فلاديمير بوتين... من طفلٍ اصطاد الجرذان إلى رئيسٍ روّضَ النمور

تعدّدت هوايات «القيصر» الروسيّ والرغبةُ في الإبهار واحدة

رماية صيد غطس طيران شراعيّ رياضات قتاليّة... هذا جزء يسير من هوايات فلاديمير بوتين (أ.ب)
رماية صيد غطس طيران شراعيّ رياضات قتاليّة... هذا جزء يسير من هوايات فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

فلاديمير بوتين... من طفلٍ اصطاد الجرذان إلى رئيسٍ روّضَ النمور

رماية صيد غطس طيران شراعيّ رياضات قتاليّة... هذا جزء يسير من هوايات فلاديمير بوتين (أ.ب)
رماية صيد غطس طيران شراعيّ رياضات قتاليّة... هذا جزء يسير من هوايات فلاديمير بوتين (أ.ب)

 

من بين زملائه الرؤساء، يحطّم فلاديمير بوتين الرقم القياسيّ في الهوايات، التي تتراوح بين اعتياديّة وغريبة. وإن كان قد خفّف من استعراض تلك الهوايات منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، فهو لم يكن يوفّر فرصةً قبل ذلك لمشاركة الرأي العام الروسي والعالمي قدراته الخارقة؛ من ترويض النمور، إلى التحليق بالطائرة الشراعية، وصولاً إلى العزف على البيانو والغناء في الاحتفالات الرسميّة.

قد لا يكون صوت بوتين الأجمل، إلّا أنّه لا يتردّد في استثماره لبثّ الروح الوطنيّة في صفوف الشعب الروسيّ، على غرار ما حصل الشهر الماضي عندما انضمّ إلى طلّاب المدارس ليغنّي معهم نشيد البلاد.

طفولة وسط الجرذان

لم يتعلّم فلاديمير بوتين الموسيقى في الصغر، فهذا كان ترفاً بالنسبة للعائلة الفقيرة. في سنة ولادته (1952)، كان مسقط رأسه، مدينة سان بطرسبرغ، لا يزال تحت وطأة آثار الحصار النازيّ خلال الحرب العالمية الثانية. كما أنّ والدَيه كانا قد خسرا طفلَين قبله بسبب أمراضٍ ألمّت بهما.

نادراً ما يتحدّث «القيصر» عن تلك الطفولة القاسية، لكنه كشف في بعض المقابلات أنه كبر في شقّة «مريعة» كانت تحتلّها حشودٌ من الجرذان التي انشغل وأصدقاؤه في مطاردتها والقضاء عليها بواسطة عصيّ.

طفلاً... عاش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسط ظروف صعبة (إكس)

يُجمع كتّاب سيرة بوتين الذاتيّة على وصف طفولته بـ«الـلئيمة والجائعة والفقيرة». فيما تتحدّث إحدى مدرّساته السابقات عن ظروف عيش «بشعة وباردة»، إذ كان المنزل الذي تَقاسمَه والداه مع عائلتَين أخريَين، محروماً من أدنى الاحتياجات كالمياه الساخنة مثلاً.

في المدرسة والشارع، تعرّض الطفل فلاديمير للإهانات والتنمّر. أما خلال سنوات المراهقة، فأدركَ أنّ الضعف لن يكون قدره وتقرّب من عصابات الشوارع حيث تعلّم ما يصفها بقاعدة مهمّة؛ «إذا لم تستطع تجنّب العراك، فعليك تسديد اللكمة الأولى».

بوتين وبدايات تعلّم الدفاع عن النفس من خلال رياضة الجودو (إ.ب.أ)

حزام أسود في الجودو

تتجاوز رياضات الدفاع عن النفس حدود الهواية بالنسبة إلى فلاديمير بوتين، فهو بدأ دروس الجودو في سنّ الـ11 عاماً. دخل هذا العالم كردّ فعلٍ على المواقف التي تعرّض لها في المدرسة والشارع، كما أنه كان يرغب في تكوين بنيةٍ قويّة، في وقتٍ تأخرت ملامح النضج في الظهور على جسده مقارنةً مع أترابه.

بلغ بوتين مراتب متقدّمة في الجودو وفاز في مبارزات محلّيّة عدّة، كما أنه حصل على الحزام الأسود في تلك الرياضة. وبعيداً عن حلبات المواجهة، شارك الرئيس الروسي في تأليف كتابَين هما «تعلّم الجودو مع فلاديمير بوتين» عام 2000، و«الجودو: تاريخ، نظريّة، وممارسة» عام 2004.

