لم تكن العروض المقدمة للاعب توسين أدارابيويو قليلة هذا الصيف، فبمجرد ما اتضح أنه لن يجدد عقده مع فولهام، ظهر الاهتمام في جميع أنحاء أوروبا.
ولفترة من الوقت، بدا أن نيوكاسل يونايتد كان في المقدمة. كان لديهم اهتمام طويل الأمد بتوسين، يعود تاريخه إلى موسم فولهام الحائز على لقب الدرجة الأولى في 2021 - 22. كان يُنظر إليه خياراً محلياً ممتازاً، مع حرص إيدي هاو على تعزيز خطه الخلفي. قدموا عرضاً وتقدمت المحادثات بشكل جيد. ووفقاً لمصادر مطلعة على المفاوضات، تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها مثل جميع من تمت استشارتهم في هذه المقالة لحماية العلاقات، فقد أعرب اللاعب عن تقديره للمشروع.
من المفهوم أن مانشستر يونايتد قدم أيضاً عرضاً متأخراً لمعسكر اللاعب، لكن توسين كان قد حسم أمره بالفعل بالانضمام إلى نادٍ آخر في غرب لندن، حيث انضم المدافع إلى تشيلسي الغريم التقليدي لفولهام يوم الجمعة.
استغرق الأمر بعض الوقت حتى يحصل تشيلسي على لاعبه. سجل النادي اهتمامه باللاعب مبكراً، ولكن لم تكن هناك ثقة كبيرة في الحصول على أي شيء في البداية. وبما أنهم كانوا مشتتين في البحث عن مدرب جديد بعد رحيل ماوريسيو بوكيتينو بعد نهاية الموسم، فقد عُدّت الصفقة «ميتة» داخل النادي. كان هذا هو الحال في بداية الأسبوع الماضي. ومع ذلك، كان تشاؤمهم في غير محله.
وطوال العام الأخير من عقده مع فولهام، أبقى توسين (26 عاماً)، خياراته مفتوحة، وفي النهاية، كان عرض تشيلسي هو الذي أثبت أنه مقنع. عرضوا على توسين كرة القدم الأوروبية وفرصة البقاء في لندن، حيث قضى السنوات الأربع الماضية مع فولهام.
تسارعت وتيرة المفاوضات بمجرد اختيار إنزو ماريسكا، المساعد السابق لبيب غوارديولا والمدرب السابق تحت 23 سنة في مانشستر سيتي، بديلاً لبوكيتينو. ورغم أن الإعلان عن التعيين استغرق أسبوعاً آخر قبل أن يتم الإعلان عنه رسمياً، فإنه أعطى تشيلسي دفعة قوية.
وأضاف المدرب الجديد في تشيلسي صورة جذابة لتوسين خريج أكاديمية السيتي السابق. تقاطعت مساراته مع ماريسكا لفترة وجيزة فقط في السيتي؛ حيث تم تعيين ماريسكا مدرباً لفريق تطوير النخبة في أغسطس (آب) 2020، في الوقت الذي كان يستعد فيه توسين لمغادرة النادي في أكتوبر (تشرين الأول).
مؤهلات توسين على الكرة جعلته مناسباً تماماً. ماريسكا، الذي تمت استشارته بشأن التعاقد مع اللاعب، يريد بناء اللعب من الخلف وهذا الأسلوب يعتمد على المدافعين الذين يجيدون الاستحواذ على الكرة.
بالنسبة لتوسين، فإن هذه الخطوة تهدف إلى مساعدته في العودة إلى المستوى العالي بعد 4 سنوات من رحيله عن مانشستر سيتي. ووفقاً للمطلعين على المفاوضات، فإن هناك شعوراً بأن هذا هو الوقت المناسب لعودته إلى نادٍ كبير. لم يتهرب أبداً من طموحاته في اللعب على أعلى مستوى. «هدفي ليس فقط الوصول إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، بل اللعب على أعلى مستوى، والمنافسة على الألقاب، ولعب دوري أبطال أوروبا».
جاء انتقال توسين إلى فولهام في أكتوبر 2020 من أجل إعادة اللاعب إلى المسار الصحيح. لقد أنهى ارتباطاً استمر 18 عاماً مع السيتي، والذي بدأ منذ أن كان في الـ5 من عمره بعد مشاهدة بطولة للفئات العمرية الأكبر سناً في مدرسة والي رانج الثانوية. وقال تيري جون، الذي تعاقد مع توسين لأول مرة مع السيتي وعمل معه في سنواته الأولى، لشبكة «ذا أتلتيك» في 2020: «ظهر توسين وكان ينظر من خلال السياج في أحد الأيام، وشاهده وسأل: هل يمكنني اللعب؟ لذا قمنا بإشراكه وهكذا بدأ الأمر».
ساعدت ثقة توسين في نفسه على تخطي مراحل الشباب بالسيتي. كان لديه شقيقان أكبر منه سناً، هما غبولاهان (أكبر منه بـ6 سنوات) وفيسايو (أكبر منه بـ3 سنوات)، وكان يتفوق عليهما بانتظام. «كان يلعب كرة القدم مع زملائي الذين يكبرونني في السن، حيث لم تكن لديه فرصة لمس الكرة»، قال غولباهان في عام 2020. «لكنه اعتاد على التحدي».
كان طويل القامة ولعب في الفئات العمرية الأعلى. في الـ14 من عمره، كان طوله 185 سم، وشارك مع فريق السيتي تحت 18 سنة. في سن الـ16، شارك في تدريبات الفريق الأول، حيث كان يلعب في حصص 11 ضد 11، ضد كارلوس تيفيز وفينسنت كومباني. «لقد كانت مجرد مباراة أخرى بالنسبة لي»، قال توسين لشبكة «ذا أتلتيك»: «كنت أبذل قصارى جهدي لإقناع روبرتو مانشيني».
