بشار مراد... موسيقي فلسطيني حاول تحقيق «حلم» الغناء في يوروفيجن

مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)
مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)
TT

بشار مراد... موسيقي فلسطيني حاول تحقيق «حلم» الغناء في يوروفيجن

مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)
مغني البوب الفلسطيني بشار مراد (أ.ف.ب)

أراد مغني البوب الفلسطيني بشار مراد، وهو من أبناء القدس الشرقية المحتلة، المشاركة في مسابقة «يوروفيجن»، ولأنه لا يمكنه المشاركة بوصفه فلسطينياً، تقدّم للتصفيات في آيسلندا علّه يمثلها، وبلغ المرحلة النهائية لكنه لم يفز.

وقال مراد في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا فنان، أقدّم موسيقى البوب، ومسابقة «يوروفيجن» تشبه الألعاب الأولمبية لهذا النوع الموسيقي».

لكن فور إعلانه عن السعي لتمثيل آيسلندا في المسابقة، تلقى مراد انتقادات من أشخاص عدّوا خطوته سياسية لا فنيّة.

ولفت إلى أنه تلقى تهديدات بالقتل عبر الشبكات الاجتماعية، فضلاً عن موجة سخرية خصوصاً في إسرائيل.

وقال بشار مراد، وهو ابن سعيد مراد الذي أسس فرقة «صابرين» الفلسطينية الشهيرة، إنّ منتقديه «لم يعيروا أهميّة حتى إلى الأغنية، بل توقفوا فقط عند كوني فلسطينياً».

فور إعلانه عن السعي لتمثيل آيسلندا في المسابقة تلقى مراد انتقادات من أشخاص عدّوا خطوته سياسية لا فنيّة (أ.ف.ب)

وهذا العام، تشكّل الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر في قطاع غزة، والتي اندلعت عقب هجوم نفذته حركة «حماس» الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، عنواناً رئيسياً يطغى على أجواء «يوروفيجن»، وسط مظاهرات تطالب خصوصاً باستبعاد إسرائيل من المسابقة التي تشارك فيها منذ 1973 وفازت بلقبها أربع مرات.

ويشدد المغني الفلسطيني البالغ 31 عاماً على أن حلم المشاركة في «يوروفيجن» يراوده «منذ زمن بعيد». وهو قدّم أغنيته إلى اللجنة الآيسلندية للمسابقة في أغسطس (آب) 2023، «ثم بعد شهرين، أتى السابع من أكتوبر، وجن جنون العالم». وعلى غرار المشاركة الإسرائيلية، لم يفلت بشار مراد من الجدل، ولم ينجح في إبعاد ترشيحه عن الإطار السياسي العام.

وخلافاً للتوقعات، لم ينجح مراد في الفوز بتمثيل آيسلندا في «يوروفيجن»، بعدما تغلبت عليه المغنية هيرا بيورك مع أغنيتها «سكيرد أوف هايتس» بفارق ثلاثة آلاف صوت من أصل عدد أصوات إجمالي بلغ مئتي ألف.

غير أن بيورك فشلت في الوصول إلى الحفلة النهائية لمسابقة «يوروفيجن» التي تقام السبت في مدينة مالمو السويدية.

«عوائق كثيرة»

لا يحمل المغني الفلسطيني الجنسية الآيسلندية، لكن اختياره هذه البلاد لتمثيلها لم يكن عشوائياً. فهو يعرف أعضاء «هاتاري»، وهي فرقة آيسلندية لموسيقى التكنو شاركت في «يوروفيجن» عام 2019 في تل أبيب، ولفتت حينها الأنظار إثر حملها وشاحاً بألوان العلم الفلسطيني خلال المسابقة.

وقد علم مراد من عازف الدرامز في الفرقة ومنتجها إينار ستيفانسون، أنه ليس بحاجة لأن يكون مواطناً آيسلندياً لتمثيل البلاد في «يوروفيجن». لكنّ الشرط الوحيد تمثّل في ضرورة الغناء بالآيسلندية في المرحلة نصف النهائية.

وشارك مراد في تأليف أغنية «وايلد ويست» مع إينار ستيفانسون، والنسخة الآيسلندية منها بعنوان «فستريو فيلت »(Vestrio villt)، كما تقتضي شروط المسابقة.

