روسيا تلوح بـ«تدابير» في حال نشر أسلحة أميركية نووية في بولندا

لافروف: العالم يتأرجح على حافة مواجهة خطيرة بين القوى الكبرى

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع مع حكام الأقاليم الروسية في موسكو الاثنين (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع مع حكام الأقاليم الروسية في موسكو الاثنين (أ.ف.ب)
TT

روسيا تلوح بـ«تدابير» في حال نشر أسلحة أميركية نووية في بولندا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع مع حكام الأقاليم الروسية في موسكو الاثنين (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع مع حكام الأقاليم الروسية في موسكو الاثنين (أ.ف.ب)

تصاعدت لهجة التحذيرات الروسية من انزلاق الوضع نحو مواجهة نووية واتساع رقعة الصراع حول أوكرانيا. ورد الكرملين بقوة على إعلان وارسو استعدادها لنشر أسلحة نووية أميركية على أراضيها، وتوعد باتخاذ تدابير جوابية فورية، فيما حملت تصريحات أطلقها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نبرة متشائمة، حول ما وصفه بـ«مخاطر استراتيجية جدية على صعيد اتساع الخطر النووي».

وحمّل لافروف الغرب المسؤولية عن تصاعد التوتر النووي في العالم، وقال إن العالم «يتأرجح بشكل خطير على شفا صراع عسكري مباشر بين القوى النووية» الكبرى، محذرا من تطور «محفوف بعواقب كارثية». وأضاف لافروف في رسالة وجّهها عبر تقنية الفيديو كونفرنس إلى المشاركين في مؤتمر موسكو لمنع انتشار الأسلحة النووية: «اليوم، لا تزال الولايات المتحدة ودول الناتو التابعة لها، مهووسة بفكرة إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، ومستعدة لمواصلة محاولات احتواء بلادنا والتضحية لهذا الهدف بآخر أوكراني (...) هذه الدول تتأرجح بشكل خطير على شفا صدام عسكري مباشر بين القوى النووية، وهو أمر محفوف بعواقب كارثية».

«مخاطر استراتيجية جدية»

وزاد الوزير الروسي أن «أكثر ما يثير القلق هو أن الثلاثي النووي بالذات في الغرب (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) يغالي في دعم نظام كييف الإجرامي، ويعد المبادر الرئيسي لمختلف الخطوات الاستفزازية. نحن نرى في ذلك مخاطر استراتيجية جدية، تؤدي إلى زيادة مستوى الخطر النووي». وقال لافروف أيضاً إن «الغرب الجماعي» بقيادة الولايات المتحدة، يروج لما وصفها بـ«مخططات الغش العلنية» التي أوضح أنها تهدف لـ«تحقيق التفوق من خلال فرض قيود جديدة على الترسانات النووية للخصوم».

ورأى الوزير الروسي أنه «في الظروف الراهنة وفي سياق حرب عالمية شاملة ضد روسيا، لا توجد أي أسس للحوار مع الولايات المتحدة بشأن الاستقرار الاستراتيجي».

وعلى الرغم من ذلك، قال لافروف إن روسيا مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات لـ«مناقشة التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عندما تفعل الولايات المتحدة نفس الشيء».

وذكّر الوزير بأن الكونغرس الأميركي رفض في عام 1999 التصديق على هذه المعاهدة «تحت ذرائع واهية»، مؤكداً أن قرار روسيا سحب التصديق على المعاهدة كان ردا منطقيا على «الأعمال التدميرية التي قامت بها الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى».

ورفض لافروف مجدداً الاتهامات الأميركية لبلاده بشأن نشر أسلحة نووية روسية في الفضاء ورأى أنها «سخيفة»، وشدد على أن روسيا تؤيد الحفاظ على السلام في الفضاء. وقال الوزير الروسي إن «درجة سخافة الأكاذيب المناهضة لروسيا من جانب واشنطن تجاوزت كل الحدود. الأمر وصل إلى حد توجيه اتهامات لا أساس لها بوجود نوع من النشاط في الفضاء يهدد الأمن الدولي، ويرتبط بنشر أسلحة نووية هناك».