السباحة الجليديّة

منذ تولّيه سدّة الحكم، حرص فلاديمير بوتين على الاستثمار في مظاهر القوّة والذكورة. ففيديوهاتُه وهو يمارس رياضة الجودو أو الكاراتيه مثلاً هي جزءٌ من استراتيجيّته الإعلاميّة. كذلك الصور الكثيرة المنتشرة له وهو عاري الصدر ويصطاد الحيوانات البرّيّة والأسماك، أو يركب الخيل.

وإذا كان الجودو والصيد اهتماماتٍ رافقته منذ الطفولة، فإنّ بعض الهوايات ظهرت في مرحلةٍ لاحقة وتحوّلت إلى طقسٍ من طقوس بوتين. للرئيس محطّة سنويّة مثلاً مع السباحة في مياه البحيرات الجليديّة، مع العلم بأنّ السباحة رياضة أساسيّة ضمن برنامجه اليوميّ، وهو يحاول أن يخصّص لها ساعتَين من وقته وفق مجلّة «نيوزويك» الأميركية.

لا يقتصر حبّ المياه على السباحة التقليديّة، بل إنّ بوتين يهوى الغطس كذلك. في عام 2011، وخلال رحلة في أعماق البحر الأسود، عَثر على بقايا جِرار قيل إنها تعود إلى العصر اليوناني القديم، وقد حصل ذلك في ظلّ انتقادات وحملة سخرية لاذعة من بعض الإعلام الروسي.

بوتين يمارس هواية الغطس في خليج تامان في البحر الأسود (أ.ب)

سياسة في الـ«جيم»

موعد بوتين مع الرياضة يوميّ، فهو يواظب على التمرين، حتى أنه يعقد بعض اجتماعاته الرسميّة في قاعة التدريب، على غرار ما كان يحصل مع رئيس حكومته السابق ديمتري مدفيديف. يتنافسان في رفع الأثقال ويتناقشان في القرارات السياسية الكبرى، ثمّ يشويان اللحم لوجبة الغداء.

لقاءات سياسيّة – رياضيّة بين بوتين ومدفيديف (رويترز)

من بين الرياضات التي يستعرض فيها بوتين قوّته كذلك، الهوكي على الجليد. في عيده الـ63 عام 2015، قرّر أن يحتفل من خلال عرضٍ رياضيّ في سوتشي إلى جانب نجوم هوكي عالميّين ولاعبي المنتخب الوطني الروسي ومجموعة من الشخصيات الرسمية. في ذلك الحين، سجّل بوتين 7 أهداف محققاً الفوز لفريقه.

بوتين في مباراة للهوكي على الجليد عام 2015 (أ.ب)

براً وبحراً وجوّاً، تتنوّع هوايات الرئيس الروسي فهو إضافةً إلى استمتاعه بقيادة الطائرات الحربيّة، لم يتردّد سنة 2012 في خوض حملة توعية على أهمية حماية الطيور المهاجرة، وذلك من خلال تحليقه على متن طائرة شراعيّة بغية مواكبة تلك الطيور في رحلتها فوق غابات سيبيريا.

قاد بوتين طائرة شراعية في حملة توعية على حماية الطيور المهاجرة (إكس)

ولمزيدٍ من الأدرينالين، قاد بوتين بنفسه سيارة "فورمولا واحد" متخطياً سرعة 240 كيلومتر في الساعة.

روتين بوتين

وفق مجموعة من التقارير الإعلامية، فإنّ الرئيس يستيقظ متأخراً. بعد جولة على عناوين الصحافة وقبل الرياضة اليوميّة، يتناول العجّة على الفطور أو العصيدة مع بيض طائر السمّان وعصير الفاكهة. وكلّها مكوّنات يستقدمها المطبخ الرئاسي من الأراضي الزراعيّة المحلّية التابعة لبطريرك روسيا، كيريل.

