«معامل العينية وسويقة»... سوق تاريخية لاحتضان المبدعين في المدينة المنورة

حريق هائل التهمه منذ 4 عقود قبل أن يعود مجدداً إلى الحياة

«سوق سويقة» أو «سوق القماشة» إحدى الأسواق القديمة التي اكتسبت أهميتها من موقعها قُرب المسجد النبوي (واس)
«سوق سويقة» أو «سوق القماشة» إحدى الأسواق القديمة التي اكتسبت أهميتها من موقعها قُرب المسجد النبوي (واس)
TT

«معامل العينية وسويقة»... سوق تاريخية لاحتضان المبدعين في المدينة المنورة

«سوق سويقة» أو «سوق القماشة» إحدى الأسواق القديمة التي اكتسبت أهميتها من موقعها قُرب المسجد النبوي (واس)
«سوق سويقة» أو «سوق القماشة» إحدى الأسواق القديمة التي اكتسبت أهميتها من موقعها قُرب المسجد النبوي (واس)

من سوق تاريخية عتيقة توقفت لسنوات بسبب حريق التهم معظم أجزائها، إلى حاضنة أعمال إبداعية في المدينة المنورة... هذا هو ملخص حكاية النافذة التجارية التي استعادت وهج ماضيها الذي يمتد لقرون، واستئناف دورها مجدداً في احتضان مبدعين ومبدعات في إنتاج وبيع المنتجات الحرفيّة والهدايا التذكارية بصناعة يدويّة إبداعية؛ فمن رماد الحريق الذي ابتلعه قبل نحو 4 عقود، نهض المكان من جديد بروح متطلعة، ‏وتحول إلى نافذة رائدة في الحفاظ على التراث، وتمكين المبدعين، والمبدعات في مجال الحرف اليدوية من إطلاق العنان لأفكارهم، ومشاريعهم الرائدة، وتألق إنتاجهم الفريد، وجودة منتجاتهم الحرفية العالية، التي تعبر عن روح المدينة المنورة، وتراثها العريق.

‏وحظيت معامل العينية، و«سوق سويقة» مؤخراً بمرافق متطورة بعد عملية تجديدها، وإعادة تفعليها لتقديم الدعم، والخدمات لروّاد، ورائدات الأعمال الحرفية من خلال التدريب، والإنتاج، والتسويق، في مشروع يدمج بين الحداثة والعراقة ضمن الأعمال والمشاريع التي تقدمها مؤسسة «نماء المنورة» التي تستهدف التنمية الاقتصادية ذات الأثر الاجتماعي للنهوض برواد الأعمال من خلال التدريب، وتطوير المنتجات، والتسويق.

من سوق تاريخية عتيقة توقف لسنوات بسبب حريق التهم معظم أجزائها إلى حاضنة أعمال إبداعية في المدينة المنورة (واس)

تاريخ يعود لأكثر من 430 سنة

«سوق سويقة» في المدينة المنورة، والمعروفة أيضاً بـ«سوق القماشة»، واحدة من أهم الأسواق القديمة، اكتسبت أهميتها من قيمتها التاريخية، والأثرية، ومن موقعها بالقرب من المسجد النبوي الشريف، وكانت ملتقى للتجار والمتسوقين والمشاة، لا سيما خلال المواسم الدينية من كل عام، واشتهرت «سوق سويقة» بتجارة الأقمشة، وهي الغالبة عليها، بالإضافة إلى بيع الذهب والعطارة وغيرها. وكانت السوق في عام 1397هـ قد تعرضت لحريق هائل التهم كل المحال والبضائع وتسبب في دمار هائل وصلت آثاره إلى المناطق السكنية المحيطة به، وبسببه خفت صوت البيع والشراء الذي كان يتردد في جنبات السوق التاريخية، وانطوت قصة أثيرة في ذاكرة المدينة المنورة، تعود لأكثر من 430 سنة.

الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة في زيارة لمشروع معامل العينية و«سوق سويقة» (واس)

نَمَاء المكان والإنسان‏

في الآونة الأخيرة دبّت الحياة مجدداً في أرجاء السوق العتيقة، ونهضت عبر مشروع «العينية وسوق سويقة» الذي يشمل معامل وورش تدريب على الحرف اليدوية، وحاضنة العينية، ومنافذ البيع التجارية التي احتفظت بروح التراث في طرازها الخارجي، ومنتجاتها التي تُصنع بطابع مدينيّ، والتي يفضّل قاصدو الحرم المدني اقتناءها، واختيارها هدايا وتذكارات لهم من البقعة الأثيرة.

من سوق تاريخية عتيقة توقف لسنوات بسبب حريق التهم معظم أجزائها إلى حاضنة أعمال إبداعية في المدينة المنورة (واس)

‏حظيت «سوق سويقة» بمرافق متطورة بعد تجديدها لتقديم الدعم والخدمات لروّاد ورائدات الأعمال الحرفية (واس)

يأتي المشروع محاولةً لمحاكاة الأسواق القديمة التي اندثرت، مستعيداً روحها التراثية، ووهجها القديم عبر دمج الحداثة والعراقة التاريخية بالأعمال والمشاريع النوعية التي تضطلع بها مؤسسة «نماء المنورة» لتشجيع ريادة الأعمال، عبر مشاريع تُثري التجربة الدينية والثقافية وتُشرك المجتمع المحلي في تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، وتدريب واحتضان روّاد الأعمال والأسر المنتجة، بما يمكّنهم من تقديم إبداعاتهم، وصناعة الهدايا، والتذكارات التي تُصنّع خصيصاً لضيوف الرحمن وزوار المدينة المنورة.

وأثمرت جهود دعم رواد الأعمال في المدينة المنورة، في قطاع المنتجات اليدوية والحرفية المتنوعة، عن دعم سيدات المدينة المنورة من خلال التدريب والاحتضان والإنتاج والتسويق وتخريج 3 آلاف سيدة، وتمكين نحو 900 خلال 3 سنوات، استفدن من معامل وورش التدريب التي تضم عدة مجالات في الحرف اليدوية، ومنتجات صُنعت بأيدي نساء المدينة المنورة، بالإضافة إلى حاضنة العينية التي توفر أجهزة ومعدات خاصة بالإنتاج والتصنيع، ومنافذ بيع «سوق سويقة» الذي صُمِّمت بإطار حديث، وبمكونات حقيقية تُحاكي تاريخ العمارة والأسواق التاريخية في المدينة المنورة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
TT

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)

يناقش منتدى المرأة العالمي دبي 2024، الذي ينطلق اليوم في دبي، محاور رئيسية ذات أبعاد استراتيجية تتعلق بدور المرأة العالمي، كما يبحث اقتصاد المستقبل، والمسؤوليات المشتركة، والتكنولوجيا المؤثرة، وذلك خلال فعاليات المنتدى الذي تقام على مدى يومي 26 و27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

ويسعى المنتدى إلى معالجة قضايا المرأة في ضوء التحديات العالمية المعاصرة، مع التركيز على تعزيز دورها شريكاً رئيسياً في تحقيق التنمية المستدامة، حيث يسلط الحدث الضوء على دور المرأة في قيادة التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، ومواجهة التغير المناخي، إلى جانب تعزيز المساواة بين الجنسين وبناء الشراكات الدولية.

منصة استراتيجية لتمكين المرأة عالمياً

وأكدت منى المري، رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المنتدى يسعى لإيجاد حلول للقضايا والتحديات التي تواجه المرأة على المستوى العالمي.

وأوضحت المرّي أن المنتدى يبحث قضايا المرأة الملحّة ذات العلاقة بالتحديات العالمية الماثلة، وقالت: «المنتدى يهدف إلى إلقاء الضوء على تلك القضايا بطرق متعددة، تأسيساً على ناقشه في دورتيه السابقتين، وما يطرحه في دورته الثالثة من محاور ذات أبعاد استراتيجية».

