مع تنامي دور «الدرونز»... هل عفا الزمن على الدبابات في حروب القرن الـ21؟

«أبرامز» تُعرف بأنها الدبابة التي يصعب القضاء عليها (رويترز)
«أبرامز» تُعرف بأنها الدبابة التي يصعب القضاء عليها (رويترز)
TT

مع تنامي دور «الدرونز»... هل عفا الزمن على الدبابات في حروب القرن الـ21؟

«أبرامز» تُعرف بأنها الدبابة التي يصعب القضاء عليها (رويترز)
«أبرامز» تُعرف بأنها الدبابة التي يصعب القضاء عليها (رويترز)

بدأت حرب الطائرات من دون طيار في أوكرانيا، وأحدثت تحولاً في حروب القرن الحادي والعشرين من خلال تكبيد خسائر مميتة لواحدة من أقوى رموز القوة العسكرية الأميركية، وهي الدبابات، ما يدعو إلى إعادة التفكير بكيفية استخدامها في الصراعات المستقبلية، بحسب تقرير لصحيفة «ورك تايمز».

وقال مسؤول أميركي كبير إنه خلال الشهرين الماضيين، تمكنت القوات الروسية من تدمير 5 من أصل 31 دبابة أميركية الصنع من طراز «أبرامز إم 1» أرسلها «البنتاغون» إلى أوكرانيا في الخريف الماضي.

وأشار الكولونيل ماركوس ريزنر، المدرب العسكري النمساوي الذي يتابع عن كثب كيفية استخدام الأسلحة وفقدانها في حرب أوكرانيا، إلى أن ثلاث دبابات أخرى على الأقل تعرضت لأضرار متوسطة منذ إرسالها إلى الخطوط الأمامية في وقت مبكر من هذا العام.

وهذا جزء صغير من 796 دبابة قتالية رئيسية في أوكرانيا تم تدميرها أو الاستيلاء عليها أو التخلي عنها منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022، وفقاً لموقع «Oryx» العسكري الذي يحسب الخسائر بناءً على الأدلة المرئية.

والغالبية العظمى من هذه الدبابات تعود إلى الحقبة السوفياتية أو الروسية أو الأوكرانية الصنع. وتظهر بيانات «أوريكس» أن روسيا فقدت حتى الآن أكثر من 2900 دبابة، على الرغم من أن أوكرانيا تدعي أن العدد يتجاوز 7000 دبابة.

ووفق «أوريكس»، فإن دبابات «ليوبارد» الألمانية تم استهدافها أيضاً في أوكرانيا؛ إذ تم تدمير 30 دبابة على الأقل. لكن يُنظر إلى دبابات «أبرامز» على نطاق واسع على أنها واحدة من أقوى الدبابات في العالم.

وأشار كان كاسابوغلو، محلل شؤون الدفاع في معهد هدسون في واشنطن، إلى أن سهولة القضاء عليها عن طريق تفجير طائرات من دون طيار أكثر مما توقع بعض المسؤولين والخبراء في البداية.

ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب الأميركي في نهاية هذا الأسبوع على حزمة مساعدات بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا تشمل أسلحة دفاعية تشتد الحاجة إليها. وفيما يلي نظرة على سبب أهمية الدبابات:

دبابات «أبرامز» هي الأفضل في العالم (us army)

الدبابات ليست منيعة

على الرغم من قوتها، فإن الدبابات ليست منيعة، وهي أكثر عرضة للخطر؛ إذ يكون درعها الثقيلة هي الأرق، وهي موجودة في الأعلى (كتلة المحرك الخلفي والمسافة بين الهيكل والبرج). لسنوات، تم استهداف الدبابات بشكل رئيسي بالألغام الأرضية والأجهزة المتفجرة المرتجلة والقذائف الصاروخية والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، مثل أنظمة إطلاق النار من الكتف.

وقد تم استخدامها على نطاق واسع في وقت مبكر من حرب أوكرانيا؛ لأنها كانت قادرة على ضرب الدبابات من الأعلى بنسبة تصل إلى 90 في المائة في بعض الأحيان.

والطائرات من دون طيار التي تُستخدم الآن ضد الدبابات في أوكرانيا أكثر دقة. تُعرف باسم «FPVs»، وهي مجهزة بكاميرا تقوم ببث الصور في الوقت الفعلي إلى وحدة التحكم الخاصة بها، والتي يمكنها توجيهها لضرب الدبابات في نقاط الضعف.

