مسيرات انتحارية تستهدف قاعدة للجيش في شندي

انهيار هدنة الفاشر آخر معاقل الجيش في دارفور

قادة عسكريون خلال تجمع مؤيد للجيش بالقضارف شرق السودان في 16 يناير الماضي (أ.ف.ب)
قادة عسكريون خلال تجمع مؤيد للجيش بالقضارف شرق السودان في 16 يناير الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسيرات انتحارية تستهدف قاعدة للجيش في شندي

قادة عسكريون خلال تجمع مؤيد للجيش بالقضارف شرق السودان في 16 يناير الماضي (أ.ف.ب)
قادة عسكريون خلال تجمع مؤيد للجيش بالقضارف شرق السودان في 16 يناير الماضي (أ.ف.ب)

أفاد شهود عيان، الثلاثاء، أن مسيرات «استهدفت» قاعدة عسكرية للجيش السوداني في مدينة شندي (شمال البلاد)، تصدت لها الدفاعات الأرضية، وأسقطت ثلاثاً منها، فيما لم تتبنَّ «قوات الدعم السريع» الهجوم.

ووصل رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى شندي، الثلاثاء، وفقاً لإعلام مجلس السيادة، الذي لم يتحدث لاحقاً عن عودته إلى مدينة بورتسودان، مقر إقامته الحالي. ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش بخصوص الهجمات التي تعد اختراقاً لافتاً لمناطق تقع تحت نفوذه وسيطرته في شمال البلاد. وقال الشهود إنهم شاهدوا اشتعال النيران في إحدى المسيرات التي كانت تحلق في محيط «الفرقة الثالثة - مشاة»، لكن مصدراً في الجيش السوداني تحدث لـ«وكالة أنباء العالم العربي» مؤكداً وقوع الحادث.

وقال المصدر العسكري إن طائرة مسيرة مجهولة قصفت الثلاثاء مقر الجيش السوداني في مدينة شندي في ولاية نهر النيل (شمال). وأضاف أن طائرة مسيرة انتحارية قصفت جزءاً من المهبط الجوي في «الفرقة الثالثة - مشاة»، مقر رئاسة الجيش في مدينة شندي، مؤكداً أن الضربة لم تتسبب في وقوع خسائر بالمهبط أو إدارة «الفرقة الثالثة - مشاة». وقال إن دفاعات الجيش في الفرقة الثالثة تمكنت من إسقاط الطائرة المسيرة بعد تنفيذها ضربة على مهبط للطائرات، مشيراً إلى أن القوات رفعت حالة التأهب القصوى تحسباً لأي هجوم آخر.

وهذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها مدينة شندي لهجوم عسكري، حيث ظلت خارج نطاق القتال الذي يدور بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» منذ منتصف أبريل (نيسان) العام الماضي. وقال صحافيون، من قلب المدينة، إن «الهجوم كان يستهدف المطار العسكري داخل الفرقة، وإن المسيرة الأولى سقطت بالقرب من مستودع، والثانية والثالثة تم إسقاطهما عبر المضادات من الجهة الجنوبية الغربية لمقر الفرقة».

آثار مواجهات الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

وقالت مصادر محلية إنها شاهدت طائرة حربية (هليكوبتر) تحلق في سماء المدينة عقب الهجوم مباشرة، وتطارد إحدى المسيرات الهاربة. وأفاد شهود في مدينة شندي بسماع أصوات 3 انفجارات قوية، صباح الثلاثاء. وقام قادة الجيش السوداني خلال الفترة الماضية بزيارات كثيرة لمدينة شندي، التي تعد مركزاً متقدماً للعمليات العسكرية للجيش، بعد قاعدته العسكرية في «وادي سيدنا»، شمال مدينة أم درمان، ثانية كبريات مدن العاصمة الخرطوم.

ولوّح عدد من القادة الميدانيين في «قوات الدعم السريع» في الأيام الماضية بالتوغل شمالاً ومهاجمة ولاية نهر النيل، بعد صدّها كثيراً من الهجمات التي يشنّها الجيش على قواتها في المناطق المحيطة بمصفاة الجيلي، على بعد نحو 70 كيلومتراً، شمال العاصمة الخرطوم.

انهيار الهدنة في الفاشر

من جهة ثانية، أطاحت الهجمات التي وقعت حول مدينة الفاشر السودانية بالهدنة التي كانت تحميها من حرب مستعرة منذ عام، الأمر الذي أدى إلى تحذيرات من موجة جديدة من العنف الطائفي ومخاطر على 1.6 مليون من السكان المتكدسين في عاصمة ولاية شمال دارفور. والفاشر هي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور الشاسع في غرب البلاد، لا تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع».