وأضافت: «في قلب النقاشات، تتجلى الأدوار الرائدة التي تلعبها المرأة في مختلف المجالات الحيوية، سواء من خلال تبوئها لمناصب صنع القرار، أو من خلال ممارستها التأثير الفعال في مجالات بارزة مثل قيادة التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والتصدي للتغير المناخي، والسعي نحو تحقيق الأمن والسلام والازدهار العالمي». ووفقاً لها، فإن إسهام المرأة في رسم معالم المسؤوليات العالمية، يجعلها شريكاً أساسياً في تشكيل مستقبل الشعوب وصياغة سياسات التنمية المستدامة.

وأشادت المري بجهود ومبادرات حرم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين ورئيسة مؤسسة دبي للمرأة، التي عززت حضور المرأة في المناصب القيادية وزادت من تأثيرها في المجالات الحيوية.

اقتصاد المستقبل والتكنولوجيا المؤثرة

ولفتت المرّي إلى أن المنتدى يولي اهتماماً خاصاً للتعاون والشراكات الدولية؛ كونها تعد حجر الزاوية في استراتيجية التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات، وأوضحت: «تحقيق أي تقدم ملموس في هذا المجال، سواء على الصعيدين الإقليمي أو العالمي، يتطلب مواصلة الجهود وتطوير شراكات متينة توفّر المنصة الضرورية للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الخامس الذي يُركز على تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات».

ويتناول المنتدى دور المرأة في صياغة اقتصاد المستقبل عبر استعراض تجارب رائدة ومناقشة قضايا ملحة مثل الابتكار وريادة الأعمال. كما يركز على التكنولوجيا بوصفها عنصراً أساسياً لتحقيق التغيير، مع تسليط الضوء على أهمية تمكين المرأة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.

وأضافت المري أن المنتدى سيبرز مساهمة المرأة في مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي والسلام العالمي، وقالت: «إشراك المرأة في صياغة السياسات العالمية يُعد خطوة محورية نحو بناء مجتمعات أكثر استدامة وعدلاً».

كما ركزت المري على أهمية الشراكات الدولية بوصفها ركيزة لتحقيق التوازن بين الجنسين، مشيرة إلى إطلاق مبادرات نوعية خلال المنتدى، أبرزها توقيع مجلس الإمارات مبادرة للتوازن بين الجنسين مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز نسبة النساء في المناصب القيادية إلى 30 في المائة بحلول عام 2025، وأوضحت: «تحقيق تقدم ملموس في المساواة بين الجنسين يتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص عبر شراكات مستدامة».

منى المري رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة

مشاركات ملهمة

وبحسب المعلومات الصادرة، فإن المنتدى يجمع نخبة من القيادات وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، من بينهم أكثر من 25 وزيراً ووزيرة وشخصيات بارزة تشمل: الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون بدبي، التي ستناقش رؤيتها لدبلوماسية الثقافة، وأمينة إردوغان، حرم الرئيس التركي، التي ستشارك في جلسات تسلط الضوء على تمكين المرأة عالمياً، بالإضافة إلى سعيدة ميرضيائيفا، مساعدة رئيس أوزبكستان، وآصفة بوتو زرداري، السيدة الأولى في باكستان، وإليزا ريد، السيدة الأولى السابقة لآيسلندا، وإيرين فيلين، ممثل الناتو الخاص للمرأة والسلام والأمن.

كما تشارك شخصيات ملهمة من القطاع الخاص مثل كاميل فاسكيز، محامية النجم العالمي جوني ديب، وأشواريا راي، نجمة السينما العالمية.

التمكين

وفقاً لمنى المرّي، فإن تنظيم مؤسسة دبي للمرأة لهذا المنتدى العالمي الذي يجمع نخبة من القيادات الحكومية والمنظمات والهيئات الدولية والخبراء وأصحاب التجارب المُلهِمة من حول العالم، يؤكد التزام الإمارات بتمكين المرأة وريادتها في تعزيز الوعي بالقضايا والتحديات القائمة على الساحة العالمية.

وقالت: «دبي، بحضورها الدولي، تواصل تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للحوار والتنمية، حيث يقدم المنتدى فرصة لبناء شراكات استراتيجية تدعم تمكين المرأة عالمياً، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة».