احتدام التنافس على شراء القمح السوري مع توقعات بوفرة المحاصيل

تراجع استيراد سوريا للقمح هذا العام

وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا يتفقد محصول القمح في حماة والغاب وسط سوريا (الإعلام الزراعي)
وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا يتفقد محصول القمح في حماة والغاب وسط سوريا (الإعلام الزراعي)
TT

احتدام التنافس على شراء القمح السوري مع توقعات بوفرة المحاصيل

وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا يتفقد محصول القمح في حماة والغاب وسط سوريا (الإعلام الزراعي)
وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا يتفقد محصول القمح في حماة والغاب وسط سوريا (الإعلام الزراعي)

يتزايد التنافس بين دمشق والإدارة الذاتية، شمال شرقي البلاد، على شراء القمح في محافظة الحسكة، التي تنتج نحو 70 في المائة من القمح السوري، حيت تتطلع دمشق إلى تخفيض مستورداتها من القمح.

وبحسب تصريحات رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، أمام مجلس الشعب، الذي عقد دورته الـ12، اليوم (الأربعاء)، فإن كمية الأقماح المستوردة خلال العام بلغت نحو «674 ألف طن»، بقيمة وصلت إلى نحو «3000 مليار ليرة سورية»، علماً أن سوريا منذ اندلاع الحرب تستورد ثلثي احتياجها السنوي من القمح، البالغ 2.5 مليون طن.

كلام رئيس الحكومة، الذي نقلته وسائل إعلام محلية، يتزامن مع اقتراب موسم الحصاد الشهر المقبل، وسط توقعات بوفرة الإنتاج، بما يصل إلى مليوني طن من القمح في المناطق الحكومية نتيجة الهطولات المطرية الجيدة خلال العام.

سوريون «يشوون» القمح في بنش بريف إدلب شمال غربي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

في حين تشير معطيات أخرى عن احتمال وصول إنتاج مناطق الإدارة الذاتية في محافظة الحسكة، شرق البلاد، إلى مليون ونصف مليون طن، حيث تعد محافظة الحسكة الأولى في إنتاج القمح السوري، تليها محافظة حلب، التي تسيطر على أجزاء من ريفها الشمالي والغربي فصائل معارضة.

وفي إطار التنافس بين القوى المسيطرة على الأراضي الزراعية السورية، رفعت دمشق سعر شراء القمح من الفلاحين نحو 1300 ليرة عن سعر الموسم الفائت، وأعلنت تحديد السعر التأشيري لشراء مادة القمح للموسم الحالي بـ5500 ليرة للكيلوغرام الواحد. يشار إلى أن السعر الوسطي لصرف الدولار الأميركي الواحد 14600 ليرة سورية.

مزارعون في أحد حقول القمح شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

وتأمل دمشق استلام أكبر كمية ممكنة من قمح الحسكة، بهدف تخفيض مستورداتها من القمح اللازم لصناعة الخبز، حيث تسعى عبر المؤسسة العامة للحبوب إلى التعاقد مع الفلاحين في مناطق الإدارة الذاتية لشراء محاصيلهم، في خطوة استباقية، كون دمشق تتهم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بمنع الفلاحين من بيع إنتاجهم للحكومة في دمشق.

ومن المتوقع أن تحدد الإدارة الذاتية سعر شراء القمح من الفلاحين خلال الأيام المقبلة، بعد تخصيصها 30 مركزاً في جميع المناطق لاستلام مادة القمح من الفلاحين، المقدرة بنحو مليون ونصف مليون طن من القمح في الموسم الحالي، ولا سيما أنها استلمت العام الفائت نحو مليون و300 ألف طن من محصول القمح بسعر 43 سنتاً أميركياً للكيلوغرام الواحد، أي ما يعادل 7 آلاف ليرة، وهو ضعف السعر الذي حددته دمشق، العام الماضي والعام الحالي، بحسب تقارير إعلامية محلية.