وفي حديث صحافيّ، كشف كبير طبّاخي الكرملن السابق أنّ الوجبة المفضّلة لدى بوتين هي المثلّجات بنكهة الفواكه. هو منحازٌ للبوظة الروسيّة، إلى درجة أنه يدعو قادة العالم إلى تناولها خلال زياراتهم الرسمية إلى موسكو، كما أنه أشرف شخصياً على حملة تصدير وترويج لها في الصين.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتناول المثلجات الروسية مع بوتين (التلفزيون الروسي)

في حبّ الحيوانات

معروفٌ عن بوتين ولعُه بالحيوانات واعتنائه بها صغيرةً كانت، أم كبيرةً ومفترسة؛ فهو يولي اهتماماً خاصاً بالنمور التي يروّضها. أمّا يوميّاته فلا تخلو من رفقة كلابه الكثيرة والتي يستخدمها أحياناً لتوجيه رسائل سياسية، كما حصل عام 2007 عندما أفلتَ كلبَه الأسود "كوني" خلال لقاء رسميّ مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، المعروف عنها ذعرها الشديد من الكلاب.

لقاء ميركل وبوتين بحضور كلب الأخير «كوني» (أ.ف.ب)

صورة الرئيس النشيط والرياضيّ والقريب من الناس التي سوّق لها بوتين منذ تولّيه سدّة الرئاسة الروسية عام 1999، تشظّت كثيراً خلال السنتَين الأخيرتَين بفعل الحرب التي خاضتها بلاده في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

واشنطن وكييف تواصلان محادثات «السلام الصعب» في فلوريدا لليوم الثالث

الولايات المتحدة​ الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو الأربعاء (سبوتنيك - أ.ف.ب) play-circle

واشنطن وكييف تواصلان محادثات «السلام الصعب» في فلوريدا لليوم الثالث

تجري أوكرانيا والولايات المتحدة محادثات في فلوريدا السبت لليوم الثالث على التوالي بشأن خطة واشنطن وروسيا تُسابق بتوازٍ الدبلوماسية على عدة جبهات

إيلي يوسف (واشنطن)
صحتك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال حضوره اجتماعاً في الهند (إ.ب.أ)

يتناولهما بوتين يومياً... ما الفوائد الصحية لبيض السمَّان والجبن القريش؟

استُقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، البالغ من العمر 73 عاماً، بحفاوة في الهند، لدى وصوله لحضور قمة ليومين هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
آسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز) play-circle

خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

قمة بوتين مودي تنتهي برزمة اتفاقات وتعاون بعيد الأمد وخريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي عنصر من القوات السورية الجديدة بالقرب من صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر في مقر الفرقة الرابعة بدمشق يناير الماضي (رويترز)

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

كشف تحقيق عن أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرَّا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين

«الشرق الأوسط» (دمشق)

اكتشاف نوع جديد من النمل الأبيض يُشبه حوت موبي ديك

يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)
يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)
TT

اكتشاف نوع جديد من النمل الأبيض يُشبه حوت موبي ديك

يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)
يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)

في أعالي إحدى الغابات المطيرة في أميركا الجنوبية، أذهل نوع جديد من النمل الأبيض صغير الحجم فريقاً من العلماء الدوليين بملامحه التي تُشبه ملامح الحيتان.

ووفق الفريق البحثي الذي قاده عالم من جامعة فلوريدا الأميركية، يشبه هذا النوع الجديد من النمل الأبيض حوت العنبر الشهير في رواية هيرمان ملفيل الكلاسيكية «موبي ديك»، ومن هنا جاء اسمه: «كريبتوترمس موبيديكي».

وحسب الدراسة المنشورة في مجلة «زوكيز» (ZooKeys)، يتميّز هذا النوع برأس طويل وفكوك سفليّة مخفيّة.

وقال رودولف شيفران، أستاذ علم الحشرات في معهد جامعة فلوريدا لعلوم الأغذية والزراعة المتخصص في تصنيف الكائنات الحية: «هذا النمل الأبيض لا يشبه أي شيء رأيناه من قبل». وأضاف في بيان نُشر الجمعة: «كانت العيّنة مميزة إلى حدٍّ دفع فريق علماء الحشرات الدوليين إلى الاعتقاد بأنهم أمام جنس جديد تماماً».

كيف حصل هذا النوع على اسمه؟

قال شيفران: «يشبه المنظر الجانبي للبروز الأمامي ورأسه الممدود رأسَ حوت العنبر، وفي كلا الكائنين يحجب الرأس الفك السفلي».

وأوضح: «تقع عين الحوت وقرون استشعار النمل الأبيض في موقع متقارب وفق تكوين كل منهما. وبعد أن لاحظتُ هذا التشابه، رأى زملائي أن الاسم مناسب بشكل لافت».

