حرب غزة: بايدن يواجه غضب المسلمين والعرب الأميركيين

مسؤولون يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن مقاطعتهم للرئيس الديمقراطي

متظاهرون يدعون إلى وقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض في 2 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
متظاهرون يدعون إلى وقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض في 2 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
TT

حرب غزة: بايدن يواجه غضب المسلمين والعرب الأميركيين

متظاهرون يدعون إلى وقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض في 2 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
متظاهرون يدعون إلى وقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض في 2 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن سخط عدد متزايد من الناخبين الغاضبين من تعامله مع ملف حرب غزة. ورغم مساعي الإدارة للتقرب من الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة واسترضائها، فإن هذه المحاولات اصطدمت بحائط مسدود إثر دعوة البيت الأبيض لعدد من الممثلين عن هذه الجالية لحضور حفل إفطار مع الرئيس الأميركي. دعوة قوبلت برفض عدد منهم الحضور، احتجاجاً على سياسة بايدن تجاه إسرائيل ليتحول حفل الإفطار إلى اجتماع مغلق مع الرئيس الأميركي، بحضور عدد مصغر من الأشخاص الذين لبّوا الدعوة.

مظاهرات خارج مبنى الكونغرس بواشنطن تدعو لوقف إطلاق النار في غزة 18 أكتوبر (أ.ب)

مقاطعة ومطالب

من هؤلاء المحتجين وائل الزيات، المدير التنفيذي لمنظمة «إيمغايج» المعنية بتنسيق جهود الناخبين الأميركيين المسلمين والمستشار السابق للمندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أسباب مقاطعته حفل الإفطار وخلفياتها. وقال الزيات إن البيت الأبيض دعاه لحضور حفل إفطار مع مجموعة صغيرة من المسلمين الأميركيين، لكنه رفض الحضور؛ «لأن عقد حفل إفطار فيما يعيش الفلسطينيون مجاعة هو أمر غير مناسب أبداً». ويقول الزيات إن البيت الأبيض حينها غيّر من مقاربته، فعرض تحويل الإفطار إلى اجتماع مع ممثلين عن الأميركيين المسلمين، لكنه رفض الحضور كذلك مشيراً إلى أن سرعة ترتيب الاجتماع تعني أنه «لم تكن هناك ترتيبات كافية، ولا تخطيط وافٍ لعقد اجتماع بنّاء، يتطرق إلى السياسات».

ودعا الزيات البيت الأبيض إلى «السماح لمجموعات المجتمع المسلم باختيار الممثلين عنهم»، مضيفاً: «من إحدى المشاكل التي نواجهها باستمرار هي أن البيت الأبيض هو الذي يحدد الأشخاص الذين يريد لقاءهم... ونحن بحاجة إلى تمثيل أفضل يتم اختياره من قبل المجتمع المسلم. كما يجب وضع جدول أعمال وتحديد التوقعات بخصوص ما سيدور الحديث عنه، وما هي الإمكانيات المطروحة».

وشدّد الزيات على أنه لا يريد المشاركة في اجتماع لهدف ترويجي فحسب، قائلاً عن السياسة الأميركية حيال حرب غزة إن «السياسة لا تتغير، وقد مضى ستة أشهر. نحن في الواقع ندور في حلقة مفرغة».

الزيات لم يكن المسؤول الوحيد الذي رفض لقاء بايدن، فقد سبقه في قرار من هذا النوع مسؤولون من العرب الأميركيين في ولاية ميشيغان، منهم سام بيضون وهو مسؤول ديمقراطي في مقاطعة واين في الولاية. بيضون وجّه خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» انتقادات لاذعة للبيت الأبيض بسبب دعوته للمسلمين الأميركيين لحفل إفطار، «في وقت لا تزال فيه حرب الإبادة الجماعية مستمرّة ضد الفلسطينيين، ومن دون أي وقف لإطلاق النار». وأضاف بيضون: «أنا متفاجئ أنهم فكّروا حتى في دعوة أشخاص إلى البيت الأبيض لتناول الطعام، فيما يتضور الفلسطينيون جوعاً».

