نادين جابر لـ«الشرق الأوسط»: لم أخترع أي عادة متخلِّفة بمسلسل «ع أمل»

تردُّ على التماهي مع دورَي المذيعتَين رضوى الشربيني وياسمين عزّ

نادين جابر لم تخترع عادات المسلسل المتخلِّفة (إنستغرام)
نادين جابر لم تخترع عادات المسلسل المتخلِّفة (إنستغرام)
TT

نادين جابر لـ«الشرق الأوسط»: لم أخترع أي عادة متخلِّفة بمسلسل «ع أمل»

نادين جابر لم تخترع عادات المسلسل المتخلِّفة (إنستغرام)
نادين جابر لم تخترع عادات المسلسل المتخلِّفة (إنستغرام)

جدلٌ كبير أثاره مسلسل «ع أمل» الرمضاني، لأحداثه المرتكزة على عادات وتقاليد متخلِّفة. فالقصة تتناول جرائم الشرف والعنف الأسري، كما عادات بالية لا يعلم جميع اللبنانيين أنها لا تزال حاضرة في بعض المجتمعات المُغلقة. كاتبته نادين جابر حبكت القصة بتوليفة جاذبة، وانطلقت بها من عائلة «آل حلم» التي تعيش في قرية نائية (ضيعة كفر حلم)، ويتحكّم بمصيرها أحد أبنائها، «سيف» (عمار شلق). وبأسلوب ورثه عن والده، يمحي وجود المرأة ويسلبها حقوقها، مطبّقاً مبادئه من دون أن يرفّ له جفن.

نقاشات طويلة تشهدها الصالونات والجلسات العائلية في لبنان حول المسلسل، مما جعله يتصدّر «الترند» عبر وسائل التواصل. فبين اللبنانيين مَن يرفض الاعتراف بهذا الواقع، ومنهم آخرون يعدّونه مبالغة، وحجّتهم أننا لسنا في غابة من دون قوانين.

يخرج صوت نادين جابر بين تلك الأصوات لتؤكد أنّ القصة ليست حقيقية، ولكن بعض أحداثها كذلك. تقول: «لم أخترع أياً من العادات المتخلِّفة الواردة في العمل. بعضٌ يعيش حالة نكران، ولا يريد الاعتراف بأنّ هذه المجتمعات موجودة. ربما يقيم هؤلاء في العاصمة وضواحيها وحياتهم عادية بعيداً عن تلك القصص. ولكن الإحصاءات والدراسات ونشرات الأخبار، تُخبرنا العكس. حالات العنف الأسري تتكاثر، كما جرائم قتل النساء».

سيرينا الشامي جسَّدت دور «رهف» ببراعة (إنستغرام)

تُخبر جابر «الشرق الأوسط» بأنها جالست أشخاصاً ينتمون إلى قبائل وعشائر لبنانية، فأخبروها عن عادات وتقاليد قديمة في قراهم لا تزال سارية المفعول حتى اليوم. استنبطت من تلك القصص خطوط عملها، وفيه ذكرت عبارات لا يزالون يردّدونها بقناعة. فأصغر البنات في العائلة يجب ألا تتزوّج، ومهمّتها خدمة والديها.

والزوج يجب أن يعامل زوجته بقسوة وإلا عدَّه أهل القرية ناقصاً. وزواج «الخطيفة» ممنوع، ويُحلَّل قتل الفتاة التي تُقدِم عليه. ومقولة «العرض لك والدم لنا» قاعدة ذهبية يلتزمون بها.

تتابع: «لكل خطّ أتناوله، عشرات النماذج منه على الأرض. ما قمتُ به (علاج صدمة) ركنتُ إليه ليهزّ الناس والمسؤولين معاً. فربما هذه النماذج الدرامية تساعد في سنّ قوانين تضع حداً لجرائم الشرف والعنف الأسري».

بالفعل، وتزامناً مع عرض المسلسل، تقدّمت جمعية «كفى» لمناهضة العنف الأسري والنائبة اللبنانية بولا يعقوبيان، باقتراح قانون إلى مجلس النواب يرمي إلى حدّ هذه الممارسات. برأي جابر، ليست الدراما للتسلية والترفيه فقط، «بل يجب أن تعكس الواقع وتكون مرآته. نحن مُطالَبون بإدراجه في أعمالنا، وعندما نفعل ذلك، يتّهمونا بسرد قصص خيالية. الحياة ليست حكايات وردية فقط، هناك أخرى لونها أسود، وعلينا الإضاءة عليها».

