الأسهم الصينية تتراجع خشية انتقال «عدوى الرسوم» إلى أوروبا

«بنك الشعب» يواصل تثبيت أسعار الفائدة الرئيسية... واليوان يتماسك

مارّة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
مارّة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
TT

الأسهم الصينية تتراجع خشية انتقال «عدوى الرسوم» إلى أوروبا

مارّة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
مارّة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)

أغلقت أسهم البر الرئيسي للصين منخفضة، يوم الأربعاء، تحت ضغط قرار الرئيس الأميركي جو بايدن فرض رسوم جمركية جديدة على البضائع الصينية.

وكشف بايدن، يوم الثلاثاء، عن زيادات حادة في التعريفات الجمركية على مجموعة من الواردات الصينية، بما في ذلك بطاريات السيارات الكهربائية، ورقائق الكومبيوتر، والمنتجات الطبية، مما يخاطر بمواجهة في عام الانتخابات مع بكين.

وتُعدّ الرسوم الجمركية علامة جديدة على التصعيد في العلاقات الصينية الأميركية، والتي كانت، منذ فترة طويلة، أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على الأسواق المالية الصينية.

وقال محللون في بنك نومورا، في مذكرة: «نحن نشعر بقلق أكبر من أن الصين قد تواجه إجراءات تقييدية تجارية مماثلة من مناطق أخرى، إذ تمثل سوق الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة نحو 40 في المائة من صادرات الصين من السيارات الكهربائية في عام 2023، وقد يواجه قطاع السيارات الكهربائية ضغوطاً متزايدة إذا اتبعت أوروبا الولايات المتحدة، وفرضت تعريفات عقابية عالية على السيارات الكهربائية الصينية».

وعند الإغلاق، انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.82 في المائة، ومؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.85 في المائة، مع ارتفاع مؤشر العقارات بنسبة 2.21 في المائة.

وارتفعت أسهم العقارات، بعد أن ذكرت «بلومبرغ»، نقلاً عن مصادر لم تُسمّها، أن الصين تدرس اقتراحاً لجعل الحكومات المحلية في جميع أنحاء البلاد تشتري ملايين المنازل غير المبيعة؛ في محاولة لإنقاذ سوق العقارات.

في حين لم تتفاعل السوق كثيراً مع قرار البنك المركزي الصيني، يوم الأربعاء، ترك سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مع تمديد فترة استحقاق قروض تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل، وذلك تماشياً مع توقعات السوق.

وأبقى بنك الشعب «المركزي» الصيني، الأربعاء، على سعر الفائدة على ودائع البنوك التجارية لديه لأجل عام واحد عند مستوى 2.5 في المائة دون تغيير. يأتي ذلك بعد أن قرر البنك، في أواخر الشهر الماضي، تثبيت سعر الفائدة الأولية للقروض ذات العام الواحد عند مستوى 3.45 في المائة دون تغيير، مقارنة بمستواه في الشهر السابق، كما أبقى البنك على سعر الفائدة على القروض ذات السنوات الخمس - الذي يستخدمه كثير من البنوك بوصفه أساساً لتحديد فائدة التمويل العقاري - عند مستوى 3.95 في المائة، وفق مركز تمويل الإنتربنك الوطني في الصين.

وفي فبراير (شباط) الماضي، خفّض بنك الشعب سعر الفائدة على القروض الخمسية بمقدار 25 نقاط أساس إلى 3.95 في المائة، وهو أكبر خفض له، خلال السنوات الأخيرة، في حين لم تتغير فائدة قروض العام الواحد في فبراير الماضي.

وفي غضون ذلك، نجح اليوان الصيني في وقف تراجعه أمام الدولار، منذ مطلع الأسبوع الحالي، وسجل، يوم الأربعاء، ارتفاعاً طفيفاً أمام العملة الأميركية.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» أن اليوان ارتفع بمقدار 4 بيب أمام الدولار ليسجل 7.1049 يوان للدولار، مقابل 7.1053 يوان للدولار، يوم الثلاثاء.

وتسمح القواعد الصينية لليوان بالارتفاع أو الانخفاض بنسبة 2 في المائة عن السعر الاسترشادي للبنك المركزي، في كل يوم تداول بسوق الصرف الأجنبي الفورية. يُذكر أن السعر الاسترشادي لليوان أمام الدولار يتحدد على أساس أسعار الشراء التي تقدمها المؤسسات المالية الكبرى قبل بدء تعاملات سوق الإنتربنك يومياً.

وفي الوقت نفسه أبقى بنك الشعب الصيني على وتيرة ضخ السيولة النقدية في النظام المصرفي المستمرة منذ أسابيع، حيث ضخّ، يوم الأربعاء، مجدداً ملياريْ يوان (281.48 مليون دولار)، من خلال آلية إعادة الشراء العكسية لأجل 7 أيام، بفائدة قدرها 1.8 في المائة، وهي الكمية نفسها التي ضخها بصورة شبه يومية، طوال الأسابيع الماضية، وفقاً للآلية نفسها.

ويقول البنك المركزي إن هذه الخطوة تستهدف المحافظة على سيولة نقدية في النظام المصرفي مقبولة ووفيرة. وتُعدّ إعادة الشراء العكسية، المعروفة بـ«الريبو العكسي»، عمليات يشتري فيها البنك المركزي الأوراق المالية من البنوك التجارية، من خلال تقديم عطاءات، مع الاتفاق على بيعها إليها مرة أخرى في المستقبل.


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.