القمة الأوروبية الاستثنائية... تشديد اللهجة ضد إسرائيل وتوسيع عقوبات طهران

رئيس الوزراء الإسباني لـ«الشرق الأوسط»: التطورات الأخيرة زادت من خطر اتساع رقعة المواجهة على الجبهة اللبنانية

قادة الاتحاد الأوروبي يلتقطون صورة تذكارية على هامش قمة بروكسل اليوم (أ.ف.ب)
قادة الاتحاد الأوروبي يلتقطون صورة تذكارية على هامش قمة بروكسل اليوم (أ.ف.ب)
TT

القمة الأوروبية الاستثنائية... تشديد اللهجة ضد إسرائيل وتوسيع عقوبات طهران

قادة الاتحاد الأوروبي يلتقطون صورة تذكارية على هامش قمة بروكسل اليوم (أ.ف.ب)
قادة الاتحاد الأوروبي يلتقطون صورة تذكارية على هامش قمة بروكسل اليوم (أ.ف.ب)

بالتزامن مع الاتفاق الذي توصلت إليه القمة الأوروبية الاستثنائية في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء لتوسيع دائرة العقوبات المفروضة على إيران بسبب من الهجوم الذي شنته منذ أيام على إسرائيل، شدّد الاتحاد الأوروبي لهجته الموجهة إلى تل أبيب، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزّة، وعدم الرد على الهجوم الإيراني، منعاً لتوسيع المواجهة الدائرة في المنطقة.

وقد اكتفى القادة الأوروبيون حتى الآن بمطالبة إسرائيل بهدنة إنسانية فورية تمهّد لوقف مستدام لإطلاق النار، وذلك بسبب المعارضة الشديدة من جانب النمسا، والجمهورية التشيكية اللتين كانتا تعتبران أن المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار هو بمثابة تشكيك في حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.

لكن بعد مناقشات طويلة انتقل الاتحاد الأوروبي إلى «خطاب مختلف»، كما قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو الذي أعرب عن ارتياحه للتوافق الأوروبي حول المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار للمرة الأولى منذ اندلاع المعارك في غزة قبل ستة أشهر، مستنداً بذلك إلى القرار الذي صدر الأسبوع الماضي عن مجلس الأمن الدولي، والذي يطالب أيضاً بوقف فوري لإطلاق النار.

وكان من المقرر تخصيص هذه القمة الاستثنائية للشأن الاقتصادي، لكن تدهور الوضع في المنطقة في أعقاب استهداف إسرائيل لمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، والرد الإيراني السبت الماضي على ذلك الاستهداف، وتقرر تعديل جدول أعمال القمة التي سيتضمن بيانها الختامي «مطالبة إيران وممثليها في المنطقة وقف كل الأعمال الهجومية، ودعوة جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات الاعتدال، والامتناع عن أي أنشطة من شأنها زيادة التوتر في المنطقة».

ودعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى «عزل» إيران التي قال «إنها تشكّل تهديداً، ليس فحسب على إسرائيل، بل أيضاً على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».

وفيما كان وزيرا الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، ونظيرته الألمانية آنالينا بيربوك يسعيان في إسرائيل لاحتواء الرد على إيران، كان المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي تعتبر بلاده الحليف الأقوى لإسرائيل في الاتحاد، يعرب عن ارتياحه لكون إسرائيل قد تمكنت من صدّ الهجوم الإيراني بمساعدة حلفائها وأصدقائها، ويقول «هؤلاء الحلفاء والأصدقاء هم الذين يطلبون من إسرائيل الآن أن تتحلى بضبط النفس، لأن الرد بهجوم آخر لن يكون خطوة ذكية».

وكان المستشار الألماني قد شدّد في نهاية جلسة أمس من أعمال القمة على أهمية انتهاز هذه اللحظة «من أجل تخفيف حدة التصعيد، وأن تبني إسرائيل على هذا النجاح لتعزيز موقعها في المنطقة، عوضاً عن الرد بهجوم كثيف على إيران». وقال شولتس إن هذا التوجه يحظى بتأييد جميع القادة الأوروبيين، وعدد كبير من الزعماء الدوليين الذين تواصل معهم.

ومن جهته قال المستشار النمساوي كارل نيهامير، وهو من أشدّ المدافعين عن الموقف الإسرائيلي في الاتحاد، إن «الهجوم الإيراني يشكّل نقطة تحوّل جذرية تضعنا أمام تحديات أمنية جديدة، لكن كل الجهود الآن يجب أن تنصبّ على احتواء النزاع ومنع اشتعال المنطقة بكاملها».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» على هامش القمة قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إن خطر اتساع رقعة المواجهة على الجبهة اللبنانية الذي تزايد في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة كان موضع محادثات مكثفة، واتصالات أجراها القادة الأوروبيون لاحتواء التوتر الذي تفاقم على هذه الجبهة. وأكّد سانشيز أنه سيجري محادثات مع عدد من نظرائه الأوروبيين حول عزم حكومته الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن مدريد لا تزال على موقفها الذي لم يتغيّر من التصعيد الأخير، بل أصبح خطوة أكثر إلحاحاً نحو التهدئة.