واجتاحت «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي، وتم إلقاء اللوم عليها في حملة من عمليات القتل ذات الدوافع العرقية، وغيرها من الانتهاكات في غرب دارفور. ويقول سكان ووكالات إغاثة ومحللون إن القتال من أجل السيطرة على الفاشر، وهي مركز تاريخي للسلطة، قد يطول أمده، ويؤجج التوترات العرقية التي ظهرت في الصراع الذي دارت رحاه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المنطقة، ويمتد عبر حدود السودان مع تشاد. وفي الفاشر نحو نصف مليون شخص نزحوا خلال الصراع السابق، عندما قام الجيش، بمساعدة الميليشيات التي أصبحت فيما بعد «قوات الدعم السريع»، بإخماد تمرد الجماعات المتمردة غير العربية.

دبابة مدمرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

ونزح نحو نصف مليون شخص إضافي إلى المدينة خلال الحرب التي اندلعت بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم في أبريل 2023، مع وصول التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بشأن دمج القوتين إلى ذروتها. ومع امتداد الحرب إلى أجزاء أخرى من البلاد، توسط القادة المحليون لإبرام اتفاق هدنة في الفاشر، حيث اقتصر وجود «قوات الدعم السريع» على المناطق الشرقية من المدينة، بينما ظلّت الجماعات المتمردة السابقة على الحياد. لكن هذا الترتيب انهار بعد أن سيطرت «قوات الدعم السريع» على بلدة مليط هذا الشهر، ما أدى إلى حصار الفاشر فعلياً.

الجيش يعزز قواته

ويقول شهود إن الجيش عزّز الإمدادات والقوات، بما في ذلك من خلال إنزال جوي لقاعدته في المدينة، على عكس ما حدث في عواصم الولايات الأخرى حيث فرّ الجنود بسرعة.

 

وقال عوض الله حامد، مدير منظمة «براكتكال أكشن» في دارفور، متحدثاً لـ«رويترز» من المدينة التي لا يوجد فيها سوى عدد قليل من العاملين في المجال الإنساني الدولي، إن الفاشر نفسها لم تعد فيها مياه جارية أو خطوط كهرباء عاملة منذ عام. وأضاف أن مستشفى عاماً واحداً فقط يعمل، بينما تكتظ المدارس والمباني العامة بالنازحين.
وقال جيروم توبيانا، الخبير في شؤون دارفور ومستشار منظمة «أطباء بلا حدود» الخيرية، إن القتال الشامل «يهدد بالفعل بتعقيد وصول المساعدات الإنسانية، في وقت تظهر فيه البيانات المتاحة أن الفاشر تعاني من أزمة غذائية خطيرة للغاية».


مقالات ذات صلة

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

شمال افريقيا مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

لقي 10 جنود من الجيش السوداني في هجوم بطائرات مسيّرة شنته قوات «الدعم السريع» على قاعدة عسكرية بمدينة شندي (شمال) في توسع بنطاق استخدام المسيّرات الانتحارية

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

جدد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شمال افريقيا امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:57

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

السعودية تجدد دعوتها لضرورة إنهاء الصراع في السودان

جدَّدت السعودية ما أكدته، خلال الاجتماع التشاوري (الثالث) بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، من ضرورة إنهاء الصراع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا أم تحمل طفلها الذي يعاني من سوء التغذية الحاد في جناح الأطفال بمستشفى جنوب كردفان في السودان (رويترز) play-circle 01:57

تقرير: أزمة المجاعة في السودان «تتفاقم» بسبب الحرب

ذكر «المرصد العالمي للجوع»، الثلاثاء، أن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن تمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول شهر مايو (أيار).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تعوّل على القطاع الخاص في تحسين الخدمات بالمطارات

مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)
مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)
TT

مصر تعوّل على القطاع الخاص في تحسين الخدمات بالمطارات

مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)
مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)

تُعوّل الحكومة المصرية على «القطاع الخاص» لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، سعياً لـ«تحسين جودة الخدمات» الجوية في حركة النقل الجوي.

وأكدت الحكومة المصرية «طرح جميع المطارات أمام القطاع الخاص الفترة المقبلة»؛ في خطوة عدّها خبراء «تحركاً ضرورياً لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمسافرين»، وأشاروا إلى أنها «سوف تساهم في زيادة حركة السياحة الوافدة، ودعم الاقتصاد المصري».