المسلسل حرَّك الرأي العام وفرض التقدُّم باقتراح قانون يُناهض العنف الأسري (البوستر الرسمي)

يرتبط موضوع المسلسل ارتباطاً وثيقاً بمهنة الإعلام، فتُقدّمه جابر ضمن نموذجين مختلفين: الأول تُجسّده المذيعة «يسار» (ماغي بو غصن) المستميتة في الدفاع عن حقوق المرأة؛ والثاني تُجسّده المذيعة «تينا» (رنين مطر)، فتُطالب النساء بمعاملة رجالهن مثل «الفرعون». اشتمَّ المشاهد من هذين النموذجين استعارة جابر لشخصيتين إعلاميتين مشهورتين، هما المصريتان رضوى الشربيني وياسمين عزّ. تردّ: «قصدتُ الاستعارة، وسيتبيّن في النهاية مَن منهما على خطأ.

لا شكَّ أني استخدمتُ الجزء العملي من الشخصيتين لخدمة الفكرة. لا أعرفهما شخصياً، وأعطيت رأيي بصراحة بما قد تتسببان به حيال العلاقات الزوجية.

وسيكتشف المشاهد في النهاية أنّ أسلوب كل منهما قد ينتج عنه الغلط».

الغموض والتشويق يبلغان ذروتهما في «ع أمل» منذ حلقاته الأولى. وفي خواتيمه، ترتفع نسبة تصاعُد أحداثه بشكل يخطف الأنفاس. ولعلَّ الحلقة 25 كانت الأكثر تأثيراً، فتضمّنت أحداثاً ومواقف سريعة ومتتالية، فأثنى نقّاد ومشاهدون على قلم جابر الجدير بالتصفيق. فهي تنجح مرة جديدة في حَبْك قصة جاذبة بخطوطها وشخصياتها. كما تؤكد أنّ كل حلقة درامية تستغرق منها أسبوعاً كاملاً لكتابتها.

كل شخصية تركت أثرها لدى المُشاهد. فكما بديع أبو شقرا، وعمار شلق، ونقولا دانيال، كذلك إيلي متري، ونوال كامل، وسيرينا الشامي، وكارول عبود، وإلسا زغيب...

ماغي بو غصن وبديع أبو شقرا قدّما ثنائية متناغمة (إنستغرام)

عندما تكتب جابر، تتخيّل مَن هو الممثل الذي يجسّد الشخصية. مرّات تنجح في توقّعاتها، ومرّات، على خلفية الـ«كاستينغ»، يحصل العكس. لكنها اعترفت بأنّ شخصية «فرح» كتبتها كما ترغب لو رُزقت بابنة. توضح: «نادراً ما تتطرّق الدراما إلى علاقة سليمة بين أم وابنتها قوامها التفاهم. استشفيتُ الموضوع من علاقتي بابني الوحيد. وبالفعل تمنّيتُ لو رزقت بابنة مثلها لأطبّق معها هذه القاعدة. كتبتُ الدور من قلبي، ولم أجد أفضل من ماريلين نعمان لتجسيده، لتمتّعها بموهبتَي التمثيل والغناء، وامتلاكها مقوّمات إنجاح الشخصية».

حافظت جابر على بريقها كاتبة. ففي السنوات الماضية، حصدت النجاح عينه عن مسلسل «للموت» بأجزائه الثلاثة. ولكن كيف استطاعت إخراج ماغي بو غصن من عباءة شخصية «سحر»؟ تجيب: «الأمر لم يقتصر عليها فقط، إذ كان علي أيضاً التخلُّص من تأثير شخصياته. كان التحدّي كبيراً وتمكّنت من توليد شخصية جديدة لبو غصن لا تمتّ بصلة لشخصيتها السابقة. (سحر) قوية وتواجه بصلابة، بينما (يسار) لا تزال عالقة في ماضيها المكسور».

تركن جابر في العمل إلى مرض «متلازمة داون»، فتقدّمه بشخصية الشاب «نوح»، أحد أفراد عائلة «حلم». كما تطلّ على حالات الصمّ والبكم من خلال ابنة «يونس» (إيلي متري): «في هذين النموذجين أغمزُ من قناة زواج الأقارب بشكل غير مباشر. فمن العادات المتَّبعة بين عائلات القرى تزويج أولادها للأقرباء من الدرجة الأولى. هذه الزيجات ينتج عنها غالباً أولاد مصابون بهذه المتلازمة وبأمراض أخرى، لذا لا يفضّلها العلم بتاتاً». وتتطرّق إلى حديث جمع بو غصن والشاب جورج (نوح)، حين وعدته بالمشاركة في التمثيل تحقيقاً لرغبته، فتوضح: «كنت انتهيتُ من كتابة المسلسل عندما جرى اللقاء بينهما. وكنتُ أبحث عمَن يجسد الدور، فنادانا جورج ولفتنا لاختياره».