وتنوي الإدارة الذاتية شراء كامل محصول القمح من المزارعين خلال الموسم الزراعي 2024، وفق ما ذكره موقع «نورث برس» الإخباري المحلي.

في المقابل، لم تتجاوز الكمية التي استلمتها من قمح الجزيرة السورية 750 ألف طن، وهي الكمية الكافية لتغطية حاجات مناطق سيطرتها في محافظة الحسكة. ورغم التوقعات التي سادت العام الماضي بوفرة الإنتاج، ما يقلّص فاتورة استيراد القمح، فإن دمشق تعاقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع روسيا لاستيراد نحو 1.4 مليون طن من القمح، لسدّ الفجوة بين الإنتاج المحلي من القمح والاحتياج المحلي.

ولتخفيف أعباء التسديد بالقطع الأجنبي، عمدت إلى مقايضة كميات القمح السوري القاسي بكميات من القمح الطري المستورد اللازم لصناعة الخبز.

وتتخوف الحكومة بدمشق من مخاطر ارتفاع أسعار القمح عالمياً وصعوبات النقل والتجارة في ظل العقوبات الدولية والاضطرابات في المنطقة، حيث عقدت اجتماعاً مصغراً مطلع شهر فبراير (شباط) الماضي، لبحث كيفية إدارة سلسلة توريد وتأمين مادة القمح. مع تأكيدات حكومية بأن مخزون القمح جيد جداً، في المستودعات وفي جميع المحافظات.

ويعد القمح من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية في سوريا، وكان متوسط إنتاجها قبل الحرب 4 ملايين طن، ووصلت في بعض السنوات إلى ما يقرب 5 ملايين طن، كان يستهلك منها 2.5 مليون طن محلياً، فيما يصدر الفائض.


مقالات ذات صلة

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

الاقتصاد مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

حثت الصين الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد دعوات إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني

«الشرق الأوسط» (بكين)
خاص وضعت السعودية كثيراً من المبادرات لمكافحة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة) play-circle 01:48

خاص «فاو»: شح التمويل والنزاعات يهددان الأمن الغذائي في الشرق الأوسط

قدّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) التمويل المطلوب لمشروعات الزراعة في المنطقة بـ500 مليون دولار سنوياً.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد عمال بحقل للشاي في ناندي هيلز غرب نيروبي عاصمة كينيا (رويترز)

أميركا والإمارات: تمويل مهمة الابتكار الزراعي للمناخ يتجاوز 29 مليار دولار

أعلنت الولايات المتحدة والإمارات خلال «كوب 29» في باكو، أن تمويل مهمة الابتكار الزراعي للمناخ التي تقودها الدولتان وصل إلى 29.2 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

تحتل زراعة الياسمين مكانة خاصة، حيث يُعد هذا النبات العطري جزءاً من تقاليد متوارثة وعصباً اقتصادياً للعديد من العائلات.


قائد الإدارة الجديدة في سوريا التقى فاروق الشرع ودعاه لحوار وطني

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)
القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)
TT

قائد الإدارة الجديدة في سوريا التقى فاروق الشرع ودعاه لحوار وطني

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)
القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (تلغرام)

التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، اليوم الأحد، فاروق الشرع، نائبَ الرئيس السابق، والذي أُبعد عن المشهد السياسي في الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، ودعاه لحضور مؤتمر حوار وطني، وفق ما أفاد به أحد أقرباء المسؤول السابق.

وقال مروان الشرع، وهو ابن عم فاروق، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في اتصال هاتفي: «منذ الأيام الأولى لدخول أحمد الشرع إلى دمشق، زار فاروق الشرع بمكان إقامته في إحدى ضواحي دمشق، ووجّه له دعوة لحضور مؤتمر وطني سيعقد قريباً».