يُضيف هذا الاكتشاف نوعاً جديداً إلى قائمة نمل «كريبتوترمس» في أميركا الجنوبية، ليصل عدد أنواع هذا النمل إلى 16 نوعاً. ويُظهر تحليل شجرة العائلة الجينية أن «كريبتوترمس موبيديكي» وثيق الصلة بأنواع أخرى في المناطق الاستوائية الجديدة، موجودة في كولومبيا، وترينيداد، وجمهورية الدومينيكان، مما يمنح العلماء دليلاً جديداً على القصة التطورية لهذا الجنس المنتشر عالمياً على مساحة واسعة من الأرض.

ووجد الباحثون المستعمرة المكتشفة داخل شجرة شبه ميتة، على ارتفاع نحو 8 أمتار من أرضية الغابة.

ووفق نتائج الدراسة، يُبرز تشريح هذا النوع الجديد وغير المعتاد مدى تنوّع تطوّر النمل الأبيض، والمفاجآت التي لا تزال تخبئها النظم البيئية الاستوائية.

وقال شيفران: «يُبرز اكتشاف هذا النوع الجديد والمميّز، العدد الهائل من الكائنات الحية التي لم تُكتشف بعد على كوكبنا».

ويُعدّ هذا الاكتشاف، بالنسبة للعلماء، انتصاراً للتنوّع البيولوجي؛ إذ يضيف كل نوع جديد إلى الفهم العلمي للحياة على الأرض، خصوصاً في مجموعة صغيرة نسبياً مثل النمل الأبيض، التي لا يتجاوز عدد أنواعها 3 آلاف نوع حول العالم.


محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)
محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)
TT

محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)
محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)

منح فنان العرب محمد عبده، الجمعة، شتاء العاصمة السعودية الرياض الدفء، في ليلة طربية ساحرة امتدَّت حتى ساعات الصباح الأولى من يوم السبت، وسط حضور جماهيري كبير من محبيه وعشّاقه من السعودية والعالم العربي.

واكتظَّ المسرح الذي يحمل اسمه في المجمع الترفيهي «بوليفارد سيتي» في حيّ حطين بالرياض بالحضور، في حين تابع آلاف المشاهدين الحفل عبر نقله المباشر على قنوات فضائية ومنصات رقمية.

وفي ثاني حفلاته بـ«موسم الرياض» 2025، وبجلسة شعبية طال انتظارها بعد أيام من التمارين والتحضيرات وساعات من الإبداع، التي تقدّمها الهيئة العامة للترفيه» في السعودية، وبإشراف مباشر من ‏رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ، وبتنظيم من «روتانا»، قدَّم محمد عبده لعشّاق الفن الأصيل أمسية استثنائية بعنوان «جلسة شعبيات فنان العرب»، استعرض فيها على العود عدداً من الاختيارات التي نالت إعجاب الحضور، وسط إشادات متواصلة بنوعية الأغنيات المُختارة نظير ندرة طرح عدد منها مسرحيّاً، أو استحضار بعضها بعد سنوات من المرة الأخيرة التي قدّمها.

محمد عبده يطلّ بسهرة مختلفة تُعيد جمهور الرياض إلى بداياته (روتانا)

وأضيفت هذه الأمسية إلى مسيرة محمد عبده العريقة الممتدة لأكثر من 5 عقود، مزج فيها بين الإحساس العالي وروعة الألحان والأداء المميّز الذي أسر قلوب الملايين، وسط حضور متناغم مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو هاني فرحات.

«أهلاً هلا بك يا دَوى كل علّه» مروراً بـ«يا حبيب الروح» التي يؤديها الفنان السعودي الكبير للمرة الأولى على المسرح، و«أوحشتنا يا حبيب» قبل «لي 3 أيام ما جاني خبر»، ثم «أنا وخلي كل دار وطنّا»، إلى «كنت مانيب ناوي أقرب الحب لله»، وغيرها من الخيارات النادرة والاستثنائية، عاش جمهور «فنان العرب» ليلة لا تُنسى في الرياض، وخلف الشاشات.

وامتدَّت الأمسية نحو 4 ساعات، استمرَّ خلالها الفنان في نثر إبداعاته وسط استمتاع الحضور، ثم تخلّلته استراحة امتدت نحو نصف ساعة، قبل أن يعاود عبده الوصلة الثانية من الخيارات الفنية الشعبية التي انتظرها الحضور الكبير، ويختمها بأداء الأغنية الوطنية الخالدة «فوق هام السحب» من كلمات الراحل الأمير بدر بن عبد المحسن وألحان «فنان العرب».