وتحدّث بيضون عن رفضه لقاء مسؤولين في إدارة بايدن لدى زيارتهم ميشيغان، قائلاً: «أرفض لقاء أي شخص في إدارة بايدن، رغم أني أؤمن بالحوار. لكن يبدو أن دعواتنا لوقف إطلاق النار لا تلقى آذاناً مصغية. وإلى أن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار واحترام لإنسانية الشعب الفلسطيني، ليس هناك أي شيء للحديث عنه».

شروط يتفق معها الزيات الذي عدّد لائحة من المطالب التي يجب على إدارة بايدن الالتزام بها. وقال: «أولاً، يجب أن يكون هناك وقف فوري ودائم لإطلاق النار. ثانياً، إيصال المساعدات الإنسانية. ثالثاً، نحتاج إلى إعادة تفعيل (الأونروا) واستئناف تمويلها الذي يعد قطعه كارثياً. ورابعاً، وهذا الأهم، إذا لم يتم التوقف عن استهداف المدنيين والحرص على إيصال المساعدات ووقف إطلاق النار، فعلى الولايات المتحدة أن تضع شروطاً على المساعدات لإسرائيل، وأن تُعلّق تسليم الأسلحة الهجومية».

بايدن ونتنياهو في تل أبيب في 18 أكتوبر 2023 (رويترز)

انتقادات وصفقات أسلحة

ويوجّه المعارضون لسياسة بايدن تجاه إسرائيل انتقادات لاذعة بخصوص الاستمرار في تزويد تل أبيب بالأسلحة والمساعدات العسكرية، رغم عدم التوافق العلني بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما تحدث عنه بيضون الذي قال بلهجة غاضبة: «كيف يمكن أن يستمع (نتنياهو) إلى الإدارة إذا كافأته بصفقة أسلحة جديدة؟!»، وذلك في إشارة إلى صفقة الأسلحة المرتقبة مع إسرائيل والتي وصلت قيمتها إلى 18 مليار دولار، مضيفاً: «ها نحن نرسل المساعدات الإنسانية عبر الجو إلى غزة، وفي الوقت نفسه نعطي إسرائيل القنابل ومقاتلات إف - 35. هذا نفاق، لا بل هذه قمة النفاق».

ويرى السفير الأميركي السابق إلى المغرب، إدوارد غابرييل الذي يترأس «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان»، أن الحديث عن صفقة أسلحة جديدة مع إسرائيل في الوقت الحالي هو أمر «رهيب». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يجب على الإدارة فعله فوراً هو وضع شروط على المساعدات. والقول لإسرائيل: هذا يكفي».

وأشار غابرييل إلى أن نتنياهو «ليس صديق الرئيس الأميركي، ولا صديق الولايات المتحدة، فكل ما يفعله هو تحدينا».

من ناحيته، يشير بول سالم، مدير معهد الشرق الأوسط، إلى أن الإدارة الأميركية، ورغم التغيير في لهجتها تجاه إسرائيل، فإنها لم توظّف أي ضغوط على تل أبيب، خاصة فيما يتعلق بالأسلحة. وقال سالم لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الأميركية تدلي بتصريحات علنية، فتمتنع عن التصويت في الأمم المتحدة وتُشدّد على المساعدات الإنسانية وهذه أمور جيدة، لكن هذا لا يعد استعمالاً لأي نوع من الضغوط، كتعليق المساعدات مثلاً».

ويضيف سالم متحدثاً عن نتنياهو: «إنه يعرف أميركا جيداً، ويعرف الكونغرس والسياسة الأميركية، ويستمر في تحدي إدارة بايدن بشكل علني؛ لأنه يعرف أنه يستطيع فعل ذلك كما فعل مع أوباما من دون أي عواقب».

