هل النسيان مفيد أحياناً؟ وكيف نرفع جودة ذاكرتنا؟

النسيان قد يكون مفيداً في أحيانٍ كثيرة (أرشيفية)
النسيان قد يكون مفيداً في أحيانٍ كثيرة (أرشيفية)
TT

هل النسيان مفيد أحياناً؟ وكيف نرفع جودة ذاكرتنا؟

النسيان قد يكون مفيداً في أحيانٍ كثيرة (أرشيفية)
النسيان قد يكون مفيداً في أحيانٍ كثيرة (أرشيفية)

يرى عالم الأعصاب تشاران رانجاناث في كتابه الجديد «لماذا نتذكر؟» أن الذاكرة «هي أكثر بكثير من مجرد أرشيف للماضي. إنها المنظور الذي نرى من خلاله أنفسنا والآخرين والعالم». وأمضى البروفسور رانجاناث، أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، الثلاثين عاماً الماضية في استكشاف العمليات الدماغية التي تقف وراء قدرتنا على التذكر، والاستذكار، والنسيان.

وأوضح البروفسور رانجاناث لـ«هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» أن الذكريات تتشكل من خلال التغيرات في قوة الاتصالات بين الخلايا العصبية، وأن بعض هذه الروابط لن تكون مثالية، في حين أن البعض الآخر سيكون أقوى وأكثر فعالية، لذلك فإن تذكُّرك سيكون دائماً غير كامل إلى حد ما.

ويوضح رانجاناث أن النسيان غالباً ما يكون مفيداً. ويضرب مثالاً على ذلك قائلاً: «دعنا نتخيل أنني ذهبت إلى منزلك، وسألت: لماذا لا تكتنز وتحتفظ بكل أشيائك؟ لماذا لا تخزن كل شيء؟ إذا لم ننسَ الأشياء التي فعلناها ومررنا بها، فسنخزن كل الذكريات، ولن تتمكن أبداً من العثور على ما تريده من ذكريات، عندما تريده».

ويضيف: «مع تقدمنا في السن، المشكلة ليست بالضرورة أننا لا نستطيع تكوين الذكريات، بل إننا لا نركز على المعلومات التي نحتاج إلى تذكرها. نصبح أكثر قابلية للتشتت، والأشياء التافهة تأتي على حساب المواد المهمة التي نهتم بها. ولذلك، عندما نحاول استرجاع هذه الذكريات، لا يمكننا العثور على المعلومات التي نبحث عنها».

ويؤكد رانجاناث أن هناك 3 استراتيجيات يمكننا استخدامها لتحسين جودة ذاكرتنا، وهي:

التميز

تتنافس ذكرياتنا مع بعضها البعض، وبالتالي كلما تمكنت من إبراز شيء ما، كان ذلك أفضل. الذكريات الحية المرتبطة بالمشاهد والأصوات والمشاعر الفريدة هي التي ستبقى في الأذهان. لذا فإن التركيز على التفاصيل الحسية، يساعدنا على التذكر بشكل أفضل.

تنظيم الذكريات

حاول تنظيم ذكرياتك بشكل أكبر وأفضل بطريقة تجعلها ذات قيمة ومعنى أكبر، واربط المعلومات التي تريد تعلمها بالمعلومات التي لديك بالفعل.

إنشاء إشارات أو مفاتيح

يُعدّ البحث عن الذاكرة أمراً مجهداً للغاية وعرضة للخطأ، ومن الأفضل أن تتبادر الذكريات إلى رؤوسنا. ويمكن أن يساعدنا إنشاء الإشارات أو المفاتيح في حدوث ذلك.

على سبيل المثال، الأغاني يمكنها بشكل طبيعي إثارة الذكريات لفترات معينة في حياتك. وهناك العديد من الإشارات اليومية الأخرى التي يمكنك استخدامها. فإذا كنت تحاول أن تتذكر إخراج كيس النفايات من المنزل في اليوم الذي تُجمع فيه القمامة، فتخيل نفسك تسير إلى الباب وتلقي نظرة على سلة المهملات. ونتيجة لذلك، عندما تصل إلى الباب في الحياة الواقعية، سيكون ذلك بمثابة إشارة بأنه يجب عليك إخراج القمامة.


مقالات ذات صلة

8 نصائح لتكون أكثر سعادة في العام الجديد

يوميات الشرق إقامة صداقات جديدة تزيد السعادة (رويترز)

8 نصائح لتكون أكثر سعادة في العام الجديد

من إقامة صداقات جديدة والسعادة لفرح الآخر، إلى التقليل من شرب الكافيين، إليكم 8 نصائح لنعيش عاماً جديداً أكثر سعادة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق يعد «الإرهاق الأبوي» مهماً لأنه لا يؤثر سلباً على الوالدين فقط ولكن على الأطفال أيضاً (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الإرهاق الأبوي»... خطر يهدد الوالدين والأطفال... ما أسبابه؟

في عام 2015، قدم علم النفس مفهوم «إرهاق الوالدين» أو «الإرهاق الأبوي». وانتشر هذا المفهوم بسرعة، ولاقى صدى واضحاً لدى الآباء في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق هناك حالات يمكن ألا يكون فيها الودّ أمراً مرحباً به (أرشيفية)