وتمتلك مصر 23 مطاراً، بالإضافة إلى مطار القاهرة الدولي، الأكبر والرئيسي في البلاد، وتستهدف الحكومة المصرية «زيادة القدرة الاستيعابية للمطارات من 66.2 مليون راكب، خلال العام الحالي، إلى 72.2 مليون راكب بحلول 2026 – 2027، وصولاً إلى مستهدف 109.2 مليون راكب سنوياً بنهاية 2030»، وفق وزارة الطيران المدني المصرية.

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مساء الأربعاء، إنه «سيتم طرح جميع المطارات في البلاد أمام القطاع الخاص»، مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق مع مؤسسة التمويل لعملية طرح المطارات»، ودعا «شركات القطاع الخاص لتدشين تحالفات لإنشاء شراكات، أو المساعدة في أفكار، بهدف زيادة أسطول الطيران المصري».

وتستهدف الحكومة المصرية «إسناد إدارة وتشغيل المطارات المصرية للقطاع الخاص»، وأشارت في مارس (آذار) الماضي إلى أن «القطاع الخاص، الأجدر في إدارة وتشغيل المشروعات والمرافق المختلفة، بما يُسهم في جذب مزيد من الاستثمارات، وتعظيم العائد الاقتصادي في مجال النقل الجوي».

ويعتقد نائب رئيس شركة مصر للطيران السابق، الطيار هاني جلال، أن إسناد إدارة المطارات للقطاع الخاص «خطوة مهمة ومفيدة لتحسين خدمات النقل الجوي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تمتلك بنية تحتية جيدة المطارات، لكن مستوى الخدمات الجوية يحتاج لتطوير، وذلك لتحسين منظومة النقل الجوي»، مشيراً إلى أن «المطارات المصرية تمتلك مستوى عالياً من الأمان والمراقبة الجوية».

ويرى جلال أن «المطارات المصرية في المناطق السياحية، مثل شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان، في حاجة إلى توسعة، وتطوير لمستوى الخدمات، لاستيعاب حركة السياحة الوافدة»، معتبراً أن «تطوير هذه المطارات ضروري لحركة السياحة»، منوهاً إلى أن «قطاع السياحة أكثر القطاعات استفادة من إسناد إدارة المطارات للقطاع الخاص».

كما تستهدف الحكومة المصرية جذب 30 مليون سائح بحلول عام 2028، ومضاعفة الطاقة الفندقية العاملة إلى 450 - 500 ألف غرفة في 2030، وفق وزارة السياحة المصرية.

«لا يعني إسناد إدارة المطارات للقطاع الخاص تخلياً من الحكومة المصرية عن سلطتها عليها»، وفق الخبير الاقتصادي، وليد جاب الله، الذي أشار إلى أن «سيادة وسلطة المؤسسات المصرية ستظلان حاضرتين على مستوى الإجراءات الأمنية الخاصة بمراجعة التأشيرات والجوازات من جانب وزارة الداخلية، أو متابعة حركة الجمارك»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة تستهدف إسناد إدارة منظومة العمل إلى القطاع الخاص لتقديم الخدمات الجوية والأرضية».

ويرى الخبير الاقتصادي أن مشاركة القطاع الخاص في منظومة إدارة المطارات «ستحقق مكاسب اقتصادية»، وقال إن «هذا التحرك سيقلل من أعباء تكاليف تشغيل المطارات على القطاع الحكومي»، إلى جانب «ضمان تقديم الخدمات بجودة وكفاءة أعلى، وتوفير فرص عمل جديدة»، فضلاً عن «تقديم شركات القطاع الخاص عوائد ضريبية للحكومة، قد تكون قيمتها أعلى من عوائد تشغيل المطارات الحالية».

وناقش رئيس الوزراء المصري مطلع الشهر الحالي مقترحاً من أحد التحالفات المصرية الفرنسية (حسن علام - مجموعة مطارات باريس) للتعاون مع الحكومة المصرية في تشغيل وإدارة المطارات.

وفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، أخيراً، فإن الرئيس التنفيذي للمجموعة الفرنسية المنضوية في التحالف، أشار إلى «سعي الشركة الفرنسية لعقد شراكات طويلة الأمد مع الحكومات ومشغلي قطاع الطيران حول العالم»، موضحاً أن «المجموعة لديها شراكات بـ26 مطاراً في 18 دولة حول العالم، واستقبلت نحو 336.5 مليون مسافر خلال 2023 بالمطارات التي تتولى إدارتها وتشغيلها».