كان هذا الدافع ضرورياً لاقتحام الفريق الأول، حيث أنفق السيتي نصف مليار جنيه إسترليني على المدافعين منذ أول حصة تدريبية له مع الكبار. ومن المفارقات أن أول ظهور له مع الفريق الأول كان بستامفورد بريدج في فبراير (شباط) 2016، عندما كان عمره 18 عاماً.
وبعد أن شارك في 3 مباريات مع النادي بموسم 2016 - 2017، بما في ذلك مباراتان بدوري أبطال أوروبا، وقع على تمديد عقده، لكن الفرص كانت محدودة. شارك في 4 مباريات أخرى خلال 12 شهراً، ثم انتقل على سبيل الإعارة، أولاً إلى وست بروميتش ألبيون، ثم إلى بلاكبيرن روفرز تحت قيادة توني موبراي. هناك، كان تركيزه منصباً على الجوانب الدفاعية في لعبه.
قدم توسين أداء قوياً، وكان يأمل في استدعائه في يناير (كانون الثاني) 2020، حيث عانى السيتي من أزمة إصابات في قلب الدفاع، حيث شارك فرناندينيو بعد إصابة إيميريك لابورت في الركبة. لكن ذلك لم يحدث، وهو القرار الذي أوضح لتوسين أن الوقت قد حان للرحيل عن السيتي. رفض اللاعب عقداً جديداً في ذلك الشهر، وانضم لاحقاً إلى فولهام بالموعد النهائي في أكتوبر 2020، مقابل 1.5 مليون جنيه إسترليني، وارتفع المبلغ إلى مليوني جنيه إسترليني مع الإضافات.
كان ذلك بمثابة قيمة استثنائية لفولهام، حيث شارك في 132 مباراة. في موسمه الأول تحت قيادة سكوت باركر، هبط النادي لكن توسين كان من أبرز اللاعبين. تحت قيادة ماركو سيلفا، كان جزءاً لا يتجزأ من نجاح الفريق. قال سيلفا في العام الماضي: «الطريقة التي يستطيع بها الدفاع عن منطقة الجزاء، ولكن أيضاً على الكرة، إنه لاعب مميز، الطريقة التي أريد أن يلعب بها، الطريقة التي يستطيع بها البناء (من الخلف)».
هذه القدرات جذبت تشيلسي بشكل كبير، وفقاً لمصادر النادي. لا يمتلك الفريق كثيراً من اللاعبين الذين يمكنهم الوجود بشكل كبير في منطقة الجزاء. وهو أحد الأسباب التي جعلت المدرب السابق بوكيتينو يختار بانتظام ليفي كولويل في مركز الظهير الأيسر، على الرغم من أنه معروف بأنه أحد أفضل لاعبي قلب الدفاع الشباب في إنجلترا.
كما أن اعتياد توسين على اللعب في خط دفاعي مرتفع - من الفترة التي قضاها في السيتي، ومؤخراً تحت قيادة سيلفا - كان أمراً جذاباً أيضاً.
بدأ توسين موسمه الأخير مع فولهام بإصابة في الفخذ تطلبت إجراء عملية جراحية، لكنه وصل إلى بعض أفضل مستوياته خلال فترة انتعاش أداء الفريق خلال الشتاء. ستكون خسارته محسوسة على أرض الملعب، حتى وإن كانت الجماهير لن تتقبل انضمامه إلى منافسيهم المحليين.
كان رحيل توسين متوقعاً. انهارت المحادثات في الصيف الماضي بعد أن رفض صفقة جديدة، ووسط اهتمام من وست هام يونايتد وتوتنهام هوتسبير، كان اللاعب عرضة لعرضين من موناكو بقيمة 7 ملايين يورو، بالإضافة إلى مبلغ إضافي ثم 10 ملايين يورو. تم رفض هذين العرضين، حيث لم يتمكن فولهام من العثور على بديل.
أراد سيلفا الاحتفاظ باللاعب، ومع تألقه في الموسم الحالي، أعاد النادي إحياء المفاوضات خلال الموسم، لكنه رفض عرضهم الجديد وأبلغ النادي بأنه لن يجدد في أبريل (نيسان). تقول مصادر مطلعة على المفاوضات إن رحيله لم يكن بسبب رغبته في الحصول على عرض أفضل، ولكن لشعوره بأن الوقت قد حان لاتخاذ الخطوة التالية في نادٍ أكبر.
أظهر توسين طوال مسيرته أنه لا يخشى دعم نفسه ويريد المنافسة على أعلى مستوى. على الصعيد الدولي، مثّل منتخب إنجلترا من تحت 16 عاماً إلى تحت 19 عاماً وهو مؤهل للعب مع منتخب نيجيريا، لكنه قال إنه يركز على كرة القدم في الأندية.
وسيصبح توسين أكبر لاعب ينضم إلى تشيلسي منذ عامين، عندما وصل بيير-إيميريك أوباميانغ، الذي كان يبلغ من العمر 33 عاماً آنذاك، قادماً من برشلونة. ومنذ فترة الانتقالات الشتوية في يناير 2023، تعاقد الفريق مع لاعبين تبلغ أعمارهم 25 عاماً أو أقل. يبلغ توسين 27 عاماً في سبتمبر (أيلول). مع رحيل تياغو سيلفا، سيكون هناك مجال لترك انطباع جيد مع محاولة تشيلسي البناء على النهاية القوية للموسم الماضي وبدء حقبة جديدة تحت قيادة ماريسكا.