وعلى غرار أغنية «تكساس هولدم» لبيونسيه، تضمّنت «وايلد ويست» والألبوم الذي صدرت فيه تجربة موسيقية تمزج بين موسيقى الفولك الأميركية والكانتري والبوب.

ويقر بشار مراد بأنه كان يأمل من خلال ترشيحه تسليط الضوء على «العوائق الكثيرة» التي يواجهها الفنانون الفلسطينيون.

«ترف الاختيار»

وقال مراد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «بوصفي فلسطينياً، لا أملك ترف الاختيار» بأن تكون السياسة حاضرة أم لا في أغنياتي»، آسفاً لأن الجمهور يميل إلى النظر إليه حصراً من منطلق هويته الفلسطينية، وهو ما لا يحصل مع الفنانين من جنسيات أخرى.

وأضاف: «أتمنى أن أغني عن موضوعات عالمية تتخطى احتلال» إسرائيل للأراضي الفلسطينية، رغم غياب هذا الموضوع عن أغنيته المعدّة أساساً لمسابقة «يوروفيجن».

وأوضح مراد أن «هذا هو الواقع الذي وُلدت فيه. وهذه هي العدسة التي أرى من خلالها العالم».

عندما يكون في القدس، يعيش في استوديو الموسيقى الخاص بوالده في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967 وتشهد صراعات مستمرة على الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

كما يدرك مراد تماماً الآمال التي يعلّقها عليه أبناء شعبه، لكنّه يذكّر بأنه لا يمثل سوى «تجربة فلسطينية واحدة»، من بين تجارب كثيرة.

وتناول مراد هذه المواضيع في فيديو موسيقي ساخر لأغنيته «أنتين». وهو يظهر في العمل واضعاً قبعة موسيقيي فرق المارياتشي المكسيكية، مع أحمر شفاه تحت شاربيه الكبيرين، وينظر حوله بينما ينتقده جمهور وهمي باللغة العربية؛ لأنه يرتدي ملابس ليست من «عاداتنا وتقاليدنا».

ويركز مراد حالياً على إصدار ألبومه الأخير في أثناء إقامته الفنية في باريس.

وشارك أخيراً أيضاً في حدث في لندن يحمل اسم «Palestine Vision» (الرؤية الفلسطينية)، يرمي للاحتفال بالثقافة والفن والتضامن الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

الصراع بين المنطق والعاطفة... لماذا لا نستطيع مقاومة التسوق في «بلاك فرايداي»؟

«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
TT

الصراع بين المنطق والعاطفة... لماذا لا نستطيع مقاومة التسوق في «بلاك فرايداي»؟

«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)

هل شعرت يوماً بصراع بين المنطق والعاطفة أثناء البحث عن تنزيلات للتبضع، خصوصاً فيما يعرف بـ«يوم الجمعة الأسود» (Black Friday)؟

وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»، فإن «بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات تبدو غير عقلانية تماماً.

وأشار التقرير إلى أن هذه التفاعلات ليست عشوائية؛ فهي متجذرة بعمق في علم النفس البشري.

فلماذا إذن يمتلك هذا الحدث السنوي للتسوق القدرة على جعل ملايين الناس يتصرفون وكأن الحصول على أداة مخفضة السعر مسألة حياة أو موت؟

وتحدث التقرير عن أنه غالباً ما لا تكون عروض «بلاك فرايداي» أفضل الخصومات في العام. تستخدم العديد من الشركات التسعير الديناميكي القائم على الخوارزميات استناداً إلى بيانات المستهلكين؛ مما يعني أن بعض العناصر قد تكون أسعارها مماثلة - أو حتى أقل - خلال مبيعات أخرى طوال العام.

ومع ذلك، سنة بعد سنة، نصطف بفارغ الصبر خارج المتاجر عند الفجر، أو نعطل خوادم التجارة الإلكترونية بنقراتنا المحمومة. هذا لا يتعلق بالمنطق، بل يتعلق بالعاطفة. «بلاك فرايداي» ليس مجرد حدث تسوق، إنه ساحة معركة نفسية حيث تتولى غرائزنا زمام الأمور.

الإثارة والخوف من تفويت الفرصة

على سبيل المثال: أنت تتطلع إلى ساعة ذكية محدودة الإصدار، ولا يوجد سوى «ساعتين متبقيتين في المخزون». ينبض قلبك بسرعة، وتتعرق راحتا يديك، وتنقر فوق «اشترِ الآن» أسرع مما تتخيل.