الفنان محمد عبده والمايسترو هاني فرحات في ختام الأمسية (روتانا)

وجاءت هذه الأمسية إثر الإقبال الكبير الذي شهده حفل «فنان العرب» ضمن «موسم الرياض» في 28 من الشهر الماضي، بعد نفاد التذاكر في وقت مبكر جداً من موعد الحفل، ليعلن رئيس «الهيئة العامة للترفيه» في السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، عن تنظيم حفل جديد للفنان محمد عبده، الجمعة 5 ديسمبر (كانون الأول)، وذلك عبر حسابه الشخصي على منصة «إكس»، حيث نشر بوستر الحفل وعلّق: «عشانكم».

ويواصل الموسم الترفيهي الأضخم إقليمياً وعالمياً «موسم الرياض 2025»، الذي بات إحدى أهم المنصّات الفنية في العالم، تنظيم الحفلات الغنائية ضمن سلسلة من الفعاليات الموسيقية الكبرى.

ومن المقرّر أن يطلّ عبده مجدّداً على جمهوره، في 18 ديسمبر، على خشبة مسرح «صدى الوادي» في موسم الدرعية.


«البحر الأحمر السينمائي» يحتفي بأم كلثوم في الذكرى الـ50 لرحيلها

أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)
أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يحتفي بأم كلثوم في الذكرى الـ50 لرحيلها

أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)
أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)

يواصل مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» في دورته الـ5 ترميم أفلام مصرية قديمة وإعادتها إلى الحياة بنسخ جديدة صالحة للعرض وفق أحدث التقنيات. وفي إطار الاحتفال بمرور 50 عاماً على رحيل سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، اختار المهرجان ترميم فيلمَين من بطولتها، هما «نشيد الأمل» (1937) و«عايدة» (1942)، وكلاهما من إخراج أحمد بدرخان.

وعرض المهرجان، الجمعة، فيلم «نشيد الأمل» في «متحف طارق عبد الحكيم» بالحديقة الثقافية في منطقة جدة التاريخية، في حين قُدّم فيلم «عايدة» في مدينة الثقافة، بعد ترميمهما ضمن اتفاقية بين المهرجان ومدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، وبمشاركة قناة «إيه آر تي» المالكة لحقوق الفيلمَين.

وقدّمت مريم عبد الله، عضو لجنة اختيار الأفلام العربية في المهرجان، فيلم «عايدة»، مشيرة إلى أن «مهرجان البحر الأحمر دأب في كل دورة على ترميم أفلام مصرية عدّة لتُعرَض للمرة الأولى بنسخ مُرمَّمة بتقنية (4 k) عالية الجودة عبر الشاشة الكبيرة، وتزامناً مع الذكرى الـ50 لوفاة أم كلثوم التي شاركت في بطولة 6 أفلام، فإن اللجنة الفنية اختارت هذين الفيلمين تحديداً لهذه المناسبة».

من جهتها، رحّبت أسماء السراج، المديرة التجارية لقنوات «إيه آر تي»، بالحضور، موجّهة شكرها للمهرجان على اهتمامه بترميم الأفلام المصرية. في حين قالت المهندسة ندى حسام الدين، مسؤولة الترميم بمدينة الإنتاج الإعلامي، إن فيلم «عايدة» شكَّل «حالة خاصة»، موضحة أن عملية ترميمه كانت «ملحمة حقيقية»، إذ «لم يُرمَّم الفيلم فحسب، بل كان علينا أيضاً إنقاذ (النيغاتيف) من التحلل. هناك أجزاء ستبدو مختلفةً لأنها استُنقذت قبل أن تتحلَّل تماماً، كما بُذل جهد كبير في ترميم الصوت، كونه فيلماً غنائياً، وخضع لعملية ترميم رقمية دقيقة للحفاظ على قيمته التاريخية». وأشادت بدور المهرجان في حماية التراث السينمائي.

ملصق عرض الفيلمين المُرمَّمين لأم كلثوم بالمهرجان (مهرجان البحر الأحمر)

وجاء عرض «عايدة» العام الحالي متزامناً أيضاً مع مرور 83 عاماً على عرضه الأول في 28 ديسمبر (كانون الأول) عام 1942 في سينما «استوديو مصر» بالقاهرة، وهو من إنتاج الاستوديو نفسه. ويشارك في بطولته، إلى جانب أم كلثوم، كل من المطرب إبراهيم حمودة، وسليمان نجيب، وعباس فارس، وماري منيب، وعبد الوارث عسر الذي كتب السيناريو بمشاركة فتحي نشاطي وعباس يونس.