وأضاف: «قبِل ابن عمي الأستاذ فاروق الدعوة وبصدر رحب. وللصدفة، فإن آخر ظهور علني لابن عمي كان في (مؤتمر الحوار الوطني) بفندق (صحارى) عام 2011، وأول ظهور علني له بعد ذلك سيكون في (مؤتمر الحوار الوطني) المقبل».

نائب الرئيس وزير الخارجية السوري السابق فاروق الشرع مع الشاعر هادي دانيال (فيسبوك)

كان فاروق الشرع، على مدى أكثر من عقدين، أحد أبرز الدعامات التي رسمت السياسة الخارجية لسوريا. وشغل السياسي المخضرم منصب وزير الخارجية بدءاً من عام 1984 خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبقي فيه مع تولّي نجله بشار السلطة في عام 2000.

عُيّن نائباً لرئيس الجمهورية عام 2006، وترأس مؤتمر حوار وطني في فندق «صحارى» بدمشق عام 2011، بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات المناهضة للأسد. وأدلى الشرع خلال المؤتمر بتصريحات تنادي بتسوية سياسية للنزاع، غاب بعدها عن المشهد السياسي والأنظار لفترة طويلة.

وأوضح قريبه أن فاروق الشرع البالغ حالياً (86 عاماً)، كان «قيد الإقامة الجبرية، وسُجِن سائقه ومرافقه الشخصي بتهمة تسهيل محاولة انشقاقه (عن حكم الأسد) ولم يسمح له طوال الفترة الماضية بمغادرة دمشق».

صورة تجمع (من اليمين) فارس بويز ورفيق الحريري وفاروق الشرع وإلياس الهراوي وعبد الحليم خدام وغازي كنعان (غيتي)

وتابع: «ابن عمي بصحة جيدة ويتحضّر حالياً لإصدار كتاب عن كامل مرحلة حكم بشار منذ عام 2000 وحتى الآن».

وطرح فاروق الشرع منذ بداية الاحتجاجات أن يؤدي دور الوسيط، بعدما وجد نفسه بين شِقَّي ولائه للنظام القائم، وارتباطه بمسقط رأسه درعا (جنوب) حيث اندلعت شرارة الاحتجاجات.

غاب عن عدسات وسائل الإعلام واللقاءات الرسمية منذ عام 2011، باستثناء مرات نادرة ظهر فيها بمجالس عزاء أو خلال زيارة شخصية؛ في صور بدت مسرّبة.

وأشار مروان، الذي يقول إنه مؤرّخ نسب العائلة، إلى وجود صلة قرابة بعيدة بين أحمد وفاروق الشرع، موضحاً: «نحن عائلة واحدة في الأساس، وشقيق جدّ أحمد الشرع متزوّج من عمّة فاروق».

وكان فاروق الشرع المسؤول الوحيد الذي أخرج إلى العلن تبايناته مع مقاربة الأسد للتعامل مع الاحتجاجات.

وقال في مقابلة مع صحيفة «الأخبار» اللبنانية خلال ديسمبر (كانون الأول) 2012، إن الأسد «لا يخفي رغبته بحسم الأمور عسكرياً حتى تحقيق النصر النهائي». وأضاف: «ليس في إمكان كل المعارضات حسم المعركة عسكرياً، كما أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش لن يحقق حسماً».

ودعا فاروق الشرع، الذي طُرح اسمه مراراً في السابق لاحتمال تولي سدة المسؤولية خلفاً للأسد في حال التوافق على فترة انتقالية للخروج من الأزمة، إلى «تسوية تاريخية» تشمل الدول الإقليمية وأعضاء مجلس الأمن الدولي.

وأُبعد الشرع من القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في يوليو (تموز) 2013. وبعد نحو 25 عاماً في الرئاسة، انتهى حكم بشار الأسد في فجر 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي مع دخول فصائل معارضة تقودها «هيئة تحرير الشام» بزعامة أحمد الشرع، الذي كان يعرف باسم «أبو محمد الجولاني»، دمشق وفرار الرئيس.