ووفقا له، فإن «مثل هذه الافتراءات لا علاقة لها بالواقع (...) لأن روسيا ملتزمة التزاما راسخا بتعهداتها القانونية الدولية، بما في ذلك معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، وتدعو باستمرار إلى الحفاظ على الفضاء الخارجي باعتباره فضاء للأنشطة السلمية الحصرية لجميع الدول على أساس متساو».

واللافت أن حديث لافروف جاء متزامنا مع تصاعد حدة السجالات حول الأمن النووي بين روسيا والغرب، ومباشرة بعد إعلان بولندا استعدادها لنشر أسلحة نووية أميركية على أراضيها.

الرئيس البولندي أندريه دودا (صورة أرشيفية)

«مفاوضات بولندية - أميركية»

وكان الرئيس البولندي أندريه دودا أكد التوّجه نحو هذا المسار، وأعلن أنه «إذا قرر حلفاؤنا نشر أسلحة نووية على أراضينا لتعزيز أمن الجناح الشرقي لحلف الناتو، فنحن مستعدون لذلك. نحن عضو في حلف شمال الأطلسي، ولدينا أيضا التزامات في هذا الصدد، ما يعني أننا ببساطة ننفذ سياسة مشتركة». وفقا له، فإن هذه القضية «كانت على جدول أعمال المفاوضات البولندية - الأميركية مؤخرا».

وأشار دودا إلى أن روسيا تعزز القدرات العسكرية في منطقة كالينينغراد بشكل متسارع، مضيفا أن «موسكو نقلت مؤخرا أسلحتها النووية إلى بيلاروسيا».

وجاء رد فعل الكرملين سريعا على هذه التصريحات، إذ قال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف إن الجيش الروسي «سوف يتخذ إجراءات أمنية فورية في حالة نشر أسلحة نووية في بولندا». ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن بيسكوف قوله إن «الجيش سوف يقوم بالطبع بتحليل الوضع إذا تم تنفيذ مثل هذه الخطط، وعلى أي حال سيفعل كل ما هو ضروري، وجميع الخطوات الجوابية اللازمة لضمان سلامة أراضينا وأمنها». وتابع قائلاً: «إذا قرر حلفاؤنا نشر أسلحة نووية كجزء من الاستخدام المشترك للأسلحة النووية على أراضينا، من أجل تعزيز أمن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، فنحن مستعدون لذلك». وقال دودا: «نحن حليف في حلف شمال الأطلسي وعلينا التزامات في هذا المجال، أي إننا ببساطة نتبع سياسة مشتركة».

وكانت السجالات حول نشر الأسلحة النووية في بولندا بدأت منذ سنوات عدّة، وتحدثت وزارة الدفاع البولندية عن خطط للانضمام إلى برنامج المشاركة النووية التابع لحلف شمال الأطلسي في عام 2015. وفي خريف عام 2022، قال نائب رئيس الخدمة الصحافية بوزارة الخارجية آنذاك، فيدانت باتيل، إن الولايات المتحدة لا تنوي نشر أسلحة نووية في الدول التي انضمت إلى «الناتو» بعد عام 1997، بما في ذلك بولندا (التي انضمت إلى الكتلة عام 1999).

واحتدم النقاش مجدداً بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار نشر الأسلحة النووية في بيلاروسيا الربيع الماضي. وأعربت بولندا عن استعدادها للمشاركة بشكل أكبر في الردع النووي ورغبتها في الانضمام إلى البرنامج النووي.

بدوره، رأى نائب رئيس مجلس الأمن ديمتري ميدفيديف، أن التصريحات البولندية تعد مؤشرا على تطور خطر للغاية، وقال إن «طلب نشر الأسلحة النووية في بولندا يهدد عمليا بأمر أساسي، هو أن هذه الأسلحة سوف تستخدم بالفعل».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب ضوءاً أخضر أميركياً لشن ضربات أعمق في روسيا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)

زيلينسكي يطلب ضوءاً أخضر أميركياً لشن ضربات أعمق في روسيا

كثف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الضغوط على الولايات المتحدة للسماح لكييف بالتوغل في عمق الأراضي الروسية، بعد أن التقى ممثلوه بمسؤولين أميركيين كبار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرها حساب حاكم منطقة ساراتوف لمبنى تضرر إثر هجوم بمسيرات أوكرانية الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