4 حالات يكون التعامل فيها بـ«ودّ» زائد «أمراً سلبياً»

كون «الود» سمة بارزة في شخصيتك يحمل دلالات إيجابية للغاية. لكنّ هناك حالات خاصة جداً يمكن ألا يكون فيها الودّ أمراً مرحباً به، حتى إنه قد يكون أمراً مستهجناً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق 5 ثوانٍ قد تنقذ زواجك (أرشيفية - رويترز)

5 ثوانٍ قد تنقذ زواجك

أظهرت دراسة حديثة أن التوقف لمدة 5 ثوانٍ فقط يمكن أن يكون مفتاحاً لتخفيف حدة الخلافات بين الأزواج، ومنع تصاعدها إلى مشاجرات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كلما كان الرضا مرتبطاً بالشخصية قلّ تفاعلها مع تجارب الحياة (جامعة إدنبره)

السعادة ترتبط بسماتنا الشخصية أكثر من تجاربنا الحياتية

ناقشت دراسة إلى أي مدى تعكس مشاعر السعادة والرضا من نحن، وإلى أي مدى ترتبط بسماتنا الشخصية، وليس تجاربنا الحياتية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
TT

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)

يعد الكثيرون أن التعاطف هو «حجر الزاوية» في العلاج الفعال للصحة العقلية. ويتفق عدد من الخبراء على أن التعاطف يخلق مشاعر الثقة، ويقلل من المشاعر السلبية، ويعزز احترام الذات، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

لكن، هل يمكن للأجهزة الرقمية أن تُظهر التعاطف؟

تتمتع تطبيقات الصحة العقلية الرقمية بلحظة اختراق حقيقية. ويُظهر الذكاء الاصطناعي أملاً كبيراً في محاكاة المحادثة البشرية. لكن هل يمكن للتعاطف الرقمي أن يتنافس مع التعاطف الإنساني؟

كجزء من مشروع مستمر، أُجري اختبار لقياس تأثير الاستجابات التي يولدها الكمبيوتر عن طريق تطبيق مُصمم حديثاً على الأفراد الذين يبحثون عن الراحة من الأفكار والمشاعر السلبية.

ووفق «سيكولوجي توداي»، فقد سعى الاختبار إلى القياس بـ«طريقة هادفة» حول ما إذا كان الناس يستفيدون بما يسمى «التعاطف الرقمي».

التعاطف الرقمي يفوق التوقعات

وباستطلاع آراء 290 من مختبري الإصدار التجريبي، الذين استخدموا التطبيق في شتاء 2023-2024، الذين طُلب منهم تقييم مستوى الدفء والتفهم الذي شعروا به مع الأصدقاء والأحباء على مقياس من 0 (ليس على الإطلاق) إلى 100 (ممتاز)، وبعد ذلك، طُلب منهم التنبؤ بمدى الدفء والتفهم الذي سيتلقونه من التطبيق، لم يُبلغ معظم مختبري الإصدار التجريبي عن الكثير من الدفء من الأصدقاء كما من التطبيق. ولعل هذا يعكس الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن التكنولوجيا هي بطبيعتها «غير شخصية» و«أقل من» الإنسان.

لكن عندما استخدم المشاركون التطبيق بعد تطويره للرد، كما لو كان في محادثة حقيقية «وجهاً لوجه»، عبّر التطبيق عن التفهم، وقدّم الدفء، واقترح العديد من الطرق الجديدة لتحدي الأفكار التي أثارت مشاعر المستخدمين السلبية.

وبمجرد أن بدأ المستخدمون في التفاعل مع التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي، تغيرت تصوراتهم عن «التعاطف الرقمي» بشكل كبير. وفي نهاية الاختبار التجريبي الذي دام أربعة أسابيع، قيّموا مقدار الدفء الرقمي بما يقرب من ضعفي المستوى البشري و«أعلى بكثير مما توقعوه».

قيّم المشاركون التعاطف الرقمي بمستوى أعلى من الدفء والتفاهم

وتشير هذه النتائج بقوة إلى أن التطبيق قد يكون في الواقع أفضل من البشر في التعاطف. وأشار الاختبار أيضاً إلى أنه قد لا يكون هناك حقاً أي شيء فريد أو خاص بشأن التعاطف الإنساني.

لقد تحسن مستخدمو التطبيق بشكل كبير وسريع، وأبلغوا عن انخفاض بنسبة 50-60 في المائة في جميع المشاعر السلبية بعد ثلاثة أيام من استخدام التطبيق، واستمر هذا التحسن طوال مدة الاختبار التجريبي وفي فترة المتابعة لمدة خمسة أسابيع.

أبلغ المستخدمون عن تحسن كبير في المشاعر السلبية بعد استخدام التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي

وأكد الاختبار أن الأجهزة الرقمية «يمكنها القيام بعمل رائع في التعاطف». بالإضافة إلى ذلك، أكد أن «التغيرات السريعة والدراماتيكية في مجموعة واسعة من المشاعر السلبية» أمر ممكن لدى معظم المستخدمين.

ومع التقدم في الذكاء الاصطناعي وتقنيات العلاج الجديدة، يمكن الآن التطلع إلى تطبيقات قابلة للتطوير وأكثر قوة في المستقبل القريب.