الجزائر تنتقد «ظلماً تاريخياً لأفريقيا» في مجلس الأمن

تسعى لترميم علاقاتها المتوترة مع مالي والنيجر

رئيس السنغال الجديد يستقبل وزير خارجية الجزائر في 24 مايو 2024 (الخارجية الجزائرية)
رئيس السنغال الجديد يستقبل وزير خارجية الجزائر في 24 مايو 2024 (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر تنتقد «ظلماً تاريخياً لأفريقيا» في مجلس الأمن

رئيس السنغال الجديد يستقبل وزير خارجية الجزائر في 24 مايو 2024 (الخارجية الجزائرية)
رئيس السنغال الجديد يستقبل وزير خارجية الجزائر في 24 مايو 2024 (الخارجية الجزائرية)

بينما تواجه الجزائر مشاكل مع جيرانها في الساحل الأفريقي منذ بداية العام، قال وزير خارجيتها أحمد عطاف، إنها «نفذت كامل تعهداتها تجاه القارة، من خلال دعم مشروعات التنمية في مختلف الدول الأفريقية الشقيقة، ناهيك بالمضي في إنجاز مشروعات إدماج حقيقية، خصوصاً بالبنية التحتية الإقليمية والقارية».

وجاء في خطاب لعطاف، قرأه الأمين العام بوزارة الخارجية لوناس مقرمان، بالعاصمة، بمناسبة الاحتفالات بـ«يوم أفريقيا»، الذي يصادف مرور 61 سنة على إطلاق «منظمة الوحدة الأفريقية» (الاتحاد الأفريقي حالياً)، أن الجزائر «يحذوها حرص وعزيمة دائمان لأجل استكمال الجهد الأفريقي الجماعي، وفاء للمثل العليا الأفريقية».

رئيس السنغال الجديد يستقبل وزير خارجية الجزائر في 24 مايو 2024 (الخارجية الجزائرية)

ومن ضمن «التعهدات»، ورد في الخطاب مشروعات الوصل بالألياف البصرية مع النيجر ونيجيريا وتشاد ومالي وموريتانيا، وإنجاز أنبوب الغاز الذي ينطلق من نيجيريا، مروراً بالنيجر والجزائر، وصولاً إلى أوروبا، وإطلاق خط سكة حديدية يربط الجزائر بباماكو ونيامي، ومشروع «الطريق العابرة للصحراء»، ومشروع الطريق الرابطة بين مدينتي تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية (840 كلم).

وواجهت الجزائر مشاكل حادة مع مالي والنيجر في بداية العام، أثرت على نفوذها المعهود في البلدين اللذين يجمعانها بهما حدود طويلة، ومشروعات في البنية التحتية وعلاقات قوية تاريخية وإنسانية بين قبائل المنطقة.

وقررت السلطة العسكرية في باماكو إنهاء العمل بـ«اتفاق السلام» مع الطوارق المسلحين، الذي تؤدي فيه الجزائر دور الوسيط. واتهمت سلطات الجزائر بـ«قيادة أعمال عدائية ضدنا»، بعد أن استقبلت معارضين، وبخاصة إمام معروف بحدته ضد الحاكم العسكري عاصيمي غويتا، يدعى الشيخ ديكو. ووقعت هذه التطورات بعد أن عقد غويتا حلفاً مع مجموعات «فاغنر» التابعة لروسيا، ما شجعه في نهاية 2023 على شن هجوم على معاقل المعارضة بالقرب من الحدود الجزائرية، والاستيلاء على مدينة كيدال الاستراتيجية.

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، احتجت النيجر على عمليات ترحيل لرعاياها المقيمين بطريقة غير نظامية من الجزائر، تمت حسبه، «في ظروف سادها عدم احترام للقواعد الإنسانية، وبما يمسّ بكرامة وسلامة الرعايا النيجريين». وهو ما نفته الجزائر بحدة. وكانت السلطة المنبثقة عن الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، الذي وقع في صيف 2023، رفضت مقترح وساطة جزائري بعد أن كانت وافقت عليه.

ومما جاء في كلمة عطاف في «يوم أفريقيا»، أن الجزائر «مقتنعة بأن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب بيئة مستقرة وآمنة. وقد ظلت عاكفة على المبادرات الدؤوبة لحل الصراعات واستتباب الأمن، ومكافحة ظاهرتي الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود في جوارها وفي كامل ربوع أفريقيا»، داعياً إلى «إحقاق حق الشعب الصحراوي في الإنصاف وتقرير مصيره».

وانتقد عطاف، في إشارة إلى جرائم إسرائيل بغزة، «الوهن الذي اعتلى الدور الذي يفترض أن يضطلع به مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين وفي صناعتهما»، لافتاً إلى أن «غزة المكلومة ليست سوى شاهدة على ازدواجية معايير هذا المجلس»، داعياً الأفارقة إلى «تحرك جماعي ينهي هذه المأساة، التزاماً بمبادئنا وقيمنا المشتركة ضد الاستعمار والقمع والفصل العنصري والتضامن الأفريقي الراسخ تاريخياً مع الشعب الفلسطيني، في سعيه المشروع من أجل نيل الحرية وقيام دولته المستقلة».

وزير خارجية الجزائر السابق مع رئيس النيجر السابق في سبتمبر 2021 (الخارجية الجزائرية)

وبحسب عطاف، تناضل بلاده خلال ولايتها الحالية بمجلس الأمن، من أجل «نظام دولي أكثر تمثيلاً وديمقراطية يتم من خلاله جبر ضرر هذه القارة المظلومة تاريخياً. قارة أفريقيا هي الأكثر حضوراً بمآسيها في مجلس الأمن، لكنها الأقل تمثيلاً بين أعضائه غير الدائمين. وهي الغائبة أو المغيبة كلياً عن عضويته الدائمة، خلافاً لروح ميثاق الأمم المتحدة بشأن مبدأ التمثيل الجغرافي المنصف. فلم يعد هنالك شك في أن التشكيلة الحالية للمجلس لم تعد تعكس الواقع الراهن ولا تحدياته».


مقالات ذات صلة

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشخاص اعتقلهم الجيش بشبهة التهريب (وزارة الدفاع الجزائرية)

اعتقال 5 جزائريين بشبهة «دعم الإرهاب»

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، عن اعتقال خمسة أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية»، وذلك خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني نفذتها قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.