلتزمون بيوم السبت اليهودي؛ حيث لا يعملون فيه ويخصصونه لزيارة الكنس وقراءة التوراة فقط.

وبحسب تعاليمهم، يعدّ اليهود المتشددين دراسة التوراة هي الضمان للحفاظ على بقاء إسرائيل، و«سلاح روحاني لحماية شعب إسرائيل».

وقد أعفي اليهود المتدينون المتشددون من الخدمة العسكرية تحت ضغط ممثليهم السياسيين في الكنيست وفي الحكومة، الذين يقولون إن دور الرجل المتدين هو «دراسة التوراة وليس التجنيد».

يهود أرثوذكس خلال احتفالات يوم القدس (ذكرى سيطرة إسرائيل على المدينة عام 1967) في 5 يونيو الجاري (رويترز)

اليهود «الحريديم» لا يعترفون بالديمقراطية أصلاً

ويتمسك يهود «الحريديم» بالنصوص التي وردت في التوراة والتلمود وبتعاليم الحاخامات، ويجمعون على أن دولة إسرائيل وحياة اليهود فيها يجب أن تحكمها الشريعة اليهودية والتعاليم التوراتية، وليس مبادئ الديمقراطية وقيم الصهيونية والقوانين التي شرعها الإنسان. وعليه، يوظفون نفوذهم السياسي من أجل فرض هذه التعاليم على الحياة اليومية للإسرائيليين.

ويتقوقع اليهود المتشددون على أنفسهم، وعادة ما يعرفون بالتشدد والتعصب للقيم التقليدية التوراتية اليهودية، كما يرفضون الانفتاح على الثقافة الأوروبية والغربية وقيم العلمانية والديمقراطية.

ويعارض يهود «الحريديم» بشدة اعتماد النظام الديمقراطي أساساً للحياة السياسية والاجتماعية، لأنه يأخذ مكان الشريعة اليهودية مصدراً وحيداً للتشريع وإدارة الحياة العامة للشعب اليهودي بنظرهم.


مقالات ذات صلة

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حميّة الملقب بـ«الشبح»؟

المشرق العربي صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حميّة الملقب بـ«الشبح»؟

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الغارات العنيفة على منطقة البسطة في قلب بيروت فجر اليوم (السبت)، كان القيادي الكبير في «حزب الله» طلال حميّة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدفاع الجوي الإسرائيلي يعترض هدفاً جوياً تم إطلاقه من لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يشن أكبر هجوم بالمسيّرات ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان

ذكرت قناة تلفزيونية تابعة لـ«حزب الله»، الجمعة، أن الجماعة اللبنانية شنّت أكبر هجوم بالطائرات المسيّرة ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان منذ بداية المواجهات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حميّة الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر
TT

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حميّة الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الغارات العنيفة على منطقة البسطة في قلب بيروت فجر اليوم (السبت)، كان القيادي الكبير في «حزب الله» طلال حميّة.

ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن إعلام إسرائيلي أن «حزب الله» عيّن حمية رئيساً للعمليات خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي رصد مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني.

وقال البرنامج إن حمية يُعد رئيس منظمة الأمن الخارجي التابعة لـ«حزب الله» التي تتبعها خلايا منظمة في جميع أنحاء العالم.

وبحسب البرنامج، تشكل منظمة الأمن الخارجي أحد عناصر «حزب الله» المسؤولة عن تخطيط الهجمات الإرهابية خارج لبنان وتنسيقها وتنفيذها.

مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات عن طلال حيدر الملقب بـ«الشبح»

وفي 13 سبتمبر 2012، صنَّفت وزارة الخزانة الأميركية حمية بشكل خاص كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي «13224» بصيغته المعدلة على خلفية دعم أنشطة «حزب الله» الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف أنحاء العالم.

ونتيجة لهذا التصنيف تم حظر جميع ممتلكات حمية، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع حمية.

أبو جعفر «الشبح»

يعد طلال حمية المُكنّى بـ«أبو جعفر» والذي يبلغ من العمر نحو 50 عاماً، القائد التنفيذي للوحدة «910»، وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

وهو القائد التنفيذي الحالي للوحدة، ومُلقَّب بـ«الشبح» من قِبل القيادات العسكرية الإسرائيلية لعدم وجود أي أوراق ثبوتية رسمية له في لبنان، ولابتعاده تماماً عن الحياة الاجتماعية والظهور العلني، واتباعه بصرامة الاحتياطات الأمنية المشددة لحظياً.

ويُدير حميّة الوحدة في منصب شغله قيادي «حزب الله» الأشهر عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008، كما يحمل عدّة أسماء مستعارة من بينها طلال حسني وعصمت ميزاراني.

خليفة بدر الدين

وقد خلف طلال حمية قائد الوحدة السابق مصطفى بدر الدين، صهر مغنية وخليفته والذي قُتل أيضاً في سوريا عام 2016.

وينحدر طلال حمية من منطقة بعلبك الهرمل، وقد عمل إلى جانب كلٍّ من بدر الدين ومُغنية ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي، كما كان وفق معلومات «الموساد» مسؤولاً عن نقل ترسانة «حزب الله» عبر سوريا.

بدأ نشاطه مع «حزب الله» في منتصف الثمانينات، وكانت انطلاقته الأولى كمسؤول أمني في الحزب من برج البراجنة، حيث كان المسؤول عن العديد من العناصر التي أصبحت فيما بعد من أهم القيادات العملياتية في الحزب، كما كان حميّة نائب مغنية في شبكة «الجهاد»، وهي وحدة البعثات الخاصة والهجمات الخارجية في «حزب الله».