يقدّم الفيلم مزيجاً آسراً من الرومانسية والقضايا الاجتماعية والتألق الموسيقي، وتتمحور قصته حول «عايدة» الطالبة في مرحلة «البكالوريا» (أم كلثوم) التي تتمتع بموهبة غنائية منذ طفولتها. وبعد وفاة والدها المزارع البسيط، تدعوها أسرة الباشا الذي كان والدها يعمل لديه للإقامة في القصر كي لا تبقى وحيدة. تلتحق عايدة بمعهد الموسيقى الداخلي للبنات، فيتعلق بها سامي نجل الباشا الذي يهوى الموسيقى أيضاً رغم رفض والده، كما يرفض زواجه منها؛ بسبب الفوارق الطبقية. لكن موقفه يتغيَّر بعد حضوره عرضاً موسيقياً تقدمه عايدة، لينتصر الحب في النهاية على تلك الفوارق.

وكعادة الأفلام التي تعكس روح زمنها، يُظهِر الفيلم شوارع القاهرة الهادئة في أربعينات القرن الماضي، وموديلات السيارات، والتقاليد الاجتماعية، والأزياء الكلاسيكية، إضافة إلى أغنيات الحب التي جمعت أم كلثوم بإبراهيم حمودة، مع إبراز تطور شخصية أم كلثوم وأدائها الغنائي.

وشهد الفيلم حضوراً لافتاً من جمهور المهرجان والجمهور السعودي، رغم ازدحام جدول العروض بأفلام عالمية وعربية حديثة الإنتاج. ويُفسر أنطوان خليفة، مدير البرامج العربية وكلاسيكيات الأفلام في المهرجان، هذا الإقبال بقوله: «هذه أفلام لم تُعرَض سابقاً في صالات كبيرة، ولم يشاهدها أغلب الجمهور السعودي من قبل، كما أنها تُقدَّم بتقنيات حديثة». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن عرض الفيلمين «لن يقتصر على المهرجان، بل سيستمر خلال احتفاليات عدّة تقام على مدار العام في مدن سعودية مختلفة»، موضحاً أن «المهرجان لا يشتري حقوق عرض هذه الأفلام، بل يحصل من الجهات المالكة على موافقتها لعرضها في المهرجان والاحتفاليات».

ويؤكد خليفة أن المهرجان، منذ دورته الأولى، يولي اهتماماً خاصاً بترميم الأفلام المصرية، حيث بلغ عدد ما رُمِّم حتى اليوم 22 فيلماً على مدى 5 سنوات.

ملصق فيلم «نشيد الأمل» (مهرجان البحر الأحمر)

ويشير إلى أن اختيار الأفلام المُرمَّمة يرتبط غالباً بمناسبات محددة، موضحاً: «أفلام يوسف شاهين رُمِّمت جميعها في فرنسا، لكننا اكتشفنا أن فيلم (الاختيار) لم يُرمَّم، فقمنا بذلك. كما ارتبط الترميم بتكريم شخصيات مصرية مثل الفنانة منى زكي في الدورة الماضية، حيث طلبت عرض فيلم (شفيقة ومتولي)، فرمَّمناه، وكذلك فيلم (اضحك الصورة تطلع حلوة) في إطار تكريمها. أما فيلم (خلي بالك من زوزو)، فجرى ترميمه بمناسبة مرور 50 عاماً على إنتاجه. واخترنا العام الحالي فيلمَي (نشيد الأمل) و(عايدة) في ذكرى مرور نصف قرن على رحيل أم كلثوم».

ويقدم برنامج «كنوز البحر الأحمر» في دورته الـ5 عروضاً مميزة لعدد من كلاسيكيات السينما العالمية، بينها 3 أفلام قصيرة صامتة: «المهاجر» لشارلي شابلن، و«ليبرتي» للوريل وهاردي، و«أسبوع واحد» لباستر كيتون، مع عزف موسيقي حي يقدمه المؤلف البريطاني نيل براند المتخصص في الموسيقى التصويرية. كما يتضمَّن البرنامج عرض فيلم الإثارة «مسحور» لألفريد هيتشكوك، وفيلم «الأزرق الكبير» الملحمي للمخرج لوك بيسون.