تكلفة الطائرة من دون طيار مقابل الدبابة

وقال رايزنر إنه في العديد من الحالات، تم إرسال مسيرات «FPV» للقضاء على الدبابات التي تضررت بالفعل بسبب الألغام أو الصواريخ المضادة للدبابات، بحيث لا يمكن استعادتها من ساحة المعركة وإصلاحها.

واعتماداً على حجمها وتطورها التكنولوجي، يمكن أن تكلف الطائرات من دون طيار ما يصل إلى 500 دولار، وهو رقم صغير «تافه» وفقاً للصحيفة، مقابل تدمير دبابة «أبرامز» بقيمة 10 ملايين دولار.

وأوضح رايزنر أن بعضها يستطيع حمل ذخائر لتعزيز تأثير انفجارها. وأضاف أن هذه يمكن أن تكون قذائف صاروخية أو رؤوساً حربية ذاتية التشكيل تُعرف باسم المتفجرات الخارقة للدروع والتي استُخدمت على نطاق واسع في القنابل المزروعة على الطرق خلال الحرب في العراق.

لا توجد طريقة سهلة أو واحدة للدفاع

في نوفمبر (تشرين الثاني)، في غضون أسابيع من تسلم دبابات «أبرامز»، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «من الصعب بالنسبة لي أن أقول إنها تلعب الدور الأكثر أهمية في ساحة المعركة؛ لأن عددها قليل جداً».

ويعتقد بعض المسؤولين والخبراء أن القادة الأوكرانيين خططوا لإنقاذ دبابات «أبرامز» للقيام بعمليات هجومية مستقبلية في العام المقبل ولم يرسلوها إلى الخطوط الأمامية؛ إذ خاطروا بخسارة عدد قليل منها فقط. وبدلاً من ذلك، انتشرت الدبابات في وقت مبكر من هذا العام مع «اللواء الميكانيكي 47» الذي دربته الولايات المتحدة وجهزته في إطار سعي أوكرانيا للحفاظ على سيطرتها على أفدييفكا، وهي معقل في منطقة دونباس الشرقية التي سقطت في أيدي القوات الروسية في فبراير الماضي، ولكنها فشلت.

تدريب على الدبابة الأميركية «أبرامز» (رويترز)

وقال ريزنر إن الطائرات من دون طيار، التي من المحتمل أن تشمل طائرات «FPV»، ربما كانت قادرة على مهاجمة دبابات «أبرامز»؛ لأن «اللواء 47» لا يبدو أنه يتمتع بحماية أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى مثل مدافع «جيبارد» ذاتية الدفع ذات التصميم الألماني والتي تساعد بحماية كييف.

يمكن إيقاف طائرات «FPV» باستخدام أجهزة التشويش التي تعطل اتصالها بالطيار البعيد. وقد تم استخدام البنادق، وحتى شباك الصيد البسيطة، لتدمير أو اصطياد بعضها في ساحات القتال في أوكرانيا.

وقال مايكل كوفمان، وهو زميل في مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي في واشنطن: «في هذه المرحلة، فإن أكثر الوسائل فاعلية المستخدمة لهزيمة طائرات (FPV) هي الحرب الإلكترونية وأنواع مختلفة من الحماية السلبية»، بما في ذلك الدروع الإضافية وأنواع أخرى من التدريع على الدبابات.

وأوضح أن «هزيمة طائرات (FPV) تتطلب نهجاً مخصصاً في ساحة المعركة، والقوات الأوكرانية أصبحت أكثر مهارة في ذلك». لكن ريزنر لفت إلى أن أوكرانيا كانت بحاجة ماسة إلى الدفاعات الجوية لدرجة أنها تحرم الدبابات من الحماية الكاملة عن طريق إرسال صواريخ «جيبارد» أو غيرها من الأسلحة المضادة للمسيرات قصيرة المدى والتي يتم نشرها تقليدياً في الخطوط الأمامية لحماية المدن والبنية التحتية الحيوية بدلاً من ذلك.

 

أشعة الليزر لحرق المسيّرات بالطاقة

وفي هذا المجال، قال ديفيد إم فان ويل، مساعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي لشؤون الحروب الناشئة، إن بعض الجيوش تختبر بالفعل أشعة الليزر التي يمكن أن تدمر الطائرات من دون طيار عند الهجوم، عن طريق حرقها بالطاقة.

