جمع دولي في فرنسا باحتفالات الـ80 عاماً لإنزال النورماندي

بايدن وزيلينسكي من بين 25 رئيس دولة وحكومة... وبوتين غير مدعو

ماكرون متحدثاً مع بايدن خلال قمة السبع في هيروشيما العام الماضي (أ.ب)
ماكرون متحدثاً مع بايدن خلال قمة السبع في هيروشيما العام الماضي (أ.ب)
TT

جمع دولي في فرنسا باحتفالات الـ80 عاماً لإنزال النورماندي

ماكرون متحدثاً مع بايدن خلال قمة السبع في هيروشيما العام الماضي (أ.ب)
ماكرون متحدثاً مع بايدن خلال قمة السبع في هيروشيما العام الماضي (أ.ب)

تتحضر فرنسا لأسبوع حافل بمناسبة الاحتفالات الواسعة بذكرى مرور 80 عاماً، على ما يسمى «إنزال النورماندي» الذي قام به الحلفاء شمال غربي فرنسا في السادس من يونيو (حزيران) 1944، والذي بفضله تم تحرير فرنسا من الاحتلال النازي.

وستجرى الاحتفالات على شواطئ النورماندي، خصوصاً على الشاطئين اللذين سماهما الأميركيون «أوتاه» و«أوماها بيتش» بحضور الرئيس جو بايدن تكريماً لـ72 ألف جندي أميركي شاركوا في الإنزال، وكان دور بلادهم حاسماً في تحقيق الانتصار على ألمانيا النازية. وسيبقى بايدن 5 أيام في فرنسا، إذ ستتبع الاحتفالات زيارة دولة بكل ما يرافقها من تكريم بروتوكولي يشمل استقبالاً عند قوس النصر الواقع أعلى جادة الشانزليزيه، يتبعه نزول الجادة بسيارة مصفحة لم يعرف ما إذا ستكون مكشوفة على غرار ما يفعله ماكرون في المناسبات الرسمية أم لا. ويشمل التكريم غداء عمل ثم عشاء دولة ستدعى إليه شخصيات من الجانبين، بمن فيهم رؤساء كبار الشركات الأميركية والفرنسية، الذين يعقدون السبت المقبل اجتماعاً في إطار «مجلس رجال الأعمال» المشترك.

بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي، تستقبل محاربين قدامى لدى وصولهم إلى نورماندي الاثنين (رويترز)

أطول زيارة لرئيس أميركي

الأهم من التكريم البروتوكولي أن وجود بايدن في باريس سيتيح للطرفين الفرنسي - الأميركي تناول الملفات التي وصفتها المصادر الرئاسية الفرنسية، الاثنين، بـ«الجيو - سياسية»، وتشمل بالطبع الحربين الرئيسيتين الدائرتين حالياً في العالم: الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة، إلى جانب الوضع في أفريقيا والعلاقات مع الصين.

وسوف تحظى الملفات الاقتصادية والتجارية، إن على الصعيد الثنائي، أو الأوروبي ــ الأميركي، بعناية خاصة في محادثات الرئيسين، لكن أيضاً بين الوزراء المختصين. وأشار الإليزيه إلى أن ما يُسمى «التحديات الشاملة» الكبرى التي تشمل ملفات البيئة والمحافظة على التعددية الحيوية وحقوق النساء عبر العالم وديون الدول الأكثر هشاشةً سيكون لها نصيبها من المحادثات.

وامتنعت المصادر الرئاسية عن الاسترسال في الإجابة عن الأسئلة الخاصة بالملفات السياسية. فبشأن الحرب في غزة، اكتفت بالتذكير أن ماكرون أعرب عن «تأييده ودعمه» للمبادرة التي أعلن عنها بايدن مؤخراً، والمشكّلة من ثلاث مراحل من أجل وضع حد للحرب في غزة، وأن وجهة المباحثات مرتبطةٌ بالتطورات. والأمر نفسه بالنسبة لاجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الملتئم في الوقت الراهن في فيينا، حيث تكشف معلومات متواترة عن وجود خلافات بين الولايات المتحدة من جهة، وثلاث دول أوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) من جهة ثانية، بشأن بيان يريده الأوروبيون وتعارضه واشنطن يدين قصور إيران عن التعاون مع الوكالة الدولية.

إنزال بالمظلات ضمن التدريبات لإحياء الذكرى 80 لإنزال النورماندي الأحد (أ.ب)

تعد زيارة بايدن التي ستدوم 3 أيام (5 و6 و7 يونيو) من الأطول التي يقوم بها رئيس أميركي لفرنسا. حرصت مصادر الإليزيه على إعطائها معنى خاصاً، إذ تحل قبل قمة مجموعة السبع منتصف الشهر الحالي والقمة الأطلسية في واشنطن في الشهر الذي يليه، ناهيك عن قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو لاحقاً. وتنظر باريس بعين الرضا لزيارة بايدن وللمدة الطويلة نسبياً التي سيمضيها على الأراضي الفرنسية، وهي ترى فيها «تعبيراً عن الأهمية التي يوليها لفرنسا كدولة مركزية فاعلة في أوروبا»، مشددةً على أهمية تعاون الطرفين في «الاستجابة للتحديات العالمية».

«زيارة الدولة» هي الأولى من نوعها التي يقوم بها بايدن لفرنسا، وتأتي رداً على زيارة مماثلة أجراها ماكرون إلى الولايات المتحدة نهاية عام 2022.