يتم هندسة هذا المزيج الغامض من الإثارة والقلق بعناية من قبل المسوقين. تخلق إشارات الندرة - مثل تحذيرات انخفاض المخزون ومؤقتات العد التنازلي - إلحاحاً؛ مما يؤدي إلى إثارة خوفنا من تفويت الفرصة.

والخوف من تفويت الفرصة ليس مجرد اختصار جذاب، بل هو استجابة نفسية متجذرة في نفور الخسارة. وهو يصف كيف أن الألم الناتج عن فقدان الفرصة أقوى بكثير من فرحة الحصول على شيء ما. ولكن هناك المزيد من العوامل التي تلعب دوراً هنا؛ إذ يستغل يوم «بلاك فرايداي» أيضاً رغبتنا في الشعور بالنصر. فالحصول على صفقة يشبه الفوز بلعبة ــ وهو الشعور الذي يتضخم بفعل الأجواء الاحتفالية والحشود والديناميكيات التنافسية. فنحن لا نشتري المنتجات فحسب، بل «نتفوق» على الآخرين في الفوز بجائزة.

مبدأ الندرة

يفترض مبدأ الندرة أن الناس يعطون قيمة أكبر لأقل الفرص توفراً. وفي يوم «الجمعة السوداء»، يستغل تجار التجزئة هذا من خلال تقديم صفقات «محدودية الوقت» ومنتجات «حصرية». وعندما ندرك أن شيئاً ما نادر، تشتد رغبتنا في الحصول عليه. غالباً ما يؤدي هذا الاستعجال إلى اتخاذ قرارات شراء متهورة؛ إذ نخشى أن يؤدي التأخير إلى تفويت الفرصة بالكامل.

الدليل الاجتماعي

يشير مفهوم الدليل الاجتماعي إلى أن الأفراد ينظرون إلى سلوك الآخرين لتحديد أفعالهم الخاصة.

خلال «بلاك فرايداي» يخلق مشهد المتاجر المزدحمة والطوابير الطويلة ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعرض المشتريات، تأثيراً يشبه تأثير عربة الموسيقى.

ونفترض أنه إذا شارك الكثير من الأشخاص، فيجب أن تكون الصفقات تستحق العناء. يعزز هذا السلوك الجماعي قرارنا بالانضمام، حتى لو لم نخطط للتسوق في البداية.

نظرية السعر المرجعي

وفقاً لنظرية السعر المرجعي، يقيم المستهلكون الأسعار بناءً على «سعر مرجعي» داخلي - وهو معيار يعتقدون أنه عادل. يتلاعب تجار التجزئة بهذا من خلال عرض أسعار أصلية مبالغ فيها إلى جانب أسعار مخفضة. حتى لو لم يكن السعر النهائي صفقة حقيقية، فإن التباين يجعل الخصم يبدو أكثر أهمية؛ مما يجبرنا على إجراء عملية شراء قد نتخطاها بخلاف ذلك.

قرارات مبنيّة على العاطفة

تلعب العواطف دوراً محورياً في قرارات الشراء الخاصة بنا. إن عقوداً من أبحاث المستهلكين تخبرنا أن الاستجابات العاطفية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على سلوك المستهلك. فالأجواء الاحتفالية في «الجمعة السوداء» ــ بما في ذلك موسيقى الأعياد والعروض النابضة بالحياة وإثارة المنافسة ــ تثير ردود فعل عاطفية قوية.

ويمكن لهذه المشاعر أن تتغلب على التفكير العقلاني؛ مما يدفعنا إلى إجراء عمليات شراء مدفوعة بالإثارة وليس الضرورة. فما هو الاستهلاك في نهاية المطاف إن لم يكن تجربة مثيرة؟!

تأثير الهِبَة

بمجرد أن نضيف عنصراً إلى عربة التسوق ــ سواء كان موجوداً في عربة تسوق مادية أو في تجاويف رقمية لعربة تسوق على الإنترنت ــ يبدأ الشعور وكأنه ملك لنا بالفعل. ويطلق علماء النفس على هذا تأثير الهبة؛ ولهذا السبب يصبح التخلي عنه أكثر صعوبة.