أمهات يمنيات يكابدن آلام فقد ذويهن وقسوة العيش

وسط اتساع رقعة الفقر واستمرار الصراع

يمنيات يطلبن المساعدة من أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)
يمنيات يطلبن المساعدة من أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

أمهات يمنيات يكابدن آلام فقد ذويهن وقسوة العيش

يمنيات يطلبن المساعدة من أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)
يمنيات يطلبن المساعدة من أحد المتاجر في صنعاء (الشرق الأوسط)

لم تستطع أم عامر نسيان ابنها الوحيد منذ 5 سنوات، بعد أن لقي مصرعه وهو يقاتل في صفوف جماعة الحوثي، إذ لا يكاد يمر عليها يوم ولا ساعة إلا ويتجدد فيها حزنها وألمها على فقدان فلذة كبدها.

يأتي ذلك مع تصاعد مستمر لمعاناة وأوجاع آلاف الأمهات اليمنيات في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، وبقية المدن، بعد فقدان الأبناء والأزواج، وتحملهن أعباء ومشقات أسرية كبيرة، مضافاً إليها قسوة العيش والحرمان من الحياة الطبيعية.

يواجه كثير من الأمهات اليمنيات عواقب الصراع بشكل يومي (الأمم المتحدة)

وتعيش أم عامر في حي قاع العلفي في صنعاء، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن خسارة ابنها جاءت نتيجة الاستدراج والتعبئة الخاطئة التي خضع لها لأشهر عدة، إذ لم يكن والداه يعتقدان بأنهما قد يفقدانه في أي لحظة؛ نتيجة الزج المتكرر به في الجبهات، حتى عاد إليهما جثةً هامدةً إثر إصابته في إحدى جبهات مأرب.

وتضيف، أن ابنها كان مطيعاً لها ولوالده في كل شيء يُطلب منه، لكنه بعد انخراطه في صفوف الجماعة، لم يعد يلبي لهما أي طلب، خصوصاً عندما طلبا منه قبيل مصرعه عدم الذهاب إلى الجبهات؛ حرصاً منهما على حياته.

أما سلمى، وهي من سكان الحي ذاته، فتحمل بداخلها كثيراً من الأسى على غياب زوجها المستمر منذ نحو عامين؛ إثر تعرضه للخطف والإخفاء القسري، حيث لم يُعرف عن مصيره شيء حتى اللحظة.

وتقول سلمى، وهي أم لطفلين لـ«الشرق الأوسط»، إن استمرار اختفاء زوجها لأسباب غير معلومة، كَسر ظهرها وألقى بالعبء على عاتقها بتحمل كامل المسؤولية تجاه طفليها. شاكية من التدهور المعيشي الذي أصابها وعائلتها، وهو ما يدفعها مثل بقية آلاف اليمنيات الأخريات إلى الخروج سعياً للرزق.

أسى وحرمان

إلى جانب أم عامر وسلمى هناك عشرات الآلاف من الأمهات اليمنيات ممن يرافقهن الأسى لفقدان أبنائهن وأزواجهن في جبهات القتال؛ أو نتيجة أسباب أخرى على صلة بتدهور الأوضاع، بينما تصارع أمهات يمنيات أخريات يومياً قساوة الظروف المتدهورة والحرمان من أقل الحقوق.

وتفترش أم صفية وهي ربة منزل، وأم لثلاث فتيات، رصيف شارع في حي الجامعة وسط صنعاء، وبحوزتها مسابح وعود الأراك لبيعها للناس؛ سعياً إلى سد الرمق، وسط عجز زوجها عن الإيفاء بنفقة العائلة من طعام وشراب وملبس وتعليم وغيره.

وتربح أم صفية بنهاية كل يوم نحو 3 دولارات (الدولار يساوي 530 ريالاً)، وهو مبلغ تقول إنه بالكاد يغطي التزامات عائلتها الضرورية.

يمنية تجلس مع أطفالها على رصيف شارع في صنعاء (الشرق الأوسط)

وتستمر المرأة اليمنية بعموم المناطق في صراعها اليومي المرير من أجل البقاء مع بقية أسرتها، في ظل توالي مزيد من الأزمات وتصاعد الصراع في البحر الأحمر وخليج عدن، وما خلفه الانقلاب والحرب المستمرة منذ 9 أعوام من مآسٍ وأوجاع، يصاحبها اتساع رقعة الجوع والفقر، وانقطاع الرواتب، وانعدام الخدمات، وغياب فرص العمل وبرامج الدعم والحماية الاجتماعية اللازمة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الصراع الداخلي في اليمن أفرز تأثيرات سلبية في مستوى معيشة الأفراد والأسر، وتحذّر من أن البلد لا يزال يواجه مستويات عالية من الفقر والحرمان مع وجود عديد من التحدّيات أمام الحصول على الخدمات الأساسية والفرص.

ويفيد التقرير الصادر عن مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، بأن نسبة اليمنيين الذين يعانون من فقر متعدد الأبعاد، بلغت 82.7 في المائة، أي أكثر من 8 بين كل 10 أشخاص.

ويشير إلى أن شدة الفقر، أو متوسط عدد حالات الحرمان التي يواجهها الفقراء متعددو الأبعاد بلغ 46.7 في المائة؛ مما يعني أن الفرد الفقير - في المتوسط - عانى من أكثر من 45 في المائة من الحرمان المرجح المحتمل.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».