إلى جانب ذلك، اتفق القادة الأوروبيون على فرض عقوبات إضافية على إيران، للحد من قدراتها على صناعة المسيّرات، والصواريخ، لكنهم أحجموا عن إعلان «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية كما كانت تطالب بعض الدول الأعضاء وإسرائيل، حيث إن غالبية البلدان، ومنها ألمانيا، قالت إن شكوكاً تساورها حول صواب هذه الخطوة، وطلبوا إجراء دراسة قانونية قبل بتّها. وكان رئيس الوزراء البلجيكي قد دعا إلى الاكتفاء في هذه المرحلة بإدراج «الحرس الثوي» الإيراني على لائحة العقوبات.


مقالات ذات صلة

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

ألمانيا تحذر من خطر «أسطول الظل» الروسي

دقت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ناقوس الخطر بشأن ما يسمى «أسطول الظل» الروسي، داعية إلى فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين )
المشرق العربي «قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)

قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

وقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني السوري» وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» على محور سد تشرين بريف حلب الشرقي أسفرت عن قتلى مصابين من الجانبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

توعَّد الاتحاد الأوروبي بفرض مزيد من العقوبات على السفن الروسية بعد فتح هلسنكي تحقيقاً بتخريب ناقلة نفط أبحرت من روسيا كابلاً كهربائياً يصل بين فنلندا وإستونيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي طفل سوري يقف تحت صورة عملاقة للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد مطلية بالعَلم الجديد في دمشق الخميس (أ.ب) play-circle 01:00

اعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا

وجَّه وزير الخارجية الروسي رسائل عدة حول مواقف بلاده تجاه التغييرات في سوريا، توحي باعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا، ولم يتطرق إلى وجود الرئيس المخلوع.

رائد جبر (موسكو)

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين اليوم (الخارجية الإيرانية)
مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين اليوم (الخارجية الإيرانية)
TT

الصين وإيران: الشرق الأوسط ليس ساحة تنافس جيوسياسي

مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين اليوم (الخارجية الإيرانية)
مشاورات وانغ يي وعراقجي في بكين اليوم (الخارجية الإيرانية)

اتفق كبار الدبلوماسيين في الصين وإيران السبت على أن الشرق الأوسط «ليس ساحة معركة للقوى الكبرى»، ولا ينبغي أن يكون ساحة للمنافسة الجيوسياسية بين الدول من خارج المنطقة.

وشدد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ونظيره الإيراني عباس عراقجي، خلال مشاورتهما في بكين، على ضرورة أن يحترم «المجتمع الدولي سيادة دول الشرق الأوسط وأمنها واستقرارها ووحدتها وسلامة أراضيها»، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية.

وتعد هذه أول زيارة يقوم بها عراقجي إلى بكين منذ تعيينه وزيراً لخارجية إيران في أغسطس (آب) الماضي.

ورأى الوزيران وفق المصدر نفسه أن «الشرق الأوسط ليس ساحة معركة للقوى الكبرى، وينبغي ألا يكون ضحية للتنافس الجيوسياسي والنزاعات بين دول تقع خارج المنطقة».

وأكد الشريكان التجاريان الكبيران على الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتنفيذ وقف إطلاق النار بشكل مناسب في لبنان، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفيما يتصل بالتطورات في سوريا، دعا الوزيران إلى العمل من أجل «مكافحة الإرهاب و(تحقيق) المصالحة و(تعزيز) العمليات الإنسانية».

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الجانبين أكدا على إرادة قادة البلدين لتعزيز وتطوير العلاقات الاستراتيجية بينهما.

وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أن مشاورات وانغ يي وعراقجي، تناولت آخر مستجدات العلاقات في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والنقل، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي وتوسيع التعاون في إطار برنامج التعاون الشامل بين البلدين.

والصين وإيران كانتا داعمتين للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وبكين هي أكبر شريك تجاري لإيران ومشترٍ رئيس لنفطها.

وبالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني، قالت الخارجية الصينية إثر اجتماع السبت إن بكين «تدعم إيران بقوة لجهة حماية حقوقها ومصالحها المشروعة».

وقال وانغ يي إن «الصين تعارض الاستخدام المتكرر للعقوبات والضغوط، وتدعم إيران بقوة في حماية حقوقها ومصالحها المشروعة».

وحضّ وانغ يي الجانب الإيراني على مواصلة دعم بعضهما في القضايا التي تمسّ مصالحهما الأساسية، ودفع التعاون العملي على نحو مطرد.