بوتين غائب عن الاحتفالات

يبدو أن السلطات الفرنسية، على رأسها ماكرون، تريد الاستفادة من المناسبة الاستثنائية، التي تأتي قبل ثلاثة أيام من الانتخابات الأوروبية، ومن بعديها الأوروبي والعالمي. والدليل على ذلك أن ما لا يقل عن 25 رئيس دولة وحكومة سيشاركون في الاحتفالات، أبرزهم ملوك بريطانيا وبلجيكا والدنمارك وولي عهد النرويج وأمير موناكو ورؤساء دول وحكومات إيطاليا وكندا وألمانيا وبريطانيا واليونان واللوكسمبورغ والنرويج والدنمارك.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه (أرشيفية - أ.ب)

وفيما دُعي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشاركة، فإن الدعوة التقليدية التي كانت توجه للرئيس الروسي لم توجه هذه العام. وقالت الهيئة الفرنسية المنظمة للمناسبة إن «الشروط الضرورية لمشاركة روسيا ليست متوافرة، بسبب الحرب العدوانية التي تقوم بها روسيا ضد أوكرانيا، والتي ازدادت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة». بالمقابل، فإن الهيئة دعت رئيسين أميركيين سابقين (باراك أوباما ودونالد ترمب)، لكن حضورهما مستبعدٌ خصوصاً بالنسبة للرئيس السابق بسبب ظروفه المعروفة بعد إدانته الصادرة مؤخراً عن محكمة البداية في نيويورك.

لا ينحصر وجود قادة الدول بالجوانب الاحتفالية والبروتوكولية. فالملف الأوكراني سيكون حاضراً بقوة بسبب وجود بايدن وزيلينسكي والقادة الأوروبيين والأطلسيين الآخرين. وأهمية المناسبة أنها تأتي فيما الغربيون يواظبون على إسقاط «الممنوعات»، وأهمها اثنان: الأول، العزم على إرسال مدربين عسكريين إلى الأراضي الأوكرانية لتدريب قوات الجيش محلياً، وليس في بلدان الجوار كما حصل منذ عامين، والثاني، إعطاء الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستهداف الأراضي الروسية للرد على الهجمات التي تنطلق من الأراضي الروسية نفسها وليس من الأراضي التي تحتلها روسيا في أوكرانيا. وكذلك الأمر بالنسبة للحرب في غزة، إذ سيعمد الغربيون مباشرة للتعبير عن دعمهم خطة بايدن وللبحث في ما يسمى «اليوم التالي».

الرئيسان الصيني والفرنسي خلال زيارة للأخير إلى بكين (أرشيفية: أ.ب)

أما في الملفات الأخرى وأهمها، جيوسياسياً، العلاقات مع الصين، فإن الأوروبيين المترددين في السير بالركاب الأميركي، سيحاولون الحصول من بايدن ومن وزرائه على مزيد من الإيضاحات حول تصور الإدارة، التي سعت في الآونة الأخيرة إلى فتح باب الحوار الذي كان موصداً مع بكين.

وأخيراً، فإنه من المتوقع أن يكون للملف اللبناني حصة في المباحثات المرتقبة من زاوية تبريد جبهة المواجهات الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بين «حزب الله» وإسرائيل. والمنتظر أن يسعى الفرنسيون والأميركيون إلى التنسيق في ما بينهم، علماً بأن لكل جهة تصوراً وخطةً لكيفية وضع حد للمواجهات، بالتالي فإن التنسيق بينهما بات اليوم أكثر من ضروري، ليس فقط بالنسبة لـ«حرب المشاغلة»، بل أيضاً بخصوص ملء الفراغ الرئاسي المتواصل منذ شهور طويلة.


مقالات ذات صلة

خمسون عاماً على رحيل فرنكو

أوروبا المكان المخصص في مقبرة كتابوي لعائلة فرنكو بمدينة فيرول مسقط رأس الديكتاتور (رويترز)

خمسون عاماً على رحيل فرنكو

منذ خمسين عاماً، طوت إسبانيا صفحة الجنرال فرنسيسكو فرنكو الذي قاد أطول نظام ديكتاتوري في تاريخ أوروبا الغربية الحديث

شوقي الريّس (مدريد)
أوروبا الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي دميتري ميدفيديف (أرشيفية - أ.ب)

ميدفيديف يتهم فنلندا بالاستعداد للحرب

اتهم نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف فنلندا بالمضي في مسار الحرب ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون على متن القطار متجهاً إلى الصين (رويترز)

زعيم كوريا الشمالية يدخل إلى الأراضي الصينية على قطاره الخاص

قالت وسائل إعلام كورية شمالية، الثلاثاء، إن الزعيم كيم جونغ أون عبر الحدود إلى الصين على متن قطاره الخاص، لحضور احتفال الصين بذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا مؤسس «رولكس» هانز ويلدورف (ويكيبيديا)

وثائق بريطانية تكشف شبهات تجسس مؤسس «رولكس» لصالح النازية

كشفت وثائق بريطانية أُزيح عنها الستار مؤخراً، أن مؤسس شركة «رولكس» الشهيرة، الألماني هانز ويلدورف، كان موضع شبهات لدى جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صدأ الحديد لم يُخفِ بريق البطولة (غيتي)

بطل من الحرب العالمية يخرج من خزنة صدئة

عثر مواطن من ميشيغان الأميركية على كنز يُقدّر بثمن داخل خزنة صدئة اشتراها من بيع كراج، ليُفاجأ بميداليات عسكرية نادرة تعود إلى بطل من أبطال الحرب العالمية.

«الشرق الأوسط» (ميشيغان)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.