«تيم لاب» حيث تغادر الأعمال الفنية الغرف بحرية في جدة التاريخية

يفتتح في 10 يونيو المقبل ويمثل فضاءً إبداعياً لاكتساب القدرة على الإدراك المكاني

TT

«تيم لاب» حيث تغادر الأعمال الفنية الغرف بحرية في جدة التاريخية

عمل فني لبلدة من قطع خشبية تشكل اتصالاً بينها (تيم لاب)
عمل فني لبلدة من قطع خشبية تشكل اتصالاً بينها (تيم لاب)

سيكون زوار المدينة الساحلية جدة (غرب السعودية)، أمام عالم من الأعمال الفنية بلا حدود ومتحف بلا خريطة في 10 يونيو (حزيران) المقبل، حيث تغادر الأعمال الفنيّة الغرف بحرّية، وتتواصل مع الأعمال الأخرى، وتؤثّر في بعضها بعضاً، وتختلط مع بعضها البعض أحياناً، لتشكل عالماً واحداً بلا حدود. وعندما ينغمس الناس في هذا الفن الذي لا حدود له، فإنهم «يتجولون، ويكتشفون، ويستكشفون» في هذا العالم.

ويمتد متحف «تيم لاب بلا حدود جدة» على مساحة تبلغ نحو 10 آلاف متر مربع؛ وهو أول متحف من نوعه سيُطلق في منطقة الشرق الأوسط، وقد أنشأته المجموعة الفنية العالمية «تيم لاب» بشكل دائم على ضفاف بحيرة الأربعين مُطِلّاً على المناظر البانورامية لمنطقة جدة التاريخية، والمدرجة على قائمة التّراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو».

وبدأت إدارة المتحف اليوم في طرح تذاكر الدخول للجمهور، التي تبدأ من 50 ريالاً للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة و150 ريالاً للبالغين، في حين وفر الموقع باقة للعائلات تبدأ من 450 وحتى 550، وباقة لكبار الشخصيات تبلغ قيمتها 8 آلاف ريال تشمل 8 تذاكر وتذكاراً.

عمل تركيبي رقمي تفاعلي لنافذة على كون يعيش فيه الأقزام (تيم لاب)

وسيضم متحف «تيم لاب بلا حدود جدة» فضاءات منها: «عالم بلا حدود»، و«غابة الألعاب الرياضية»، و«مدينة ألعاب المستقبل»، و«غابة المصابيح»، بالإضافة إلى «إن تي هاوس»، حيث سيعرض المتحف قرابة 80 عملاً مستقلاً ومترابطاً.

ويستعد فريق «تيم لاب» للافتتاح من خلال العمل على العديد من الأعمال الفنية الكبيرة، وقد كشف الآن عن المساحة الإبداعية الرياضية الضخمة، وهي «غابة الألعاب الرياضية»، إلى جانب المشروع التعليمي للإنشاء التعاوني، وهو «مدينة ألعاب المستقبل».

وتُمثّل «غابة الألعاب الرياضية» في المتحف فضاءً إبداعياً تُكتسب من خلاله القدرة على الإدراك المكاني عبر تعزيز نمو الحصين في الدماغ، وتستند على مبدأ فهم العالم عن طريق الجسد والتفكير فيه على نحوٍ ثلاثي الأبعاد، في فضاءٍ ثلاثي الأبعاد معقّد وينطوي على تحدّياتٍ بدنية تدعوك إلى الانغماس في عالم تفاعلي.

عمل فني لبلدة من قطع خشبية تشكل اتصالاً بينها (تيم لاب)

أما «مدينة ألعاب المستقبل» فتُعدّ مشروعاً تعليمياً تجريبياً يعتمد على مفهوم الإبداع التعاوني (الإبداع المشترك)، وهي مدينة مُسلّية تتيح للناس الاستمتاع ببناء العالم بحرية مع الآخرين.

ويأتي مشروع «تيم لاب» ضمن مبادرة تطوير البنية التحتية للمعارض الثقافية التي تهدف إلى تهيئة البنية التحتية الثقافية لزيادة المعروض الثقافي في المملكة، وهي إحدى مبادرات برنامج جودة الحياة التي تهدف إلى تنمية المساهمة السعودية في الفنون والثقافة أحد أهداف «رؤية المملكة 2030».

 

 



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».