الغموض سينكشف في الحلقة الأخيرة، ومن المتوقَّع أن يتحوّل حقد الدكتور «نبال» (مهيار خضور) على «يسار» أملاً يصبّ في مجرى العدالة. فماذا تخبرنا عن النهاية؟ «هي نابعة من الواقع، وسنكتشف أنّ (نبال) هو ضحية امرأة، وحقده على (يسار) يأتي من تأثيرها سلباً في علاقته بزوجته وفقدانه ابنتَيه. شئتُ ربط المسلسل بإشكالية الإعلام ومواقع التواصل، فالمشاهير أيضاً يعانون، وحياتهم الخاصة يجب ألا تكون مُستباحة. ومَن ينظر أبعد من برنامج ومذيعة، سيفكّ الألغاز ويكتشف النهاية».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

علماء يُثبتون قدرة خلايا القلب على التَّجدد

قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
TT

علماء يُثبتون قدرة خلايا القلب على التَّجدد

قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)

أثبتَ فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة أريزونا الأميركية قدرة خلايا عضلة القلب على التّجدد لدى بعض مرضى قصور القلب الذين يعتمدون على القلوب الاصطناعية.

وأوضح الباحثون أن دراستهم تُغيّر المفهوم السائد منذ عقود بأن خلايا القلب لا تستطيع التّجدد، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية (Circulation).

وقُصور القلب، أو فشل القلب، هو حالة مُزمنة يعجز فيها القلب عن ضخ الدم بكفاءة كافية لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمغذيات. يحدث ذلك نتيجة ضعفٍ أو تصلُّبٍ في عضلة القلب، مما يؤدي إلى تراجع وظيفتها. يُصنّف قُصور القلب واحداً من أبرز تحدّيات الطّب الحديث، إذ يؤثر على نحو 30 مليون شخصٍ عالمياً، بما في ذلك نحو 7 ملايين بالغٍ في الولايات المتحدة، وفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وعلى الرغم من أن الأدوية والعلاجات المُتاحة تُساعد في تخفيف الأعراض وإبطاء تقدّم المرض، فإن العلاجات المتاحة للحالات المتقدمة تقتصر على زراعة القلب أو استخدام مضخّات اصطناعية مثل جهاز دعم البطين الأيسر لتقوية ضخِّ الدم.

وتشير الأبحاث إلى أن قدرة خلايا عضلة القلب على التّجدد بعد الأزمات القلبية تُعد محدودة للغاية، على عكس أنسجة أخرى في الجسم مثل الجلد أو الكبد. وعند تعرض القلب لضررٍ، تتعرض الخلايا للتلف ويُستبدل بها غالباً نسيجٌ ليفي غير قادرٍ على الانقباض أو المساهمة في ضخِّ الدم.

ويرجع ذلك إلى أن خلايا القلب العضلية تتوقف عن الانقسام الطبيعي بعد الولادة، وتُكرِّس وظيفتها لضخِّ الدم بشكل مستمر، مما يُضعف قدرتها على التّجدد.

لكن الدراسة أظهرت أن نحو 25 في المائة من المرضى الذين يعتمدون على القلوب الاصطناعية تمكّنوا من تجديد خلايا عضلة القلب بمعدل يفوق 6 أضعاف المعدل الطبيعي للقلوب السليمة.

وفسَّر الباحثون ذلك بأن الأجهزة الاصطناعية مثل جهاز دعم البطين الأيسر، تُخفّف العبء عن القلب وتمنحه «راحة» من ضخِّ الدّم، مما يُتيح للأنسجة القلبية فرصة للتّجدد.

وقال الدكتور هشام صادق، الباحث الرئيسي للدراسة ورئيس أقسام القلب في جامعة أريزونا، إن هذه النتائج تُقدّم أقوى دليلٍ حتى الآن على أن عضلة القلب البشرية قادرة على التّجدد.

وأضاف عبر موقع الجامعة أن «عدم قدرة القلب على الراحة المستمرة بعد الولادة هو العامل الأساسي الذي يُفقد خلايا القلب هذه القدرة الطبيعية».

وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج تُمثّل خطوةً كبيرة نحو فهمٍ أعمقَ لقدرة القلب البشري على التّجدد، مما يفتح الباب لتطوير علاجات جذرية تستهدف تعزيز هذه القدرة بدلاً من الاكتفاء بإبطاء تقدم المرض. كما يهدف الباحثون إلى تحديد العوامل التي تُمكّن ربع المرضى فقط، من تجديد خلايا القلب بمعدلات مرتفعة، لتحسين هذه القدرة لدى المزيد من المرضى.