موسكو تعلن إحباط هجوم «ضخم» بمسيّرات في غرب روسيا

أعلنت روسيا، صباح اليوم، أنها أحبطت هجمات ليلية جديدة بطائرات من دون طيار، بينها هجوم «ضخم» في منطقة بريانسك المتاخمة للحدود مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

بات القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء الدينوف وجهاً مألوفاً للروس على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يطل عليهم معتمراً خوذة أو قبعة عسكرية ليقدم أخباراً إيجابية.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا روسيا تواصل هجومها على خاركيف (إ.ب.أ)

مقتل اثنين في هجوم روسي بالقنابل على منطقة خاركيف الأوكرانية

قال حاكم منطقة خاركيف الأوكرانية إن مدنيين قتلا وأصيب 8 آخرون، اليوم (السبت)، في هجوم روسي بالقنابل على إحدى قرى المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مجندون روسيون جرى استدعاؤهم للخدمة العسكرية وسط الصراع المستمر مع أوكرانيا (رويترز)

موقع مستقل يُحدد هويات أكثر من 66 ألف جندي روسي قُتلوا في أوكرانيا

أعلن موقع روسي مستقل، السبت، أنه تمكّن من تحديد هويات أكثر من 66 ألف جندي روسي قُتلوا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

«الشرق الأوسط» (وارسو)

زيلينسكي يطلب ضوءاً أخضر أميركياً لشن ضربات أعمق في روسيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)
TT

زيلينسكي يطلب ضوءاً أخضر أميركياً لشن ضربات أعمق في روسيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس (آب) 2023 (أ.ب)

كثف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الضغوط على الولايات المتحدة، للسماح لكييف بالتوغل في عمق الأراضي الروسية، بعد أن التقى ممثلوه بمسؤولين أميركيين كبار في واشنطن السبت.

وقدمت واشنطن لأوكرانيا مساعدات عسكرية بقيمة أكثر من 50 مليار دولار منذ عام 2022، لكنها قصرت استخدام أسلحتها على الأراضي الأوكرانية والعمليات الدفاعية عبر الحدود.

وقال زيلينسكي، في خطابه المصور المسائي: «تطهير سماء أوكرانيا من القنابل الجوية الروسية الموجهة خطوة قوية لإجبار روسيا على السعي إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام العادل».

وأضاف في نداء وجهه إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا: «نحن بحاجة إلى القدرات اللازمة لحماية أوكرانيا والأوكرانيين بشكل حقيقي وكامل».

وتابع، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء: «نحن بحاجة إلى كل من الموافقات للقدرات طويلة المدى، وكذلك قذائفكم وصواريخكم طويلة المدى».

وأكد، دون ذكر تفاصيل، أن ممثليه «قدموا كل التفاصيل اللازمة» لشركاء أوكرانيا.

وقال وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف، الموجود في واشنطن مع وفد للقاء مسؤولين وخبراء أميركيين، يومي الجمعة والسبت، في مقابلة بثتها شبكة «سي إن إن»، إن كييف أظهرت أن المطارات الروسية المستخدمة لقصف المدن الأوكرانية كانت في مرمى الضربات العميقة.

وأضاف أوميروف، في المقابلة التي أجريت في وقت متأخر الجمعة: «لقد أوضحنا نوع القدرات التي نحتاجها لحماية المواطنين ضد الإرهاب الروسي، لذا آمل في أن نجد آذاناً صاغية».

ومن المتوقع أن يقدم زيلينسكي نداء مماثلاً شخصياً الشهر المقبل، عندما يقدم خطة للنصر إلى الرئيس الأميركي جو بايدن قرب نهاية فترة وجوده في البيت الأبيض، كما سيحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقالت وزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو، التي ترأست وفد كييف، في منشور على موقع «إكس»، إنها ناقشت الخطوات اللازمة لاستعادة نظام الطاقة في أوكرانيا، بما في ذلك «مساهمة كبيرة» من خلال حزمة تمويل قطاع الطاقة بقيمة 800 مليون دولار والتي تم الإعلان عنها في يونيو (حزيران). وأضافت أن الضربات الجوية الروسية أثرت على أكثر من نصف البنية التحتية للكهرباء في أوكرانيا.