ويشدد الزيات على أن نتنياهو قد يتجاهل بايدن «ويقوم بما يحلو له»، لكن على الإدارة ألا تعزز هذا التصرف، وأن تفرض شروطاً على المساعدات العسكرية «التزاماً بالقوانين الأميركية والدولية».

يواجه بايدن غضب الناخبين المسلمين والعرب بسبب سياسته في غزة (رويترز)

هل يخسر بايدن الأصوات العربية والمسلمة؟

ومع تنامي معارضة الأميركيين العرب والمسلمين لسياسة بايدن تجاه إسرائيل، يُحذّر الكثيرون من تداعيات هذه المعارضة على الانتخابات الأميركية، وحظوظه في انتزاع ولاية ثانية.

وينقل غابرييل صورة الوضع عبر حديثه مع الجالية العربية الأميركية، فيقول: «إنهم غاضبون جداً. لا أعتقد أنه يريدون التصويت لترمب، لكنهم كانوا واضحين بأنهم لن يصوتوا لبايدن في حال لم يكن هناك تغيير جذري في سياسته». ويشير غابرييل إلى أن المسؤولين الذين تحدث معهم في إدارة بايدن «لا يبدو أنهم يفهمون جدية الوضع، وخطورة رد الفعل في الولايات المتحدة على سياسة الإدارة في إسرائيل وغزة».

وهذا ما يتحدث عنه بيضون الذي أشار إلى غياب الدعم لبايدن في صفوف العرب والمسلمين في ميشيغان. فقال: «لأكون صريحاً، لا أرى أن أي أميركي عربي أو مسلم في ميشيغان سيصوت لصالح بايدن في نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا إذا غيّر مساره بشكل جذري. وأنا لا أرى ذلك يحدث. وهذا أمر مؤسف».

ويشير سالم إلى أهمية الولايات المتأرجحة في هذا السباق المتقارب بين بايدن وترمب، متحدّثاً عن أهمية ولاية ميشيغان في هذا الإطار. ويوضّح: «تشير الاستطلاعات إلى تقدّم ترمب على بايدن، إذاً المخاطر بالنسبة للإدارة كبيرة جداً. ويبقى السؤال للمعارضين: إذا كان لديكم الخيار بين بايدن وترمب، فمن ستختارون؟».

وهذا ما يجيب عنه الزيات الذي شارك مع «الشرق الأوسط» تقييم منظمة «إيمغايج» حيال الانتخابات، مرجّحاً أن بايدن «سيخسر عدداً كبيراً من الناخبين المسلمين في نوفمبر؛ لأن منهم من سيبقى في المنزل ولن ينتخب، ومنهم من سيصوت لصالح مرشح حزب ثالث». ويُحذّر: «إن لم يغير من سياسته، فسوف يخسر المزيد»، مشيراً إلى وجود أكثر من مليوني ناخب مسلم في 12 ولاية.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

ترمب يرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لمنصب وزير الزراعة

بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)
بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)
TT

ترمب يرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لمنصب وزير الزراعة

بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)
بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لشغل منصب وزير الزراعة في إدارته المقبلة، وفق ما ذكرته وكالة «أسوشييتد برس».

ورولينز هي رئيسة معهد «أميركا فيرست بوليسي»، وإذا جرى التصديق على تعيينها ستقود رولينز وزارة يعمل بها 100 ألف موظف ولها مكاتب في كل مقاطعة في البلاد، وتتضمن اختصاصاتها برامج الزراعة والتغذية والغابات وإقراض الأسر والمزارعين وسلامة الغذاء والتنمية الريفية والبحوث الزراعية والتجارة.

وبلغت ميزانية الوزارة 437.2 مليار دولار في عام 2024.

ومعهد «أميركا فيرست بوليسي» هو مؤسسة فكرية ذات توجهات يمينية، وعمل موظفوه بشكل وثيق مع حملة ترمب للمساعدة في تشكيل السياسة لإدارته القادمة. ورأست رولينز مجلس السياسة الداخلية خلال فترة رئاسة ترمب الأولى.