ومن المرجح أن تكون أسلحة الطاقة الموجهة هذه أرخص وأكثر إمداداً من الأنواع الأخرى من الذخيرة، وستكون قادرة على ضرب أهداف صغيرة مثل طائرات «FPV». ولكن، كما هو الحال مع جميع الحروب الناشئة، فهي مسألة وقت فقط قبل أن يتم اختراع تدابير مضادة لنزع فتيل حتى أسلحة الليزر، وفقاً لفان ويل.

 

هل عفا الزمن على الدبابات؟

بحسب ريزنر، فإن المهندسين العسكريين سعوا إلى إيجاد طرق جديدة لتدمير الدبابات التي تستخدم في ساحة المعركة، وقال: «إذا كنت تريد الاستيلاء على الأرض، فأنت بحاجة إلى دبابة». لكنه أضاف أن مسيرات «FPV» كانت جزءاً أساسياً مما يعتقد بعض المحللين أنه سيقود الحرب المستقبلية تحت الأرض؛ إذ تقاتلها الأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بعد على السطح. في هذه الظروف، يقوم الجنود بتوجيه أنظمة الأسلحة من المخابئ القريبة تحت الأرض لضمان قدرتهم على الحفاظ على خطوط الرؤية والتردد اللاسلكي فوق الأسلحة.

وقال الكولونيل ريزنر إن مثل هذه المعارك البرية يمكن أن تضع إلى حد كبير طائرات من دون طيار من منظور الشخص الأول ضد طائرات برية من دون طيار، وأضاف: «سوف يقاتلون بعضهم كما هو الحال في فيلم (The Terminator)».


مقالات ذات صلة

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)
القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)
TT

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)
القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

قال مدونون موالون لروسيا ووسائل إعلام روسية، إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إقصاء القادة غير الأكفاء.

وقبل حلول فصل الشتاء، تقدمت القوات الروسية بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022، رغم أن التقدم جاء أبطأ بكثير في بعض المناطق، خصوصاً حول سيفيرسك في منطقة دونيتسك بالشرق.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر لم تحددها قولها إن الكولونيل جنرال غينادي أناشكين، قائد الجيش في المنطقة الجنوبية، أقيل من منصبه. لكن لم يصدر بعد تأكيد رسمي.

الكولونيل جنرال غينادي أناشكين (أرشيفية)

وشكا مدونون روس معنيون بالحرب منذ فترة طويلة، من طريقة قيادة العمليات حول سيفيرسك، إذ قالوا إن الوحدات الروسية هناك يزج بها في معارك طاحنة دون دعم مناسب مقابل، ما بدا أنها مكاسب تكتيكية ضئيلة.

وقال ريبار، وهو مدون مؤيد لروسيا يحظى باحترام، على «تلغرام»: «فقط الكسالى لم يكتبوا عن المشاكل هناك... بشكل عام، استغرق الأمر من النظام نحو شهرين حتى يستجيب للأمر بالشكل المناسب».

وقال ريبار: «أقيل أناشكين من منصبه بسبب تقارير كاذبة عن جبهة سيفيرسك»، مستخدماً الاسم الذي تطلقه روسيا على المنطقة. وقال مراسل حربي للتلفزيون الروسي الحكومي أيضاً، إن أناشكين أقيل من منصبه.

ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب من «رويترز» للتعليق. ولم تتمكن الوكالة من الوصول إلى أناشكين للتعليق بسبب الوضع الأمني ​​داخل روسيا. كما لم تتمكن «رويترز» من التحقق من التقارير.

وإذا تمكنت روسيا من السيطرة على منطقة سيفيرسك، فيمكنها بعد ذلك التقدم نحو كراماتورسك وهي مدينة رئيسة في المنطقة.

ونقلت صحيفة «آر بي سي» الروسية عن مصدر لم تذكر اسمه في وزارة الدفاع، قوله إن أناشكين نُقل ضمن عمليات «تغيير مناصب مخططة» للقادة.

وفي تقاريره عن تغيير القيادات، نقل المدون الحربي البارز المؤيد لروسيا يوري بودولياكا عن وزير الدفاع بيلوسوف قوله: «يمكن أن ترتكب الأخطاء لكن الكذب مرفوض».