شركات السيارات اليابانية تراهن على التكنولوجيا الصينية

لاستعادة حصتها السوقية

عامل يفحص سيارة في أحد مصانع شركة «تويوتا» اليابانية (أ.ف.ب)
عامل يفحص سيارة في أحد مصانع شركة «تويوتا» اليابانية (أ.ف.ب)
TT

شركات السيارات اليابانية تراهن على التكنولوجيا الصينية

عامل يفحص سيارة في أحد مصانع شركة «تويوتا» اليابانية (أ.ف.ب)
عامل يفحص سيارة في أحد مصانع شركة «تويوتا» اليابانية (أ.ف.ب)

تراهن شركات صناعة السيارات اليابانية الكبرى على التعاون مع إمبراطوريات التكنولوجيا المتقدمة الصينية في محاولة لاستعادة اهتمام المشترين الصينيين.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، قالت شركة «تويوتا موتورز كورب»، أكبر منتج سيارات في اليابان، إنها ستتشارك مع إمبراطورية التكنولوجيا الصينية «تينسنت هولدنغز» للتعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ومراكز البيانات الكبيرة والاتصال بشبكات التواصل الاجتماعي. في الوقت نفسه، ستتعاون «نيسان موتورز» مع شركة التكنولوجيا الصينية «بايدو» في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك أنظمة القيادة الذكية.

ويكشف التعاون الصيني الياباني عن حجم الضغوط التي تواجهها شركات السيارات الأجنبية من أجل استعادة الأرض التي خسرتها لصالح شركات السيارات الصينية في السوق، بعد أن نجحت الأخيرة في تقديم مزايا ومواصفات تتركز حول التكنولوجيا المتطورة لتلبية الاحتياجات التي أصبحت أكثر انتقائية للعملاء المحليين. ودفع هذا الشركات اليابانية إلى تقليص إنتاجها في الصين أو خفض مبيعاتها، كما حدث مع «ميتسوبيشي موتورز كورب» التي انسحبت من الصين.

ونتيجة لذلك تراجعت حصة الشركات اليابانية في السوق الصينية بصورة مطردة؛ حيث بلغت خلال الربع الأول من العام الحالي 15 في المائة فقط مقابل 21 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب تحليل مركز أبحاث وتكنولوجيا السيارات الصيني الذي نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

في المقابل، قفزت حصة شركات السيارات الصينية من السوق المحلية إلى 53 في المائة خلال الربع الأول، مقابل نحو 37 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي، مدعومة بالأداء الجيد لشركات مثل «بي واي دي» لتلبية الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية.

وقال تاسو يوشيدا، المحلل الاقتصادي في خدمة «بلومبرغ إنتليجانس» للتحليلات الاقتصادية، إن «الاهتمام هذه الأيام يتجه نحو السيارات التي تتسم بالاعتماد على البرمجيات، ولا وقت يمكن إهداره للشركات اليابانية».

ورغم ذلك يمكن أن تحتاج الشراكات الجديدة بين المنتجين اليابانيين ومطوري التكنولوجيا الصينيين إلى سنوات حتى تؤتي ثمارها، لأن العملاء الصينيين يحتاجون إلى ما هو أكثر من مجرد تحسينات تكنولوجية بسيطة في السيارات الأجنبية حتى يعودوا إليها ويتخلوا عن السيارات الصينية.

في الوقت نفسه، فإن الشركات اليابانية لا تنافس شركات السيارات الصينية مثل «بي واي دي» التي تستطيع الوصول بأي نموذج اختباري لسيارة جديدة إلى مرحلة الإنتاج التجاري واسع النطاق خلال 24 شهراً فقط، وإنما بات على الشركات اليابانية منافسة شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى أيضاً. فشركة الهواتف الذكية الصينية «شاومي كورب» طورت سيارة ذكية مجهزة بالعديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي باسم «إس يو 7»، وقد تلقت الشركة طلبات حجز أكثر من 88 ألف سيارة حتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي.

من ناحيته، قال كوجي ساتو، الرئيس التنفيذي لشركة «تويوتا»، إن الشركة تعتزم زيادة استثماراتها في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وإنها ستركز خلال العام الحالي على بناء أساس قوي للسيارات المعتمدة على البرمجيات.

في الوقت نفسه تعتزم «نيسان موتورز» طرح 8 سيارات تعمل بالطاقة الجديدة في الصين، منها 4 تحمل علامتها التجارية.

وقال ماكوتو أوشيدا، الرئيس التنفيذي للشركة، في مارس (آذار) الماضي، إن «نيسان» تريد بدء تصدير السيارات المصنوعة في الصين اعتباراً من 2025، بهدف تصدير 100 سيارة سنوياً. وفي حين لم يكشف أوشيدا عن وجهة تصدير هذه السيارات، يتوقع محللون أن تتجه نحو الأسواق الآسيوية الأخرى في ظل صعوبة تصدير سيارات صينية الصنع إلى كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

«الشرق رياضة»... منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية

رياضة عالمية «الشرق رياضة» تقدم تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

«الشرق رياضة»... منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية

أطلقت «الشرق للأخبار» في عام 2022، إحدى أبرز خدماتها المتخصصة في مجال الرياضة تحت اسم «الشرق رياضة»، وهي منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عن ثقته بالتنمية الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الياباني يطلب رسمياً إعداد حزمة تحفيز

أصدر رئيس الوزراء الياباني الجديد تعليمات رسمية لوزرائه يوم الجمعة بإعداد حزمة اقتصادية جديدة لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».